تفاصيل الخبر

صمود في الداخل سرّع ”تفاهماً“ أميركياً - فرنسياً - إيرانياً حصيلته انتخاب عون لتصحيح الخلل في ”التوازن الوطني“!

04/11/2016
صمود في الداخل سرّع ”تفاهماً“ أميركياً - فرنسياً - إيرانياً  حصيلته انتخاب عون لتصحيح الخلل في ”التوازن الوطني“!

صمود في الداخل سرّع ”تفاهماً“ أميركياً - فرنسياً - إيرانياً حصيلته انتخاب عون لتصحيح الخلل في ”التوازن الوطني“!

 

1 على رغم ما حصل خلال دورات انتخاب رئيس الجمهورية يوم الاثنين الماضي في مجلس النواب من ممارسات لم تكن متوقعة، كمثل زيادة عدد المخلفات لتعطيل الدورة الانتخابية مرتين، وضع اسماء فنانين أو شعارات عن <ثورة الأرز>، فإن رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون انتُخب رئيساً للجمهورية، وهو الرئيس الثالث عشر بعد الاستقلال، وبذلك عاد الى قصر بعبدا الذي كان قد أُخرِج منه عنوة تحت القصف الجوي السوري صباح 13 تشرين الأول/ اكتوبر عام 1990 بقرار لبناني - سوري وجد التغطية الدولية المناسبة في ظرف إقليمي ودولي لافت.

إلا أن ما حصل في الجلسات على مرأى السفراء العرب والأجانب وممثلي المنظمات الدولية في لبنان، عكس <مناخاً> غير سليم لما ينتظر عملية تشكيل الحكومة العتيدة من تجاذبات سياسية ومطالب ومحاصصة والمزيد من الشروط والشروط المضادة، ما يجعل مراجع سياسية تعتبر أن تشكيل الحكومة لن يكون بالأمر السهل، وإن كان تكليف الرئيس سعد الحريري ترؤس الحكومة بات من البديهيات في ضوء الفرز السياسي الذي أحدثه خيار <المستقبل> للعماد عون رئيساً للجمهورية. ويعود السبب 3الأساسي لحتمية تكليف الرئيس الحريري الى كون مجموعات من النواب وضع أفرادها أوراقاً بيضاء لمنع فوز الرئيس عون من الدورة الأولى، منحوا أصواتهم للرئيس الحريري خلال الاستشارات النيابية الملزمة، كما هو الحال بالنسبة الى <المعترضين> في كل من تيار <المستقبل> واللقاء الديموقراطي وجبهة النضال الوطني.

 

التوافق لا ينسحب على الحكومة؟

وإذا كان الرئيس نبيه بري يتقدم لائحة المعترضين على انتخاب الرئيس عون وهو وضع مع نواب كتلته الأوراق البيضاء، فإن الحديث عن احتمال تعثر عملية التشكيل، يبقى طاغياً على ما عداه، لاسيما وأن الرئيس بري سوف يتزعم <جبهة المعارضة> للحكومة وليس للعهد من خلال اللعبة الديموقراطية التي طالما أتقنها رئيس مجلس النواب ماضياً وحاضراً. ويتوقع مراقبون أن يجعل هذا الواقع 2الحكومة العتيدة <أسيرة> تجاذب القوى السياسية في البلاد المنقسمة هي الاخرى بين من أيّد العماد عون وبين من عارضه.

وفي هذا السياق، تقول مصادر متابعة إن التوافق الإقليمي والدولي الذي سهل ولادة الرئيس العتيد، ليس متوافراً بالنسبة الى تشكيل الحكومة، خصوصاً أن المواقف التي صدرت عن الرئيس بري أشارت بوضوح الى هذا الأمر، وأتى ما جرى في جلسات الانتخاب ليؤكد على هذه الحقيقة التي تجعل مقاربة موضوع التأليف تخضع لاعتبارات أخرى غير تلك التي برزت في مرحلة التكليف.

في أي حال، أظهرت الأرقام التي نالها العماد عون في الدورة الرابعة بعد إلغاء دورتين سابقتين نتيجة دس مغلف جعل مجموع المغلفات 128 مغلفاً فيما عدد النواب الحاضرين 127 نائباً (بعد استقالة النائب روبير فاضل)، أن توافقاً ما من الخارج حصل في الربع الساعة الاخير معطوفاً على <تماسك> الكتل التي أيدت العماد عون حتى النهاية على رغم المغريات والعراقيل، كان السبب الرئيس في فوز العماد عون خصوصاً أن الأصوات التي نالها في الدورة الاولى (84 صوتاً) ظلت كما هي في الدورة الرابعة، ما يدل على أن القرار بتأييد العماد عون كان واضحاً ولا مجال لأي لبس فيه، وهذا ما جعل زعيم التيار الوطني الحر يبقىمتماسكاً خلال الجلسة التي 6طالت أكثر من اللزوم، ولم يخرج عن هدوئه واكتفى بأن قال: <إن إطالة الجلسات لن يغير شيئاً، لكنها حرمتنا تناول الغداء باكراً>!

وترى المصادر نفسها أن زيارة وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي ثامر السبهان للبنان، أحدثت نقلة نوعية على طريق تحقيق الانتخابات الرئاسية على رغم أن المسؤول السعودي لم يذكر أمام مضيفيه أي اسم من المرشحين الأبرز النائب ميشال عون والنائب سليمان فرنجية بل اكتفى بتأكيد <اللازمة الديبلوماسية> إياها لجهة دعم الرياض القرار اللبناني المستقل في اختيار الرئيس. وتضاف الى العامل السعودي تلك الإشارات التي وصلت من بعض الدول الأوروبية وخصوصاً فرنسا والتي استندت الى ضرورة حصول الاستحقاق الرئاسي بصرف النظر عمن يفوز أو من يخسر، في وقت كانت فيه موسكو مهتمة بما يجري في العراق وسوريا <وعينها> على لبنان وعلى ضرورة انتخاب الرئيس الذي يحظى بأكبر دعم مسيحي أولاً وإسلامي ثانياً، لأن المرحلة المقبلة تفرض إظهار لبنان في الوضع التعايشي المعروف كي لا تصبح تلك الصورة التي كانت زاهية ومثمرة في الماضي، يابسة ومشتتة.

وفي هذا السياق، تقول مصادر ديبلوماسية متابعة، ان باريس بالتنسيق مع الفاتيكان، سرّعت في إنجاز الاستحقاق الرئاسي قبل حلول شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري الذي سيكون - حسب المصادر نفسها - شهراً مليئاً بالاستحقاقات في المنطقة التي يفترض أن يبقى لبنان بعيداً عنها. من هنا لم يكن مستغرباً أن يكون أول زعيم دولي يقدم التهاني للرئيس عون لمناسبة انتخابه هو الرئيس الفرنسي <فرنسوا هولاند> الذي قال 4لرئيس الجمهورية إنه يضع إمكانات بلاده في تصرف الجهود التي سوف تبذل لحماية وحدة لبنان واستقراره الأمني الذي كان وسيبقى أولوية.

وتقول مصادر متابعة ان <الرعاية> الدولية للاتفاق اللبناني على إنهاء الشغور الرئاسي تزامنت مع مواقف داخلية شكلت محطة فاصلة في المسار الانتخابي، لعل أبرزها موقف رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط الذي انضم الى <عرابي> انتخاب العماد عون لحسابات ترتبط بالواقع في الجبل على خلفية المصالحة التاريخية التي حصلت بين المسيحيين والدروز والتي لم يشأ جنبلاط التفريط بها، مراهناً على تفهم <حليفه> الرئيس نبيه بري لموقفه، وكذلك على <استيعاب> صديقه النائب سليمان فرنجية لدقة الوضع في الجبل والرغبة الاكيدة في أن يعبّد جنبلاط الطريق أمام الخلافة السياسية التي يحضرها لنجله تيمور جنبلاط. كذلك عمل حزب الله على <اقناع> حليفين له هما: الحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب البعث برفد <السلة العونية> بمزيد من الأصوات، بعدما كان الأمر مختلفاً في السابق ولم يقع التغيير إلا في الربع الأخير من المهلة المحددة. وهكذا بدا أن <الحزب> الذي لم يشأ أن يضغط على حليفه في <الثنائية الشيعية> (أي الرئيس نبيه بري)، فعلها في ما يتعلق بالحليفين الآخرين الحزب القومي وحزب البعث بالنظر الى كون كلمنهما له امتدادات في دمشق!

إلا أن ثمة من لا يسقط من الحساب <صمود> الرئيس الحريري على موقفه في دعم العماد عون وهو الذي اعتبر فوزه بمنزلة <تفشيل> لما وصفه بـ<مخطط حزب الله> لإبقاء 5الفراغ الرئاسي قائماً خدمة لأهداف قال إنها إيرانية، وهذا <الصمود> بدا واضحاً في اكثر من محطة حفلت بها تطورات الأسبوع الماضي، لاسيما تلك التي وقعت قبيل إنجاز الاستحقاق الرئاسي وخلاله وبعده. ويرى مراقبون أن الرئيس الحريري أراد من خلال إعادة تسليط الضوء على التأثير الإيراني في مجريات الاحداث التخفيف من الانطباع بأن طهران ربحت في المعركة الرئاسية اللبنانية لأنه لولا موقف <المستقبل> في دعم العماد عون لما وصل الى قصر بعبدا، ولما كانت حصلت الانتخابات الرئاسية من الأساس. وهكذا يكون الرئيس الحريري قد ربح رهانه، وتعادل بذلك مع فريق 8 آذار الذي ينسب الى قواه السياسية إنجاز وصول الرئيس عون الى قصر بعبدا، وهذا <التوازن> في الربح قد يترجم لاحقاً عند الخوض في غمار تشكيل الحكومة حيث يتوقع كثيرون أن تلعب مفاعيل <الصفقة الرئاسية> دوراً أساسياً في تشكيل الحكومة، وقوام هذه الصفقة التفاهم الإيراني - الأميركي غير المباشر على طي الملف الرئاسي اللبناني والذي حظي بتشجيع فرنسي ظاهر...

في موازاة ذلك، أعطي المسيحيون من خلال فوز العماد عون بالرئاسة <جرعة أمل> بأن المسيحي لا يزال قادراً على لعب دور في التوازنات الداخلية بحيث لم يعد <مهمشاً> كما كان منذ <اتفاق الطائف>، كذلك فإن فوز العماد عون ينهي عهداً طال عنوانه العريض <فقدان الميثاقية>، ويعيد توازناً وطنياً مفقوداً لطالما كان موضع شكوى. ومثل هذا <التوازن> سوف يؤثر لاحقاً في المداولات التي ستحصل خلال البحث في إعــــداد قـــــانون جديـــــد للانتخابات النيابيــــــة الـــــذي يأمل المسيحيون ألا يشكل غبناً لهم كما حصل في المرات السابقة.