اللجنة النيابية الثلاثية أنهت مرحلة «الاستئناس »: لا توجّه لدى الكتل يشجع على تعديل الدستور!
لم يستغرق تحرك اللجنة النيابية الثلاثية التي كلفها رئيس مجلس النواب نبيه بري التشاور مع الكتل النيابية والمرجعيات الروحية في ملف الاستحقاق الرئاسي وقتاً طويلاً، إذ أنجز النواب ميشال موسى وياسين جابر وعلي عسيران مهمتهم مع نهاية الاسبوع الماضي، وأطلعوا الرئيس بري على حصيلة <الاستئناس> بآراء النواب والمرجعيات، وهي حصيلة لم تفاجئ صاحب الكلمة الفصل في التئام مجلس النواب لانتخاب خلف للرئيس ميشال سليمان الذي يستعد لمغادرة قصر بعبدا مع انتهاء ولايته يوم 25 أيار/ مايو 2014.
وإذا كانت <الترويكا> التي انتدبها رئيس مجلس النواب لاستطلاع النواب قد طرحت على من استقبلها أسئلة تقليدية حول الاستحقاق الرئاسي والتوقيت الذي يمكن اعتماده للمباشرة بالدعوة الى الجلسات النيابية لانتخاب الرئيس العتيد، فإن أحد الأسئلة لم يكن تقليدياً، وهو أثار جملة ردود فعل لدى بعض النواب والمرجعيات، وتضمن الموقف من تعديل الدستور، وتحديداً المادة 49 التي تُعنى بانتخاب رئيس الجمهورية، لاسيما لجهة إزالة الضوابط التي تمنع انتخاب رئيس للجمهورية من موظفي الفئة الأولى أو القضاة إلخ...
وفي هذا السياق، قالت مصادر نيابية معنية لـ<الأفكار> ان الرئيس نبيه بري أراد معرفة مدى <حماسة> النواب لتعديل الدستور بهدف توفير الفرص أمام الذين ترد أسماؤهم في عداد المرشحين المحتملين، ولا سيما حاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة وقائد الجيش العماد جان قهوجي، من دون أن يعني ذلك أن رئيس مجلس النواب يشجع على تعديل الدستور، لكنه أراد تكوين فكرة واضحة عن مواقف الكتل والمرجعيات ليبنى على الشيء مقتضاه. إلا أن هذا السؤال ترك استغراباً لدى بعض الذين التقتهم <الترويكا> النيابية، سرعان ما تطور الى اطلاق مواقف عبر الاعلام تحذر من مضار تعديل الدستور في الظرف الراهن الذي يمرّ به لبنان والجوار، فضلاً عن <تظهير> قناعة لدى الكثيرين بأن تعديل الدستور يعطّل اللعبة الديموقراطية التي يرى المعترضون وجوب حصرها في الاستحقاق الرئاسي المقبل في مروحة واسعة من السياسيين، لا سيما في <الصف الأول> حتى إذا ما تعذّر انتخاب أحد هؤلاء، يتمّ الانتقال الى سياسيي «الصف الثاني»، فإذا كان مصير هؤلاء مثل مصير سياسيي «الصف الأول»، يمكن البحث في حينه بالبدائل الممكنة والتي يمكن أن تكون احداها تعديل المادة 49 من الدستور لإضافة أسماء معينة على لائحة المرشحين.
لا تعاطف مع تعديل الدستور
وهكذا عادت اللجنة النيابية بخلاصة تفيد بأن <لا حماسة> لدى الكتل والمرجعيات لتعديل الدستور. في المقابل، أشارت اللجنة في تقريرها الذي رفعته الى الرئيس بري الى أن الكتل والنواب في 8 و14 آذار وكذلك النواب المستقلين والوسطيين يدعمون إجراء الاستحقاق الرئاسي ضمن المهلة الدستورية، وهم سيلبون الدعوة التي يوجهها الرئيس بري الى النواب لحضور جلسة انتخاب الرئيس العتيد، ويرفضون بالتالي أي مقاطعة لها أو تغيّب لإفقادها النصاب. ولم يبدِ أي من النواب رغبة في الدخول في أسماء المرشحين المحتملين علماً أن أعضاء اللجنة الثلاثية لم يسألوا عن المرشحين وحظوظهم وخيارات الكتل والمرجعيات. <والضمانة> الوحيدة في حضور جلسة الانتخاب الأولى لم تنسحب على الجلسات الأخرى، إذ أبدى البعض الحق في الانسحاب من الجلسة وتعطيل النصاب.
وأكدت مصادر اللجنة الثلاثية لـ<الأفكار> أن اللقاء مع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي كان إيجابياً جداً حيال الرئيس بري، خلافاً للانطباع الذي تكوّن غداة إطلالة البطريرك الماروني على شاشة التلفزيون في الذكرى الثالثة لتنصيبه بطريركاً، وان سيد بكركي يراهن على دور الرئيس بري في مرحلة الاستحقاق، كما في كل المراحل، لاسيما لجهة إتمام انسحاب رئيس جديد للجمهورية في مناخات ايجابية تعطي للعبة الديموقراطية ألقها وللنظام البرلماني دوره. وقال البطريرك في هذا السياق ان ليس لبكركي أي مرشح للرئاسة وهي لن تعدّ لائحة بأسماء مرشحين تدعمهم، كما انها لا تفاضل بين هذا المرشح أو ذاك. وهذه <اللاءات> التي رفعها البطريرك الراعي تقابلها <نعم> كبرى لضرورة استمرار التواصل مع الأقطاب الموارنة الأربعة وحثهم على الحوار وتوحيد المواقف الى حد ما، وبالتالي فإن اللجنة التي شكلت لمواكبة الاستحقاق الرئاسي والتي يرأسها المطران سمير مظلوم، عقدت سلسلة اجتماعات وسمع أفرادها كلاماً واضحاً من البطريرك لا مجال فيه لأي لبس أو تفسيرات مغايرة لما أعلنه سيد بكركي مراراً، ولا سيما تأكيده ان الاولوية الراهنة تقريب الزعماء الموارنة الأربعة بعضهم من البعض الآخر للتفاهم على آلية خوض الاستحقاق الرئاسي ضمن إطار التنافس السياسي فحسب، من دون أن يؤدي هذا التنافس الى انقسام ستكون له أعباء قاسية على الطائفة المارونية وعلى لبنان.
وتقــــول مصادر بكركي ان البطريـــــرك حـــــدد <مواصفات> للرئيس العتيد، ولم يدخل يوماً في اسم أي من المرشحين المعلنين منهم والمستترين، وهي تقوم على عنوان بارز وهو <استعادة الدور المسيحي> من خلال التمسك بالمشاركة الفعلية والحقيقية التي تناولتها بإسهاب المذكرة الوطنية التي أصدرها البطريرك في شهر شباط/ فبراير الماضي، والتي يـــــرى فيها البطريرك سبل النهوض بالدولة ومقومات الحكم وقواعد الميثاق والعيش المشترك والمحافظة على الكيان الدستوري. وعلى الرغم من أن البطريرك شجع الأقطاب الأربعة على خوض غمار الاستحقاق الرئاسي، إلا انه لم يقطع الطريق على أي مرشح محتمل آخر، وهو فتح - ولا يـــــــزال - أبواب الصرح أمام مرشحين آخرين يقصدون بكركي للتشاور مع البطريرك، وذلك على قاعدة: <كلّهم موارنة وأبناء البطريركية>!.
تجدر الإشارة الى أن اللجنة لم تلتقِ ممثلين عن تيار <المستقبل> وجبهة النضال الوطني، إذ تولى الرئيس بري التشاور مباشرة مع الرئيس فؤاد السنيورة والنائب وليد جنبلاط قبل ان يسافر الى باريس، حيث التقى مستشارين للرئيس الفرنسي <فرانسوا هولاند>، ومن بعدها الى موسكو.