تفاصيل الخبر

سـمـعـــــة لـبـــــنـان الـعـربـيــــــة والـدولـيـــــــة هـــي الآن تـــحـت جـنــــــاح الــــــرئـيـس بـــــــــري!

04/08/2016
سـمـعـــــة لـبـــــنـان الـعـربـيــــــة والـدولـيـــــــة  هـــي الآن تـــحـت جـنــــــاح الــــــرئـيـس بـــــــــري!

سـمـعـــــة لـبـــــنـان الـعـربـيــــــة والـدولـيـــــــة هـــي الآن تـــحـت جـنــــــاح الــــــرئـيـس بـــــــــري!

 

بقلم وليد عوض

 

28684829246_859aece67a_k-(3)

من نعم الله على هذا البلد أن الأعاصير التي تجلجل حوله لم تترك تأثيرها على مؤسسة الجيش الذي يحتفل بالعيد الواحد والسبعين لتأسيسه، وأورقت شجرته رغم نداءات بعض السياسيين في ذلك العام، عام 1945، بأن قوات بوليسية على نهج سويسرا تكفي وتزيد، ولا حاجة الى مؤسسة تستوجب موازنتها المال المرقوم. وكان دعاة الامتثال بالنظام السويسري على خطأ، خصوصاً عندما قامت حرب اسرائيل عام 1948، وكان على لبنان ذي الوجه العربي كما نص الميثاق الوطني يومئذ أن يكون ضمن المجموعة العربية في التصدي لقوات <الهاغانا> و<أرغون> و<شترن> الميليشياوية الاسرائيلية.

وكانت معركة <المالكية> التي قادها الجيش اللبناني لفتح طريق المؤن على جيش الانقاذ، وسجل فيها نصره التاريخي دليلاً على ان لبنان في حاجة الى جيش، لا الى قوة بوليسية على طراز سويسرا، إضافة الى قوة المجاهدين اللبنانيين وجيش الإنقاذ بقيادة فوزي باشا القاوقجي وقطبية المجاهد معروف سعد، وقد استطاع جيش الإنقاذ أن يربح على الميليشيات الاسرائيلية معركتي <مشمار هايدن> و<مشمار هايمك>.

صحيح ان الجيش اللبناني تعرض للانقسام منتصف السبعينات، وظهر فيه قادة منشقون مثل اللواء عزيز الأحدب، والرائد أحمد الخطيب، واللواء انطوان بركات، إلا انها حالة أفرزتها ظروف الحرب الأهلية وتداخلت القيادات الحزبية والسياسية في شق عصا الطاعة العسكرية. ولم تكن في صلب الانشقاقات التي شهدتها الجيوش الأخرى. وقد اتخذ رئيس الوزراء الشهيد رشيد كرامي يومئذ قراراً بعدم إنزال الجيش لمواجهة المقاومة الفلسطينية وحلفائها، وجاءت الوقائع لصالح القرار الذي اتخذه الرئيس كرامي، وسلمت وحدة الجيش، فلا سني ولا شيعي ولا ماروني ولا أرثوذكسي، بل بدلة عسكرية لبنانية ولقب <يا وطن> للعسكري وشعار: <شرف تضحية وفاء>.

هذا هو الجيش الذي أعد وزير الدفاع سمير مقبل قراراً بتمديد خدمة قائده العماد جان قهوجي سنة جديدة، تتويجاً لوقفاته الحربية المتميزة في وجه قوى الارهاب التي يحدق خطرها عند الحدود اللبنانية ــ السورية الشرقية، وقطفه لرؤوس بالجملة من قوات <داعش> و<جبهة النصرة>. والغصة الوحيدة التي يشعر بها العماد جان قهوجي، متصلة بالجنود التسعة الذين يحتجزهم تنظيم <داعش>، وينصب أهاليهم من شيوخ ونساء وأطفال خيماً في ساحة رياض الصلح حتى لا تنطفئ قضيتهم التي هي قضية كل لبناني وتأكل معه في طبق واحد.

وخيار تمديد خدمة قائد الجيش اللبناني لا غنى عنه لأن تعيين قائد جديد لهذا الجيش يحتاج الى توقيع رئيس الجمهورية، فأين رئيس الجمهورية الآن، بعدما تطايرت الغبار السياسية حول أي مرشح رئاسي، وجاء خطاب السيد حسن نصر الله مؤخراً ضد المملكة العربية السعودية، وهي التاج المرصع بالمكرمات والخدمات للبنان، كما التعبير في تغريدة الرئيس سعد الحريري <تويتر>، ليزيد النار السياسية سعيراً، ويؤجل كل الخطوات نحو الوصول الى اختيار سيد جديد لقصر بعبدا؟

 

الكبار غير مستعجلين!

ولا يمكن تجاهل الظروف الاقليمية والدولية التي هي الحضن الرئيسي لصنع رئيس في لبنان، وخطاب السيد حسن نصر الله ضد المملكة السعودية لم يأتِ عشوائي التوقيت، بل هو محسوب على الليبرة، كما هو التعبير الشعبي. وحملة أمين عام حزب الله على المملكة السعودية كان الهدف منها التأجيل الطويل لانتخابات الرئاسة وصولاً الى تفاهم جديد بين طهران وواشنطن مع وصول <هيلاري كلينتون> أو <دونالد ترامب> الى سدة البيت الأبيض، ولبنان ورقة مفاوضة من القيمة والأهمية بمكان عند المرشد الإيراني الأعلى السيد <علي خامنئي> والرئيس <حسن روحاني>. والاثنان غير مستعجلين، كما هي حال الرئيس الفرنسي <فرانسوا هولاند> الذي نصب نفسه كعراب لانتخابات الرئاسة في لبنان، والرئيس الروسي <فلاديمير بوتين> غير مستعجل أيضاً، بانتظار أن تنجلي صورة المعارك في سوريا، ويحكمها الرهان الروسي، بدءاً من المواجهات الضارية في حلب بين قوات المعارضة من جهة والقوات الروسية وجيش النظام السوري من جهة ثانية، وقيام نائب <ديمستورا> الأممي وهو رمزي عز الدين رمزي بترتيب اجتماعات جنيف مع كل من وزير خارجية سوريا وليد المعلم ونائبه فيصل المقداد.

وقد دخل وزير الخارجية الأميركي <جون كيري> ووزير الخارجية الروسي <سيرغي لافروف> على الخط، بمبادرة تسوية عن طريق تحرير الممرات الغذائية، بعدما اجتاح الجوع مساكن المدنيين، وانقطع عنهم مدد الغذاء والدواء، ووجدت تمام-سلام-بروجرديواشنطن وموسكو نفسيهما في أعلى درجات الحرج.

وسط هذه الأهوال مجتمعة، ومعها مآسي العراق، هل هناك فسحة مبادرة بالفعل لكل من موسكو وواشنطن؟

ويحاول الرئيس نبيه بري، صاحب المرجعية الأولى في البلد، ان يزرع القرار اللبناني الحر في انتخابات الرئاسة، كما في قانون الانتخابات الموعود، كذلك في مشروع الموازنة، وهو العمود الفقري لمؤسسات الدولة، ولم يعد جائزاً أن تعتمد طوال سنوات على القاعدة الاثني عشرية، ومثلث الحوار أيام 1 و2 و3 و4 آب (أغسطس) الجاري هو الكرة الذهبية التي يمسك بها رئيس مجلس النواب لعبور الأزمة، واسترجاع دور المؤسسات المعطل كما في البرلمان وفقدان النصاب المطلوب لانتخاب رئيس الجمهورية، كذلك في مجلس الوزراء الذي تعوزه شجاعة أخذ القرار، إضافة الى تكريس واقع اتفاق الطائف المعدل نسبياً في اتفاق الدوحة عام 2008. وحول هذه الثوابت تلاقى أهل طاولة الحوار يوم الثلاثاء الماضي.

لعب الطاولة!

 

وأهل القرار الآن متجمعون حول طاولة الحوار الحاسم الذي دعا إليه الرئيس نبيه بري في مقر عين التينة، وكان أمس الخميس موعداً لإسدال ستائرهم على الملفات التي تصب في تغيير مجرى الحياة السياسية اللبنانية بعدما وصلت الى طريق مسدود كالذي تهدد به عائلات الجنود التسعة المخطوفين. وخروج ثلاثية الحوار بدون قطوف يانعة، وحركة تغيير في الأزمة اللبنانية، يعرّي المجتمعين أمام الرأي العام اللبناني والرأي العام الاقليمي. وهذه زيارة <علاء الدين بروجردي> رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني لم يأت توقيتها بالمصادفة، بل جاءت متوافقة مع طاولة الحوار الثلاثية، ودعماً لها، وان قال في مطار بيروت عندما استقبله النائب علي بزي باسم الرئيس نبيه بري ان إيران لا تتدخل في الشأن اللبناني، عندما سئل عن موقف إيران من الشغور الرئاسي. وأرفق ذلك بابتسامة يحسن قراءتها من يعرفون بالأسلوب الإيراني في مواجهة الأحداث.

والرئيس بري وهو يعقد طاولة الحوار هذه المرة، ويرفض تسميتها بلعب الطاولة، لا يغامر فقط بسمعته كمرجعية دستورية لها ثقلها وتأثيرها في غياب رئيس الجمهورية، بل يغامر بسمعة لبنان كبلدلا يجوز أن يكون بلداً فاشلاً، بل قدوة للدول الصغيرة التي تستطيع أن تحكم نفسها بنفسها، بالمعايير الديموقراطية، والحضور العربي والدولي الذي نوّه به سفير المغرب علي أومليل في ذكرى عيد العرش.

والرئيس بري يريد أن يعطي خلوة الأيام الثلاثة بعداً تاريخياً، مثل اتفاق الدوحة عام 2008 الذي جاء بالعماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وكانت حجة المجيء بقائد الجيش الى قصر بعبدا مرة أخرى بعد العماد اميل لحود ما يردده المثل الفرنسي في مسرحية <السيد> للكاتب الكبير <كورناي> وهو: <انتهت المعركة لغياب المتعاركين>. فقد وضع اتفاق الدوحة حداً لذلك الانفجار الشيعي السني الذي أصاب بيروت على أيدي مسلحي حزب الله، وكان اسم ميشال سليمان حاضراً في جعبة أهل مؤتمر الدوحة، وقد تولى أمير قطر الشيخ حمد آل ثاني بالطواف على أجنحة القادة اللبنانيين في فندق <شيراتون الدوحة> تسويق اسم ميشال سليمان، وبذل جهداً خاصاً في هذا الموضوع مع العماد ميشال عون الذي لم يكن متحمساً لرئيس جمهورية من حضن الجيش حتى لا تكون سابقة، ولا يكون قائد الجيش وكأنه ولي عهد..

جان-قهوجي-2أيها الرئيس من أنت؟

 

والمراد عند الرئيس بري أن يكون هناك اتفاق عين التينة، مثلما كان هناك اتفاق الدوحة، واتفاق الطائف مع مراعاة حجم هذا الاتفاق.ومن يدري؟! فقد تكون مفاجأة خلوة الأيام الثلاثة في عين التينة ظهوراً مفاجئاً لاسم الرئيس العتيد. وقد يكون هذا الاسم هو ميشال عون، كما قد يكون سليمان فرنجية، أو العماد جان قهوجي، أو حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. ولو جرى تشخيص ما يدور في رأس الرئيس بري لكان اسم الوزير السابق جان عبيد هو الغلاّب، ولكن رئيس مجلس النواب لا يريد أن يستأثر برأي، أو يفرض على الآخرين وجهة نظر. فطاولة الحوار برلمان صغير، ومجلس وزراء مصغّر،ولتبادل الآراء فيها حصة وحضور، والكلام يبقى للأكثرية، وللأكثرية مرجعها الاقليمي أو الدولي بشكل عام.

ومجيء <علاء الدين بروجردي> الى بيروت في هذا الوقت بالذات محاولة دعم من وراء الستار لاسم العماد ميشال عون، رغم قول <بروجردي> في المطار ان إيران تعتبر هذا الموضوع شأناً لبنانياً.

ويواجه العماد عون في تسميته رئيساً جبهة الرفض التي يتزعمها الرئيس سعد الحريري الذي يقول في مجلسه ان ميشال عون هو مرشح حزب الله، وهكذا يقول الحزب.وترشيحه من قبل حزب الله الذي فتح أمينه العام ناراً ذات لهب على المملكة العربية السعودية في الأسبوع الماضي أمسى نوعاً من التحدي للمملكة التي سماها سعد الحريري التاج المرصع بالخدمات للبنان. وكان مدعاة للانتباه قول المرشح الرئاسي سليمان فرنجية ان طرح اسم آخر غير العماد عون يبدو وكأنه اسرائيلي، وهذا مرفوض.

وبعدما كان التوافق السعودي ــ الإيراني هو المطلوب لانتاج رئيس جمهورية للبنان، أصبح التنافس بين البلدين مدعاة لاستبعاد هذا التوافق،ولن يقول سعد الحريري في طاولة الحوار: أبايع الجنرال عون!

فهذه المبايعة لن تحصل وستبقى البلاد بدون رئيس إلا إذا...

وإلا إذا هـــــذه تحمـــــل معهـــــــا اســــــم العمـــــــاد قهــــوجي ومعــــــه مشــــــروع لتعديـــــل الدستــــــور لإعطــــائــــــه لــــــــــقب فخامـــــة الـــــرئيس.