تفاصيل الخبر

سليمان فرنجية ومجلة ”الأفكار“

14/07/2017
سليمان فرنجية ومجلة ”الأفكار“

سليمان فرنجية ومجلة ”الأفكار“

 

بقلم وليد عوض

013540c6-04fd-40f8-89c2-b70727949d11

يوم الثالث عشر من حزيران (يونيو) 1974 كان يوم اغتيال الوزير طوني سليمان فرنجية. لم ينفع مخزونه السياسي كابن رئيس جمهورية، ولا جلساته التوافقية في محلة بئر حسن، حيث كان مكتبه كوزير للبرق والبريد، في تجنبيه شر العاديات، وكانت شراسة القوات اللبنانية يومذاك أقوى من كل ردع أو مقاومة، ولم يغب اسم الدكتور سمير جعجع عن ذلك اليوم الرهيب رغم وجوده في الكورة الخضراء لا في القصر الرئاسي مكان الجريمة النكراء!

ونحن في <الأفكار> نربأ بأنفسنا في عهد الرئيس ميشال عون، أن ننبش الماضي، أو نعبث بالأوراق المطوية. ولكن الحدث يفرض نفسه، فهل أعز من ابن رئيس جمهورية وهو يسقط برصاص جماعة الخصوم؟ وهل هناك أعز من وزير كانت عائلته تعده لخلافة والده سنة 1988 أو سنة 1994، من يدري؟

وآل فرنجية أعزاء على <الأفكار> ولكن خصومتهم السياسية لا تسري عليها، ولا تتحكم بروابطها وأوضاعها. وتستطيع <الأفكار> أن تقول ان لآل فرنجية ظلال خير وبركة على هذه المجلة منذ يوم 13 آب (أغسطس) 1982. يومذاك تسنى للصحافي وليد عوض أن يصدر مطبوعة <الأفكار> الأسبوعية بعدما عقد صفقة شرائها مع صاحبها الصحافي الزغرتاوي العريق جورج اسحق الخوري وذهب مع كاتب العدل الى دارة صاحب المجلة في شارع عزمي، أحد أهم شوارع طرابلس، ليأخذ التوقيع الأخير، ولكن أمراً ما اعترى مسار الصفقة، وقضت ألا تصل الى نتائجها المرجوة. لقد تأخر جورج اسحق الخوري، رحمه الله، أكثر من ساعة عن الموعد، وقال لي الكاتب العدل ان مشاغله لم تعد تسمح بالانتظار.

وعبثاً حاولت أن أطيل جلسته، ولما هم بالانصراف، أقبلت زوجة جورج اسحق الخوري لتقول هاشة باشة: <لقد حضر جورج.. وهو يبتسم علامة التوفيق في المهمة>.

كان على جورج اسحق الخوري أن يتوجه الى القصر الرئاسي الصيفي في زغرتا ليأخذ بركة رئيس الجمهورية، فلا يعترض على الصفقة. وكان الرئيس فرنجية منشغلاً باجتماع أمني، فكان على جورج اسحق الخوري أن ينتظر دوره. ولما أصبح جورج اسحق الخوري أمامه، رحب به بكل حرارة وهو يدخن السيجارة ــ الغليون وقال له:

ــ أمرك يا جورج.. اطلب ما تشاء!

قال جورج عيسى الخوري متلعثماً:

ــ امتياز <الأفكار> هو ما بقي لي في هذه الدنيا، وثلث المليون ليرة لا تضرني في هذه الظروف!

سأله الرئيس فرنجية: ولمن قررت أن تبيع الامتياز؟ قال جورج: أبيعه لوليد عوض.. وهنا تبسم الرئيس فرنجية وقال: ­حسناً.. وماذا تنتظر؟

قال جورج: أنا مسيحي من زغرتا.. ووليد عوض مسلم من طرابلس.

قال الرئيس فرنجية: عال العال ــ انت لبناني تحب بلدك ــ وهو لبناني يحب بلده.. فأين المشكلة؟ لقد عرفت وليد عوض منذ أكثر من ربع قرن.. وكنت أقرأ له باستمرار.. وما اكتشفت يوماً بأنه منحاز الى الفلسطيني ضد اللبناني، إذهب إليه وخذ توقيعه وقل له: مبروك باسم الرئيس!

ولما استرد جورج اسحق الخوري أنفاسه، فوق المقعد الوثير في بيته، قال: هم وانزاح عن قلبي. فغداً كلهم سيقولون ان صحافياً مسيحياً باع امتياز جريدته لصحافي مسلم!

وكانت بركة سليمان فرنجية مدخلاً الى صفقات صحافية في طرابلس، والمسيحي يبيع الامتياز لمسلم. سليم اللوزي اشترى امتياز <الحوادث> من لطف الله خلاط، وجريدة <المستقبل> انتقلت من السيدة ألفيرا لطوف الى الصحافي نبيل خوري، و<الرائد> انتقلت من الأب جبر جوهر الى وزير الداخلية الحالي نهاد المشنوق.

واقعة لا بد منها في ذكرى اغتيال الوزير طوني أو انطوان فرنجية، والشاهد فيها هو الرئيس سليمان فرنجية. كانت لبنانيته فوق كل قياس وانتماؤه اللبناني يتقدم على كل اعتبار..

وهكذا كانت الوقائع..

وهكذا أشهد لآل فرنجية!