تفاصيل الخبر

سلام ينتظر موعداً قد يتأخر لزيارة الرياض والبديل عن استقالة الحكومة تعطيل «المستقبل» لجلساتها؟!  

04/03/2016
سلام ينتظر موعداً قد يتأخر لزيارة الرياض والبديل عن استقالة الحكومة تعطيل «المستقبل» لجلساتها؟!   

سلام ينتظر موعداً قد يتأخر لزيارة الرياض والبديل عن استقالة الحكومة تعطيل «المستقبل» لجلساتها؟!  

 

saad تداعيات القرار السعودي بإعادة تقييم العلاقة مع لبنان والذي أُرفق بوقف تسييل هبتي الـ4 مليارات دولار أميركي التي كان منحها الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز للجيش والقوات المسلحة اللبنانية، ما زالت تتوالى سياسياً واقتصادياً وسط معطيات لا تؤشر الى إمكانية الوصول الى <تفاهم> يؤدي الى تجميد تنفيذ الإجراءات السعودية من جهة، وتصحيح ما اعتبرته السعودية إساءة إليها من جهة أخرى. صحيح أن الحكومة اللبنانية أصدرت بياناً أوضحت فيه موقفها واعتبرته الحكومة السعودية <غير كافٍ>، والرئيس سعد الحريري أطلق عريضة وُزعت على المناطق اللبنانية حملت تواقيع لبنانيين دانوا التعرّض للمملكة وأشادوا بمواقفها الداعمة للبنان، إلا أن الصحيح أيضاً أن الأصوات السياسية لا تزال عالية وكادت أن تؤدي الى تعطيل الحوار الثنائي بين حزب الله وتيار <المستقبل>، وباتت تتردّد بقوة في أروقة السرايا الكبير، ما وضع حكومة الرئيس تمام سلام أمام استحقاق جديد تبدو مهمة تجاوزه صعبة ودقيقة، خصوصاً مع استمرار الانتقادات التي يوجهها وزراء حزب الله ونوابه الى الموقف السعودي الأخير، وتقابلها حملات سياسية وإعلامية وعبر مواقع التواصل الاجتماعي ضد حزب الله والمقاومة.

وفيما استطاعت الحكومة أن تضبط الى حد ما ردود فعل الأعضاء فيها ما أمّن انعقاد جلسة مجلس الوزراء الاسبوع الماضي، فإن لا ضمانات واضحة بأن الأزمة المستجدة مع الرياض لن تترك انعكاسات على الوضع الحكومي، مع ارتفاع نبرة وزراء تيار <المستقبل> لاسيما منهم وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، واستمرار وزراء حزب الله ونوابه برفض تقديم أي اعتذار الى المملكة السعودية عن الاتهامات التي أطلقها الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله في إطلالات إعلامية سابقة، الأمر الذي جعل الأوساط المراقبة تتساءل ما إذا كان الضغط قد يحصل الى حد استقالة الرئيس سلام وتحوّل الحكومة الى تصريف الأعمال، ولو كان العنوان المعلن لهذه الاستقالة <تعذر حل ملف النفايات>!

 

بين <الاعتذار> وعدمه!

 

الأوساط المراقبة تتحدث عن وجود خيارين قيد التداول راهناً يمكن أن يشكل أحدهما جواباً يرسم توجهات المرحلة المقبلة. يشجع الخيار الأول الرئيس سلام على الاستقالة لـ<امتصاص> ردة الفعل السعودية غير المسبوقة تجاه لبنان، خصوصاً أن ملاحظات الرياض لم تقتصر على <أداء> وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، بل طاولت أيضاً الرئيس سلام نفسه الذي كان يتوجب عليه - في رأي السعوديين - أن يكون أكثر حسماً في التعاطي مع <الأخطاء> التي ارتكبها الوزير جبران باسيل، إضافة الى الإمساك أكثر بالحكومة كي لا تكون <في خدمة> الأهداف التي يعمل عليها حزب الله. ويورد مشجعو هذا الخيار سلسلة <وقائع> تجعل الثقة السعودية بالحكومة السلامية من الماضي، بدليل أن الطلب الذي تقدم به الرئيس سلام لزيارة السعودية في بداية جولة خليجية لشرح موقف الحكومة اللبنانية، لا يزال دون جواب، في وقت أعلن فيه الرئيس سلام أنه ينتظر جواباً سعودياً لرغبته زيارة الرياض ولقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والقيادة السعودية. وفي هذا السياق تقول مصادر ديبلوماسية ان الجانب السعودي <غير راغب> حالياً حسين-امير-عبد-اللهيانفي التجاوب مع رغبة الرئيس سلام بزيارة المملكة على رأس وفد وزاري لأن عدم الجواب، في العُرف الديبلوماسي يعني جواباً سلبياً، خصوصاً أن السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري كان واضحاً لجهة المطالبة بمواقف <متقدمة> للحكومة اللبنانية <تمحو> ما سماها <الإساءات> بحق السعودية وقيادتها، وبالتالي فإن لا تغيير في الموقف قبل تقديم <الاعتذار> الرسمي للسعودية لتفادي الغرق في مزيد من التأزم والجدل. واللافت في هذا الإطار، أن نواباً في تيار <المستقبل> يرون أن المطلب السعودي بـ<الاعتذار> هو بديهي ويدعون الرئيس سلام الى المبادرة للمحافظة على وحدة الحكومة وتماسكها.

أما الخيار الثاني فيرى أن الحكومة مجتمعة غير معنية بتقديم أي <اعتذار> الى الرياض، وأن البيان الذي صدر عن الحكومة وحظي بإجماع مكونات الحكومة، هو كافٍ، علماً أن أصحاب هذا الرأي يقولون إن الأسباب الحقيقية للتدابير السعودية تتجاوز الموقف اللبناني في مؤتمري القاهرة والرياض الى ما هو أبعد ويتصل بالموقف السعودي من التطورات الإقليمية الراهنة ومسار الحرب السورية، وغيرها من الحسابات التي تريد فيها الرياض أن تكون كلمتها <مسموعة> خصوصاً في طبيعة الإجراءات المتخذة لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار في سوريا.

 

الحكومة بين الاستقالة أو تجميد الجلسات

 

 ووسط التباين في الخيارين الى حدّ التناقض الحاد، يبدو أن المشهد الحكومي سيزداد تأزماً، خصوصاً إذا ما رفع وزراء <المستقبل> منسوب اعتراضهم وتمسكوا بضرورة <تدفيع> الحكومة ثمن الخلاف مع السعودية، وصولاً الى حد <تعليق> حضور جلسات مجلس الوزراء في انتظار صدور موقف عن الحكومة يرضي القيادة السعودية، لاسيما وأن خيار استقالة الرئيس سلام يشكّل قفزة في المجهول ولا يجد لدى المراجع الاقليمية والدولية المؤثرة في الساحة اللبنانية أي صدى. وفي هذا السياق تقول مصادر حكومية ان كل الإشارات التي أتت من الخارج بعيد البدء بتطبيق الإجراءات السعودية اتجهت الى أن استقالة الحكومة تضع البلاد في وضع سياسي واقتصادي خطير، مع استمرار الخلاف على انتخاب رئيس جديد للجمهورية وبقاء جلسات مجلس النواب معطلة نتيجة التجاذبات السياسية المعروفة.

وأضافت المصادر الحكومية ان حركة ديبلوماسية نشطت خلال الاسبوع الماضي لعدم الوصول الى حد تقديم الرئيس سلام استقالته، مع التسليم بضرورة التعامل بـ<إيجابية> مع الاعتراض السعودي، والتمييز بين الفريق الذي يهاجم الرياض وينتقد سياساتها في المنطقة، والفريق الذي يؤيد التوجه السعودي أو يقف حياله موقفاً حيادياً.

وسجلت المصادر الحكومية في هذا السياق، موقفين خارجيين يصبان في اتجاه عدم الإقدام على مواقف دراماتيكية على الصعيد الحكومي. الموقف الأول جاء من واشنطن التي دعت بوضوح القيادة السعودية الى إعادة النظر بالإجراءات المتخذة ضد لبنان، خصوصاً ان مجرد التلويح بها قد ترك مفاعيل لدى غالبية اللبنانيين الذين عبّروا بشكل لافت عن تضامنهم مع المملكة وتقديرهم لدورها في لبنان وللمساعدات التي تقدمها في مجالات متعددة، وردود الفعل هذه <لجمت> إمكانية الاندفاع أكثر في ما يمكن أن يزعج السعوديين وشدت من عزيمة الفريق الذي يلتقي مع القيادة السعودية في رفض مواقف حزب الله وممارساته الميدانية في لبنان وسوريا والعراق وغيرها من الدول.

 

باريس تحرّك مبادرتها

هولاند

أما الموقف الثاني فقد أتى من باريس التي سارعت الى تكليف مدير شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية الفرنسية السفير <جيروم بونافون> السفر الى السعودية والبحث مع المسؤولين فيها موضوع <تأزم> العلاقات السعودية والخليجية مع لبنان، تفادياً لأي تطور سلبي يمكن أن يؤثر على الاستقرار في لبنان من جهة، وعلى التعاون السعودي - الفرنسي في مجال إنتاج السلاح الذي كان تمّ الاتفاق عليه لتزويد الجيش اللبناني به على مراحل من جهة أخرى.

وقالت مصادر ديبلوماسية لـ<الأفكار> ان الرسالة التي سوف يحملها السفير <بونافون> الى المسؤولين السعوديين تقتصر على إبراز أهمية استمرار المساعدة السعودية للبنان، مع توفير كل الضمانات اللازمة ليكون العتاد الفرنسي في عهدة الجيش اللبناني ومنع وصوله الى أيد أخرى، ولاسيما حزب الله. وستسبق زيارة الديبلوماسي الفرنسي للرياض، زيارة لباريس لمساعد وزير الخارجية الإيرانية والمسؤول عن الملف اللبناني حسين أمير عبد اللهيان، ما يعني أن باريس ستعاود تحركها أيضاً على الخط الإيراني لإعادة إحياء مبادرتها لإنجاز الاستحقاق الرئاسي في وقت قريب، على أن يكون جزءاً من التسوية الشاملة مع السعودية كي تعيد النظر في إجراءاتها بحق لبنان.

في أي حال، يتضح من مسار الاتصالات الداخلية والخارجية أن بقاء الحكومة السلامية حاجة لبنانية وإقليمية ودولية، وأن الضغوط التي تتعرّض لها هي جزء من تداعيات الخلاف السعودي - الإيراني الذي يُترجم على الأرض اللبنانية تجميداً للاستحقاق الرئاسي وللعمل التشريعي وللإنتاجية على المستوى الحكومي، وقد يكون التصعيد الذي سُجل خلال الأسبوعين الماضيين، والمرجح أن يستمر أياماً إضافية، المدخل للولوج الى حل شامل برعاية إقليمية ودولية ينهي الشغور على المستوى الرئاسي، ويعيد الحياة الى المؤسسات الدستورية وفي مقدمها مجلس النواب ومجلس الوزراء، ويصحح مسار السياسة الخارجية التي يشكّل أي تفاهم بين الرياض وطهران ولو على الحد الأدنى <راحة> لها إذ تتحرّر من الشعارات التي تحتمل أكثر من تفسير وتأويل والتي كانت سبباً في <الغضب> السعودي وتداعياته..

وفي انتظار الجديد حكومياً ترك الرئيس سلام انطباعاً أمام زواره بأن الاستقالة ليست واردة راهناً، لاسيما بعد الذي سمعه من قيادات لبنانية عن خطورة <تعميم> الفراغ في المؤسسات الدستورية!