تفاصيل الخبر

شرط أي سلام في المنطقة يجب أن يكون إعفاء ”أمراء الحرب“ من أي دور سياسي مستقبلي!

10/03/2017
شرط أي سلام في المنطقة يجب أن يكون  إعفاء ”أمراء الحرب“ من أي دور سياسي مستقبلي!

شرط أي سلام في المنطقة يجب أن يكون إعفاء ”أمراء الحرب“ من أي دور سياسي مستقبلي!

 

بقلم خالد عوض

aoun

يبدو أن دفن الرأس في التراب كالنعام هو شعار الحكومة الحالية ومن خلفها عهد الرئيس ميشال عون ومن ورائه كل الشعب اللبناني. ربما يجب على مجلس الوزراء أن يعقد جلسته المقبلة في مدينة <كولومبو> عاصمة <سريلانكا>، فقد عانى هذا البلد حرباً داخلية دامية على مدى أكثر من ربع قرن، من عام ١٩٨٣ وحتى عام ٢٠٠٩، ارتكبت خلالها أبشع أنواع المجازر العرقية والطائفية وتدخلت فيها معظم دول العالم الفاعلة، وانتشر فيها كل أنواع السلاح. باختصار عانت <سريلانكا> مثل ما عانى لبنان وربما أكثر ولمدة أطول. أين سريلانكا بعد أقل من سبع سنوات على نهاية الحرب؟ الناتج المحلي قفز من ٤٠ مليار دولار إلى أكثر من ٨٠ مليار دولار، النمو الاقتصادي ما زال فوق الأربعة بالمئة سنويا منذ نهاية الحرب، السلم الداخلي حقيقي وينعكس استقرارا سياسيا، الاستثمارات تتهافت على البلد من كل حدب وصوب.

من يحسب كلفة الوقت؟

الحرب في لبنان توقفت عام ١٩٨٩ أي منذ ٢٨ سنة، والاحتلال الإسرائيلي، رغم استمراره في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، انتهى على الأقل رسمياً مع تطبيق القرار ٤٢٥ عام ٢٠٠٠ أي منذ ١٧ سنة، والجيش السوري خرج عام ٢٠٠٥ أي منذ ١٢ سنة، ولا زلنا عاجزين عن إدارة البلد والمضي به إلى الأمام. هل من المعقول ألا يكون هناك قانون انتخاب اليوم لأن هذا الحزب أو هذا المذهب أو هذه الطائفة يمكن أن تخسر بعض المقاعد؟ البلد كله مشلول لأن المعنيين غير متفقين على معنى التمثيل <الصحيح والعادل>! أي صحة تمثيل يتحدثون عنها عندما تكون صحة البلد الاقتصادية كلها بخطر؟

معدل النمو الاقتصادي السنوي في لبنان منذ ٢٠١١ هو أقل من واحد ونصف بالمئة، ست سنوات قاحلة لم تكن كافية لنتعلم أن النظام السياسي بال والشلة التي تديره أبلى منه.

المدافعون عن <البوطة> التي تسيّر البلد اليوم يجيبون على واقع الكساد الاقتصادي المستشري في لبنان بأسئلة على شاكلة: كيف يمكن توقع نمو اقتصادي ولبنان في وسط حروب اقليمية طاحنة؟ وأي قطاعات يمكن أن تزدهر عندما تكون هناك مقاطعة خليجية للبلد، وعقوبات مالية على حزب الله، وحظر سفر للأميركيين إلينا، وعندنا مليونا نازح ولاجئ سوري وفلسطيني، وبؤر الإرهاب منتشرة على حدودنا الشرقية، كما لدينا مشاريع تصفيات عسكرية في مخيم عين الحلوة؟ يجب أن نفتخر أن البلد لا زال <واقفا> رغم كل ما يحصل حولنا. كل هذا الكلام صحيح ولكنه لا ينفي الإدارة السيئة للواقع الاقتصادي الداخلي والمنحى الاستسلامي الذي نتصرف على أساسه.

cezar-abi-khalil

مصادر النمو الاقتصادي كثيرة ولكن العين الحكومية غير بصيرة

هناك بعض المجالات التي يمكن أن تؤثر بقوة وبسرعة على النمو الاقتصادي، وهي مرتبطة بنا فقط ولا علاقة لها بكل المؤثرات الاقليمية الأمنية والسياسية.

القطاع الأول هو الطاقة البديلة، فقد اظهرت بيانات وزارة الطاقة الأميركية أن قطاع الطاقة الشمسية وظف ٣٧٥ ألف شخص عام ٢٠١٦ مقابل ١٨٧ألف موظف في قطاع الطاقة النفطي رغم الطفرة التي حققها النفط الصخري. وزارة الطاقة في لبنان تعمل بسرعة السلحفاة في هذا الإطار رغم الوعود الرنانة التي تطلقها، مع أن الإسراع في هذا المجال يمكن أن يحل مشاكل كثيرة تعاني منها مؤسسة كهرباء لبنان بسبب فائض العمال والمتعاقدين إلى جانب إمكانية توفير طاقة إنتاجية نظيفة تخفف من ساعات التقنين.

القطاع الثاني هو قطاع التجزئة عبر <الإنترنت>، فتشجيع هذا المنحى من التسوق سيخلق طلباً عقارياً على المستودعات الصناعية ويساهم في زيادة فرص العمل. كل المطلوب تحفيزات مالية من الحكومة وتحسينات جذرية في خدمة الاتصالات و<الإنترنت> والباقي يتكفل به القطاع الخاص.

القطاع الآخر هو قطاع السياحة ولكن لاستقطاب الأسيويين. كل الأرقام تشير أن نمو السياح الأسيويين يزيد عن عشرة بالمئة سنويا وهو مرشح للاستمرار على هذا المنوال، ناهيك عن عدم وجود قيود سياسية تمنع مجيئ هذه الجنسيات، فكل ما يطلبونه هو الأمن، ومهما قيل عن مستوى إنفاق السياح الاسيويين فإن العدد الذي يمكن أن نستقطبه يكفي لتحريك القطاع السياحي وقلب حالته رأسا على عقب.

هناك حلول اقتصادية ممكنة ولكن الكسل الفكري الاستثنائي الذي نشهده عند أرباب السلطة يؤكد أن وقت التغيير الشامل قد أزف.

وبالعودة إلى <سريلانكا> يجب التذكير أن ما يسمى بـ<أمراء الحرب> هناك لم يستمروا في إدارة البلاد خلال مرحلة السلم.