تفاصيل الخبر

شبح حرب عالمية على حدود لبنان والجيش ساهر على أمن البلاد!

30/10/2015
شبح حرب عالمية على حدود لبنان  والجيش ساهر على أمن البلاد!

شبح حرب عالمية على حدود لبنان والجيش ساهر على أمن البلاد!

 

بقلم جورج بشير

assad-putin الذين زاروا روما إبان وجود البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي للمشاركة مع نظرائه الكرادلة في العالم في مؤتمر السينودوس من أجل العائلة الذي دعا إليه قداسة البابا <فرنسيس> لم يلاحظوا بأن البطريرك مصدوم مما وصلت إليه الأوضاع في لبنان وطنه فحسب، إنما بعضهم سمع من البطريرك شخصياً هذه العبارة القاسية بأنه مصدوم، أي مصاب بصدمة من الدرك الذي وصلت إليه أوضاع لبنان، وفي طليعتها اتساع حركة الهجرة، خاصة في صفوف الشباب اللبناني المثقف وأصحاب الخبرة والعلم والمعرفة الى بلاد الله الواسعة، ومقابل هذه الحركة، حركة أخطر، هي النزوح الى لبنان من الخارج وبالتحديد من سوريا والعراق بشكل غير مضبوط وغير منظم يهدد بأن يتحول مع تداعياته في المستقبل الى حركة من نوعٍ آخر مهددة لوحدة البلد الكيانية ألا وهي التوطين.

   في الماضي القريب وعلى أثر اتساع مخاطر اللجوء الفلسطيني الى لبنان واعتباره من البعض أمراً عادياً لا يجب التخوّف من نتائجه لأنه لا بد وان ينتهي بحق العودة لهؤلاء اللاجئين الفلسطينيين (500 ألف) لاجئ يتوزعون في مخيمات ليست صالحة حتى لأن تكون زرائب للبقر، تحوّلت هذه المخيمات مع الوقت الى مآوٍ للاجئين من جهة، والى معسكرات مسلحة يلجأ إليها باستمرار الهاربون من وجه العدالة اللبنانية والمطلوبون من هذه العدالة. وفي المقابل أيضاً ما لا يطمئن ان البحث جارٍ في المطابخ العالمية لتوطين هؤلاء اللاجئين الفلسطينيين حيث هم، أي في الدول التي لجأوا إليها لأن اسرائيل <دلّوعة أميركا والغرب> تخاف أمنياً وديموغرافياً من عودتهم إليها، ويجب أن يبقوا بقرارات دولية حيث يقيمون في هذه الدول وفي طليعتها لبنان.

 

اما السوريون والعراقيون؟!

  

   عدد اللاجئين أو النازحين من سوريا والعراق بفعل الحرب الى لبنان يكاد يقترب مع حلول العام الجديد ودخول روسيا عسكرياً في هذه الحرب الى مليوني لاجئ ونازح، وإذا أضفنا الى هذا العدد نصف المليون mambertiونيف من اللاجئين الفلسطينيين يصبح عدد غير اللبنانيين في لبنان موازياً لعدد اللبنانيين المقيمين فيه، وهنا مكمن الخطر الكياني.

   في مقابل هذا الخطر الداخلي، خطر استمرار ما يمكن اعتباره اليوم على حدود لبنان حرباً عالمية في سوريا والعراق بالتحديد، وتلفّ حدود سوريا البرية حدود لبنان من الجنوب الى الشمال مروراً بالبقاع وحتى جبل لبنان، يقابل ذلك رفض لبناني داخلي من أطراف لبنانية فاعلة الاعتراف بهذين الخطرين، أو حتى القبول ببحث إيجاد أو إقامة مخيّمات لهؤلاء النازحين أو اللاجئين على الحدود المشتركة مع سوريا مثلاً، ولأسباب بات يعرفها الجميع لا علاقة لها بجوهر الخطر وأبعاده.

   البطريرك الراعي مصدوم، وهذا حديث جرى التداول في شأنه إبان مجمع الفاتيكان للبحث في شؤون وشجون العائلة في العالم كونه موضوعاً يعلق عليه وعلى سلامته وأمنه الاجتماعي البابا والكنيسة جمعاً أهمية قصوى، لأن العائلة هي أساس البنيان الاجتماعي والحياتي ولا بد من تطوير النظم والقوانين التي تحصّنها وتمنع عنها الانزلاقات الروحية والأخلاقية والانقسامية والتفسّخ، وذلك في الأحاديث الجانبية التي دارت بين البطريرك الراعي وأركان مجمع الكرادلة من كل أنحاء العالم، وخاصة مع البابا <فرنسيس> الذي التقى البطريرك الماروني، وعميد البطاركة الكاثوليك الشرقيين أكثر من مرة خلال المجمع كون البابا أعرب في أكثر من مناسبة علنية وبعيدة عن الاعلان والاعلام عن قلقه البالغ تجاه ما يتعرض له الشرق ودوله وشعوبه من مظالم ومخاطر وحروب، وبخاصة مسيحيّوه، بفعل تمادي الارهاب التكفيري المموّل والمدعوم اقليمياً ودولياً في إنزال المجازر بهؤلاء بقصد تهجيرهم بالقوة، ومن جهة ثانية فإن دولاً كبرى في الغرب عملت ولا تزال بشكل أو بآخر على اقتصاص أصحاب الخبرة والعلم والأدمغة من بين هؤلاء لتطعيم مجتمعاتها عبر تقديم كل التسهيلات لهجرتهم إليها والإقامة فيها والحصول على عمل وعلى جوازات السفر وهويات جديدة، بدلاً من أن تعمل هذه الدول الكبرى على تسهيل عودتهم الى أوطانهم الأصلية واستعادتهم لحقوقهم المشروعة وتعويضهم الخسائراللاحقة بهم من جراء عمليات الاضطهاد والقهر والارهاب التي مارسها الارهابيون ضدهم.

   إن حال الهلع التي تعيشها دول الغرب من تدفق أفواج النازحين إليها من الشرق، لم يفلح هذا الغرب في اجراءات الحد منها أو وقفها بفعل تقاعسه عن تجفيف منابع الدعم المادي واللوجستي الذي يحظى به الارهابيون على اختلاف تنظيماتهم، وبات أحد لا يصدّق أن ستين دولة مؤتلفة لمكافحة الارهاب وضربه لم تتمكن من إصابة الهدف، لا بل ان هذه المرة أدّت الى توسّع هجمات الارهابيين واعتداءاتهم على البشر وحقوقهم الى أن وصلت مخاطرهم الى العمق الغربي وخاصة الأميركي، مما دفع بالروس كما يقول هؤلاء الى اقتناص الفرصة والدخول في هذه الحرب أيضاً دفاعاً عن البشر وحقوقهم ضد الارهاب والظلم كون كل هذا يحصل في الشرق، أي على حدود روسيا التي شكلت بدورها ائتلافاً دولياً لمحاربة هذا الارهاب المتجسّد بـ<داعش> وأخواتها من <النصرة> الى <القاعدة>...

البطريرك <مصدوم من الاعلام>

 

   طبعاً، البطريرك الماروني ليس مصدوماً من الاعلام ككل، إنما من بعض هذا الاعلام الذي يعمد من وقت لآخر الى <تزوير الوقائع والتجني واختلاق الروايات والنسج عليها كرواية زيارة الكاردينال <مومبرتي> الى لبنان وما سمي بـ<تقرير أسود> وضعه الكاردينال ورفعه الى السلطات الكنسية العليا، ومنها البابا، عن لبنان وبعض قادة الكنيسة ورجالاتها وأدائهم>، فيما الحقيقة والواقع ان الكاردينال <دومينيك مومبرتي> الراعي-سينودوسالذي سبق له وعاش وعمل كديبلوماسي في لبنان، زاره فعلاً مؤخراً زيارة محض شخصية وخاصة، أولاً لأنه لم يكن مكلفاً أية مهمة، وثانياً ان لا علاقة له بالعمل الديبلوماسي الخارجي ولا بوزارة الخارجية الفاتيكانية، وانه يعمل كمسؤول عن قضايا قانونية تابعة لمحكمة <الروتا> العليا في الفاتيكان التي يرئسها البابا وتختص في شؤون العائلة ودعاوى الحقوق والطلاق وما شابه... وبالتالي، وهذا هو الأهم، فإن الكاردينال <مومبرتي> الذي يحب لبنان كثيراً أُسوة بسائر رجالات وقادة الكنيسة لم يضع تقريراً لا أسود ولا أبيض ولا حتى رمادياً، انما رواية هذا التقرير مختلقة أصلاً بقصد التجني على مقام الكنيسة والبطريرك وعلى أدائهما لأسباب سياسية داخلية..

   طبعاً، هذا لا يعني ان رجال الكنيسة والرهبانيات معصومون عن الخطأ. والأخطاء لا بل <الخطايا> التي ارتكبها ولا يزال بعضهم يرتكبونها وتمسّ سمعة الكنيسة ودورها الروحي والوطني لا تحصى، لكن هذا الواقع شيء، واختلاق الأخبار وفبركة الروايات عن تقارير وزيارات شيء آخر.. ومسألة الأخطاء و<الخطايا> مطلوب معالجتها بإلحاح من قادة الكنيسة، وخاصة الكاثوليكية والمارونية بالتحديد.

   صدمة البطريرك تشبه الى حد كبير صدمة اللبنانيين جميعاً من الأداء العاطل لبعض أركان الطاقم الحاكم والطاقم السياسي في لبنان الذين باتت روائح أدائهم الكريهة على الصعيد الوطني تزكم أنوف اللبنانيين، والى جانبهم أنوف أشقاء وأصدقاء لبنان الذين سئموا التعاطي بملف لبنان،  ويكتفون اليوم بمنح الثقة لجيشه ولقيادة هذا الجيش وخاصة للقائد جان قهوجي أولاً لتدعيم قدرات الجيش، وثانياً لحفظ الأمن، وأمن الحدود بالتحديد كي لا يمتد الارهاب وتنظيماته الى الداخل اللبناني، ولإبقاء لبنان في منأى عن الحرب العالمية الضروس التي تجتاح المنطقة ودولها وشعوبها، وحتى لا يصاب كل الشعب اللبناني بالصدمة ويصبح بدوره مصدوماً، وأمام <تسونامي> الأنهر التي جرفت النفايات الى الشوارع والبحر يسأل اللبنانيون: كيف سيكون عليه تصرف أهل السياسة والحكم والحكومة والبرلمان تجاه مواطنيهم؟