تفاصيل الخبر

سجال المعابر يتصاعد.. والإجراءات الفعلية تتباعد!

12/09/2019
سجال المعابر يتصاعد..  والإجراءات الفعلية تتباعد!

سجال المعابر يتصاعد.. والإجراءات الفعلية تتباعد!

بقلم علي الحسيني

لا يزال ملف المعابر الحدودية بين لبنان وسوريا يشكل عائقاً كبيراً أمام قيام الإقتصاد اللبناني نظراً للهدر الذي ينجم عن عدم قدرة الدولة على ضبط عمليات التهريب بين البلدين عبر حدود كان أكد رئيس الحكومة سعد الحريري أنها تتضمن ما يقارب 150 معبراً غير شرعي. اللافت اليوم في ملف المعابر، يبرز في السجال القائم بين حزب <القوات اللبنانية> وبين وزير الدفاع الياس بو صعب ممثل <التيار الوطني الحر> في وزارته والذي كان رد على الحريري منذ أيام بكلام رأى فيه أن عدد معابر التهريب والمعابر غير الشرعية غير صحيح وأن الحريري ربما استند في حديثه الى كلام يتم تداوله في الاعلام.

 

الدولة الملهية عن الخطط الميدانية!

 

تلحظ عمليات التهريب على أنواعها إلى لبنان وتحديداً من سوريا، أهمية بالغة لدى القوى الأمنية كافة وإلى متابعة ميدانية على النقاط الحدودية التي تفصل لبنان عن سوريا. واللافت أن جهود القوى بكل متفرعاتها، كانت تضاعفت خلال الفترة الاخيرة وهي لا تزال مستمرة حتى اليوم، وذلك بعدما كثرت عمليات التهريب وتحولت إلى مصدر رزق للعصابات التي تسيطر على المعابر غير الشرعية والتي يتم استحداث العديد منها على الدوام، وبنسبة متفاوتة للأشخاص الذين يبحثون عن لقمة عيشهم بطرق غير شرعية أيضاً.

ولكن، في وقت تجري فيه الإجتهادات السياسية والإقتصادية عمليات بحث عن مداخيل مالية تسد عجز خزينة الدولة اللبنانية منعاً للإنهيار الإقتصادي في البلد والذي بدأ يلوح في الآفاق في ظل عدم وجود خطط فعلية وواقعية لمنع هذا الخطر، بدأت تتكشف عملية هروب الدولة إلى الأمام هرباً من أزماتها ومشاكلها التي بدأت تتضاعف بشكل كبير ومخيف، مرة عبر سياسات تقشفية ومرات من خلال اتباع <حمية> مؤسساتية لم تؤد حتى الساعة طلبها المنشود خصوصاً بعدما تبين أنها تستهدف طبقة وقطاعات محددة من خلال فرض الضرائب عليها. والأبرز أن الدولة قد استبعدت الخطوة الأقرب لوقف مزاريب الهدر والمتمثلة بفرض الاموال المهربة من الضرائب عبر المطار والمرافق البحرية والحدود البرية مع سوريا على وجه الخصوص، بالإضافة إلى منع عمليات التهريب عبر المعابر غير الشرعية وإغلاقها بشكل كامل.

في السياق تشير مصادر متابعة لموضوع المعابر كافة، الى ان المعابر غير الشرعية بين لبنان وسوريا تتجاوز المئة معبر وربما تلامس المئتين، وهي بغالبيتها تنشط في تهريب السلع على انواعها للتهرب من الضرائب، بعد ان جرى التضييق نوعاً ما على حركة التهريب في المطار والمرافق البحرية لاسيما مرفأ بيروت ومرفأ طرابلس وإن كانت النسبة متفاوتة بشكل كبير بين المرفقين لصالح مرفأ بيروت. وتضيف: إن معظم المسؤولين في الدولة على دراية كاملة بحجم الخسائر التي تطال خزينة الدولة جراء إبقاء تلك المعابر وعدم وضع حد لعمليات التهريب التي تشهدها منذ انتهاء المواجهات العسكرية على الحدود اللبنانية ـ السورية. من هنا تشيرالتوقعات الى ان خسارة خزينة الدولة من استمرار اعمال التهريب على الحدود تفوق ملايين الدولارات فضلاً عن الجانب الاخطر وهو نشاط مهربي المخدرات والسلاح وتجار المواد المسرطنة من مواد زراعية كالتي تضبط بين الحين والآخر، والذين يستغلون الوضع القائم ويقومون بادخال كل ما يتوافر لهم من دون مراعاة مخاطر ما يقومون به.

سجال بين بو صعب و<القوات اللبنانية>!

خلال الفترة الماضية، كان أطلق رئيس حزب <القوات> سمير جعجع مجموعة مواقف تتعلق بوضع البلد مطلقاً العنان لانتقاداته للدولة اللبنانية و<تقاعسها> عن القيام بدورها المطلوب في العديد من المجالات ولاسيما الشق المتعلق بالحدود البرية بين لبنان وسوريا وما تتضمنه من عمليات تهريب عبر معابر غير شرعية، تذهب عن خزينة الدولة ملايين الدولارات سنوياً. ومن جملة ما أعلنه جعجع، أنه من غير المقبول تجاه كل الصعوبات الاقتصادية التي يواجهها لبنان أن يكون التهريب من المعابر غير الشرعية ناشطاً والتي يطرح مسألتها البعض وكأنها <مثلث برمودا> ومسألة سحرية لا حل لها في الوقت الذي تعرف أجهزة الدولة من قوى أمنية والجيش اللبناني أماكن هذه المعابر التي لا أعتقد انها تتطلب جيشاً بعديد الجيش الصيني من أجل إقفالها. وأضاف: لذا أتوجه لمعالي وزيرة الداخلية ريا الحسن ووزير الدفاع الياس بو صعب من أجل العمل على إغلاق هذه المعابر غير الشرعية لتستطيع الصناعات والزراعات اللبنانية الاستمرار في العمل.

كلام جعجع استدعى منذ أيام رداً من الوزير بو صعب أكد فيه أن هناك معابر غير شرعية ولكن حجمها ليس كما يقال والتهريب لا يتم عبر المعابر غير الشرعية فقط، بل عبر المعابر الشرعية أيضاً حيث هناك بعض المتساهلين أو المتواطئين من القيمين على المعابر بعمليات التهريب او التهرب. وقال خلال اجتماع عقده في وزارة الدفاع مع قائد الجيش والمدير العام لأمن الدولة للبحث في خطة إقفال المعابر غير الشرعية: إن التهريب الحقيقي لا يتم عبر المعابر الشرعية فلا حجم المعابر يسمح بذلك ولا نوعية البضائع كذلك وبالتالي فإن الدور الأكبر لمكافحة التهريب هو للجمارك. ودعا وزراء <القوات> إلى مناقشة موضوع المعابر غير الشرعية في مجلس الوزراء <ونحن جاهزون لإجابتهم على ما يشاؤون>.

في هذا السياق يرد عضو تكتل <الجمهورية القوية> وهبي قاطيشا بالقول إن <تحجج وزير الدفاع  بالقول إن الجيش بحاجة إلى قرار سياسي لمنع التهريب على المعابر غير الشرعية أمر يدعو إلى الخوف، سائلاً: من يصدر القرار السياسي يا معالي الوزير؟ القوات اللبنانية أو معاليك؟.

الجيش يحكم السيطرة ويتحكم بحركة الإرهاب!

المؤكد انه على الرغم من الملفات الساخنة التي تتحكم بتفاصيل المرحلة الحالية والتي تتراوح بين خلاف داخلي وترقب خارجي معطوف على كم من المساعدات المالية، ثمة مؤسسة عسكرية اسمها الجيش اللبناني لا تعنى بهذه السجالات وتصر على متابعة دورها في الداخل وعند الحدود على أكمل وجه، رغم تأثرها الى حد ما بكل المواد الخلافية التي تطفو على سطح الأحداث. ويبرز اهتمام هذه المؤسسة، باستنفار ضباطها وجنودها في المناطق الحدودية والتي تترجم يومياً بإغلاق الجيش جميع المعابر غير الشرعية بين لبنان وسوريا في البقاع الشمالي.

هي ليست المرة الأولى التي يتخذ بها الجيش خطوات إغلاق العديد من المعابر الحدودية سواء شرعية أو غير شرعية وذلك إما لأسباب لوجستية، وإما لوجود معلومات تتعلق بمحاولات يمكن القيام بها لعبور مسلحين الى الداخل اللبناني أو عمليات تهريب أسلحة أيضاً من سوريا إلى لبنان ولو ضمن إطار ضيق يتعلق بمجموعة محدودة مسلحة أو حتى وجود مخططات ونيات عدائية. من هنا تعمدت قوى الجيش إلى اقفال معابر غير شرعية بالسواتر الترابية بهدف ضبط الحدود ومنع دخول المتسللين الإرهابيين الى لبنان ودخول السوريين خلسة الى لبنان. والمعروف أن الجيش قام منذ فترة بإغلاق معظم هذه المعابر في العديد من القرى الحدودية وتحديداً شمالي قضاء الهرمل.

حقيقة الأبراج الحدودية!

 

في المعلومات أن قائد الجيش العماد جوزف عون يقوم بشكل يومي بالإطلاع من قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية في المناطق الحدودية على كافة المجريات الأمنية والمهمات التي يجري تنفيذها، وهناك ارتياح كامل لدى قيادة الجيش من الأوضاع الحدودية وتثبيت عملية الأمن والحد من الخروقات التي كانت تتم سابقاً. وتكشف مصادر عسكرية لـ<الأفكار> أن ثمة أوامر صارمة لكافة الوحدات بالتعامل بشكل حازم مع محاولات عمليات التسلل للجماعات الإرهابية وهناك تقارير يومية مفصلة تصل إلى القيادة تتعلق بالحركة اليومية. وأوضحت انه بعد إنتهاء معركة الجرود

العسكرية، اصبح هناك نوع من الخوف من أي عودة للجماعات الإرهابية رغم عدم وجود معلومات مؤكدة في هذا السياق، لكن ما نستطيع تأكيده أن مخابرات الجيش تقوم بعملها على أكمل وجه وبين الحين والآخر يتم القبض على أفراد ومجموعات لهم سجل حافل بالإجرام وعمليات التهريب.

وتكشف المصادر أن مساحات الجرود كبيرة جداً والجيش لا يستطيع تغطيتها بالكامل لهذا تم تعزيز إنتشار أفواج الحدود البرية على طول الحدود الشمالية والشرقية، وقام بالتعويض عن هذا النقص بدوريات روتينية وأبراج مراقبة لمنع تسلل الإرهابيين وعمليات الترهيب. وبعد الإتهامات التي كانت طالت المؤسسة العسكرية بأن الأبراج الحدودية هي لمراقبة الحدود السورية، تشدد المصادر على أن هذه الابراج هي لمراقبة الحدود ومنع تسلل الإرهابيين والمهربين سواء تهريب البشر أو السلاح، وقد ساهمــــــــــــــــــــــت الى حد كبير بتثبيت الاستقرار في المناطق الحدودية تماماً كما ساعدت على مراقبة حركة محاولات العبور بشكل تام.

وعلى الخط نفسه، يشير عضو <اللقاء الديمقراطي> النائب بلال عبد الله الى انه عندما استباح الإرهاب حدودنا الشمالية والشرقية، تم التصدي له بكل عزم، وخرج البلد منتصراً بقرار وطني جامع، فلا يقنعنا احد، أن التهريب عبر المعابر غير الشرعية، بغض النظر عن عددها، هو خارج السيطرة إلى هذا الحد، وعصي على المعالجة، مضيفاً: فلنحترم عقول الناس، ولنوقف هذا النزيف لاقتصادنا وهيبتنا كدولة.

 

عمليات تهريب البشر والأطفال أبرز الضحايا!

أقسى أنواع الألم والوجع وما يمكن أن يحصل في الوجود، هو ان يقحم الأطفال خلال رحلة الرعب التي يجبرون عليها بالإضافة إلى التأثير النفسي في حال الوقوع بيد القوى الأمنية. لذلك، فقد فعلت القوى الأمنية من تحركها على هذا الخط، بحيث لم تعد عمليات تهريب البشر سهلة كما يعتقد البعض في الأيام الغابرة، إذ إن العديد من شبكات التهريب، بدأت تسقط الواحدة تلو الأخرى على الرغم من عمليات التمويه التي تستخدمها، من خلال استغلالها للأطفال والنساء خلال عملية التنقل من بلدة إلى أخرى.

في السياق، تدعو المادة الثالثة من شرعة حقوق الطفل في الأمم المتحدة الدول والاطراف، إلى ان <تتقيد المؤسسات والإدارات والمرافق المسؤولة عن رعاية أو حماية الأطفال بالمعايير التي وضعتها السلطات المختصة، ولاسيما في مجالي السلامة والصحة>. تعتبر هذه المادة، كفيلة لتسلط الضوء على حجم المخاطر التي ترتكب بحق الأطفال سواء من الأهالي أو من أي جهة اخرى أو من سلطات ومؤسسات، حكومية كانت أو خاصة.

المعابر.. إشكالية الحكومات المتعاقبة!

 

لطالما مثلت الحدود والمعابر البرية اللبنانية إشكالية صعبة بالنسبة إلى جميع الحكومات المتعاقبة نظراً لصعوبة الإمساك بها بنسبة عالية ومنع عمليات التهريب المتعددة والمتنوعة عبرها خصوصاً في الفترة الأخيرة حيث كثرت عمليات تهريب البشر والمواد الغذائية والصناعية من سوريا إلى لبنان. والملاحظ اليوم اشتداد الرقابة الأمنية وسط تصاعد عمليات الرصد والمتابعة للعابرين إلى لبنان عبر طرق يتم اعدادها وتحضيرها عن طريق أبناء بعض القرى الحدودية سواء السورية أو اللبنانية على الرغم من الخطورة التي ترافق العابرين. ولأن الظواهر هذه تعتبر مساً بالأمن السياسي والاجتماعي والإقتصادي، أخذت الحملات ضدها تتصاعد وآخرها إغلاق الجيش المعابر غير الشرعية على الحدود اللبنانية ــ السورية شمالي قضاء الهرمل بهدف منع التهريب والحد من الدخول غير الشرعي من والى الاراضي اللبنانية.