تفاصيل الخبر

صفقة صواريخ ”الغراد“ الفاسدة للجيش اللبناني...من يفك لغز انتقال تسليمها من روسيا الى صربيا؟

30/01/2020
صفقة صواريخ ”الغراد“ الفاسدة للجيش اللبناني...من يفك لغز انتقال تسليمها من روسيا الى صربيا؟

صفقة صواريخ ”الغراد“ الفاسدة للجيش اللبناني...من يفك لغز انتقال تسليمها من روسيا الى صربيا؟

في الوقت الذي كانت فيه مديرية التوجيه في الجيش اللبناني توزع خبر استقبال قائد الجيش العماد جوزف عون للملحق العسكري الروسي في لبنان الكولونيل <الكسندر ميلوفيدوف> في مكتبه في اليرزة، كانت مواقع التواصل الاجتماعي وعدد من وسائل الإعلام تتحدث عن <صفقة صواريخ روسية فاسدة> تسلمها الجيش قبل مدة في ظروف طرحت علامات استفهام حول مدى مطابقة الصواريخ مع المواصفات المطلوبة ولماذا تسلمتها القيادة في الأساس في غير المكان الذي حدد في الاتفاقية...

ما كان لهذا الخبر أن يشكل <فضيحة> يتناقلها الإعلام لولا ان <ثقافة> الرشاوى والفضائح باتت منتشرة في المجتمع اللبناني على نحو واسع، وازدادت انتشاراً مع بروز <الحراك الشعبي> منذ 17 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، على نحو لم يعد في الامكان تجاهل أي رواية يتناقلها الناشطون على مواقع التواصل خصوصاً في <الزمن الفضائحي> الذي يعيشه لبنان هذه الفترة!

ووفق مصادر متابعة، فإن قصة صفقة الصواريخ بدأت في شهر كانون الأول (ديسمبر) 2017 يوم وقع وزير الدفاع السابق يعقوب الصراف عقداً مع شركة <يوغو امبروت> الصربية ينص على ان تؤمن الشركة للجيش 2000 صاروخ <غراد> بقيمة 3 ملايين و300 ألف دولار أميركي مع التزام من الشركة، التي أفادت بأنها تملك رخص تصدير من روسيا، بتوفير تأشيرات دخول لفريق فني من الجيش الى روسيا لفحص البضاعة قبل استلامها على أن تكون روسية المنشأ، وأن تكون من صنع العام نفسه للاتفاق أي 2017 وأن تُفحص في مرفأ تابع لروسيا الاتحادية... وتضيف المصادر انه ابتداء من أيار (مايو) 2019 تم تنفيذ الصفقة مع تغيير أساسي هو فحص الصواريخ في صربيا بدلاً من روسيا لتحديد ما إذا كانت هذه الصواريخ من انتاج روسي في العام 2017... بعد عودة البعثة الفنية العسكرية الى بيروت، أُرسلت الصواريخ الى لبنان وتسلمها الجيش، لكن المسؤول عن تخزينها ارتاب بأمر تصنيفها وأبلغ القيادة انها تعود الى العام 1982 استناداً الى علامات عليها، فتقرر فتح تحقيق في الأمر لم تعرف نتائجه نظراً للسرية التي أحيط بها. وتقول المصادر نفسها ان التحقيق لم يشمل الوكيل المدني الذي وقّع الاتفاق مع الجيش بحجة ان الشرطة العسكرية لا تحقق مع مدنيين، وهو أمر غير دقيق بدليل ان الشرطة العسكرية تحقق في أي حادث يتورط فيه مدنيون مع عسكريين، الأمر الذي طرح علامات استفهام حول عدم التحقيق مع الوكيل الذي يفترض أن يعرف لماذا استبدلت وجهة تسلم الصواريخ من روسيا الى صربيا مع العلم ان العقد واضح ــ حسب المصادر ــ ولا مجال لتبديله.

 

موسكو تنفي علمها بالصفقة!

 

وتقول مصادر مطلعة على تفاصيل الصفقة، انه لو تم التقيد باستلام الصواريخ في روسيا لأمكن تحميل السلطات الروسية مسؤولية أي تبديل في الصفقة، في حين ان الجانب الروسي نفى علمه بها، ما يدفع الى الاعتقاد ان الشركة التي وقعت العقد استعملت اسم روسيا لخداع الجانب اللبناني، وثمة من انطلت عليه الخديعة عمداً أو عن غير قصد، ومضى في الاتفاقية

من دون السؤال عن الأسباب التي دفعت الشركة الى تغيير مكان تسليم الصواريخ.

وزير الدفاع السابق الياس بوصعب الذي تفادى الحديث عن كل ما يتصل بشؤون الجيش أمام الإعلام، وجد نفسه مضطراً لتوضيح بعض النقاط حول صفقة الصواريخ القديمة التي تسلمها الجيش، وكذلك فعلت مديرية التوجيه في الجيش من خلال مصادر عسكرية أوضحت ملابسات الصفقة من دون التطرق الى أسباب تغيير مكان الاستلام.

وفي انتظار توضيح النقاط الغامضة، فإن ملف الصواريخ الفاسدة فُتح على نحو واسع وسيستمر الحديث عنه الى حين جلاء الحقيقية، من دون أن يعني ذلك أي مساس بالمؤسسة العسكرية التي يلتقي الجميع على اعتبارها فوق كل الاعتبارات، وإذا

كان هناك من خطأ فردي فيجب أن يتحمل المخطئ مفاعيل الغلطة التي ارتكبها، وإذا كان <الخطأ> قد ارتكبه أكثر من طرف فإن المحافظة على سمعة الجيش تكون من خلال الذهاب بعيداً في هذا الملف منعاً لأي التباس، خصوصاً ان

الأخبار عن الرشاوى التي دُفعت لعسكريين سوف تؤذي سمعة الجيش قيادة وضباطاً وأفراداً...

في أي حال، ملف الصواريخ الفاسدة، مثل غيره من الملفات، يحتاج الى تحقيق شفاف يزيل الالتباسات والغموض ويقطع الطريق على أي إساءة للجيش المؤسسة التي يجب أن تكون مثل <امرأة قيصر>... فوق الشبهات. ولعل الكلام الذي قالته وزيرة الدفاع الجديدة زينة عكر عدرا لدى تسلمها مهامها في اليرزة عن ضرورة اعتماد الشفافية ومنع الهدر وترشيد الانفاق وقدمت نفسها أمام محاسبة الشعب إن هي أخلت بوعودها، خير مؤشر الى ان ما قيل حول صفقة الصواريخ سيجد طريقه الى التوضيح كي لا تبقى أي علامة استفهام قائمة، خصوصاً ان الجيش يخوض اليوم مواجهات في الداخل وعلى الحدود تفرض أن يبقى بعيداً عن أي ملابسات من شأنها أن تؤذي دوره وتسيء الى تضحيات رجاله، ضباطاً ورتباء وأفراداً، وبحيث تُبنى العلاقة بين وزير الدفاع والقيادة العسكرية بشفافية تزيل ما كان اعترى هذه العلاقة في عهد الوزير الصراف ومن بعده الوزير بوصعب!