تفاصيل الخبر

”ساترفيلــــد“ يجمّـــــد وساطـتــــه بحـريـــــاً ويـبـقـيـهـــا بــــــراً ولبـنان يـلــوّح بخيــار التحكيــم الدولــي إذا تعثــر التفــاوض!

02/03/2018
”ساترفيلــــد“ يجمّـــــد وساطـتــــه بحـريـــــاً ويـبـقـيـهـــا بــــــراً  ولبـنان يـلــوّح بخيــار التحكيــم الدولــي إذا تعثــر التفــاوض!

”ساترفيلــــد“ يجمّـــــد وساطـتــــه بحـريـــــاً ويـبـقـيـهـــا بــــــراً ولبـنان يـلــوّح بخيــار التحكيــم الدولــي إذا تعثــر التفــاوض!

بري-ساترفيلدلم يتمكن مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى السفير <ديفيد ساترفيلد> من إقناع المسؤولين اللبنانيين بالموافقة على <خط هوف> معدلاً لحل الخلاف القائم بين لبنان واسرائيل حول الحدود البحرية، ولا هو نجح في إقناع الإسرائيليين يؤدي بتقديم تنازلات أكثر للوصول الى تفاهم على حل وسط ينزع المخاوف من إمكانية حصول توترات أمنية أو تهديدات تعيد القلق الى الحدود الجنوبية اللبنانية، الأمر الذي أدى الى تجميد الوساطة الأميركية بين لبنان واسرائيل حتى إشعار آخر.

وتفيد المعلومات المتوافرة لدى <الأفكار> أن السفير <ساترفيلد> عاد من اسرائيل الأسبوع الماضي بعرضين في عرض واحد: الأول يتعلق بالحدود البرية وخلاصته أن اسرائيل مستعدة لترسيم الحدود وحل الخلافات حول المناطق المتحفظ عليها، على أن تبقى نقطة رأس الناقورة معلقة الى حين بت النزاع على الحدود البحرية، وعلى أن تبني الجدار الاسمنتي في الأراضي التي تحتلها من دون المساس بالأراضي اللبنانية. أما العرض الثاني فقضى بإعادة ترسيم الحدود البحرية في الرقعتين 8 و9 بحيث يعطى لبنان ما نسبته 65 بالمئة من الرقعة 9 و80 بالمئة من الرقعة 8 فيستقيم إذذاك الخط البحري الذي تقول اسرائيل انه يتمدد براً من نقطة رأس الناقورة وصولاً الى المياه الإقليمية. وكان <ساترفيلد> واضحاً بأن ما سمعه من الاسرائيليين يؤدي الى الحل المتكامل بمعنى أنه لا يتجزأ بين الحدود البرية والبحرية، بل القبول يكون بالاثنين، والرفض كذلك. وفي مقابل هذا العرض المزدوج، ألمحت اسرائيل الى <ضمانات> معينة حول بعض النقاط الحدودية البرية التي ستكرّس لبنانيتها، توفرها القوات الدولية والجيش اللبناني بحيث لا تستعمل هذه النقاط لأي عمل عدائي ضدها.

 

لا موافقة لبنانية!

 

حمل <ساترفيلد> هذه المقترحات الاسرائيلية معتبراً أنه حقق نقلة نوعية مهمة في التفاوض بعد تراجع الإسرائيليين عن نسبة الـ40 بالمئة من الرقعة 9 التي كانت محددة في <خط هوف> ما يكسب لبنان - حسب <ساترفيلد> - مساحة مائية إضافية يمكن استثمارها، وأتى بها الى بيروت عارضاً تفاصيلها على المسؤولين اللبنانيين وفي مقدمهم الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل وقائد الجيش العماد جوزف عون والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، وكانت المواقف التي سمعها واحدة تقريباً بأنه من غير الوارد التنازل عن حقوق لبنان في مياهه وأرضه، وان هذا التوجه هو نفسه توجه الرئيس ميشال عون الذي كان خارج لبنان في زيارتين رسميتين لكل من العراق وأرمينيا. حاول السفير <ساترفيلد> إقناع المسؤولين اللبنانيين بأن هذه المقترحات هي أقصى ما تمكن من الحصول عليه من الإسرائيليين وان عدم التجاوب معها يعني تجميد الوضع على ما هو عليه بالنسبة الى الحدود البحرية، في وقت تبقى فيه الحدود البرية موضع أخذ ورد بالنسبة الى النقاط التي يتحفظ عليها لبنان.

إلا أن مصادر رسمية لبنانية أكدت لـ<الأفكار> أن الجانب اللبناني أعلم الجانب الأميركي بأن عدم الوصول الى اتفاق لا يعني إقفال الأبواب نهائياً لأن لبنان في صدد جمع أدلة وخرائط ومستندات تثبت ملكية لبنان للمساحات التي تدعي اسرائيل انها ملكها في المياه البحرية، وعندما تصبح هذه المستندات متوافرة بين أيدي المسؤولين اللبنانيين سيصار الى عرضها من جديد لتثبيت الحق اللبناني، وإذا أرادت الولايات المتحدة المساعدة في هذا المجال فإن لبنان يرحّب بذلك، اما إذا فضّلت عدم التدخل فيمكن للبنان أن يلجأ إذذاك الى التحكيم الدولي مع علمه بأن التحكيم لا يستقيم إلا بموافقة طرفي النزاع وهو أمر غير مضمون بالنسبة الى اسرائيل التي لا تريد أن يتدخل أحد في هذا الملف إلا الجانب الأميركي.

بالتزامن، ينوي لبنان، استناداً الى المصادر نفسها، المضي في إنجاز الترتيبات الإدارية والقانونية لتتمكن الشركات التي التزمت التنقيب في الرقعة 9، وهي تحالف <توتال> الفرنسية و<ايني> الإيطالية، و<نوفاتيك> الروسية، من المباشرة بالعمل خصوصاً وان المساحة التي سيتم التنقيب فيها في الرقعة 9 بعيدة عن المساحة التي تدعي اسرائيل ملكيتها، وبالتالي فإن العمل سيكون في المياه اللبنانية، وهذا ما تبلغه السفير <ساترفيلد> من أعضاء هيئة إدارة قطاع البترول خلال لقاء جمعه بهم بعيداً عن الإعلام حيث أصغى المسؤول الأميركي الى شروحات أكدت له أن بئر الاستكشاف يبعد كثيراً عن المنطقة التي تدعي اسرائيل ملكيتها وبالتالي لا شيء يمنع المباشرة بالتنقيب، وفي ضوء النتائج يمكن معاودة البحث لاحقاً.

باسيل-زاسيبكين

تحذير من أي <مغامرة>!

وفي المعلومات أن الإدارة الاميركية طلبت الى السفير <ساترفيلد> تجميد تحركه في الوقت الحاضر الى أن تستجد معطيات جديدة، مع التشديد على أمرين: الأول ضرورة استمرار الاستقرار على الحدود الجنوبية وعدم القيام بأي <مغامرة> تسيء الى الوضع الأمني، والثاني متابعة التواصل مع الجانب اللبناني من خلال السفيرة الأميركية في بيروت السيدة <اليزابيت ريتشارد> التي تتابع هذا الملف وباتت على إلمام بكل تفاصيله، علّ حالة <الستاتيكو> التي سيشهدها هذا الملف تخفف من الاحتقان وتعيد <التوازن> بين تهديدات اسرائيل من جهة والردود اللبنانية من جهة أخرى، بما فيها رد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي حذر من أي مغامرة اسرائيلية في هذا الصدد.

وفي هذا السياق، قالت مصادر مطلعة ان واشنطن التي تعمل عادة لما هو في مصلحة اسرائيل، وجدت نفسها أمام معطيات في الملف النفطي اللبناني تجعلها تميل أكثر الى ضرورة الوصول الى <تسوية> وليس <فرض> حل كما كان يحصل في السابق لأن ثمة من قال في الحلقة الأميركية الضيقة في البعثة الديبلوماسية الأميركية ان الموقف الرسمي للحكومة اللبنانية <محق> وان المساحات التي يتمسك بها لبنان هي من حقه الشرعي، وان الخرائط التي يتحدث عنها المسؤولون اللبنانيون تظهر ذلك بوضوح. وفي الحلقة نفسها كلام حول <المظلة الدولية> التي ستبقى فوق لبنان تدعم استقراره الداخلي من جهة، وتساهم في تحصين ساحته الداخلية في وجه محاولات من أي جهة أتت لاسيما التهديدات الاسرائيلية التي لا تفوّت مناسبة لإبقاء طبول الحرب تقرع.

ولفتت المصادر المتابعة لهذا الملف، الى الموقف الذي أطلقه السفير الروسي في بيروت <الكسندر زاسبكين> بعد زيارة وزارة الخارجية سلّم خلالها رسالة الى الوزير جبران باسيل من نظيره الروسي، إذ قال إن موقف لبنان من موضوع ثروته النفطية والغازية معروف دولياً، وان شركة روسية تشارك في ائتلاف شركات التنقيب عن النفط، وإذا حصل أي إشكال في المرحلة المقبلة، فإن الآليات الدولية معروفة ويهم موسكو أن تكون الأوضاع في المنطقة مستقرة. وفسرت المصادر نفسها كلام السفير الروسي عن <الآليات الدولية> بأنه إشارة الى التحكيم الدولي الذي تحدث عنه الرئيس عون في المقابلة مع محطة <السومرية> العراقية خلال وجوده في بغداد، كخيار للبنان في حال تعثرت الوساطة الاميركية ورُفضت الاقتراحات اللبنانية.

وتؤكد المصادر نفسها أن تجميد الحركة بالنسبة الى الحدود البحرية لن ينسحب على الحدود البرية لأن المفاوضات في شأنها التي يتولاها اللواء عباس ابراهيم قطعت شوطاً بعيداً، وهو ما أشار إليه وزير الخارجية جبران باسيل بعد استقباله السفير <ساترفيلد> إذ قال <إننا أمام فرصة حقيقية لتحقيق نصر جديد باستعادة اراض على الحدود البرية المتنازع عليها منذ رُسم الخط الأزرق العام 2000، وعزا باسيل هذه الفرصة الى <قوة الموقف اللبناني السياسي والديبلوماسي والعسكري المستند الى قوة الجيش والمقاومة وقرار المجلس الأعلى للدفاع بالرد على أي اعتداء اسرائيلي>.