تفاصيل الخبر

”ساتـرفـيـلـــد“: ايــــران تهـــدّد مـصـالـــــح أمـيـركـــــا والحلفــاء وردنـــا سيـــكـون مـبـاشـــراً إذا استـهـدفـتـهــــا!

24/05/2019
”ساتـرفـيـلـــد“: ايــــران تهـــدّد مـصـالـــــح أمـيـركـــــا  والحلفــاء وردنـــا سيـــكـون مـبـاشـــراً إذا استـهـدفـتـهــــا!

”ساتـرفـيـلـــد“: ايــــران تهـــدّد مـصـالـــــح أمـيـركـــــا والحلفــاء وردنـــا سيـــكـون مـبـاشـــراً إذا استـهـدفـتـهــــا!

 

المهمة التي أتى من أجلها مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الأوسط السفير <دايفيد ساترفيلد> للبنان الأسبوع الماضي، لم تكن عملياً للبحث في الآلية التي اقترحها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لترسيم الحدود البحرية الجنوبية، ولا كانت من أجل تفعيل الاتصالات اللبنانية - الاممية - الاسرائيلية من خلال اللجنة العسكرية الثلاثية لاستكمال إنجاز عملية الترسيم للحدود البرية التي توقفت عند النقطة <B1> في رأس الناقورة ما أدى الى تجميد البحث في النقاط المختلف عليها والتي لم يعد عددها يتجاوز الثلاث نقاط... عملياً مهمة السفير <ساترفيلد> كانت لشرح موقف الولايات المتحدة الأميركية مما تسميه واشنطن <تهديدات> ايران بضرب المصالح الاميركية وحلفائها لاسيما في العراق ودول الخليج ولبنان. أما الطرح اللبناني لآلية ترسيم الحدود، فقد كان موضوعاً إضافياً بناء على طلب لبنان حيث أبدى الجانب الاميركي استعداداً للمساعدة على تحريكه من دون أن يعني ذلك أي التزام بلعب دور يتجاوز دور <المسهّل والمساعد> وفق التوصيف الذي أبلغه <ساترفيلد> الى محدثيه اللبنانيين.

وفي انتظار أن تتبلور الصورة في ضوء الجواب الاسرائيلي على الافكار اللبنانية، فإن مراجع ديبلوماسية أكدت لـ<الأفكار> أن الخطورة في مهمة <ساترفيلد> كانت في ما نقله الى المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم عن وجود قرار اميركي <ثابت ونهائي> بالرد على أي <اعتداء> يمكن أن تقوم به ايران ضد مصالح اميركا والحلفاء والذي سيكون في ايران نفسها ولن تتساهل واشنطن في أي خطوة قد تلجأ اليها. وقد شرح السفير <ساترفيلد> - وفقاً للمراجع الديبلوماسية نفسها - الاسباب التي دفعت بلاده الى رفع منسوب تحذيراتها لايران، فقال إن واشنطن تلقت تقارير <لا يرقى اليها الشك> تفيد بأنه على اثر <نجاح> الحصار الاقتصادي المفروض على ايران، فإن السلطات في طهران المتضايقة من نتائج العزلة الاقتصادية والمالية التي تعاني منها، أوعزت الى حلفائها <فيلق القدس> والحوثيين بتنظيم سلسلة ضربات ضد المصالح الاميركية والحليفة في العراق وسوريا ولبنان وفي اي مكان يمكن أن تتحرك فيه بسهولة. وهذه التقارير دفعت بوزير خارجية الولايات المتحدة <مايك بومبيو> الى إلغاء جولة كانت مقررة في عدد من الدول الأوروبية واميركا اللاتينية وحضر الى بغداد حاملاً رسالة الى المسؤولين العراقيين، ومنهم الى جميع المعنيين بأن واشنطن غير راغبة في حصول أي مواجهات خصوصاً في العراق ودول الخليج، لكن اذا تعرضت مصالحها ومصالح الدول الحليفة لأي اعتداء فإن الرد سيكون في ايران مباشرة، لاسيما وان المعلومات التي توافرت حول العمليتين الإرهابيتين على البواخر في ميناء الفجيرة في دولة الامارات العربية المتحدة، وعلى انابيب النفط في السعودية، نفذها حلفاء ايران الذين توزعوا الأدوار، فقصف الحوثيون البواخر الأربعة قبالة ميناء الفجيرة، كما تم نسف أنابيب النفط بواسطة طائرات مسيرة عن بعد (دورن). وعليه، اضاف <ساترفيلد> تم تنبيه المسؤولين العراقيين ان التهديدات الايرانية التي كانت تتم عبر الاعلام والمواقف السياسية، تحوّلت الى عمليات ارهابية لا يمكن للإدارة الاميركية ان تقف مكتوفة الأيدي حيالها.

 

<يجب منع تورط حزب الله>!

وفيما أشار <ساترفيلد> الى أن قيادة الحرس الثوري الايراني تعقد اجتماعات برئاسة قاسم سليماني لـ<توزيع المهام> على التنظيمات المسلحة التي تدور في الفلك الايراني، لتنفيذ هذه الاعتداءات، أكد أن بلاده ستواصل ممارسة الضغوط الاقتصادية على ايران الى أن تلمس القيادة الأميركية والمجتمع الدولي تغييراً في السلوك الايراني، خصوصاً بعدما اسفرت الاجراءات الاقتصادية التي اتخذتها اميركا عن نتائج ايجابية ظهرت في الضيق التي تعيشه ايران حالياً. وتقول المصادر الديبلوماسية أن <ساترفيلد> أعرب عن خشيته من أن يتولى حزب الله تنفيذ تعليمات ايرانية بمهاجمة المصالح الاميركية على رغم أن هذا الامر هو خارج عن إرادة الدولة اللبنانية، كما هو الحال بالنسبة الى <فيلق القدس> في العراق الذي يتحرك بإدارة مباشرة من طهران. وبلغة أخرى قال <ساترفيلد>: <لن نقبل بأن يستمر الايرانيون باستخدام الحوثيين لزرع الارهاب في المنطقة، كما لا نريد أن يورط حزب الله بلدكم في اي مغامرة غير محسوبة النتائج>.

وحيال الموقف الاميركي الواضح، كان رد لبنان الرسمي بأن الأراضي اللبنانية لن تكون منطلقاً لأي عمل ارهابي يستهدف المصالح الاميركية، وأن الاستقرار الذي يعيشه لبنان لا أحد يقبل بأن يتعرض لأي انتكاسة، خصوصاً بعد تحرير الجيش اللبناني للجرود من وجود ارهابيي <النصرة> و<داعش>. وتمنى <ساترفيلد> أن يترجم هذا الموقف اللبناني بخطوات عملية تحول دون استخدام الساحة اللبنانية لأي أعمال ارهابية ضد المصالح الاميركية ومصالح الحلفاء.

أما في خص مسألة الترسيم البحري والاقتراح اللبناني للآلية التي يمكن اعتمادها من خلال اللجنة الثلاثية العسكرية إضافة الى حضور اميركي تحدد واشنطن مستواه الديبلوماسي أو العسكري، فإن المعلومات المتوافرة لـ<الأفكار> اشارت الى ترحيب الجانب الاميركي بوجود <ورقة لبنانية تحمل موقفاً موحداً> خلافاً لما كان يحصل في السابق، لكن <ساترفيلد> لم يشر الى احتمال تجاوب الاسرائيليين مع المبادرة اللبنانية بكل تفاصيلها، علماً أن المسؤول الاميركي كان قد سمع من الاسرائيليين رغبتهم في التفاوض مع لبنان على ترسيم الحدود البحرية واستكمال الترسيم البري على طول <الخط الأزرق> الذي توقف قبل مدة بسبب تعثر التفاوض حول خط مماثل في البحر. إلا أن <الألغام> التي وضعتها اسرائيل، وفقاً للمعلومات المتوافرة لـ<الأفكار>، تكمن في انها تريد من جهة تعليق التفاوض حول النقطة <B1> في رأس الناقورة ليصار الى حلها في المستقبل وليس في الوقت الحاضر، كما أنها لا تريد أي دور للأمم المتحدة في عملية التفاوض وإن كانت تقبل في أن يتم اللقاء بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي في مقر دولي وتحت علم الامم المتحدة لكن دون مشاركتها. أما بالنسبة الى الحضور الاميركي فقال <ساترفيلد> إن بلاده جاهزة للمشاركة في هكذا لقاءات على أن يقتصر دورها على <التسهيل والمساعدة> وليس أكثر، إذا اتفق لبنان واسرائيل على الطلب منها (أي واشنطن) الحضور من دون أي التزام أساسي أو مؤثر.

 

لا دور للأمم المتحدة!

 

وفي ما بدا وكأنه <تبرير> للمطلب الاسرائيلي باستبعاد الامم المتحدة عن مفاوضات الترسيم البحري، قال <ساترفيلد> للمسؤولين اللبنانيين - كما أشارت المصادر الديبلوماسية - ان القوات الدولية <اليونيفيل> لا تملك تكليفاً من مجلس الأمن للعب أي دور في عملية الترسيم البحري، في حين كانت مكلفة في لعب دور مباشر في الترسيم البري، ولا يزال هذا التكليف قائماً، خصوصاً وأن عمل اللجنة الثلاثية المستمر في الناقورة يستند الى القرار 1701 الذي لا يشير الى أي دور لـ<اليونيفيل> في الشق البحري من الخلاف بين لبنان واسرائيل. وفيما حرص <ساترفيلد> على التأكيد أمام المسؤولين اللبنانيين أن <من مصلحة لبنان> تحقيق تقدم على صعيد الترسيم البحري بالتوازي مع الترسيم البري <لأن ذلك من شأنه أن يعزز الأمن والاستقرار على الحدود>، بدا أن الجانب اللبناني <فهم> من أفكار <ساترفيلد> بأن اسرائيل تريد مفاوضات مباشرة بينها وبين لبنان في حضور الولايات المتحدة الاميركية وحاول استيضاح <ساترفيلد> حول هذه المسألة، فقدم الموفد الأميركي <تفسيراً> غلب عليه الكلام الديبلوماسي لكنه صبّ في اتجاه الموقف الاسرائيلــــي، مكرراً بأن دور الممثل الاميركي في هــــكذا مفاوضــــات بين اسرائيــــل ولبـــنان يقتصر على أن يكون <وسيطاً ومسهلاً>، ولا دور للأمم المتحدة باستثناء استضافة هذه المفاوضات!

إلا أن الجواب اللبناني، وفق المصادر نفسها، لم يكن لمصلحة التفاوض المباشر لأن لبنان يتمسك بالقرار 1701 وما تلاه من قرارات ذات صلة، التي تعهد للأمم المتحدة بدور اساسي في المحافظة على الاستقرار على الحدود الجنوبية.

ويبقى السؤال، هل ستحمل زيارة <ساترفيلد> لتل أبيب جديداً على الصعيد الموقف الاسرائيلي؟ أم ان <الألغام> التي زرعتها الدولة العبرية ستبقي مسألة الترسيم بشقيه البري والبحري مجمدة حتى إشعار آخر؟!