تفاصيل الخبر

سارة بيضون صنعت حقائب اليد للملكة رانيا و «كاترين دونوف» وأمل علم الدين كلوني بأيدي السجينات!

06/08/2015
سارة بيضون صنعت حقائب اليد للملكة رانيا  و «كاترين دونوف» وأمل علم الدين كلوني بأيدي السجينات!

سارة بيضون صنعت حقائب اليد للملكة رانيا و «كاترين دونوف» وأمل علم الدين كلوني بأيدي السجينات!

 

بقلم عبير انطون

2--sara-baydoon-hand-bag-catherine-deneuve من الملكة رانيا في الاردن والممثلة الفرنسية الشهيرة <كاترين دونوف> الى المحامية اللبنانية أمل علم الدين زوجة النجم الأشهر <جورج كلوني>، وصلت حقائب الشابة اللبنانية سارة بيضون. في هذا التفصيل الكثير من الفخر بما صنعته وما افتتحته من متاجر من حول العالم. اما الإنجاز الأهم فيبقى في كيفية صنع هذه الحقائب وشدها وتطريزها من قبل سجينات لبنانيات في سجن بعبدا وتأمين فرص عمل لهن بعد انقضاء فترة الحكم بحقهن، حيث يكون عادة السجن الاكبر لمن قضين سنوات خلف القضبان..

فمن هي سارة بيضون حتى لمع نجمها في عالم الحقائب والاكسسوارات وادوات الزينة وتمخترت بها اشهر نساء العالم؟ ولماذا وقع الاختيار على السجينات تحديداً للمشاركة في النجاح وتطريز الامل والحلم بالحرية والوصول من سجن بعبدا.. الى العالمية؟

  في حصاد <الافكار> دخول في التفاصيل حول المشروع الملهم..

ذكريات حلوة ومرة أطلقتها مؤخراً ثلاثون سجينة من وراء القضبان.. طرزنها على أقمشة وجلود، طالبن بالالتفات نحوهن، فلهن حقوق، عندهن آمال وأحلام وإن جار عليهن الزمن. كانت سارة بيضون لهن ولرفيقات أخريات بمرصاد المحبة والعمل، فدعتهن الى الإنتاج منذ حوالى خمسة عشر عاماً يشاركن به من خلف أسوار عذاب عشنه او تسبّبن به. كان اقتحام السجن من قبل سارة بالعمل المفيد المنتج وذلك بالتعاون مع جمعية <دار الأمل> وهي منظمة غير حكومية تعنى بالنساء المحرومات وتزودهن بالتدريب المهني، وسارة عضو فيها منذ العام 1997. فمنذ العام 2000، أطلقت سارة بيضون خط حقائب باسمها، أوكلت مهمة المشاركة فيه الى نسوة أرادت أن ترتقي بهن من <سجينات الى حرفيات> وتحديداً أكثر الى عاملات يتقاضين أجراً ثابتاً بعد انقضاء فترة حكمهن، فيتكلن على أنفسهن ويصبحن مستقلات بعد اكتسابهن مهارات خاصة..

 فرصة ثانية..

amal_1_

بدأت سارة مشروعها من خلال أربع سجينات في بعبدا أبدين موافقتهن على العمل معها وتنفيذ تصاميمها مقابل المال. ازداد حماسهن مع الوقت، فرحن يتساعدن مع الاخريات للتعلم وارتفع العدد من أربع الى أربعين سجينة خلال عام واحد: <دربنا السجينات لفترة تراوحت بين سنتين وثلاث سنوات، فتحولنا تدريجياً الى مؤسسة فعلية، وكان العمل يزداد، ما جعلنا نطلب من السجينات اللواتي أنهين فترة محكوميتهن بتوظيف معارفهن من النساء وتشجيعهن على الانضمام الى فريقنا. ونجح الجميع في تصنيع حقائب يدوية متميزة، تحتاج السجينة لإنجاز الواحدة منها ما بين أسبوع او اثنين بعد تقديم المواد الأولية لها>.

 تؤمن سارة بيضون بالفرصة الثانية لكل إنسان، وتقول: <الفرصة الثانية تولّد إبداعاً، وقد اختبرت ذلك شخصياً وعاينته من خلال عملي لأكثر من أربعة عشر عاماً مع السجينات. فقد أثبتن تميزهن في قطع نادرة حقاً.. هن لا يطلبن سوى فرصة إظهار الابداع والقدرات الذي يولده العذاب>.

 تهميش.. مبدع

النساء المهمشات لم يغبن يوماً عن بال سارة بيضون التي تخصصت في علم الاجتماع في الجامعة الاميركية وحصلت على شهادتها في الماجستير من جامعة القديس يوسف حيث كتبت أطروحتها عن دعارة النساء والمرأة في السجون اللبنانية. هذه الاطروحة جعلتها تتعمق في مشاكل النساء المهمشات ومطالبهن فصممت على المساعدة: <شعرت خلال زيارتي لسجن بعبدا بأنني أملك الكثير لتقديمه إليهن ومنحهن الفرصة حتى يكن مثمرات ومنتجات. فالإنجاز يعطيهن الشعور بالفخر وتحقيق أمر ما من خلف القضبان>، معيدة التأكيد: لن أجعلهن يمررن مرور الكرام في حياتي من دون ان أقدم الدعم والمساعدة والحماية لهن. فكم من سجينة هي نفسها ضحية ظلم وقع عليها في بيتها او مجتمعها او بشكل خاص في عائلتها ما أدى الى عيشها في بيئة مفككة.. ان عملي مع السجينات ينطلق من محورين اساسيين: الاول التركيز على دور المرأة أينما وجدت حتى ولو خلف القضبان، والثاني الاهمية الاجتماعية والانسانية التي يكتسبها اي عمل. ان تمكين المرأة ودعمها أساسيان لتحسين حياتها والايمان بنفسها وقدراتها ما يجعل لوجودها معنى.

 بعد ان تعلمت السجينات أصول الشك والتطريز، أصبح بإمكانهن الحصول على عمل وراتب، وهذا ما سيمكنهن لاحقاً من إكمال العمل في مؤسستنا ما ان يخرجن من السجن او ان يعملن في اي مؤسسة أخرى، ذلك ان مشغلنا مكون من اثنين: اول داخل السجن وآخر خارجه، تكمل فيه السجينة العمل إن هي أرادت بعد خروجها الى الحرية. وتضيف: أعتقد ان نجاح مؤسستنا يعود الى البعد الاجتماعي الذي حققته في مساعدة السجينات على إيجاد فرص عمل.

لا تبخل سارة على السجينات بأي مساعدة لتكوين فرصتهن الخاصة، وفي هذا المجال كان مشروع منذ فترة وجيزة يضم اربع سجينات يرغبن في فرصة خاصة بهن بحيث قدمت لهن سارة كل الخبرة والإمكانيات وتركت لهن حرية الاختيار والابداع.

صورة-الملكة-رانيا-تحمل-حقيبة--سارة-بيضون

 الغول.. والمدرسة!

السجينات لسن وحدهن، من اشتركن مع سارة في صنع اسمها وحقائبها وأدوات زينتها، ذلك ان فتيات عديدات من مختلف المناطق اللبنانية لم يوفقن بوظيفة، انضممن الى عملها وشكلن جزءاً من مراحله. كذلك فإنها عملت على عدد من الحقائب عاد ريعها لمؤسسة <برايف هارت> الجمعية التي تعنى بالأطفال المولودين مع تشوه خلقي في القلب. لهذا الغرض ابتكرت المؤسسة حقائب تحت الطلب من احدى العلامات التجارية الكبرى اوكلت اليها مهمة تصنيع حقائب مدرسية زمن العودة اليها. عن هذا المشروع تقول سارة: اشتغلت عليها بفرح وكان (الغول) رمزها. لماذا (الغول)؟ ذاك الوحش المخيف للأطفال؟ لأن الرهان كان على تحويل شعور الانزعاج من العودة الى المدارس الى فكرة كاريكاتورية تضحك الاولاد، فجعلنا عيني الغول من حياكة <الكروشيه> وخيطنا أسنانه وجاء مضحكاً..

 

لكل امرأة حقيبة..

الحقائب الفريدة المخصصة لامرأة دون غيرها موضة آخذة في الرواج أكثر فأكثر هذه الايام، فلا نجد هذه تحمل حقيبة تشبه تلك. كان هذا الأمر لصالح سارة مديرة قسم الابتكار والابداع والمشرفة على الانتاج والتسويق في مؤسسة <حقائب سارة> التي تجوب العالم اليوم بأفكارها وافتتحت التسوق من متجرها عبر <الانترنت>.

من أين تستمد سارة الإلهام؟ من اي شيء قد يكون حولها، وقد يكون موسمياً بحسب الوقت الذي نمر فيه فيمكن للحقائب ان تكون على أشكال فاكهة وخضار، او قد تستمد من تقاليد وأساليب الثقافات الاخرى مع التأكيد أولاً على الثقافة اللبنانية والشرق أوسطية.. وقد يكون الإلهام احياناً نابعاً من ذكريات ما، من علبة <البونجوس> مثلاً (عصير لبناني) او كعكة العصرونية التي كنا نشتريها صغاراً على كورنيش بيروت، فنعود من خلال الحقيبة الى الارتماء في أحضان الطفولة، او من خلال نجمات لمعن كصباح وأم كلثوم وشعر نزار قباني. وقد برعت سارة في حياكة شعره على حقائب فريدة. وللعام المنصرم سيطر فن <البوب> على الحقائب التي دخلها الخرز والالوان الفاقعة التي تعود الى هذا الفن الرائج زمن الخمسينات.

صورة-سارة-بيضون 

رانيا وأمل.. والتراث

 وعن كيفية شهرة سارة وحقائبها خارج لبنان على نطاق واسع، فإن الأمر يعود الى توجهها الى مختلف الاذواق والفئات، والى مشاركتها في المعارض العالمية التي تقام بينها معرض في باريس لمرتين في السنة كما انها تعرض في نيويورك وهدفها التوسع الآن بشكل أكبر الى أسواق أخرى مع السعي للمحافظة على البقاء في المرتبة الاولى على مستوى الشرق من حيث الاكسسوارات المميزة. برأيها، ما رفع اسمها الى مصاف الاسماء العالمية الكبرى في المجال عينه هو الطابع الشرقي الطاغي على منتجاتها. فسارة المعجبة بتصاميم <مارتن مارجيلا> و<دريس فان نوتين> وربيع كيروز اللبناني، تحرص على ان يدخل التراث الشرقي في صلب عملها: هذا ما جعلنا متميّزين اذ انها المرة الاولى التي تحمل فيها السيدات الشرقيات حقائب متميزة وخاصة ومعاصرة لذلك تجدوننا نتوسع جداً في تراثنا الشرقي من خلال الشك والخرز و<الكروشيه> و<الباييت> وغيرها. هذا التراث الشرقي جعل شهيرات عديدات يحملن <ساراز باغ>، بينهن الملكة رانيا والممثلة الفرنسية <كاترين دونوف> والمهندسة العراقية الاصل زها حديد والمخرجة والممثلة نادين لبكي والممثلة سيرين عبد النور وغيرهن الكثيرات.

سارة الحائزة جائزة المصممين الشباب الدولية من المجلس الثقافي البريطاني للعام 2008 فخورة بما حققته خاصة وانها تشعر بأنها تمتلك شيئاً خاصاً جداً، هو أكبر من مجرد تجارة خاصة. فزيارتها لسجن بعبدا غيرت حياتها وحياة الكثيرات من السجينات الماهرات ما رسخ إيمانها بواجبها في مساعدة تلك النساء. هي تحرص على المضي قدماً لأن مساعدتها تلعب برأيها دوراً مهماً في الحفاظ على كرامتهن أولاً، فتتمكنّ من مواجهة المجتمع لاحقاً بشهادة تحرص سارة على منحها للنساء اللواتي يخرجن مــــن السجن وذلك لبــدء مهنة خاصة او للعمل معهـــا او مع غيرهـــــا من المصممين. كذلك فإن سارة من خلال عملها تحرص على إبقاء الاعمال اليدوية في الشرق الاوسط حية، فلا تقتحمها الماركات العالميــة بالمئـــات، أصلية كانت أم.. مزورة !