تفاصيل الخبر

صانعة المستقبل... ”أنجيلا ميركل“

05/02/2016
صانعة المستقبل... ”أنجيلا ميركل“

صانعة المستقبل... ”أنجيلا ميركل“

 

انجيلا-ميركيل    عندما نتذكر النساء في التاريخ تتراءى لنا صور عظيمات مثل القديسة الفرنسية <جان دارك> التي ساهمت وهي لم تبلغ الثامنة عشرة بعد في تحرير عدة مدن فرنسية من الإنكليز، والأم <تيريزا> التي قضت حياتها في خدمة المرضى، ورئيسة الوزراء البريطانية <مارغريت تاتشر> التي لقبت بـ<الإمرأة الحديدية> لقيادتها اصلاحات اقتصادية لم يجرؤ أحد على القيام بها. المستشارة الألمانية <أنجيلا ميركل> هي من طراز تلك العظيمات رغم أن شعبيتها في ألمانيا تتهاوى هذه الأيام.

    على عكس ما يعتقد الكثيرون، فإن <ميركل> ولدت في ألمانيا الغربية وتحديداً في مدينة <هامبورغ> الشمالية ولكنها انتقلت إلى ألمانيا الشرقية بعدما عين والدها راعياً لأبرشية كنيسة <كويتزو> في ضواحي برلين الشرقية ونشأت هناك. وهي الشخصية الوحيدة من الغرب التي تحاور الرئيس الروسي <فلاديمير بوتين> بلغته لأنها برعت منذ صغرها في مادة اللغة الروسية قبل أن تصبح دكتورة في الكيمياء وتنخرط في العمل السياسي.

   يسمونها اليوم <حارسة أوروبا> ليس فقط لأنها حافظت على الاتحاد الأوروبي رغم أزمة الديون العالمية وأبقت اليونان تحت الظل الأوروبي بعد أن بدا ذلك مستحيلاً في الصيف الماضي، بل لأنها دافعت ولا تزال عن القيم الانسانية للقارة العجوز ، من خلال الاصلاحات الاجتماعية الكبيرة التي دعمتها. ولذلك اشتهرت ولا تزال بثلاثة أرقام للتعبير عن فهمها الخاص لأوروبا اليوم: ٧ و٢٥ و٥٠. فأوروبا فيها ٧ بالمئة من سكان العالم وتنتج ٢٥ بالمئة من الإقتصاد العالمي ولكنها تنفق ٥٠ بالمئة من مجموع الإنفاق الإجتماعي العالمي. ربما هذا يفسر إلى حد كبير بحر النازحين إلى أوروبا وألمانيا بصورة خاصة. وفيما نفض كل القادة الأوروبيين أيديهم في البداية من أزمة اللاجئين السوريين، فتحت لهم <ميركل> أبواب ألمانيا معتبرة أن الواجب الانساني والأخلاقي للهوية الأوروبية يفرض ذلك. ووعدت في الوقت نفسه أن تجعل من تدفق النازحين فرصة اقتصادية لألمانيا على المدى الطويل في ظل التراجع الديموغرافي للألمان. ومن المعروف أن أهل الحاضر لا يرحمون الذين يبنون المستقبل ولذلك تتراجع شعبية <ميركل> اليوم بسرعة.

   الأوروبيون متململون كثيراً من مواقف <ميركل> السوبر انسانية ومن الحفرة الثقافية التي قد تكون وسعتها في أوروبا. ولكن عندما تسأل مئات آلاف النازحين وحتى العرب الذين لم يهاجروا بعد عن صورة الرئيس الذي يحلمون به حتى يعودوا الى بلادهم أو يؤمنوا بمستقبلهم فيها، يأتي الجواب من دون تردد: <أنجيلا ميركل>.