تفاصيل الخبر

صاحب مشروع ”اوزفيل“ عياد ناصر يطلق قريباً جمعية ”لبناني“...!

14/09/2018
صاحب مشروع ”اوزفيل“ عياد ناصر يطلق قريباً جمعية ”لبناني“...!

صاحب مشروع ”اوزفيل“ عياد ناصر يطلق قريباً جمعية ”لبناني“...!

 

بقلم عبير انطون

قصة حياته مثيرة للاهتمام وكذلك شخصيته. كبلده، وجد نفسه مهملا. فكما يترك السياسيون لبنان معلقا في مهب الريح على وقع سجالاتهم فيما هو بأمس الحاجة لمن ينقذه من الغرق أكثر، كان لعياد ايضا من تركه وهو في عز الطفولة والحاجة الى من يرعاه. امه تخلت عنه ووالده لم يأبه كثيرا لوجوده. قرر أخذ مصيره بيده ونجح. اليوم هو يعيد الى وطنه جزءا مما قدمه له بعد ان صار اسمه معروفا كرجل اعمال ناجح، وليس مشروع <أوزفيل> الذي عرف شهرة تخطت حدود البلد الا نموذجا رائدا لما ينفذه على طول الخريطة اللبنانية، فمن هو عياد ناصر وما الذي يبغيه من وراء كل ما يفعله؟

سألناه بداية:

ــ لمن لم يتعرف اليك بعد، كيف توجز له محطات سيرتك الذاتية؟

- ولدت في منطقة الأوزاعي وخرجت منها بعمر الخمس سنوات لأن امي تركتني ورحلت. لم يهتم والدي بي كثيرا. قضيت اثني عشر عاما مع والدي في منطقة شملان. بعمر السابعة عشرة، وبعد رحلة بحث عرفت ان والدتي تقيم في فرنسا، موناكو تحديدا، متزوجة ولها ولد. كذلك فإن والدي تزوج أيضا ورزق بأولاد. لم يكترث احد بي فشبّبت من دون اب ولا ام بالمعنى المعهود للوالدين، وكذلك، من دون دين او سياسة او مال. رحت ادرس واعمل في الوقت عينه. اشتغلت في المطاعم كنادل و<بارمان> الى ان وصلت لمرحلة انظف فيها الشقق. وجدت ان كل شيء مهمل مثلي أريد ان اعطيه الحياة والروح. ولما عدت الى لبنان أقمت في منطقة بعبدا لأنني فتّشت عن منطقة لا تخلو من اللون والجمال الطبيعي. رحت أعمل في مجال العقارات اؤجر بيوتا وأؤهل أخرى، اهتم بكل ما هو مهمل وأبيعه بعد ان امنحه الروح.

ــ فـي اي بلد اقمت لما كنت مسافرا؟

 - عشت في <نيس> فرنسا وعملت فيها ثم ذهبت الى ميامي وعملت كوسيط عقاري. في لبنان اشتريت شقة في بعبدا بمبلغ مئة الف دولار وبظرف 10 سنوات خلقت اسم عياد ناصر في العقارات. لم ادرس الهندسة. ذهبت ليوم واحد الى الجامعة ولم يرقني نظام قضاء سنوات في الدراسة ما قبل العمل. في العام 2004 اسست شركة <لوفت انفاستمانت> مع شريكي وبدأنا بشراء أراض في الأشرفية هي عبارة عن اراض لم يكن أحد يريدها... اشتري مع شركاء وأبيع المشروع في ظرف شهرين من دون خرائط، ومن دون مهندس او اعلانات، لأنني ولّدت ثقة عند الناس واسما نظيفا ومن دون طمع. الهواجس التي يخافها عادة اللبناني ويراعي فيها اعتبارات كثيرة بحسب المنطقة والدين والطائفة او المرجعية لم تخطر ببالي يوما لذلك عملت مع الجميع ونجحت في بناء الثقة مع الجميع. وفي خلال عشر سنوات، ومع حلول العام 2013 كنت قد شيّدت وشركائي تسع بنايات، وتعاملت مع اسماء كبيرة في عالم الهندسة من برنارد خوري الى رائد ابي اللمع وجان مارك بونفيس، وكنت بعد ان ابيع المشروع اطرحه على المهندس لمباشرة العمل به.

ــ متى ولماذا اتخذت القرار بالعودة؟

 - بالطبع لم يكن الدافع أهلي الذين تعذبت جدا بسببهم، ولا منطقة الاوزاعي التي لم تكن تعني لي وتحملني الى ذكريات اليمة من الحرب الى الاحزان والمشاكل وترك امي لنا. لما تزوجت، ومع بعض الدعم من اهل زوجتي اشترينا شقة ثانية ومن ثم ذهبت للعيش في الخارج مع زوجتي وابني وأجرنا هنا. حاولت ان اعطي حياة افضل لعائلتي في الخارج لكنني وجدت ان العيش بعيدا والتفكير بمنطق أناني ليس مقبولا فيما نترك لبنان يموت، ونكون بذلك ايضا مسؤولين عن خرابه. اتخذت القرار بالعودة واسست <لوفت انفاستمانت> كما سبق وذكرت وقلت في نفسي: كل هذه المناطق المهملة سنهتم بها ونجحت الشركة فبعت ما يفوق الـ380 <لوفت>. حينذاك في العام 2006 لم يكن الناس هنا يفقهون جيدا معنى كلمة <لوفت>، اي انها سقف عال، يتمتع بالسعة والشفافية والطابق الواحد خلافا للبنايات وشققها المتراصة كعلب السردين بهمّ جمع المال ليس الا.

ويضيف عياد:

- بعد هذا النجاح، وفي العام 2012 نشبت أمور مع عائلتي وزوجتي وشركائي فوجدت ان كل هذه الحياة لا تفيد. تطلقت من زوجتي، وقلت لولدي وهما صبي وبنت، سأهتم الان بأخيكم الثالث الذي هو لبنان، اقتناعا مني بانه يمكنني القيام بخدمة هذا البلد وجعله افضل بكثير مما تقوم به الدولة والسياسيون والاحزاب والكنائس والجوامع أو حتى المدارس والجامعات لان جميع هؤلاء يفكرون من زاويتهم الطائفية والمناطقية الضيقة، ولا يفكرون كيف يكونون فعلا مواطنين صالحين. وبما انني تربيت من دون كل تلك القيود قررت ان انطلق بعمل يمتد على مساحة لبنان. ففي العام 2016، عندما تكومت النفايات قررت ان اقوم بـ<صنع الفن من النفايات>. <الزبالة> تذكرني بحالي، <مكبوباً ومهملاً>... تعرفت في موسكو على صبية اسمها <فيكتوريا لاديشيفا> وهي تستقدم الفنانين لمشروع مماثل وبدأنا نذهب الى مناطق مثل الكولا وكرم الزيتون وطريق الجديدة الى ان قالت لي <فيكتوريا> يوما: <لماذا لا تذهب بمشروعك الى منطقة الأوزاعي>؟ والامر عينه قاله لي <ريتنا> وهو واحد من الفنانين المشهورين الذين تعاونوا معنا، وفكرت لماذا لا تكون المنطقة كلها بالألوان على غرار <بوتو فينو> مثلا؟

ــ وهكذا انطلقتم في <أوزفيل>؟

 - غالبية الفنانين اللبنانيين لم يريدوا الذهاب الى الاوزاعي فقلت في نفسي: من هنا يبدأ التغيير. تغيير العقلية! أطلقنا عليها اسم <اوزفيل> لان واحدة من صديقاتي كانت تقول لي: <أخجل من القول بانني نازلة على الاوزاعي>. اختصرنا الاسم، وصارت <اوزفيل> مشهورة ليس في لبنان فقط بل في العالم كله وقد اجتمعت باتحاد بلديات الضاحية وقدمت لهم الخرائط واستوحوا من <اوزفيل> مشروع ضاحيتي. نظفوا ولونوا الواجهات. بعد ذلك كان طريق الجديدة على اساس ان تتبنى بلدية بيروت أمر التمويل الذي لم يتحول واقعا للاسف فتبنته شركة <سايبس> للدهانات بمبلغ 2500 دولار وتكفلت انا بحوالى 8 آلاف دولار فأنجزنا العمل على 14 بناية وتكلمنا مع السكان في سياسة النظافة عينها وتجميل البيئة المحيطة. ثم كان الدور لمنطقة <كرم الزيتون> وتكلمت لاجلها مع نيقولا صحناوي فشارك بمبلغ 6500 دولار وانا دفعت 8500 دولار فأنجزنا شارعين جميلين جداً... عملنا حتى الآن في سبع مناطق هي، الى التي ذكرتها الكرنتينا، سان سيمون، سان ميشال والآن نتوجه الى منطقة بئر حسن كما وسنبدأ في منطقة برجا. هم ايضا استوحوا من فكرة <اوزفيل> وقاموا بمشروع <برجا بالالون>. اتصلوا بي لاساعدهم فتوجهت الى هناك واجتمعت بالكثيرين كعائلة واحدة. قريبا أيضا سنكون في منطقة الضبية، ففيها منطقة فقيرة وبشعة وانا اتواصل مع السكان المتمكنين للمساعدة. كونوا على يقين بانه اذا لم نهتم بالمناطق الفقيرة فاننا نجبرهم على التصويت للسياسيين عينهم الذين لا يقومون بشيئ للبنان، فضلا عن ان هؤلاء السكان المعدمين سيتكاثرون، وفي ظل الوضع المزري الذي يرزحون تحت نيره فانهم سيتمددون الى جزام بؤس آخر. كلنا مسؤول! هدفنا ليس التنظيف وطلاء الواجهات بالالوان والغرافيتي فقط بل أن ننظف العقول والذهنيات تحت سقف المواطنة اللبنانية.

 

بيت... بيوت...!

 

ــ تتحدث عن المبالغ وتعطي كل ذي حق حقه. كم بلغ تمويل ما قمتم به حتى اليوم؟

- التمويل كان في غالبيته اي في تسعين بالمئة منه من جيبي الخاص والعشرة المتبقية من أصحابي وكنت ادعوهم للمشاركة واحشرهم في ذلك حتى... كلفني المشروع حتى الآن حوالى اربعمئة الف دولار في مختلف المناطق بحيث انجزنا عملية تنظيف وتلوين 480 بيتا، وكنا نتكلم مع سكان الاحياء كل بيت ببيته، ندخلهم معنا في ثقافة النظافة ونبرهن لهم بان الله اعطانا الجنة التي هي لبنان ولا يهتم بها أحد. اردنا ان تكون الاوزاعي نموذجا، ليرى الجميع بان هذه المنطقة المهملة منذ اربعين عاما والتي صارت جهنماً، اعادها عياد ناصر بظرف ثلاث سنوات جنة. .

 ــ ماذا عن اللوحات الاثنتي عشرة العالمية التي اشتريت حقوقها؟

- عندما استقدمت فنانين الى بيروت اشتريت منهم 12 لوحة حتى لا نساءل حولها، اذ كانت الفكرة ان نجعل على غرارها <بوست كاردز> نزين بها الجدران بهدف البرهان باننا عن طريق الفن نعيد النظافة واللون.

ــ ما أكثر ما انتم بحاجة اليه الآن؟

 - المساهمة في تمويل مشاريعنا، كما يلزمنا دعم سيارات وناقلات لرفع التنك وغيره من الطرقات...

ــ ماذا تفعلون بها بعد الجمع؟

- نتوجه بها الى اعادة التدوير ونتعاون في هذا الشان مع المهندس زياد ابي شاكر، فنجمع كل ما يمكن ان يخضع لاعادة التدوير ونذهب به اليه على نفقتنا الخاصة.

ــ اين هو مقركم حاليا؟

- مقر الجمعية حاليا هو بالقرب من العدلية، جانب مبنى امن الدولة.

ــ يرفض اهالي بعض المناطق اي تغيير فيها ولو للافضل حتى تبقى على حالها لاسباب مخفية  - معلومة فيستفيدون على ظهرها. هل تعرضتم لذلك؟

 - عملت على 7 مناطق حتى الآن ولم يحصل ذلك معي يوما. الأكيد انهم لا يريدون المشاركة في المشروع ماليا، لكنهم لا يعارضون. اذا فكرنا بأنانية <من جوا> يخرب لبنان <من برا>. عملنا كثيرا جدا على الاولاد وكنا احيانا نكلمهم كل بمفرده لنغرس فيه روح عملنا وبات عندنا اليوم في كل منطقة 35 ولدا يصحون صباحا وينظفون.

ــ ماذا تريد من كل ذلك؟ الى ماذا ترمي وانت تدفع من مالك الخاص؟

-  الجميع يسألونني: ماذا تريد؟ اجيبهم <اعملولي طبخة> ملوخية او غيرها.. ويسألونني ان كنت مرشحا للانتخابات واجيبهم : لست بحاجة الى اي منصب رسمي لاهتم ببلدي، ولن نتكل على الدولة لتنظف البلد. لقد ولدت فقيرا ولا يهمني ان اموت فقيرا لاجل لبنان وهذه افضل هدية لربنا اقدمها له..

ــ ممن يتكون فريقكم في <اوزفيل>؟

 - من سبعة اشخاص كموظفين ولدينا 55 شخصا في<اوزفيل> منهم من يذهبون ايضا الى مناطق اخرى للمساعدة... ونؤسس الآن لجمعية تقدمنا لاجلها بالطلب الى وزارة الداخلية واسميناها <لبناني> اي لبناني انا كما اريده وارتجيه، وانني ايضا لبناني عن حق في خدمة بلدي غير الطائفي ولا المناطقي.

ــ هل تتعاون معكم البلديات؟

- في برجا لم نتصل بعد بالبلدية لكننا توجهنا الى بلدية الجية وبدأنا بالتنظيف والتلوين، ونهار السبت 9 الشهر دعونا مئات الاشخاص من لبنان وكل المنظمات وحتى انني دعوت الرؤساء الثلاثة للنزول والمساهمة في تنظيف لبنان. كذلك قمنا في جبل موسى منطقة الشوان بمشروع جميل جدا ونظفنا الجبل كله، إذ توجهنا مع 35 ولداً من <أوزفيل> نظفوا الجبل وتناولنا الغداء وطلينا البيت الكبير في ساحة الشوان بشكل جميل جدا. طلعنا من <أوزفيل> الى الشوان حتى نبرهن اننا للبنان كله.

ــ ماذا عن الأنهار وحالها فعلا مبكٍ، كنهر بيروت مثلا؟

- ان شاء الله قريبا. منذ اسبوعين وضعت فيديو مدته 29 دقيقة على <فايسبوك> رآه وتشارك به ألف شخص وجاءتني الردود يعرب اصحابها عن اعجابهم الكبير بأشخاص مثلي فأسألهم: وما الذي يمنع ان تكونوا مثلي وافضل وتساعدوني وتقفوا الى جانبي؟ تحبون عياد ضعوا يدكم بيدي. لو تشارك الف شخص في اي نهر من نهر ابراهيم الى نهر بيروت او غيره وتبرع بمبلغ عشرة دولارات فاننا نجمع عشرة الاف دولار وننظف النهر كله. يجب المبادرة الفعلية وليس الكلامية، وسوف نقوم بجمع التبرعات على حساب خاص بالجمعية ما ان تنتهي الأمور الرسمية...

ــ هل تطلبون اذونات خاصة لعملكم في التنظيف والتلوين؟

- نقوم بالاتصال بالجهات المختلفة المختصة فنشرح عن هدفنا بأننا ننظف ونحلي ونريد مساعدتكم، وان كنتم غير قادرين فدعونا نقوم بالعمل، والجميع يتقبل.

 ــ كلمتك الأخيرة؟

- اقول دائما عاش لبنان فعشتم! في النهاية ان لم يعش لبنان فإننا لن نعيش. لا يكفي بأن نفتخر بان لدينا افضل الشركات والمصارف والادمغة، لنفتخر اولاً بلقب افضل مواطن يحسّن في واقع بلده!