تفاصيل الخبر

سعي لمصالحة مسيحية تمت تحت سقف بكركي: باسيل وفرنجية يؤيدان وجعجع والجميل يتريثان!

10/06/2020
سعي لمصالحة مسيحية تمت تحت سقف بكركي: باسيل وفرنجية يؤيدان وجعجع والجميل يتريثان!

سعي لمصالحة مسيحية تمت تحت سقف بكركي: باسيل وفرنجية يؤيدان وجعجع والجميل يتريثان!

 

[caption id="attachment_78666" align="alignleft" width="453"] اللقاء الماروني الموسع الذي عقد في بكركي العام الماضي[/caption]

 مرة جديدة تبرز الخلافات المارونية - المارونية على السطح وتبرز معها الحاجة الى معالجة سريعة للعلاقات بين القياديين السياسيين الموارنة لأن اي خلاف بينهم ينعكس على اوضاع المسيحيين ككل في لبنان، وعلى الرموز المسيحية في السلطة وفي مقدمها رئاسة الجمهورية. ولم تكن اطلالة رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية الاسبوع الماضي عبر محطة الــ MTV وما اطلقه من مواقف، سوى السبب الاساسي الذي اضيف الى سلسلة اسباب تحتم اتمام مصالحة مسيحية تكثر الحاجة اليها بين القادة الموارنة ورؤساء الاحزاب والتيارات السياسية المسيحية، الذين "يتبارون" في استهداف بعضهم البعض. مباشرة حيناً ومداورة احياناً، وتلعب وسائـــل التواصل الاجتماعـــــي دوراً كبيراً في توسيع الشرخ بيــن "الرؤوس" وتنسحب مباشرة على "القواعد".

 لقد سعي البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي اكثر من مرة من اجل تحقيق المصالحة المسيحية- المسيحية، واستضاف في الكرسي البطريركي قادة الاحزاب السياسية وطرح امامهم "المشكلة الكبيرة" في عدم التلاقي في ما بينهم لتوحيد مواقفهم لاسيما في المسائل المصيرية. لكن مفاعيل مثل هذه اللقاءات لم تكن لتدوم طويلاً اذ سرعان ما يتجدد الخلاف وتتوالى ردود الفعل ومعها يزداد الانقسام الحاد بين القيادات المسيحية والذي يتوقع ان يبلغ ذروته مع اقتراب موسم الاستحقاق الرئاسي في العام 2022، علماً ان ثمة من يقول إن ما يحصل حالياً من خلافات هو "بروفه" لما سيكون عليه الوضع عندما يصبح الاستحقاق أمراً واقعاً قبل مدة من انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون.

 واستناداً الى ما حصل في السابق، فإن مصادر مطلعة اكدت ان البطريرك الراعي لا يزال "حاضرا" للدعوة الى لقاء في بكركي يجمع رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، ورئيس "المردة" سليمان فرنجية، ورئيس "القوات اللبنانية" سمير جعجع، ورئيس الكتائب النائب سامي الجميل تحت عنوان "تنظيم الخلافات" السياسية في ما بينهم وتوحيد الموقف المسيحي حول قضايا وطنية مصيرية، فضلاً عن مساهمتهم في تقديم الحلول وتسخير امكاناتهم وعلاقاتهم الداخلية والخارجية لمعالجة الازمة التي يمر بها لبنان. صحيح ان اللقاءات السابقة التي عقدت لا تبشر بالخير " لأنها  لم تؤت بنتائج مهمة ومستدامة بما في ذلك اللقاء الماروني الموسع الذي عقد في بكركي في 16 كانون الثاني ( يناير) 2019، لكن الصحيح ايضاً ان على البطريرك الراعي ان يكرر الدعوة لأن خلافات القادة الموارنة تعرقل كل شيء وتشلّ اي حركة الامر الذي يفرض حداً ادنى من التفاهم للفصل بين الشؤون الوطنية والسياسية والحزبية والمسيحية وإبعاد التجاذب عنها، خصوصاً ان كل واحد منهم يريد ان يكون الزعيم المطلق، وهذه حقيقة تترسخ يوماً بعد يوم، لاسيما وان ما يقال في لقاءات المصالحة شيء، وما يقال خارجها شيء آخر، بدليل ان الاتفاقات التي كانت تبرم لم تكن قابلة للحياة.

 

بعبدا : على مسافة واحدة

     وليس سراً أن الخلافات القائمة بين "التيار الوطني الحر" من جهة وكل من "القوات اللبنانية" و "المردة" و "الكتائب"، من جهة اخرى، تضع رئيس التيار النائب باسيل في موقف حرج انسحب بشكل او بآخر على وضع رئيس الجمهورية الذي يتبنى معظم طروحات باسيل، الامر الذي يثير انزعاج القادة الموارنة الذين يطالبون الرئيس عون بأن يكون على مسافة واحدة منهم. لكن مصادر قصر بعبدا ترد على هذا الطلب بطلب آخر وهو ان يعطي القادة الموارنة الثلاثة (فرنجية وجعجع والجميل) ادلة على انحياز رئيس الجمهورية الى جانب باسيل خصوصاً في المسائل التي تحتاج موافقة مارونية اجماعية. وتضيف المصادر نفسها ان للرئيس عون قناعات ووجهات نظر يقولها علانية امام الجميع وهذا حقه، فاذا التقت مع توجهات فريق مسيحي او اكثر فهذا من باب توارد الافكار وانسجامها، ولا تعني انحيازاً لهذا الخط او ذاك.

  خلال الزيارة التي قام بها النائب باسيل الاسبوع الماضي الى بكركي، اثير موضوع اللقاء المسيحي في الصرح البطريركي لأن الظروف الراهنة، والمتوقعة في المستقبل القريب، تفرض مثل هذا اللقاء. وقد حاول البطريرك الراعي، نظراً للتجارب المخيبة للآمال السابقة، الاستعاضة عن اللقاء الموسع، بتواصل افرادي مع كل من القادة الاربعة لاسيما وان الخلافات بينهم عميقة وقد لا يعالجها اجتماع موسع "فتكون إذ ذاك "النكسة" اكبر مما هو متوقع. الا ان النائب باسيل ابلغ البطريرك انه مستعد لتلبية اي دعوة الى لقاء او حوار مسيحي، انطلاقاً من اي  هجوم او اعتداء كلامي يطاوله شخصياً، او يطاول "التيار" من اي طرف أتى، لا يؤثر على موقف "التيار" من المواضيع الكيانية والاستراتيجية والوجودية الوطنية والمسيحية التي تتصل بــ "المصير"، وبالتالي فإن "التيار" منفتح على اي لقاء تدعو بكركي الى عقده خصوصاً اذا كان عنوانه الحوار حول مستقبل لبنان ومشاكله، فكيف اذا كانت المسألة المطلوب الحوار حولها هي مسألة "مسيحية- مسيحية"، علماً انه سبق لــ " التيار" ان ابلغ البطريرك الراعي مراراً الاستعداد للمشاركة.

 في المقابل، تؤكد مصادر "المردة" ان لا مانع لديها من المشاركة  في اي لقاء وتحت اي سقف، خصوصاً ان رئيس "المردة" سليمان فرنجية كان اعلن في 11 ايار (مايو) الماضي انه " اذا ارادوا الحرب فليكن، واذا ارادوا السلم نحن جاهزون"، وكان يتوجه الى "التيار الوطني الحر" ورئيسه النائب باسيل. لكن الزعيم الزغرتاوي ابلغ من يعنيهم الامر بأنه ليس في وارد المشاركة  في "تعويم" النائب باسيل وتياره، وهو سيقول ملاحظاته على أداء رئيس "التيار" بصراحة ووضوح ولن يجامل.... اما " القـــوات اللبنانية" فتبدو اقـــل " حماسة" من "التيار" و"المردة" في اللقاء في بكركي على اساس ان الازمة الراهنة ليست مسيحية- مسيحية، وبالتالي لا داعي لاجتماع له طبيعة طائفية، فالازمة اقتصادية ومالية تتطلب معالجات على مستوى الوطن ككل وليس على مستوى الاحزاب او الافراد ويجب ان تكون الاجتماعات وطنية وليست خارج السياق المقترح من بكركي، وهذا ما قاله جعجع خلال الاجتماع الموسع الذي عقد في قصر بعبدا في 6 ايار (مايو) الماضي.

 وتقول مصادر "القوات": في الحياة السياسية تحدث مواجهات واشتباكات، وهذا امر طبيعي ولا لزوم لاجتماعات ومصالحات. يجب ان نعتاد في الحياة السياسية على الالتقاء على ملفات والاختلاف في اخرى، ولا لزوم لأي لقاءات بأي طابع لاجراء مصالحات على قاعدة "امسحها بها الدقن". فالمسألة ليست من طبيعة عشائرية، ومن الطبيعي ان قوى سياسية ونتيجة مواقف سياسية متباينة، تختلف حيناً وتتصالح حيناً آخر".

 كذلك، يبدو ان " الكتائب" لا تعلق آمالاً على لقاءات كهذه، وتعتبر أنها "طرف ثالث" غير معني بالذين "يتخانقون" حيناً ويرضون حيناً آخر، ويتحالفون تارة ويوصلوننا الى حرب في لحظة أخرى". واذ تؤكد مصادر "الكتائب" ان "كل المصالحات مباركة" ترى ان " الوضع المسيحي والوطني العام الآن اعمق من اجراء مصالحات مثل مصالحة الناظر لتلميذين يتخانقان".

 في اي حال، مصادر بكركي تقول إن البطريرك لا يزال يدرس ردود الفعل على الدعوة ولن  "يغامر" قبل التأكد من نجاح دعوته.