تفاصيل الخبر

«سـعــــــادة الـوزيــــــــر» أو «وزيـــر الـسعــــادة»؟

19/02/2016
«سـعــــــادة الـوزيــــــــر»  أو «وزيـــر الـسعــــادة»؟

«سـعــــــادة الـوزيــــــــر» أو «وزيـــر الـسعــــادة»؟

 

بقلم عبير انطون

 IMG_9105--3

أعلنت الإمارات العربية المتحدة الاسبوع الماضي تشكيلة حكومية جديدة تضم ثمانية وزراء جدد بينهم خمس نساء، تم تعيين ثلاث منهن على رأس وزارات السعادة والتسامح وشؤون الشباب. في الخبر اكثر من مفاجأة، نسبة السيدات المعينات، استحداث وزارة للتسامح، وصغر سن من تولوا الحقائب المختلفة، الا ان <وزارة السعادة> كانت اكثر ما لفت الاسماع، وخاصة في لبنان الذي يجد أهله أنفسهم بأشد الحاجة اليها. انقلبت عبارة <سعادة الوزير>، وباتت عهود الرومي في دولة الامارات اول <وزيرة السعادة> في العالم!

 في بلد الارز، التعيين في مثل هذه الوزارة بعيد المنال، أقله حالياً، لكن ماذا عن الترشحيات.. للمستقبل البعيد؟

 <الافكار> توجهت الى اربعة من <صانعي السعادة> في لبنان، وهم فنانون مميزون كل في حقله، اعطوا رأيهم بالفكرة وانتخبوا من يرونه الاكفأ لهذه المهمة. فالى من سُلمت الحقيبة؟

شادي مارون: سبقناهم.. الى التعاسة!

يقول متقمص <الاستيذ نبيه> والحاج محمد رعد وغيرهما، الفنان المسرحي شادي مارون:

- نحن معنيون بالسعادة وقد سبقنا الامارات انما اخترنا النقيض: التعاسة! في عملنا كمسرحيين وكوميديين لا اذهب الى القول اننا من صانعي السعادة، فهذه في لبنان صعبة البلوغ، انما ما نقوم به يُعتبر بمنزلة <فشة خلق>، إذ نزرع البسمة التي تتلاشى عندما يترك الرواد مسرحنا ويتوجهوا الى سياراتهم حيث زحمة السير والنفايات والشوارع العديمة الانارة، وتصريحات السياسيين.. لكن يمكنني القول اننا، ولو عبر الفرح w=صورة-2-شادي-مارون--2المؤقت الذي نزرعه، نساعد على بث الامل لدى الناس ببلدهم، ونحثهم على التشبث بأرضهم علّ وعسى يحصل التغيير..

وعن وصفة للسعادة يمكن ان يوجهها الى الناس يستعير شادي من <نابليون> تعريفه عن هذه ويختصرها بثلاث: ان يتزوج الرجل امرأة يحبها، ويعيش في بلد يحبه، وان يعمل في مجال يحبه. هذه يطبقها مارون في حياته، هو الشغوف بمهنته، ولحظات السعادة الحقيقية التي يشعر بها تكمن في ردة الفعل الايجابية على ما يقدّمه مع مشاركيه في العمل، فيجد الناس يضحكون من قلوبهم وهذا يفرحه جداً..  كذلك فإن هذه السعادة يجدها في وجوه اولاده، فرحته الحقيقية، مع تأكيده ان السعادة لا يمكن ان تكون مطلقة. شادي الذي يقدّم مع غابي حويك وفرقتهما مسرحية <سين سين> في برمانا، يحاول ان يجد السعادة على الرغم من الظروف المسرحية الصعبة حاليا.اما ابرز الوجوه التي يراها اهلاً في لبنان لتولي هذا المنصب فهي السيدة ستريدا جعجع لان من يراها يعيش الجمال والتفاؤل ويتلمس قدرتها على صنع هذا الفرح. اما وزير الداخلية السابق مروان شربل فيحتفظ له بوزارة التسامح.

نقولا الاسطا <طاير.. من الفرح>

الفنان نقولا الاسطا، الذي يضع نفسه في خانة الاشخاص السعيدين، يزداد منسوب سعادته في هذه الايام ويصف نفسه: <مش بس مبسوط، طاير عن الارض> وذلك للصدى الذي تلاقيه اغنيته الجديدة الرائعة <لعبة صدى>. قد تكون الصدفة لعبت دوراً في سعادته هذه بعد لقائه بالشاعر نعمان الترس. اسمعه الشاعر الكلمات، فقال له نقولا <هيدي شغلة كبيرة.. اتركها علي>. تهيّب منها اولا، لانها تحمل في طياتها الشعر والصور، والعصر اليوم ليس لمثل هذه الاغنيات الا انه لحّنها في خلال اربع وعشرين ساعة، خاصة مع اقتراب عيد الحب، وقد تكون الهدية الاجمل منه لجمهوره. ردة الفعل اكدت لنقولا المؤكد، والذي يحاول البعض في الفن ان يزعزعه، وهو ان الجمهور يريد الاعمال العالية المستوى والدنيا لا زالت بالف خير، مما سيدفعه الى المضي قدماً في الطريق الخاص والصعب الذي رسمه لنفسه منذ انطلاقته، وهو يصف حاله اليوم بالـ<مبسوط.. ومقوي قلبي>.

لا يعتبر نقولا نفسه كفنان مصدر فرح فقط، بل الفنان عامة هو مصدر مشاركة المجتمع بتقلباته وبما يعيشه، ويمدّ الناس بالسعادة والعنفوان، ويزرع الامل في نفوس المحبطين، من الحب او من الوطن. ويزيد: <الحزن احياناً جميل أيضاً، وله قيمته لانه يعطي الدفع للتفتيش عن السعادة>. وحول حديث البعض عن المغالاة في <وزارة السعادة> واستبدال الكلمة بـ<وزارة الفرح> وهو اقرب الى المنال، يرى الاسطا ان التسمية صورة-1-انجو-ريحان--4غير مهمة انما الهدف والمضمون وكيفية اقرار القوانين وتنفيذها لبلوغ الفرح عند المواطنين. يحيي صاحب اغنية <افرح وغنّي> هذه الفكرة الرائدة التي ابتدعتها الامارات ويراها بعيدة بسنوات ضوئية ربما عن تحقيقها في لبنان، وتكفي نظرة الى ما يشغلوننا به (اي المسؤولون) حتى تتبخر فكرة السعادة من رؤوسنا، من النفايات الى الصفقات التي باتت معلنة، الى إسكات النقابات وكمّ أفواه الشباب الذين حاولوا الاعتراض.

السعادة الشخصية، يجدها نقولا في زوجته واولاده، اما سعادته المهنية فإنه يشعر بها في كل مهرجان يحييه خاصة في جولاته الاميركية والغربية حيث يلاقيه المشتاقون من ابناء الجاليات. الا ان السعادة المهنية هذه، ما زال يشوبها التراجع في مستوى الفن بشكل عام، ويشرح لنا: <منذ مدة كنا في حفل إحياء ذكرى الموسيقي الكبير زكي ناصيف، وكم كنت اتمنى لو انني عشت في زمن هذا الرعيل الذي ظُلم البعض فيه إلا ان الزمن كان كفيلاً بإبراز قيمتهم ولو بعد حين..  كذلك انا، اتكل على الزمن، إلا انني اشتكي من عصر السرعة، ومن هذا الاستعجال في كل شيء، فلا يُسمح للانسان او للفنان بالاستمتاع بنجاحه حيث يتصلون بي لتهنئتي على نجاح اغنيتي التي لم يمضِ على طرحها اسبوع واحد، ويكون السؤال التالي حتى من قبل الرد بالشكر على تهنئتهم، ما جديدك المقبل؟>.

وعن لحظة سعادة محددة عاشها الاسطا مؤخراً، يؤكد الفنان الذي لطالما حمل لبنان في صوته: <انه مشهد المصالحة الذي جمع الجنرال عون والدكتور سمير جعجع في معراب. هذا الوفاق المسيحي، بغض النظر عن اقطابه، شكّل لحظة سعادة وطنية عامة، اتمنى ان تدوم وان تنسحب على جميع الشركاء في الوطن الواحد. لكن ما يحزنني دائما هو الشعور بالخوف مما سيعقب هذه اللحظات الجامعة الجميلة، اذ باتت تتملكنا كلبنانيين ثقافة القلق مهما كان الانجاز، قلق من الخلفيات والتداعيات وما يمكن ان يأتي، فلا نعيش السعادة من دون تحميلها التساؤلات>. وحول زيارة الفنانين الى القطبين عون وجعجع بعدما شكّلوا وفدا وكان الاسطا من عداده، فإنه رأى فيه واجباً على الفنان، على الرغم من الانتقادات التي صدرت حول زيارة الفنانين للزعماء، وتقديم ولائهم لهم، ويعتبر الاسطا انها خطوة <مش غلط ابداً> وهي تندرج في السياق الوطني وليس السياسي..  <طلعنا نحط ايدنا بايدهم>. وما بين الوجوه النسائية التي يرشحها لحيازة لقب <وزيرة السعادة> فإنه يختار الممثلة ليليان نمري التي يفرح عندما يرى وجهها وهي تمثل، كذلك النقيبة سميرة بارودي التي يحب تفاؤلها الدائم.

 

انجو ريحان: صرنا مضحكة.. 

الممثلة انجو ريحان من فريق برنامج نبع الفرح الدائم <لا يُمل> الذي يُعرض على شاشة الـ<ام تي في> اعتبرت ان السعادة نسبية وينبع اولها من راحة البال، فهل يمكن لاي <سوبر وزير للسعادة> ان يؤمن هذه في لبنان؟ تعتبر انجو ان الكوميديا السوداء التي يقدّمها البرنامج، تضفي الابتسامة على وجوه المشاهدين وتسرقهم للحظات من همومهم: <نضحك على مآسينا التي تجعلنا مضحكة لشعوب تعرف قيمة الانسان والحضارة، صورة-المخرج-سعيد-الماروق-5فيما نعيش لسبعة أشهر بين اكوام النفايات وما زلنا نصفق للمسؤولين. هذا هو العار بعينه>.

وتعتبر انجو ان الحياة <قاسية كيف ما برمتيها>، نتلهى عن قساوتها من وقت لآخر. وحول اختيار انثى للمنصب في الامارات، وإن كانت اكثر جدوى في تحقيق السعادة والتخطيط من الرجل تجيب انجو: <بالتأكيد، كل ما تقوم به المرأة يكون مدروساً ويوصل الى النتيجة المرجوة، وهي عندما تنطلق من بيتها ومن تربيتها لاولادها على مفهوم السعادة والشراكة خاصة بين ابنائها الذكور، فانها تحقق سعادة العائلة والمجتمع>.

 ومع طلبنا تسمية سيدة لبنانية للمنصب تجيب: <لدينا أزمة سيدات في لبنان، والفاعلات منهن بغالبيتهن لسن تحت الضوء. واذا ما كان علي الاختيار بين الفنانات، فإنني اسمّي صديقتي رلى شامية ويليق بها هذا المنصب، او زينة دكاش ايضاً، فهي اضافة لعملها في المجال الكوميدي الذي يبعث على الفرح، اهتمت بشؤون انسانية من السجون الى الامراض النفسية وجعلت حياة هؤلاء <افضل> إن لم نقل <أسعد>، وبين الرجال اختار الوزير زياد بارود كـ<وزير للطمأنينة>.

سعيد الماروق: سعادة في عز الازمة..

ومع المخرج المتميز سعيد الماروق الذي عاش تجربة مريرة مع مرض السرطان وهو يتعافى منه، كان السؤال الذي توجهنا به من رحم تجربته الخاصة: هل يمكن لمن يمر بازمة كبيرة كالتي عشتها ان يشعر بالسعادة وهو في عز محنته، وماذا تعني له السعادة في ظروف مماثلة؟

 بالكثير من العمق والشفافية يجيبنا <السعيد>:

- لكل امر في الحياة نقيضه، ولولا الحزن الشديد لما عرفنا طعم السعادة، ولا عشناها. السعادة ضرورية للانسان حتى يستمر في حياته، والسعي اليها يجعله يعطي معنى لوجوده، فهي هدف يلتقي حوله الجميع. عوامل السعادة كثيرة ابرزها الحب والنجاح، وانا أؤمن بها، بعكس من يقولون بأنها غير موجودة لبني البشر، وان لم يبلغها الانسان فكيف عرف طعمها وسعى اليها؟ السعادة موجودة انما نادرة، اشبهها بالألماس الصعب المنال وغير المتاح دائماً. ومن تجربته يزيد سعيد:

 - عندما يعرف الانسان بخبر مرضه، يعتقد للحظات انه يريد التوقف عن العيش، لكن قوة ما تجعله يقوم من جديد. وانا عرفت السعادة في عز مرضي، بالتأكيد عرفتها، وكمُن سرها في التحدي وفي لحظات الانتصار 20576463811455111753----1على المرض. كذلك، شعرت بسعادة حقيقية ايضاً من خلال محبة الناس والاهل والعائلة، واتحاد هذه العوامل جميعها شكّل لي مصدر قوة.

مصدر السعادة في حياة سعيد اليوم هو عائلته المؤلفة من زوجة واولاد، والمصدر المهم الآخر بالنسبة اليه يكمن في الابداع والنجاح. عملي كمخرج <مشروع فيه خلق، وهذا الخلق يولّد سعادة لا توصف، والنجاح الذي يأتي كنتيجة له هو سعادة ايضاً. كل حالة خلق وابداع هي حالة سعادة>.

بالنسبة للامارات، يهنئ الماروق شعبها بالخطوة المتخذة التي هي برأيه <دليل كمال> عند دولة تحترم مواطنيها. من المؤكد ان السعادة لاي مواطن وفي اية دولة لن تكون مطلقة، الا ان نسبة الحصول عليها مهمة جداً، فحيث أنها معدومة في لبنان مثلا او تصل الى نسبة 5 بالمئة، تتجاوز التسعين بالمئة وتشكّل حالة رضى في بلدان اخرى. وسعيد الـــــذي جاب العــــــالم وعاش لـــــفترات في الخــــــارج لاسيمـــا في المانيـــــا، يقـــــــارن ما بين طـــــــرق عيش الشعــــــوب وكيف تهتم الدولة فعلاً بإضفاء الفرح فـ<ينظمون مباريات كأس العالم، والسباقات والرياضات، ويروجون لمشاريع تخدم سعادة الانسان حتى آخر رمق، وهذا ما يجعل الانسان يرتقي>.

 سعيد القادم على صهوة حصانه فارساً منتصراً على مرض لا يليق به، وتغلّب عليه واستثمره في حملات توعية ضد التدخين ولاعتماد نمط عيش صحي، يعود قريباً الى عالمه الفني المميز في اخراج <الكليبات> وأفلام السينما، ويحضّر لاخراج اغنيتين للفنان عاصي الحلاني ومن ثم نادر الأتات وآخرين..  وحول الاسم الذي يختاره <وزيراً للسعادة> في لبنان يختم حديثه معنا قائلاً:

- هذا المنصب ليس سهلاً، هو مشروع كبير وقد يكون بين اصعب الوزارات فلا تستخفوا به، ومن الاجدى ان يتولاه فنان، لان الفن دين يجمع كل الناس. يحضرني الآن اسم واحد، مع كفالتي الشخصية بنجاحه <لأن عندو نظرة> وهو زياد الرحباني..