تفاصيل الخبر

رئيس "تجمع رجال وسيدات الاعمال اللبنانيين في العالم" الدكتور فؤاد زمكحل: في حال كانت خيارات حاكم مصرف لبنان غير دقيقة أفلم يكن من الاجدى ان يتم تعديلها او عدم الموافقة عليها؟

06/05/2020
رئيس "تجمع رجال وسيدات الاعمال اللبنانيين في العالم" الدكتور فؤاد زمكحل: في حال كانت خيارات حاكم مصرف لبنان غير دقيقة أفلم يكن من الاجدى ان يتم تعديلها او عدم الموافقة عليها؟

رئيس "تجمع رجال وسيدات الاعمال اللبنانيين في العالم" الدكتور فؤاد زمكحل: في حال كانت خيارات حاكم مصرف لبنان غير دقيقة أفلم يكن من الاجدى ان يتم تعديلها او عدم الموافقة عليها؟

 

بقلم طوني بشارة

  [caption id="attachment_77637" align="alignleft" width="250"] فؤاد زمكحل: حل الازمة المالية الضاغطة هو بضخ سيولة من الخارج عبر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وفق الاصلاحات المطلوبة[/caption]

يمر لبنان في ظل فيروس "كورونا" بأزمة مالية فظيعة تترافق مع انهيار اقتصادي مؤلم، انهيار متمثل بإقفال مئات المؤسسات وتسريح الاف الموظفين.

فما سبب هذه الازمة؟ وهل ان المسؤولية تقع بالكامل على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وعلى هندساته المالية؟ وهل من سبل معينة لمنع تفشي هذه النكبة واستفحالها؟

زمكحل والحرب العالمية الثالثة!

"الأفكار" التقت رئيس "تجمع سيدات ورجال الأعمال اللبنانيين في العالم" الدكتور فؤاد زمكحل وكان السؤال المدخل:

* كيف يمكن مساعدة لبنان اقتصاديا في ظل الانهيار المالي الحاصل؟ وهل بالإمكان انتشاله من هذه المحنة؟

- نحن اليوم نعيش وباء دولياً وحرباً عالمية ثالثة ضد عدو مختبئ وخبيث هو فيروس "كورونا" حيث باتت الأولوية لكل البلدان هي حماية نفسها وحماية شعوبها واقتصادها والتركيز على الشق الصحي وهذه هي الخطوة الأولى التي يجب التركيز عليها، اما الخطوة الثانية فستظهر بعد الانتهاء من هذا الوباء من حيث تركيز الدول على اعادة تحريك الدورة الاقتصادية واحياء الشركات، فمرحلة ما بعد "كورونا" ستكون اصعب بكثير مما قبلها، واتوقع زيادة بعدد وفيات هذا الوباء بسبب اليأس والاعباء الاجتماعية والاقتصادية والإحباط وغيرها. واليوم قبل ان نرى مَن سيساعد لبنان يجب علينا ان نتساءل عن سبل مساعدة انفسنا لكوننا مقبلين على واقع اشد تأزماً وذلك كي نستطيع مواجهة الأزمة الإقتصادية والإجتماعية الكبيرة جدا والتي لم يمر لبنان بمثيلها حتى ايام الحرب العالمية الأولى.

* وما هو الدور الذي يمكن ان يلعبه الانتشار والاغتراب اللبناني في المساعدة اقتصاديا او ماليا؟

- هنا لا بد من التساؤل: هل ان المغتربين اللبنانيين (الذين ندق بابهم عند حدوث أي أزمة اقتصادية واجتماعية) جاهزون لمساعدة لبنان او الإستثمار فيه او تحويل اموالهم الى لبنان؟ لسوء الحظ ان مدخرات المغتربين التي تم تحويلها الى لبنان سابقا باتت محجوزة او بحكم المفقودة بسبب الـ"كابيتال كونترول" من جهة والـ"هيركات" الرسمي والمبطن من جهة اخرى، لذا فالمغتربون لن يستثمروا في لبنان ولن يرسلوا اي تحويلات لاقاربهم لأنهم غير قادرين على مساعدة لبنان لاسيما في الشق الإقتصادي، وطبعا هم لديهم روابط كبيرة واتمنى ان يستمروا بمساعدة لبنان في الشق الصحي أي ارسال مساعدات كأدوية لمحاربة الوباء والات التنفس وغيرها.. وانا اعلم كم انهم كرماء وقلوبهم كبيرة ولكنهم لن يساعدوا لبنان اقتصاديا ومالياً لأنهم فقدوا ثقتهم بالجهات المعنية في لبنان.

استرجاع الثقة وطريق الانقاذ

[caption id="attachment_77638" align="aligncenter" width="545"] مصرف لبنان لعب دوره ولا يمكن تحميله المسؤولية بمفرده[/caption]

 

* وما هي الخطط او الاليات التي يمكن اعتمادها للخروج من الأزمة الإقتصادية؟

- يجب علينا ان نقرّ بحالة الإفلاس التي وصلنا اليها لكي نتمكن من مواجهتها والخروج منها، كما يفترض بنا  مصارحة المودعين بأن الـ 170 مليار دولار التي تم وضعها كودائع في البنوك اعطيت لمصرف لبنان الذي أقرضها كدين للدولة والتي صرفتها بدورها لسد العجز الكبير في ميزانية مدفوعاتها والذي تعاني منه منذ اكثر من 30 سنة ناهيك عن موضوع التهريب والفساد.

* برأيك، ما هي الخطة لاسترجاع الثقة؟

- علينا اولاً مواجهة المشكلة والأزمة كما هي واعادة دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة خاصة القيادة منها التي يمكن ان تكون المحرك الأساسي لإقتصاد جديد للبنان، فلبنان لن يستطيع الخروج من الأزمة اذا لم يكن هناك ضخ سيولة من الخارج أي عبر صندوق النقد الدول لأننا نعلم ان الأموال التي كانت تدفق للبنان 15% الى 17% من الناتج المحلي مصدرها كان من المغتربين، وكما ذكرت في سياق حديثي لا يمكن اليوم ان يقوم اي مغترب لبناني بتحويل الدولار الى لبنان، لذا فالحل الوحيد هو بضخ سيولة من الخارج عبر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وغيرهما... وسيتم ذلك وفق اصلاحات مطلوبة وهنا تبدأ الخطة الحقيقية.

اما النقطة الثانية فهي التدقيق المالي الداخلي والخارجي لاستعادة الثقة التي ضاعت بين الشعب والدولة، وبين المغتربين والدولة، وبين المجتمع الدولي والدولة... فقبل ان نبدأ بأي خطة انتاجية اقتصادية اجتماعية نحن مُجبرون على اعادة الثقة التي ضاعت بالكامل.

* وهل تعتبر ان انشاء صندوق دعم مالي يساعد على الإنقاذ؟ ام ان المطلوب اكثر من ذلك الا وهو اعادة الثقة بالبلد؟

- كان من الممكن انشاء صندوق مالي داعم لكن لا نستطيع ان ننسى او نتناسى انه منذ العام ٢٠١٨ اقيمت 4 مؤتمرات كبيرة لمساعدة لبنان: "مؤتمر سيدر" وهو الأهم اذ امّن أكثر من 11 ملياراً، "مؤتمر بروكسيل"، "مؤتمر روما" و"مؤتمر لندن"، وقد كان هدف هذه المؤتمرات الاساسي دعم لبنان اقتصاديا واجتماعيا لكن هذه المؤتمرات كانت مشروطة بطلب القيام بإصلاحات جذرية، ولكن حتى هذه اللحظة الدقيقة لم ينفذ اي اصلاح من الإصلاحات التي طلبت، وهنا أتساءل: هل من الممكن ان يديّن المجتمع الدولي لبنان سنتا واحدا بعد ان رأى ما حصل لاسيما بعد ان تبخر المال مع ما رافق ذلك من فساد وهدر من قبل السلطات الحاكمة؟ ويمكن للبنان ان يشكل بنفسه صندوق دعم داخلياً، فبلدنا غني لأن كل ممتلكات الدولة ما زالت في يده، ان كانت من اراض، مرافىء، مطار، كهرباء، اتصالات، هاتف، غاز وبترول... بلدنا غني ولكن ادارته سيئة وطبعا كما هو مسمى "بلد منهوب".

* هل يمكن ان يلعب "تجمع رجال الاعمال اللبنانيين في العالم" هذا الدور لصالح الاقتصاد الوطني؟

- هدفنا الأول هو حماية شعبنا وأبنائنا وأولادنا ومؤسساتنا ونفتخر بالقول اننا اخذنا قرار البقاء في لبنان. اما هدفنا الثاني فهو حماية شركاتنا لأنها توظف مئات والاف الأشخاص الذين هم بمثابة عائلاتنا ومن واجبنا حمايتهم وتأمين عيش كريم لهم ليتمكنوا من الاستمرار وليكون لديهم اقله الحد الأدنى من الإنسانية وكرامة العيش. فيما هدفنا الثالث هو تنمية شركاتنا التي تبدأ حكما بلبنان وتنطلق الى العالم، فلبنان يعتبر مختبراً اقتصادياً للعالم، لذا علينا تطوير فكرة تدريب الموارد البشرية وتجربة الإختراعات والافكار البناءة داخل شركاتنا ومن ثم تصدير ليس فقط سلعنا وشبابنا انما ايضا افكارنا ونجاحاتنا. طبعا علينا ان نلعب دورا لحماية اقتصادنا وشركاتنا وابنائنا فنكون خط الدفاع ضد اي هجوم داخلي ام خارجي وخير مثال على ذلك الهجومات التي نراها اليوم تحت ما يسمى بالـ"Haircut" وغيرها.

 

* من يتحمل مسؤولية ما وصلنا اليه اليوم؟ وما موقفكم من تصريح رئيس الحكومة الذي يعتبر ان هناك من يسعى لانهيار لبنان؟

- المسؤولية تقع على عاتق كل من الدولة، المجتمع الدولي والمودعين:

الدولة لكونها اعدت ولمدة 30 سنة موازنات تتصف بعجز دائم تتراوح قيمته ما بين الـ5 و8 مليارات ليرة سنويا.

المجتمع الدولي لكونه عمد وبشكل مستمر الى إدانة دولة مفلسة ولم يتكبد عناء مراقبة هدر الأموال ولا حتى على الأقل عناء الضغط سياسيا للقيام ببعض الإصلاحات الأساسية.

المودعون لكونهم وضعوا كامل مدخراتهم بالقطاع المصرفي أي بسلة واحدة عوضا عن تجزئة المخاطر.

وتابع زمكحل قائلا:

- اما بالنسبة لتصريح رئيس الحكومة فأرى انه بمقابل وجود أصدقاء للبنان مستعدين للمساعدة، هناك بطبيعة الحال ومنذ القدم أعداء يريدون انهياراً شاملاً للبنان سياسيا، اقتصاديا واجتماعياً.

تحديد المسؤوليات ودور مصرف لبنان

* وماذا عن اطلالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الأخيرة وعن شرحه لالية تحضير موازنة المصرف دون التطرق الى الجهات التي هربت او نهبت أموال المودعين؟

- أرى انه من حق حاكم مصرف لبنان ان يدافع عن ذاته أمام الرأي العام الداخلي والخارجي عن طريق إعطاء توضيحات لاسيما لجهة سياسة تثبيت سعر الليرة على اعتبار ان كل الاستراتيجيات السابقة المعتمدة من قبله كانت قد مرت على مجلس الوزراء ومجلس النواب وعدد من رؤساء الجمهورية السابقين حيث حظيت هذه السياسات بموافقة من قبل الجميع. وهنا اتساءل انه في حال كانت خيارات الحاكم غير دقيقة أفلم يكن من الاجدى ان يتم تعديلها او عدم الموافقة عليها؟

وتابع زمكحل قائلا:

- مصرف لبنان تولى عملية مساعدة الدولة ماليا ونبه مرات عدة من العجز الكبير في الموازنة ونوه باننا سنصل لمرحلة يصبح خلالها المصرف المركزي غير قادر على التمويل والمساعدة، وهذا ما وصلنا اليه حاليا، كما ان الحاكم قال صراحة انه ضد الـ"هيركات" لكونه يحد من ثقة المودعين بالقطاع المصرفي. وفي السياق ذاته اود ان اشير الى انه منذ عام ونصف العام واثناء التجديد للحاكم كان هناك توافق تام ما بين مجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية، والجميع تباهى آنذاك بنجاحات الحاكم.... فلماذا المطالبة حاليا في ظل الازمة التي نمر بها بتغيير الحاكم؟ ولماذا حملة التشكيك باستراتيجياته السابقة التي تمت الموافقة عليها من قبل الجميع؟ من هنا أرى ان هناك اليوم مسؤولية مشتركة بين الجميع ولا يجب اطلاقا تقاذف التهم للتهرب من المسؤولية.

* خلال اجتماعكم الاخير مع الحاكم، هل لاحظتم ان هناك مساع لحل الازمة النقدية والمالية؟

- هنا لا بد من التذكير بأن مصرف لبنان هو الذي يدير الأزمة النقدية والمالية. طبعا هناك نية كبيرة من حاكمية مصرف لبنان وكل الموجودين لحماية لبنان واقتصاده. وفي السياق ذاته لا نستطيع تحميل مصرف لبنان كل الحمل وكل مسؤولية الإنهيار فدوره تنظيمي وليست لديه صلاحيات اكثر من ذلك، فالمصرف المركزي لعب دوره وحل مكان عدة وزارات في ايام الفراغ، لكن مصرف لبنان لا يستطيع اليوم حل المشكلة بمفرده لأنه يطبع عملة بالليرة اللبنانية وليس بالدولار او باليورو، وفي حال تم اللجوء الى طبعات جديدة فإن قيمة العملة الوطنية ستنهار اكثر واكثر وسنشهد تضخماً هائلاً من دون ضوابط وافق... ولسوء الحظ فإن مصرف لبنان لا يستطيع حل المشكلة بمفرده.

* وما الحل؟

- كل الأفرقاء السياسيين متفقون على خطة خلاص اقتصادي واجتماعي كنقطة أولى. اما النقطة الثانية فتلزمنا كمجتمع اقتصادي بالمشاركة مع كل النقابات والجهات المعنية على تنفيذ هذه الخطة. اما النقطة الثالثة فتفرض وجود دور للمجتمع الدولي وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والـ"OECD" ومنظمات دولية اخرى... فنحن اليوم في حفرة كبيرة جدا، في بركان ازمة ما زالت نيرانه متوهجة، وعلينا التعاون لمواجهة الانهيار ولإعادة الإعمار... وما من ازمة تطول اذا كانت هناك إرادة وطنية تسعى الى مواجهتها... وشعارنا  الأساسي يُختصر بفكرة بسيطة مفادها "سر النجاح يكمن في المثابرة".