تفاصيل الخبر

رئيس لجنة الإتحاد ومؤسس مدرسة ”سورف ليبانون“ علي الامين: ركوب الامواج متعة نفسية وجسدية لا تضاهى... ونحن نشق دربنا للبطولات العالمية!

27/09/2019
رئيس لجنة الإتحاد ومؤسس مدرسة ”سورف ليبانون“ علي الامين: ركوب الامواج متعة نفسية وجسدية لا تضاهى...  ونحن نشق دربنا للبطولات العالمية!

رئيس لجنة الإتحاد ومؤسس مدرسة ”سورف ليبانون“ علي الامين: ركوب الامواج متعة نفسية وجسدية لا تضاهى... ونحن نشق دربنا للبطولات العالمية!

 

بقلم عبير انطون

قبل الحرب اللبنانية المشؤومة كانت رياضة ركوب الامواج في لبنان مزدهرة الا ان الشواطئ هجرها محبوها خلال الحرب. اليوم تعود لتزدهر من جديد. فمن يمارس هذه الرياضة، ماذا تتطلب، وما الفوائد المختلفة لها على الصعيدين الجسدي والنفسي؟

على صفحات <الافكار> نستقبل للدخول في موج هذه الرياضة رئيس لجنة اتحاد الرياضة ومؤسس مدرسة <سورف ليبانون> علي الامين، واولى السيدات اللواتي تتلمذن على يديه منى مرعبي..

 أسّست مدرسة <سورف ليبانون> في العام 2012، يقول علي، وهي معتمدة من قبل <International Surfing Association> (ISA) الدوليّة وتضم ّايضا متجرا يلبي احتياجات من يريد ممارسة هذه الرياضة، او استئجار المعدات المطلوبة.

تقع المدرسة عند منطقة الجيّة، وهي بلدة ساحلية في جنوب لبنان، تنمو فيها جماعة محبي ركوب الامواج ويشتهر شاطئها بنظافة مياهها وجودة امواجها.. الانطلاق بالفكرة لم يتطلب وقتا طويلا، وهذه الرياضة كانت معروفة في لبنان منذ الستينات لكنها بقيت بالاجمال على مستوى الهواية اكثر منها رياضة محترفة.

اركب الامواج منذ كنت في الثانية عشرة من عمري، وتعلمتها في كاليفورنيا، الولايات المتحدة حيث نشأت. هي ليست رياضة سهلة. جميلة لمن يشاهدها لكن حين ممارستها، وعلى الرغم من المتعة الفائقة التي توفرها، فانه يمكن وصفها بالصعبة. كل شيء يعمل ضدك: الموج، الناس التي في المياه... وكثيرون يتركونها في اول الطريق لكن ما ان يتعلق بها ممارسها حتى تصبح في حياته ادمانا من الصعب ان يتوقف عنه.

لا عمر محددا يحول دون ممارسة هذه الرياضة. اولادي بدأوا في الثالثة والرابعة من عمرهم. هذا يتعلّق بجرأة الأهل. حتى المتقدمون في السن يمكنهم ممارستها ان كانت اجسادهم قوية، ما عدا حالات معينة. فمن يخشى على دقات قلبه بان تتسارع مثلا سيصعب عليه ممارستها، لان ركوب الامواج يتطلب طاقة كبيرة ويجبر صاحبه على قطع النفس حتى تمر الموجة..

 

اولمبياد؟..

 

يمكن ممارسة ركوب الامواج في البترون، صور، جبيل وطبعا الجية، وفعليا عند كل شاطئ لبناني يؤكد علي، مع الاختلاف بين الشواطئ اذ لكل منها وقته وحجم موج معين يعمل في نطاقه. فالعاصفة احيانا تكون في ايطاليا وترسل بالامواج الينا، وليس من الضروري ان تكون العاصفة في لبنان.

وعن المشاركة في البطولات اللبنانية اكان من خلال المدرسة او من خارجها يقول الأمين انه شخصيا توقف عن المشاركة في المسابقات العالمية منذ أكثر من 19 سنة بعد ان كان يشارك في سباقات دولية. ويردف قائلا:

- منذ ثلاثة أسابيع، شاركنا في محاولة منا للتأهل للأولمبياد بعد ان دخلت هذه الرياضة في عداده، الا انه للاسف حاز لبنان المرتبة الرابعة ووقع الاختيار على الاول على صعيد آسيا.

المشاركات العالمية تتطلب قدرة جسدية ولياقة عالية يؤكد علي، لكن ليس اللاعب الممتاز هو بالضرورة من يقدر على تحمل ضغط المنافسة.

 يؤكد الامين ان ركوب الامواج في المحيط أجمل طبعا مما يكون عليه في البحر فيما البحر أفضل من الخليج لان حجم العاصفة اكبر، وكلما كبرت رقعة المياه كان حجم الموج اعلى. في لبنان نحن على الطرف الثاني للعواصف والموج يسافر جدا قبل ان يصل الينا.

اما المساحة التي يمكن قطعها في البحر فلا يمكن تحديدها، والموج هو من يلعب الورقة الاولى في ذلك. فهو أحيانا ينكسر قريبا من الشاطئ واحيانا على بعد 300م 400م عنه.

 لا يقتصر ركوب الامواج على الذكور فقط، فللجنس اللطيف حصة كبيرة فيه. <بالعكس، تفاعل الاناث على الموج احلى من الشباب> يؤكد الأمين، <وفي لبنان يتقدمن بشكل ملحوظ وأذكر بين الاسماء هانا مدكور، لينا علام، منى مرعبي، آية مجذوب وكثيرات>.

 

البحر للجميع..

 

ليس الـ<سورفينغ> رياضة مكلفة بحسب الامين فالبحر متاح للجميع، ولا يحتاج ممارس الرياضة الى بطاقة دخول، وما تتطلّبه هي الـ<سورف بورد> او لوحة ركوب الموج (وهي عديدة بحسب ما يريدها مستخدمها)، المقود، الحبل، الشمع اي البارافين الذي يتيح التصاقا افضل على اللوحة، الزعانف، والبذلة.

التشجيع المعنوي من قبل وزارة الشباب والرياضة كبير يقول علي:

- انا اترأس لجنة اتحاد هذه الرياضة في لبنان وكنا فعّلناها منذ 4 اشهر. لا وضع البلد ولا وزارة الشباب والرياضة يسمحان بطلب الكثير خاصة وانها رياضة لم تكن في الحسبان لبنانيا، مع الشكر لمدير مكتب الوزير زيد الخيامي ورئيس المصلحة محمد عويدات، وتوجيههما بمختلف الشؤون.

لا يمكن الحديث عن أجمل الاوقات لركوب الموج، وبحسب علي <كلها حلوة عندما يكون هناك موج، خصوصا عند الصباح مع ساعات <طلوع الضو>. اما النظام الغذائي فيتطلب ان يكون ممارس الرياضة خفيفا عندما يركب الموج، وما من محظورات، ولا حتى ساعات محددة. السبت الماضي بقيت في الماء لعشر ساعات، ارتاح قليلا ثم اعود الى الماء من جديد>.

وعما اذا كانت هذه الرياضة تشكل نقطة جذب للسياح الى لبنان، اكد الامين انها طبعا كذلك. ففي لبنان لدينا التاريخ والطعام الطيب والحياة الليلية ولدينا الموج، وهو يشكل وجهة واحدة لمن يريدون التزلج عند الاعالي وركوب الامواج في يوم واحد.

 المرأة التي لم يكسرها الموج..

 

السيدة منى مرعبي، والتي كانت اولى اللواتي تتلمذن على السيد علي الامين، تخبرنا قصة هواية اصبحت تحديا وتحولت شغفا وطريقة عيش بعد تضحيات وصعوبات كثيرة اخبرتنا عنها.

 تعرفت على هذه الرياضة في العام 2012 تقول منى:

- كنا في فاريا وانتهى موسم الشتاء. وبما انني امرأة نشيطة جدا اردت اختبار الـ<سيرفينغ> ولم أكن اعرف الكثير عنه. قيل لي بان عديدين يمارسونه عند منطقة الجية الجنوبية، وانا من منطقة الشمال، فـ<استقربت> وبدأتها في البترون. وجدت ان الطريق طويلة فيها، خاصة انني كنت اتعلم الـ<ميد سورف> فقصدت الجية وتعرفت على المكان وركبت الموج هناك، ومن يومها لم اتوقف. لم تكن المدرسة لتعليم ركوب الامواج موجودة بعد، وكان من يمارسون الرياضة يساعدونني في المطلوب مني، ولما قلت لعلي اريد ان اتقنها جيدا لم يتردد لانه رآني كيف كنت آخذ بكل ملاحظة واعمل وفقها. كنت في الخامسة والثلاثين من العمر، ولما سألته ان كان العمر يعيق تعلمها اجابني بشكل اكيد: قد يتعلمها ابن السبعين عاما.

وتضيف منى:

- اصررت عليها علما ان مسؤولياتي كبيرة فانا مديرة مدرسة، وام لاولاد، واقضي فترات ما بين لبنان ودبي. شعرت بان المشوار صعب لكنني لم استسلم. وجدت بان هذه <اللعبة لعبتي> فأخذت وقتي فيها، <تخبّطت كتير وتكسرت كتير>. اذكر انه في احدى المرات قصد علي منطقة الشمال لتدريبي مع شخص آخر، انتهى نصف الوقت ولم استطع الدخول في الموجة، وكان الهواء قويا جدا. احيانا، لا اخفي انني كنت أخضع لفكرة الانسحاب والانصراف عنها، الا انني كنت اعود اليها من جديد. تمرين علي معي كان قاسيا، لكنني رفعته كتحد لي، وتعلقت بهذه الرياضة شأن كل من يدخلها. كنت استيقظ لاجلها عند الرابعة صباحا فـ<الحق الموج بكير>. اذكر مرة ان الضوء كان يطلع علي وانا اقود سيارتي الى الجية لان الموج جميل جدا عند السادسة صباحا، علما ان ركوب الامواج هناك يمتد من السادسة صباحا حتى الثامنة ليلا. وجدت فيها رحلة جميلة لبيت المرعبي الى الجية تقول منى مبتسمة، أنا الشمالية من عكار. اما في ممارستها، فأقضي احيانا نهارات طويلة وقد عرفت بـ<المرأة التي لا تخرج من الماء>.

 قسي عود منى في ركوب الأمواج، بعد تمرينات امتدت الى 13 مرة <قاسية> مع الامين، وعلى الرغم من ذلك فهي تقول انها لا تعتبر كافية لكي يتمرس الشخص في رياضة يجهلها، والعوائق فيها كثيرة، فاحيانا لا يكون الموج كافيا ولا عاليا الى غيرها من الاسباب.

 صيفا شتاء تمارس منى ركوب الأمواج، حتى مع المطر. ما الذي يدفعها الى ذلك؟ <الشغف>، تجيب بلا تردد. لقد أضحت شغفا وهدفا. الانسان السعيد هو من يضع هدفا في الحياة، فالحياة ثقيلة لناحية العمل وظروفه، الضغوطات التي نتعرض لها، الناس السلبية، الصعوبات المادية وغيرها، كل ذلك قد يشكل عائقا يحجب السعادة، لكن الشغف بامر ما، كرياضة معينة مثلا، فانه لا يخذل صاحبه <كيف ما برم الدولاب>. كذلك فان اتقان هواية ومتابعتها يعلمان العائلة كلها على الانتظام وعدم تضييع الوقت سدى. والرياضة تجعلنا نعود الى اعمالنا بطاقة اكبر، وانا كأم نقلت ذلك الى اولادي الذين اصبحوا اليوم طلابا في الجامعة الاميركية، وابنتي تشاركني رياضة ركوب الامواج. وحتى زوجي، الذي اقنعته برياضتنا بعد ان اقتنعت بها، بات يرافقنا اليها ويلتقط لنا الصور من دون اي قلق من قبله على اختيارنا لها.

 

<اليوغا> والبحر..

 هل تتيح هذه الرياضة التأمل، الشكوى للبحر، ام انها تتطلب تركيزا على الجسد فقط؟ ركوب الموج يتطلب التركيز، <بدّها راس اكثر منها جسم> تقول منى. تتطلب <العين الثالثة> ومع النزول الى الماء ننقطع عن كل شيء ويكون الرأس صافيا. اما جسديا فيمكن لمن هو بدين ان يمارس ركوب الموج لكنها افضل للنحيلين، وهي تتطلب بنية رياضية ومعدة قوية وتوازنا كبيرا.

وتضيف منى:

- هذه الرياضة مقرها في الرأس، ما يجعلها شبيهة بـ<اليوغا>. كثيرون ممن يركبون الامواج يتجهون معها الى <اليوغا> ويمارسونها. انا سلكت الطريق المعاكس. المشترك بينهما انهما تفصلانك عن اي شيء من حولك. في <اليوغا> تدخلين في الحركة، تستقرين فيها لدقائق، وكلما دخلت فيها اكثر تقفلين الباب على كل ما هو من حولك وتنقطعين عن كل ما يعاكسك. الـ<سورفينغ> يقوم باللعبة ذاتها. تركزين على الموجة وتنقلك الى مكان آخر منقطع تماما. في كليهما تشتغلين على الـ<ثيرد مايند> <العين الثالثة> التي هي غير مرتبطة بالبارحة ولا باليوم بل باللحظة التي انت فيها. والمشترك ما بين <اليوغا> و<السورفينغ> ايضا هو <الفيتنس> أي اللياقة والثقة بالجسد والعضلات القوية.

خطر..

 

لأكثر من مرة شعرت منى بالخطر. تصمت وكأنها تسترجع لحظات صعبة! هنا كل التحية لعلي الشغوف بعمله والذي يشكل بوصلة لراكبي الامواج بفضل ما يبثه عن حال البحر يوميا عند الصباح الباكر ويعتمده من يركبون الامواج. هذا شغفه. حياتنا نحن راكبي الامواج ترتبط جذريا بـ<البورد>. من دونه قد نغرق. اذكر مرة ان موجة <خبطتني> وطار الحبل من رجلي. رحت اصرخ وانا انزل تحت الموج. لم يسعفني علي الذي طلبت منه ان يتدخل، وذلك حتى اعتمد على نفسي، وهو غالبا ما يردد: <عندما تكونين في الماء فانت من تخلصين نفسك>. صرت اعرف كيف اتصرف واركض نحو الشاطئ عند الخطر الحقيقي.

وتشرح منى:

- يكون الخطر محدقا لما ترين <رغوة> الموجة من الاول للاخير، ولا مجال للدخول فيها فتكون كرغوة غسالة الثياب. ان كان فيها فتحة صغيرة فانه يمكنني الدخول والخروج. فقط من يركبون الـ<بورد> القصير يمكنهم ذلك، بغير الـ<بورد> الطويل كمثل الذي اتخذه.

تخبرنا منى ان ممارسة ركوب الأمواج صيفا شتاءً اثرت في البداية على نمط حياتها، فاضطرتها الى ترك ادارة مدرسة <الامل> التابعة للاونيسكو والتي عادت اليها اليوم، فضلا عن عملها الثاني الذي تضعضع: <لم اعرف لحظة ندم، وبعدما اتقنت الـ<سورفينغ> عدت الى مدرستي وأمنت عملي الثاني وانا افتتحت <سبا> عند منطقة <المزار> وآخر في منطقة الشمال، وهو ليس <سبا> عاديا انما يعتمد على الطاقة>.

 قريبا، وفي شهر اكتوبر تسافر منى الى <بالي> لممارسة رياضتها المفضلة، وهي تمارسها احيانا في دبي <في وادي ادفنتور> عند منطقة <العين> حيث الموج اصطناعي والمغامرة حلوة، فضلا عن سريلانكا ايضا التي تستمتع بالرياضة عند شواطئها.

نصيحة منى للسيدات اللواتي يرغبن بتجربة <السورفينغ> لن تكون بالكلام، وقد سئلت مرة في حوار معها ما الذي تقوله للجديدات ممن يدخلن هذه التجربة الرياضية، فأجابت بانها تفضل ان يكون الجواب من خلال ورشة عمل معهن تريهن فيها بام العين المتعة التي يولدها ركوب الامواج، وتحتم بالقول: <هذه الرياضة تجعلنا سعيدات وهذا هو الاساس في حياتنا جميعا>.