تفاصيل الخبر

رئيس قسم العمود الفقري في ”مركز بوسطن الطبي لجراحة العظام“ البروفيسور اللبناني طوني تنوري: أسعى لجمع الأطباء اللبنانيين المغتربين والعرب والأجانب في بيروت!

09/08/2019
رئيس قسم العمود الفقري في ”مركز بوسطن الطبي لجراحة العظام“ البروفيسور اللبناني طوني تنوري: أسعى لجمع الأطباء اللبنانيين المغتربين والعرب والأجانب في بيروت!

رئيس قسم العمود الفقري في ”مركز بوسطن الطبي لجراحة العظام“ البروفيسور اللبناني طوني تنوري: أسعى لجمع الأطباء اللبنانيين المغتربين والعرب والأجانب في بيروت!

  

بقلم وردية بطرس

اسمه لمع في عالم الطب في الولايات المتحدة، ففي جعبته 12 اختراعاً حتى الآن في مجال الجراحة العظمية الدقيقة في العمود الفقري، انه رئيس قسم العمود الفقري في <مركز بوسطن الطبي لجراحة العظام> في ولاية <بوسطن> الأميركية البروفيسور طوني تنوري ابن زحلة الذي حقق نجاحاً باهراً في دول الاغتراب، فتوصل الى طرق حديثة لعلاج آلام ومشاكل العمود الفقري عبر جراحات حديثة ومتقدمة جداً لا تتسبب بأية آثار او مضاعفات جانبية كتلك التي تنتج من جراحات الظهر والعمود الفقري من خلال ثقوب وجروح صغيرة جداً. واختراعاته مسجلة في كبرى مستشفيات الجراحة الأميركية والأوروبية. كما ان البروفيسور تنوري أستاذ جامعي اذ لديه أكثر من 50 دراسة منشورة في مجلات طبية متخصصة في معالجة العمود الفقري، كما انه مشارك في كتب عدة تُدرس للأطباء في الجامعات الأميركية. وان كان البروفيسور طوني قد امضى سنوات طويلة في دول الاغتراب لكنه حمل لبنان في قلبه وعقله، اذ لم ينقطع عن زيارته لوطنه الأم للقاء الأهل والأحبة، اذ يصطحب زوجته السيدة فيفيان وأولاده الثلاثة معه لتمضية العطلة في الربوع اللبنانية. ومن جهة ثانية أراد البروفيسور تنوري ان يقدم خبرته لبلده، فعمل على انشاء الجمعية العالمية للجهاز الحركي ليأتي بالأطباء اللبنانيين المغتربين والعرب والأجانب الى بيروت للمشاركة في المؤتمر الطبي الذي تنظمه الجمعية للسنة الثانية عشرة على التوالي لتسليط الضوء على كل ما هو جديد في جراحة العمود الفقري ومشاكل العظام، كما يتضمن المؤتمر ورش عمل وتدريب الأطباء، وبذلك يحقق الدكتور تنوري هدفه بأن يلتقي الأطباء المغتربون والعرب والأجانب في لبنان.

البروفيسور طوني تنوري والسفر الى الولايات المتحدة!

 

وكل من يلتقي البروفيسور طوني تنوري يلمس مدى حبه وتعلقه بلبنان، هذا البلد الذي يفكر فيه دائماً، اذ لا يفوت فرصة لاظهار وجه لبنان الجميل والمشرف. <الأفكار> التقت البروفيسور المبدع والمتواضع طوني تنوري خلال زيارته للبنان لعقد المؤتمر الثاني عشر للجمعية العالمية للجهاز الحركي، لنتحدث عن قصة نجاحه كمغترب، فكانت جلسة مميزة عدنا خلالها بالذكريات الى الماضي يوم فكر بالسفر الى الولايات المتحدة وفي ذلك يقول:

- أولاً اشعر بالفخر انني من زحلة من بلدة قاع الريم. لقد نشأنا في بيت محب للعلم. لدي اربعة اخوة، وانا الأصغر بينهم. كان أخي جورج قد درس الطب في الجامعة اللبنانية من ثم سافر الى الولايات المتحدة ليكمل دراساته العليا، وهناك <تخصص بالامعاء> وبقي هناك. وبدوري بعدما انهيت دراسة الطب في الجامعة اللبنانية (1993 ــ 1994) سافرت الى الولايات المتحدة لاكمال دراساتي هناك ولم أعد اذ اقيم مع عائلتي في ولاية <بوسطن>. ولدي شقيقة كبرى منيرفا وهي استاذة في الجامعة اللبنانية. وشقيقي ايلي تخصص في ادارة الاعمال في فرنسا وعمل في الاسهم والتجارة في فرنسا، اذ نجح بهذا المجال ثم انطلق نحو التجارة الحرة واسس شركات بين فرنسا وباراغوي. واختي منى وهي بروفيسورة في الجامعة اللبنانية تقوم ببحث مهم جداً عن السرطان. عندما سافرت الى أميركا كان بهدف اكمال الدراسات العليا هناك من ثم العودة الى الوطن، ولكن وبآخر سنة اختصاص بدأت بالاختراعات، من ثم تم التوقيع مع <جونسون اند جونسون> لمتابعة الاختراعات وتطويرها وتدريب الأطباء الأميركيين هناك على هذه التقنيات، وهكذا مرت السنوات ولم اعد.

ــ أنجزت العديد من الاختراعات، كيف كانت البداية وهل كان صعباً تحقيق كل هذا النجاح كلبناني مغترب؟

- برأيي ما يساعد الانسان على النجاح هو الانضباط في عمله، مثلاً هناك أشخاص بعدما ينتهي دوام العمل يعودون الى البيت وينسون العمل ويخصصون وقتهم اما لأنفسهم او لعائلاتهم، وانا اقدر ذلك. ولكن هناك أشخاص يحبون ان يقوموا بأعمال اضافية وان يطورّوها لكي يخلقوا منها الفرص، واذا استطاعوا ذلك فممكن ان يرتد عليهم بطريقة ايجابية وهذا ما حصل معي تقريباً، إذ بغض النظر كوني جرّاحاً وكنت ادرس ولكن في الوقت نفسه كان لدي فضول بعد انتهاء ساعات العمل او في نهاية عطلة الاسبوع ان اعمل على أمور عديدة، وهذا ساعدني ان اقوم باختراعات وخلقت الفرص كطبيب لبناني، فالنظام الأميركي بمجمله هو نظام عادي الا انه هناك اختصاصات معينة يُفضّل فيها الأميركي سواء بطريقة رسمية او غير رسمية، ولكن النظام لا يسمح بالتمييز العنصري، ولهذا اميركا هي افضل الموجود من ناحية الفرص بالمقارنة مع بقية البلدان اذ عندما ينجح الأجنبي يصبح جزءاً من المنظومة الأميركية.

ــ الطبيب اللبناني يحقق نجاحاً كبيراً في الولايات المتحدة، فما الذي يجعله مميزاً؟

- الطب مثل اي اختصاص، انما في الطب نلمس خصوصيات كل شخص، يعني العلاقة بين الطبيب والمريض تختلف عن العلاقة بين المستثمر والمهندس الى ما هناك، ففي الطب هناك خصوصيات والطبيب اللبناني يبرع بذلك، لأن نحن لدينا امكانية التواصل مع الشخص الآخر، فنحن كلبنانيين نتودد الى الناس ونتعاطى معهم بحرارة، وبالتالي المريض الأجنبي يستغرب ويقدر ذلك. وليس فقط المريض الأميركي ولكن ايضاً الطبيب والممرض الأميركي فعندما يلتقون بالطبيب اللبناني يبدون اعجابهم وتقديرهم له. بالنسبة الي عندما ادخل الى المستشفى او اي مؤسسة ويعلمون انني لبناني، يقولون لي ان افضل طبيب اشعة لدينا مثلاً هو لبناني، وافضل طبيب قلب هو لبناني، وهذا امر نعتز به كثيراً.

 

انشاء الجمعية العالمية للجهاز الحركي!

ــ كلبنانيين نفتخر بانجازاتك في مجال الطب، فبما يفتخر الدكتور تنوري ويجعله ممتناً؟

- انني ممتن وسعيد لأنني استطعت علمياً ان أقدم تقنيات جديدة وتكنولوجيا جديدة من ابتكاري وهذا امر افتخر به، ولكن ربما احد أهم الأشياء التي افتخر بها انه على الانسان ان ينقل خبرته العلمية للآخرين، وهذا ما اقوله لأولادي وأبناء اصدقائي ان كل انسان يجب ان يكون لديه هدف ورسالة غير المطلوبة منه بالاضافة الى الأمور المطلوبة منه، ويجب ان يكون لديه نشاط خارج الأعمال المطلوبة منه، ربما يكون نشاطاً في الجمعيات الخيرية او بعمل اجتماعي معين لأن هذا يمنح الانسان عمقاً جديداً وتجربة رائعة. واقول ذلك عن تجربة شخصية اذ أسست الجمعية العالمية للجهاز الحركي في العام 2008، وهذه الجمعية مئة بالمئة خيرية، وهذا ما افتخر به لأنني استطعت ان اخلق هذه الجمعية من لا شيء والتي تطورت مع الوقت، والهدف منها هو مساعدة الطبيب العربي او الطبيب بشكل عام لكي يتدرب، وفي كل سنة من انعقاد المؤتمر في بيروت يحضر أطباء لبنانيون وعرب وأجانب للمشاركة فيه. وطبعاً تأخذ الجمعية من وقتي كثيراً، اذ كل يوم بعدما انتهي من عملي واعود الى المنزل لأنهي باقي الأعمال، أبدأ بالجمعية احياناً من الساعة 11 ليلاً لغاية 3 فجراً، وهو عمل متعب على مدار السنة ولكن بالنهاية عندما اجد النتيجة اسعد كثيراً. واذا كان الطبيب اللبناني قادراً ان يشارك في الجمعية فهي قيمة مضافة، لأن الهدف ليس تطوير الجمعية بل تدريب الأطباء ولكن يبقى الهدف الأساسي المريض، فعندما نطور طاقات الطبيب والجسم الطبي بشكل عام سيستفيد المريض من ذلك.

الجراحات الذكية للعمود الفقري!

ــ ما الجديد بما يتعلق بالجهاز الحركي؟

- هناك أمور عديدة، فالتطور لا يحدث بين ليلة وضحاها، ولكن لا يزال التركيز على الجراحات الذكية او الجراحة التداخلية المحدودة. والجراحات الذكية هي مجموعة مبادئ وليس فقط جراحة واحدة او تقنية واحدة بل هي تقنيات عدة، وهدفها تخفيف الضرر الجانبي من العملية وتنفيذ العمليات بدقة وفعالية. الأمور تتطور باتجاهات عدة في هذا الخصوص سواء من ناحية اجراء العملية او ما قبل العملية في تحضير المريض او بعد العملية خلال متابعة المريض، اي هناك تطورات وطبعاً اليوم هناك ما يُعرف بـ<Big Data> او عصر المعلومات، وكما يعلم الجميع اليوم هناك ما يسمونه <Artificial Intelligence or Deep Knowledge> او الذكاء الاصطناعي، والذكاء الاصطناعي سيدخل مجال الطب ولكن لا يعرفون كيف سيؤثر ذلك على الطب والجراحة بطريقة ايجابية او غير ايجابية ولكن أعتقد ان له ايجابية لأن الذكاء الاصطناعي سيقدر ان يحلل معلومات كثيرة وأحياناً سيقدم لنا خلاصات لم نكن نعلمها او مطلعين عليها. اذاً هذا هو عصر الذكاء الاصطناعي.

 

المؤتمر الثاني عشر للجمعية العالمية للجهاز الحركي!

ــ وبماذا تميّز المؤتمر الثاني عشر للجمعية العالمية للجهاز الحركي الذي عُقد في بيروت منذ أسابيع؟

- هذه السنة لمسنا اهتمام وحرارة تعاطي الأطباء مع هذا المؤتمر، اذ شعرنا ان الأطباء لا يعتبرون أنهم يأتون الى مؤتمر في بيروت بل يقولون لي انهم يأتون الى مؤتمرهم في بيروت بمعنى ان الجمعية اصبحت كعائلة لهم. وهذه السنة كنت جداً فخوراً وممتناً أيضاً بمجال الذكاء الاصطناعي، وكان الدكتور سعد البرّاك، وهو رجل اقتصاد كويتي من الدرجة الأولى في الدول العربية وهو الرئيس التنفيذي لشركة <زين>، قد حضر الى المؤتمر هذه السنة، وكان الـ<Keynote Speaker> المتحدث الرئيسي اذ ألقى خطاباً عن الذكاء الاصطناعي وتأثيره على الطب لأنه يطّوره بعدة تقينات، وتحدث أيضاً عن سر النجاح في العمل وكان بالفعل خطاباً رائعاً جداً اذ تقبله الحضور بشكل ايجابي. ان الجمعية العالمية للجهاز الحركي ليست فقط مجموعة أطباء وتقنيين، بل ان الجمعية تجمع الناس من الأهالي وأولادهم، اذ يأتون معنا الى المؤتمر ليشاركوا ويساعدوا كل ضمن طاقته الخاصة اذ تجدين في المؤتمر والعشاء السنوي أشخاصاً ليسوا بأطباء او يعملون في المجال الطبي بل يأتون ليتابعوا نشاط الجمعية وليساعدوا قدر استطاعتهم.

ويتابع:

- كما نشكر الاعلام الذي يشارك معنا في كل سنة بتغطية نشاطات المؤتمر، وهذا ما يجعل الجمعية غير علمية بحتة وانما كنوع من الحركة التي نطلقها وتكبر بعدة اتجاهات. وهذا ما يجعلني اشعر بالفخر. وأعطيك مثالاً عن انخراط الجمعية سأذكر أيضاً الدكتور عمر البنّاي وهو رئيس مبادرة تطور وتطوير بمؤسسة الصباح الكويتية اذ حضر الى بيروت وشارك معنا في المؤتمر، وليس فقط مشاركة بل دعم الطلاب الذين يأتون ويتدربون معنا، وفي العام المقبل سيرسل طلاباً من الكويت ليتدربوا عندنا ما بين لبنان وأميركا. وهذا كله دليل ان جمعيتنا تنمو وتتطور أكثر، واعتقد ان مستقبل الجمعية سيكون رائعاً نظراً للتعاطف ليس فقط من قبل أهل العلم والتقنيين بل من المجتمع بشكل عام من رجال الأعمال والاعلام والمجتمع ككل.

ــ عشت لسنوات طويلة وحققت النجاحات في بلاد الاغتراب ولكن هل تمنيت لو انك حققت ذلك في بلدك؟ وهل بلحظة ما قررت ان تأتي بالعائلة الى لبنان وتعيش هنا؟

- هذه الأفكار <يا ريت انني بنيت مستقبلي في لبنان ويا ريت ويا ريت> هذه أفكار وخواطر تراود كل انسان مغترب، ولكن الواقع للأسف انه لما كنت استطعت ان أقوم بكل ذلك في لبنان، فالانسان يفكر بالعمل كعمل مثلاً اذا كان سوق الاستهلاك على صعيد القرية او المدينة فإنه يختلف على صعيد البلد، واذا كان سوق الاستهلاك على صعيد بلد صغير يختلف على صعيد سوق الاستهلاك عالمي، واليوم وجودنا في الخارج سواء في أوروبا وأميركا يعطيك بسرعة سوق استهلاك عالمياً، يعني اليوم عندما يطّور الانسان شيئاً في أميركا يحقق نجاحاً هناك، وهذا النجاح وتطوير التقنيات المعينة يصل صداها في العالم كله وليس فقط في بيروت او زحلة او صيدا، ولكن هذا لا يعني اذا كان الطبيب موجوداً في بيروت او صيدا فإنه غير مبدع، على العكس فالابداع يخلق مع الانسان، ولكن حسب توصيف سوق الاستهلاك فصعب ان ينطلق من بلد كلبنان، ولكن اليوم بوجود العولمة والانترنت والاتصالات أصبحت الأمور أسهل بمعنى هناك شركات نسميها شركات ناشئة بدأت تأتي الى لبنان لتنطلق وعندما تنجح يطلقونها للسوق العالمي، وانني على اطلاع على شركات عدة كانت في كاليفورنيا او بوسطن وهم اصدقاء وأتوا الى لبنان لاطلاق شركاتهم هنا ومن ثم يبيعونها عالمياً، ولكن يجب الا يغيب عن البال انهم درسوا في الخارج وتعلموا كيف يؤسسون شركات وكيف يبيعونها وهذا ما يفعلونه في لبنان.

ــ هل حرصت على زيارة لبنان كل تلك السنوات؟

- كلما نزور لبنان نتألم أكثر فالانسان ينقطع نهائياً عن زيارة بلده إذا كان لا يشتاق اليه، بينما بالنسبة الي كوني ازور لبنان دائماً اكون بحالة اشتياق دائم. وأذكر هنا قولاً لشارل مالك وهو مؤسس في حقوق الانسان في الخمسينات: فقط الله يعرف الوجع الموجود بقلب المهاجر، اذ لا احد يعلم كيف يتألم وانا اقول ان المهاجر يملك جسداً بلا روح، فالانسان عندما يقيم في الخارج ويكون ناجحاً بعمله او شركته تتطور يكون سعيداً ولكن يشعر بأن أمراً ما ينقصه، فالروح هي بالفعل انتماؤه الوطني.

ــ هل تربي اولادك كلبنانيين وهل تحافظون على العادات والتقاليد اللبنانية؟

- لدي ابنتان: ياسمين في الجامعة تدرس العلوم الطبية في جامعة <بوسطن>، واختها تمارا تدرس ادارة الاعمـال في جامعة <بوسطن> ومارك لا يزال في المرحلة الثانوية. وقدر الامكان نحافظ على العادات والتقاليد اللبنانيــــــــــــــــــــــــــــة، طبعاً الانسان سيقدم تنازلات في مكان معين لأن ثقافتنا تختلف عن ثقافة الغرب، ولهذا نحاول قدر الامكان ان نفهمهم الصح والخطأ أقله كأهل لبنانيين وهذا ليس دائماً سهلاً. من جهتنا نتحدث عن العادات والقيم اللبنانية بشكل مستمـــــــــــر، ونتحدث في المنزل باللهجة اللبنانية وأيضاً الانكليزية.

وختم قائلاً:

- حلمي ان اعود ويجب على كل لبناني ان يفكر بذلك، وحتى لو نجح الانسان في الخارج ولكن يجب ان يخلق الظروف المناسبة للعودة الى الوطن.