تفاصيل الخبر

رئيس حزب الكتائب السابق ورئيس الجمهورية الأسبق الشيخ أمين الجميل بكل صراحة وشفافية: انطباعــي أن التعطيــل الــرئاسي سيستمــر طالمــا أن الـعـمـــاد عـــون لــيـس الـمـرشــح الأول والأخـيـــر!  

04/02/2016
رئيس حزب الكتائب السابق ورئيس الجمهورية الأسبق الشيخ أمين الجميل بكل صراحة وشفافية: انطباعــي أن التعطيــل الــرئاسي سيستمــر طالمــا  أن الـعـمـــاد عـــون لــيـس الـمـرشــح الأول والأخـيـــر!   

رئيس حزب الكتائب السابق ورئيس الجمهورية الأسبق الشيخ أمين الجميل بكل صراحة وشفافية: انطباعــي أن التعطيــل الــرئاسي سيستمــر طالمــا أن الـعـمـــاد عـــون لــيـس الـمـرشــح الأول والأخـيـــر!  

بقلم حسين حمية

 

 4-(15)الاستحقاق الرئاسي أصبح في علم الغيب بعد فشل 34 جولة في انتخاب رئيس بسبب فقدان النصاب الدستوري وهو 86 نائباً، فيما مبادرة رئيس تيار <المستقبل> الرئيس سعد الحريري المتمثلة بترشيح رئيس تيار <المردة> النائب سليمان فرنجية تتعثر، وإن لم تمت كما توحي مصادر الطرفين، بينما تبنى رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع من معراب  ترشيح رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ليكون قصب السبق في وجه مبادرة الحريري. فأين القطب الماروني الرابع وهو الرئيس الأسبق أمين الجميل في كل ما يُطرح؟

<الأفكار> التقت رئيس حزب الكتائب السابق ورئيس الجمهورية الأسبق الشيخ أمين الجميل في <بيت المستقبل> في بكفيا وحاورته في هذا الملف بدءاً من المبادرات الرئاسية وما إذا كان يمكن للبنانيين أن ينتخبوا رئيسهم بمعزل عن الخارج.

وسألناه بداية:

ــ نرى أن الرئيس أمين الجميل بعدما ترك رئاسة الحزب يتفرّغ لـ<بيت المستقبل> ودراساته العربية والشرق أوسطية. فهل هي استراحة محارب؟

- ليست استراحة محارب، فكل الدول التي تحترم نفسها، تعتبر أن مراكز البحوث أساسية في إدارة البلاد، ونحن نعرف أن البيت الابيض وكل المراكز الحكومية في الخارج تفرد جانباً مهماً للباحثين الذين يلعبون دوراً أساسياً في صناعة القرار وإدارة البلاد. وهذا المركز الذي تأسس منذ العام 1975 لعب دوراً أساسياً في تخريج كوكبة من الأكاديميين والباحثين الذين ارتقوا مراكز مهمة سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص. ونحن بعد توقف قسري لفترة زمنية استعدنا نشاطنا وأعدنا إحياء <بيت المستقبل> واعتمدنا التكنولوجيا الحديثة على ضوء التطورات التي حصلت في هذا الإطار، ونحاول قدر الإمكان مواكبة العصر من خلال الدراسات العربية والشرق أوسطية وكل المسائل المعاصرة.

ــ أين حزب الكتائب في عهد الشيخ سامي الجميل خاصة وأن البعض يبشر بنقلة نوعية تمتد من بكفيا الى كل لبنان؟

- أولاً، حزب الكتائب في أيادٍ أمينة وأنا مرتاح جداً لقيادة الشيخ سامي. وكان من المهم جداً إشراك عنصر الشباب في الحزب. وحبّذا لو أن كل السياسيين الكبار أفسحوا المجال لجيل الشباب، لأن التطورات تتسارع في هذا العصر لاسيما التكنولوجيا وغيرها من المتغيرات الجذرية، ومهما كنا نواكبها فالجيل الجديد يعيشها، ولا بدّ بالتالي من أن يتحمّل هذا الجيل المسؤولية، ونحن من جهتنا موجودون، وأنا موجود بجانب الحزب وأقدم أي مساعدة متى طُلبت مني، وأعتقد أن الحزب على الطريق الصحيح، والشباب يقومون بنشاطات ملموسة، والدليل على ذلك ظهورهم العلني الملفت في كل الساحات، وبالنسبة لي بعد بكير على التقاعد ومن موقعي سأكون مواكباً لكل هذه المسيرة بكل تفاصيلها.

الانقلاب الأبيض

ــ نعيش الفراغ الرئاسي منذ أكثر من سنة و8 أشهر، والرئيس نبيه بري يقول إن الاستحقاق الرئاسي في الثلاجة رغم 34 جولة من دون نصاب، ووزير الداخلية نهاد المشنوق قال إن الظروف الإقليمية والدولية لانتخاب الرئيس لم تنضج بعد. فهل هذا الاستحقاق من صناعة لبنانية، أم أن الكلمة فيه كانت ولا تزال للخارج والى متى؟

- شعوري هو اننا نعيش انقلاباً أبيض على المؤسسات والدستور وعلى التقاليد السياسية، لأن ما حفظ لبنان على مدى عقود من الزمن هو عنصران: الأول احترام الدستور، والثاني التمسك بالتقاليد اللبنانية العريقة، وكانت هناك إرادة في التمسك بهذين العنصرين، رغم كل الأحداث التي عصفت بالمنطقة منذ تأسيس دولة اسرائيل عام 1948 الى حرب السويس عام 1956 مروراً بحربي العامين 1967 و1973 وصولاً الى سقوط العروش وتغيير الأنظمة، وبقي لبنان متماسكاً لأنه تمسك بالدستور والتقاليد الديموقراطية الصحيحة. وما يحصل اليوم هو انقلاب على هذه التقاليد من دون أي مبرر. والمفروض على النواب الـ128 كما كان يحصل في الماضي رغم كل الظروف الداخلية والإقليمية أن ينزلوا الى مجلس النواب وينتخبوا رئيساً للبلاد، وعدم الالتزام بهذا الواجب هو بمنزلة انقلاب أبيض على الدستور والأخلاق والمصلحة الوطنية العليا.

وأضاف قائلاً:

- لا يوجد في رأيي أي مبرّر للنواب، والكلام أن النائب حرّ بالنزول الى المجلس أو عدم النزول، هو أمر مغاير لمستلزمات الدستور وضرورة انتظام المؤسسات الوطنية وخطوة تعطل كل المرافق العامة ، وبالتالي لا بد ان تكون مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وعلى النائب أن يقوم بواجبه، ومسألة عدم التقيد بالدستور والتقاليد هي بمنزلة انتحار، والدليل على ذلك تعطّيل المؤسسات، والمواطن هو الذي يدفع الثمن ويعاني من انتشار النفايات في كل مكان والنقص في الكهرباء والمياه والخدمات، وهذا أمر لم يحصل حتى في سنوات الحرب، والمؤسف أن هناك أطرافاً لم تتعظ ولم تستوعب بعد خطورة أعمالها نتيجة تعطيلها انتخاب رئيس هو المفتاح لانتظام كل عمل المؤسسات وعلى رأسها مجلس النواب والحكومة، والخوف أننا سنصل الى مرحلة تتفاقم معها الأمور ولا يمكن الرجوع الى الوراء بعد ذلك ومعالجة الوضع المزري الذي نعيشه.

وتابع قائلاً:

- انطلاقاً من موقعي ومسؤوليتي المعنوية ومن خلال تجربتي لا عذر لأي أحد في مقاطعة مجلس النواب، وصحيح أن المقاطعة ليست مجرمة عملياً بالقانون ولا توجد مادة تلزم النائب بالحضور، لأن المشترع لم يفكر لحظة أن النائب من الممكن أن يعمد الى عدم القيام بواجباته، لكن لا بد للنواب أن يقوموا بواجبهم.

ــ يقال إن الكرة في ملعب الأقطاب الموارنة الأربعة وفخامتك واحد منهم، لأنهم ألغوا الآخرين بحصر الرئاسة بهم وأحرجوا أنفسهم أيضاً، لأنهم لم ينفذوا ما اتفقوا عليه في بكركي بدعم أي واحد منهم يكون المرشح الأوفر حظاً بالوصول. فماذا  تقول هنا؟

- لا يجب أن نعطي للقاء بكركي أكثر مما يحتمل، فاللقاء كان تشاورياً وحصل تنسيق بين القيادات، وكان البطريرك بشارة الراعي حريصاً على إعطاء توجيه معيّن حول المصلحة العامة وضرورة الالتزام بالدستور وبالتقاليد الوطنية والديموقراطية، بينما القضية ليست  محصورة بالموارنة، لأن من يعطل النصاب ليس الموارنة ولا يستطيع النواب الموارنة لوحدهم تعطيل النصاب، فالقضية أبعد بكثير من الموقف المسيحي لأن هناك موقفاً مسيحياً اسلامياً جامعاً يعطل الانتخاب لأغراض سياسية خاصة لا علاقة له بمار مارون ولا بمار شربل، لا بل هناك مصالح تتحكّم بمواقف هؤلاء النواب، وهناك قرار متخذ من قبل فريق معيّن بتعطيل الانتخابات، وهذا التعطيل ليس بعيداً عن الصراعات والخلافات في المنطقة، وهو نتيجة لها، ولربما يسعى هذا الفريق الى فرض رئيس على مزاجه يتلاءم مع مصلحة هذا الفريق وينفذ ما يريده وعلى الدنيا السلام، وكما يقول المثل: <عليّ وعلى أعدائي يا رب حتى لو خربت البصرة>، وهذا أمر يتناقض مع الأخلاق، ومع الدستور ومع الواجب الوطني والديني، وكل المقاييس سواء أكانت لبنانية أو كونية، فلا يوجد بلد في العالم تحصل فيه مثل هذه الأمور وتُضرب التقاليد البرلمانية ولا يحترم الدستور.

مبادرة الحريري

ــ طرح الرئيس سعد الحريري مبادرة ترشيح النائب سليمان فرنجية، وكان  لحزب الكتائب موقف متريث اشترط فيه بعض الضمانات. فهل هذه الضمانات تتعلق فقط بالسيادة والشراكة، أم ماذا؟

- لم نطلب ضمانات، بل قلنا إن رئيس الجمهورية هو رمز وحدة البلد ورأس الهرم في المؤسسات، ومن المفترض أن يكون ساعي الخير والجامع لكل اللبنانيين ويكون برنامجه توفيقياً، بعكس الوزير أو النائب الملتزم بحزبه أو تياره، بينما رئيس الجمهورية لا يستطيع أن يكون ملتزماً بفريق لأنه أقسم اليمين بالحفاظ على الدستور، وهو رئيس لكل اللبنانيين وليس على قياس هذا الحزب أو هذا المذهب، وموقف الحزب هو عدم وضع <فيتو> على أحد وتجاوز الاعتبارات الشخصية والحزبية والفئوية والتمسك بمنطق واحد هو أن يكون توجه هذا المرشح العمل على الوفاق وجمع الصفوف لا أن يكون حاملاً سيفاً ويضرب به يميناً وشمالاً.

واستطرد قائلاً:

- عندما طرح الرئيس الحريري المبادرة دون أن يعلنها وعمد الى التشاور معنا ، واجتمع به رئيس الحزب الشيخ سامي في باريس، كان موقفنا بأن لا <فيتو> على أحد وما نقوله في العلن هو ذاته ما نقوله في اجتماعاتنا المغلقة، ولا مشكلة لدينا مع أحد وكل الناس خير وبركة، وكل الموارنة خير وبركة، لكن لا بد من معرفة توجّه هذا الرجل إذا لم نقل برنامجه، وعلى ضوء ذلك نتخذ الموقف المناسب، وطالما حصل ترشيح غير معلن للنائب فرنجية الذي زارنا وطرح فكرة ترشيحه وتكوّن فريق عمل من قبله ومن قبلنا حتى يتم البحث حول القواسم المشتركة والتي على اساسها من الممكن أن نؤيد هذا الترشيح. وجل ما في الامر ان يقدم المرشح ما يطمئن اللبنانيين بأن الرئاسة ستبقى فوق النزاعات وتحفظ حياد لبنان وسط الصراعات في المنطقة.

ــ قال البعض إنكم اشترطتم مبدأي السيادة والشراكة، فهل من شرح أوسع حول ذلك؟

- هناك عناوين عدة والاتصالات لا تزال قائمة.

ــ وهل الأجواء إيجابية بينكم وبينه؟

- نعم الأجواء إيجابية، وفريقنا وفريقه يلتقيان باستمرار حتى يصلا الى تصوّر مشترك لدور هذا الرئيس في المرحلة المقبلة. وحتى الآن لم تنتهِ الاتصالات ولا تزال قائمة ولدينا أسئلة وهناك أجوبة عليها، والحوار مستمر، وإذا ارتأينا أن هذا الحوار يحقّق الهدف لا مانع لدينا في السير بأي ترشيح يلتقي مع هذه القواسم المشتركة.

 

لقاء عون وجعجع

ــ في المقابل، كانت هناك مبادرة مضادة تجلّت بترشيح الدكتور سمير جعجع للعماد ميشال عون. فهل هي في تقديركم لقطع الطريق على الوزير فرنجية ولإجهاض المبادرة الحريرية، وماذا عن اعلان معراب؟

- نحن في حزب الكتائب كنا منذ البداية نناشد القوى السياسية ان تلتقي حول القواسم المشتركة في مرحلة نعرف تماماً حجم مخاطرها وتهديداتها، وكنا نرحب بأي مبادرة  بهذا الاتجاه ، ولذلك لا يمكن الا ان نؤيد المصالحة بين القوات والتيار ، الا ان هذه المصالحة تطرح تساؤلات عما اذا كان احد الفريقين تنازل عن خياراته الوطنية وسار بطروحات الفريق الآخر ، وبالتالي كيف يمكن في محطات مهمة ان يوفق احد الفريقين  بين مسلتزمات خياراته الوطنية الاساسية وبين أي موقف يتخذه الفريق الآخر بوحي من خياراته المضادة ؟ فهل يمكن للقوات ان تلزم التيار الوطني اذا طرح استحقاق مهم في موقف يتناقض مع قناعاتها وقناعات حلفائها والعكس صحيح؟ وبالتالي  فهذه المصالحة  لم تترجم بنقاط واضحة حول الخيارات الوطنية  وتبقى مهددة عند اول استحقاق. أضف الى ذلك ان هذا التحالف ظهر وكأنه اصطفاف طائفي  استفز شرائح اخرى من المجتمع اللبناني. وهنا علينا الانتباه ان هذه الاصطفافات تسببت بصراعات كبيرة على الساحة اللبنانية، ولذلك نحن مع اي وفاق وإن كان فئوياً شرط ان يكون منفتحاً على الاطراف الأخرى ولا يستفزها.

ــ الرئيس بري يقول هنا ان هذا التحالف ليس كافياً لانتخاب رئيس ولا بد ان يكون وطنياً. فهل تؤيده ام ان الثقل الماروني لا بد ان يؤخذ في الاعتبار ؟

- طبعاً أؤيد ما قاله الرئيس بري ، فالاوزان في لبنان ليست هي المعيار وإلا لكان سعد الحريري رئيساً للحكومة والحاج محمد رعد رئيساً للمجلس ، ولكان الشيخ بيار الجميل رئيساً للجمهورية في السبعينات. فتدوير الزوايا هو من مقتضيات ومستلزمات الوفاق الوطني والسلم الاهلي. وعلى كل حال اختبر اللبنانيون بأنفسهم النظام البرلماني ذات القواعد الواضحة  التي حققت حداً كبيراً من الاستقرار المؤسساتي منذ الاستقلال حتى اليوم ، وتغيير اصول اللعبة يعطل النظام اللبناني ويهز اركانه ، علماً بأن رئيس الجمهورية هو رئيس كل لبنان  ورمز وحدة البلد والوحيد الذي يقسم اليمين  الدستوري، وليس لفئة دون  أخرى ، ومجرد اعتباره غير ذلك فهذا يؤسس لأزمة وطنية كبرى.

ــ اليوم هناك مبادرتان داخليتان  والافق مسدود،  فهل يكون الخيار بعودة الأقطاب الأربعة للاجتماع مجدداً في بكركي للاتفاق على اسم منهم أو اسم من خارجهم ؟

- نعود الى ما قلناه في البداية، وهو أن الطابة ليست في ملعب بكركي، وكلنا نعرف أن العماد عون من دون حزب الله لا يستطيع أن يفرض حلاً سواء إذا كان سينتخب لأنه لا بد من أن يدعمه حزب الله وحلفاؤه، أو سواء كان سيقاطع ويعطل النصاب لأنه لوحده لا يستطيع فعل ذلك، وبالتالي لا دور لبكركي هنا سوى التوجيه والنصح، وكل يوم أحد يقول البطريرك الراعي كلمته لكن لا يلتزم أحد بها، خاصة وأن التحالفات على الأرض تتجاوز المواقع الدينية، بمعنى الحصرية ولذلك فالموضوع سياسي ولا يتعلق باتفاق القادة الأربعة لأن القضية ليست محصورة بطموحات شخصية ومصالح حزبية فقط، بل المشكلة أكبر من ذلك وهناك مصالح أوسع خاصة واننا لا نعرف مدى علاقة حزب الله مع إيران اليوم وسط الصراع الإقليمي الدائر، كما أن الفريق الآخر ينسق مع  أطراف عربية، وبالتالي هناك معطيات تتجاوز الوضع الداخلي والوضع المسيحي والماروني تحديداً.

مسؤولية النواب

ــ يعني يرتبط الاستحقاق بالوضع الاقليمي وبات ينتظر تسوية كما حصل في الدوحة عام 2008؟

- نحن نقول إن المسؤولية تقع على النواب جميعاً، الحل في يد الـ128 نائباً، وهم لبنانيون ولديهم هوية لبنانية ومن المفترض أن يحملوا في قلوبهم القضية اللبنانية وأن يحكّموا ضمائرهم ويختاروا المرشح الانسب وينتخبوه، ولا مانع من أن تحصل مداولات في مجلس النواب بحيث يتنازل من لا ينال أصوات وازنة لمن ينال أصوات اكثر منه، بحيث تتخذ اللعبة مداها الديموقراطي ضمن إطار التقاليد اللبنانية العريقة. والمؤسف أن هذا الأمر لا يحصل لأن هناك جواً معيناً يضغط على مجلس النواب ويعطل دور النواب. وأنا متأكد أننا عند الكلام مع كل نائب بمفرده نراه منزعجاً مما يحصل، ومن يقاطع لا يعرف لماذا يقاطع، فقط أنه طلب منه أن يقاطع، ومن ينزل الى المجلس لا يعرف لماذا ينزل لأن الأمور تشوبها ضبابية معينة ولا يستطيع أن يستوعب ما يحصل، وفي المبدأ يجب أن يتحمّل النواب مسؤولياتهم وفي الواقع فالممارسة تكون عكس ذلك.

ــ نفهم من خلال طرحكم أنكم تميلون الى ترشيح النائب فرنجية أكثر مما تميلون الى ترشيح العماد عون. فهل هذا صحيح؟

- نحن واضحون في هذه المسألة، وما نريده هو انتخاب رئيس وهذا هدفنا، وترشح العماد عون حتى 34 جلسة ولم يستطع الفوز، فماذا نفعل؟! هل هي <عنزة ولو طارت؟!>. هل نبقى هكذا ونعاند في هذا الترشيح؟! فهو لم يستطع خرق النصاب وتأمين أكثرية الثلثين بالحضور ولينال الأكثرية فيما بعد بالتصويت، وبالتالي المنطق يقول إنه لا بد من التفتيش عن حل، وجاء الرئيس الحريري وطرح هذا الحل والمتمثل بما أسميه ترشيح العبور من ضفة الى أخرى، وجمع الضفتين مع بعضهما البعض وأقام جسراً بينهما وأعتبر أن هذه فرصة للجميع على أن يتلقف فريق 8 آذار هذه المبادرة طالما أن المرشح هو من أركان هذا الفريق، وينتهي بذلك الإشكال الى حل على أن تجلس الأطراف الأخرى، لاسيما الكتائب مع النائب فرنجية للوصول الى قاسم مشترك، لكن تبيّن ان هذه المبادرة التي قام بها الشيخ سعد لم يستوعبها الفريق الآخر ولم يتلقفها. ونحن لا نطلب من الوزير فرنجية ان يتنازل عن مشاعره وصداقاته ، انما المطلوب ان يستوعب مسلتزمات الوجدانية والوطنية في موقع الرئاسة الذي يعلو على كل السياسات الشخصية حتى يصل الى تأمين رمزية لهذا الموقع المفترض ان يكون فوق كل اعتبار ، وان يكون منفتحاً على كل الافرقاء لاسيما وان تكون سياسته الخارجية سياسة انفتاح وعدم انحياز.

ــ هل تلوم أحداً ما هنا؟

- لا ألوم أحداً، وكل واحد يفعل مصلحته، لكن العماد عون وحزب الله اعتبرا أن النائب فرنجية لا يفي بالغرض رغم محبتهما له ورغم حلفهما معه.

الحريري وواقعه التمثيلي

4-(10)

ــ تقول مصادرهما ان الرفض ليس لشخص النائب فرنجية بل للشروط الموضوعة عليه، لاسيما لجهة اشتراط أن يكون الحريري هو رئيس الحكومة المقبل، ناهيك عن شرط قانون الانتخابات، فهل هناك مثل هذه الشروط؟

- هذه لعبة سياسية طبيعية تأخذ بعين الاعتبار كافة التوازنات اللبنانية وتخضع لاستشارات نيابية تكون الكلمة الفصل فيها لمجلس النواب ، وكما يأتي رئيس للجمهورية وهو قطب في 8 آذار، فمن الطبيعي أن يتمثل الشارع السني بالشيخ سعد الذي يمثل خير تمثيل شريحة كبيرة في الشارع السني واللبناني، وبالتالي أي رئيس سيأتي لا بد أن يتفاوض مع الشيخ سعد بصفته يمثل أهم كتلة برلمانية في مجلس النواب، ويمثل شريحة من مكونات الشعب اللبناني. وعلى كل حال فالرئيس تمام سلام لم يأتِ رئيساً للحكومة لولا تأييد الشيخ سعد له.

ــ العماد عون مرشح دائم والدكتور جعجع رشحته قوى 14 آذار والنائب فرنجية رشحه الرئيس الحريري. فماذا عن القطب الرابع وهو الشيخ أمين الجميل الذي قال وزير الكتائب سجعان قزي انه مرشح الحزب، ولماذا لا يعلن ترشيحه؟

- نحن واقعيون في العمل السياسي ولا نتسلى ولا يجوز أن نتسلى بقصة الترشيحات إذا لم يكن الترشيح جدياً ولديه سبل النجاح. وكلنا نعرف أن لا ترشيحات رسمية للرئاسة، ويمكن لمجلس النواب أن ينتخب في أي جلسة أي رئيس من داخل المجلس أم من خارجه، يحق له حسب الدستور أن يكون رئيساً. وسبق أن طُرح اسمي في لقاء بكركي وتسلطت الأضواء آنذاك على المرشحين الأربعة، وسواء انني مرشح أم لا، فهذا لا يقدّم أو يؤخر، لأن الظروف المحلية والاقليمية  هي التي تتحكم بمجريات المعركة الانتخابية.

ــ زرت فرنسا واجتمعت بالرئيس <فرانسوا هولاند> فهل لا يزال لبنان على لائحة الأولويات في العالم؟

- المثل يقول: <<ساعد نفسك الله يساعدك>. وإذا اتخذنا نحن قراراً بالانتحار فلا أحد يستطيع أن يوقفنا عن ذلك. فكل الناس تحمل همّ لبنان، ولبنان قلبه على الحجر، فالشرق والغرب يحملان الهمّ اللبناني ويخافان عليه ويسألان عما يفعله اللبنانيون ببلدهم رغم أن لبنان قدوة في الممارسة الديموقراطية، ويسأل الغرب عن سبب هذا الانتحار الذي يمارسه اللبنانيون بحق أنفسهم.

ــ هل من الممكن أن يشهد قداس عيد مار مارون يوم 9 شباط/ فبراير المقبل جلوس رئيس الجمهورية الى جانب البطريرك الراعي لاسيما أن جلسة انتخاب الرئيس ستتم قبل يوم واحد؟

- هذا ما نتمناه.

ــ هناك كلام يدور عن نزول النواب الى جلسة لانتخاب واحد من اثنين: إما العماد عون وإما النائب فرنجية عملاً بالخطة <ألف> و<باء>  بينهما ، وسيكون الحظ الى جانب الثاني. فما رأيكم هنا؟

- كل الاحتمالات واردة بعدما وصلنا الى درجة من الغموض. أنا ليس لدي هذا الانطباع، لكن كل شيء وارد، لأن تعطيل النصاب يستمر طالما أن العماد عون ليس المرشح الأول والاخير، وهذا انطباعي حالياً، وهذا ما يطبق منذ سنة و8 أشهر ولا أرى جديداً في موقف حزب الله. المهم عندنا ان يحصل الانتخاب بمعزل عن توقعات هذا او ذاك. ونحن نستحضر هنا بنود اعلان معراب لنؤكد على ضرورة حضور النواب الى المجلس وإنتخاب الرئيس  وهذا هو المطلوب، علماً أن التقليد  المتبع لبنانياً ودولياً هو حصول مفاوضات بين الكتل النيابية حول المرشح الانسب، واذا  كان هناك توافق بين العماد عون والوزير فرنجية حول هذه الخطة  فهذا يعنيهما ، وما يهمنا هو ان يتم انتخاب  رئيس يطمئن اللبنانيين حول الثوابت  اللبنانية الآنفة الذكر، لكن يبدو ان الامور لم تنضج بعد لحصول الانتخاب.

 

الحوار مع حزب الله وقصة التشريع

ــ على ذكر حزب الله، أين أصبح الحوار بينكم وبينه؟

- لم يتوقف الحوار بيننا وكان هناك تواصل بين النائب إيلي ماروني المكلف من جانبنا بهذا الحوار وبين النائب علي فيــــاض المكلف من حزب الله بهـــــدف الوصــــول الى فرصة مؤاتية للوصول الى تفاهم ما.

ــ يعني تفاهم على غرار التفاهم مع التيار الوطني الحر؟ أو مثل إعلان النيات  بين التيار والقوات؟

- لست مع مثل هذه الأوراق، بل نريد شيئاً حسياً وعملياً على الأرض، لاسيما وأن هناك قضايا لا بدّ من البتّ بها وهي تتجاوز إعلان النيات.

ــ كيف توفّق الكتائب بين دعوتها لتفعيل العمل الحكومي ومقاطعتها الحوار بسببه لفترة ومقاطعتها للتشريع في مجلس النواب في غياب الرئيس، أليس هنا من تناقض بين الأمرين؟

- موقفنا واضح ومنطقي ودستوري ويخدم مصلحة البلد، لأنه في غياب الرئيس تقول المادة 74 من الدستور إنه <إذا خلت سدة الرئاسة بسبب وفاة الرئيس واستقالته، أو بسبب آخر، فلأجل انتخاب الخلف يجتمع المجلس فوراً بحكم القانون، وإذا اتفق حول اخلاء الرئاسة حال وجود مجلس النواب منحلاً، تدعى الهيئات الناخبة دون إبطاء ويجتمع المجلس بحكم القانون حال الفراغ من الأعمال الانتخابية، فيما تقول المادة 75 <ان المجلس الملتئم لانتخاب رئيس الجمهورية يعتبر هيئة انتخابية>. لا هيئة اشتراعية ويترتب عليه الشروع حالاً في انتخاب رئيس الدولة دون مناقشة أو أي عمل آخر>.

وتابع يقول:

- وبالتالي فالنص واضح وصريح ولا غبار عليه في اعتبار انتخاب الرئيس أولوية مطلقة، وكل ما هو خارج ذلك هو خروج على الدستور. وهذا النص ليس اعتباطياً بل وجد من أجل أن يلتزم النواب التفرّغ فقط لانتخاب الرئيس دون أي شيء آخر. ولكن عندما يُساء تفسير هذه المادة، فهذا يعني أننا بتنا نعتبر انتخاب الرئيس وجهة نظر وأمراً ثانوياً أو حتى يمكن الاستغناء عنه ويتأقلم النواب مع هذا الواقع، حتى جاءت مرحلة اخترنا معها تشريع الضرورة لإقرار مشاريع واقتراحات قوانين تتعلق بتسيير أمور الدولة، واعتبرنا ذلك مخرجاً. لكن إذا عدنا إلى أول قانون أقر فنحن تحت تسمية تشريع الضرورة، كان تعديل قانون السير وهذا يدل على المهزلة والتحايل على ذكاء الناس وعلى الدستور وعلى المنطق والمصلحة الوطنية، لأن الاستهتار بالشؤون الدستورية هو انتحار.

ــ هل أخطأ المشترع عندما لم يضع مهلة زمنية لأن البلد لا يتحمل عدم التشريع لمدة سنتين؟

- الدستور واضح، والمشترع لم يفكر لحظة بوجود هذا القدر من قلة الضمير الوطني في تعطيل الدستور، في حين أن الكثير من الدول تعتبر أن حضور الجلسات النيابية أمر إلزامي، والنائب يغرّم بغرامات مالية إذا لم يحضر أي جلسة وصولاً الى الإقالة، إذا تمنّع عن حضور جلسات عدة حتى انه في بعض الدول يؤتى بالنائب عنوة. والمشترع اللبناني كان يراهن على الحد الأدنى من الضمير الوطني والمهني ولم يكن يتوقع أن يعطل النواب البلد لمدة سنتين دون انتخاب رئيس وبدون سبب سوى أن يكون الرئيس هذا الرجل أو أن البديل هو التعطيل. وهنا أقول بصراحة ان أمام هذا التعطيل كانت لدى الشيخ سعد الحريري الجرأة لاقتراح شيء يحرج به المعطلين ويتجاوز بعض الأنانيات ويعبر باتجاه 8 آذار ويقوم بمبادرة المصالحة أو التسوية، لكن حتى هذه المبادرة اجهضت.