تفاصيل الخبر

رئيس ”جمعية تجار بيروت“ نقولا الشماس: من يقف ضد سلسلة الرتب والرواتب يكون بلا قلب ومن يقف مع تمويلها الضريبي يكون بلا عقل!

13/04/2017
رئيس ”جمعية تجار بيروت“ نقولا الشماس: من يقف ضد سلسلة الرتب والرواتب يكون بلا قلب  ومن يقف مع تمويلها الضريبي يكون بلا عقل!

رئيس ”جمعية تجار بيروت“ نقولا الشماس: من يقف ضد سلسلة الرتب والرواتب يكون بلا قلب ومن يقف مع تمويلها الضريبي يكون بلا عقل!

 

بقلم طوني بشارة

A

في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر على المواطن اللبناني لا بد من التساؤل عن اثر الهدر والفساد المترافق مع السلة الضريبية المزعومة لتمويل السلسلة، فهل ان المسؤولين قد اختاروا الحل الأسهل في اعداد موازنة 2017 عبر زيادة الضرائب؟ وهل الحكومة غير مستعدة بعد لمحاربة الفساد؟ وماذا عن الغياب الكلي لفكرة الإصلاحات؟ وما الأثر السلبي للضرائب في حال اقرت على الاقتصاد اللبناني؟

الشماس والانتعاش المؤقت للاقتصاد

أسئلة عديدة للإجابة عنها قابلت <الأفكار> رئيس <جمعية تجار بيروت> نقولا الشماس الذي أشار أنه وبعيد انتخاب الرئيس ومسألة التكليف والتأليف، عادت دولة المؤسسات الى سابق عهدها، وبالتالي تترجم هذا الموضوع السياسي انتعاشاً اقتصادياً لاسيما للقطاع التجاري، فانتعشت الحركة التجارية وتحسنت بنسبة ملحوظة خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي مقارنة مع الفترة ذاتها من العام 2015، وبالفعل هناك مجموعة من القطاعات المعنية مباشرة بالاعياد من البسة وكماليات والكترونيات والعاب ومأكولات فاخرة عادت وتنفست الصعداء خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي.

وتابع الشماس:

- هذه الفترة كانت قصيرة جدا اذ انه وفي أوائل 2017 عادت الأمور الى سابق عهدها، وعاد الوضع الاقتصادي الى الانحدار كما كان عام 2011، اما اليوم وبكل أمانة فإن النشاط الاقتصادي نموه يتراوح بين صفر وواحد بالمئة، اما القطاع التجاري فلا يزال يسجل أرقاما سلبية وذلك بناء على مؤشر <جمعية تجار بيروت> - <فرنسبنك للتجزئة>، ومؤشر <جمعية تجار بيروت> - <بنك ماد للاستثمار>.

واستطرد الشماس قائلاً:

- للأسف عندما يترنح القطاع التجاري فإن ذلك يرتد سلبا على الجسم الاقتصادي اللبناني، كون قطاعنا يمثل ثلث الناتج القائم، واللافت ان المحطات التجارية مثل عيد <فالنتين> وعيد <الأم> وعيد <الشعانين> و<الفصح> قد مرت من دون أي حركة تذكر في الأسواق، علماً ان التجار قد بذلوا الغالي والنفيس من أجل تجديد المواسم وتقديم السلع الأفضل والخدمة الأفضل للزبائن، ولكن بالرغم من ذلك نلاحظ ان هناك شحاً ملحوظاً في عدد المستهلكين بسبب ضعف القدرة الشرائية، وان السبب الأساسي يعود الى الحرب في سوريا والتي بدأت بتأثير غير مباشر حتى مطلع عام 2014، وخاصة في المناطق الحدودية مثل الشمال والبقاع، ولكن سرعان ما انتشرت عدواها على مساحة لبنان بأكمله.

 

العمالة السورية والقطاعات المحمية

وتابع الشماس قائلاً:

- من المعلوم أن العامل السوري ينشط تقليديا في قطاعي البناء والزراعة، ولكن يلاحظ ان العمالة السورية بدأت تجتاح قطاعات كانت محمية تقليديا مثل النقل والصناعة والتجارة والتعليم والصحة والاستشفاء، وصولاً الى بعض المهن المكتبية مثل المحاسبة والسكريتاريا وإدارة الاعمال والهندسة والمحاماة.

واستطرد الشماس قائلاً:

- هذه مأساة موصوفة لأن القوى العاملة اللبنانية تفيض أصلاً عن فرص العمل القليلة المتوافرة، فدخول سوري واحد الى سوق العمل يعني خروج على الأقل لبناني واحد من هذه السوق حيث يصبح للأسف عاطلاً عن العمل، وبما ان لا تأمين ضد البطالة في لبنان فهذا يعني ان العامل اللبناني فقد مداخيله كليا، وبالتالي فقد قدرته الشرائية، وأصبحنا نرى ولأول مرة في لبنان جيلين من العاطلين عن العمل تحت سقف الاسرة الواحدة (الاب والابن)، وهذا الأمر يتترجم على الصعيد الوطني بتراجع كبير للنشاط الاستهلاكي، علماً ان العامل السوري يدخر الجزء الأكبر من أجره او يحوله الى الخارج، وكون الاستهلاك يشكل 80 بالمئة من الناتج اللبناني فإن أي تراجع في حركته يؤدي حتماً الى تباطؤ اقتصادي على الصعيد الوطني.

المؤسسات السورية والمضاربة غير المشروعة

ــ ماذا عن المؤسسات التي تم فتحها من قبل النازحين؟ وما هو رد فعل الدولة على هكذا اجراء غير قانوني؟

- بالفعل ان مسألة النزوح لم تتوقف هنا، فبعض النازحين فتحوا مؤسسات لهم حلت مكان نظيراتها اللبنانية وذلك بطريقة غير شرعية وهي بذلك تشكل مضاربة غير مشروعة على القطاعات الإنتاجية اللبنانية، ويمكن ذكر على سبيل المثال لا الحصر: المحال التجارية - المقاهي - المطاعم - المشاغل - المطابع....، وهي مؤسسات تخرج عن إطار القوانين المرعية والضرائب، لدرجة انه اصبح هناك في لبنان دورة اقتصادية سورية مكتملة العناصر، فالممول سوري، والمورد سوري، والعامل كما صاحب العمل سوريان إضافة الى ان الزبائن سوريون.

وتابع الشماس قائلاً:

- هذا الاقتصاد يأكل من صحن الاقتصاد اللبناني المركزي والذي هو أصلا في حالة الغيبوبة، وما يزيد الامر سوءاً انه تقليدياً في لبنان، اركان الاقتصاد الرمادي (المشكل من الألوف المؤلفة من الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم وغير المنظورة من قبل السلطات الرسمية) تتهرب من دفع الضرائب وتسديد اشتراكات الضمان الاجتماعي مما يفسر الى حد بعيد ترنح وضع الخزينة ووقوف صندوق الضمان على شفير الهاوية.

ــ بلغة الاقتصاد، هل تعتبر ان نزوحاً كهذا هو مرحلي مؤقت ام انه سيمتد لفترات طويلة؟

- ان معضلة النزوح السوري بطبيعتها ليست فقط اقتصادية وانما وجودية أيضا، لأن من قدم من سوريا الى لبنان يقسم الى قسمين:

- اللاجئ السوري: أي الذي هرب من دياره لأسباب امنية.

- والنازح الاقتصادي الذي انتقل الى لبنان بغية تأمين عيش لعائلته افضل عما هو عليه في سوريا، والمقلق في هذا الشأن ان هؤلاء باتوا يتجددون سنة بعد سنة في المشهد الاجتماعي اللبناني، فيدرسون في المدارس الرسمية اللبنانية ويعالجون في المستشفيات الحكومية ويجدون فرص عمل على حساب نظرائهم اللبنانيين.

وأضاف:

- تشير إحصاءات الأمم المتحدة حول النزوحات السكانية في العالم، ان متوسط مدة البقاء في البلد المضيف يفوق الـ16 سنة، فالسؤال المطروح: ماذا سيبقى من لبنان ومن اقتصاده اذا انسحبت هذه القاعدة على بلدنا لا سمح الله؟ كما تفيد هذه الإحصاءات أيضا ان ما بين 25 و30 بالمئة من النازحين لا يعودون ابداً الى بلادهم، فكيف سيصبح وضع لبنان في حال سرت هذه القاعدة على الحالة اللبنانية؟

 

الشماس وضرورة يقظة لبنان

ــ ما موقف الحكومة تجاه قضية شائكة كهذه؟

- أحسنت الحكومة اللبنانية في حسم امرها لدى <مؤتمر بروكسل> حيث طالبت بـ10 مليارات دولار لمؤازرة لبنان في مهمته الاستضافية، ولكن للأسف تجربة المجتمع الدولي مخيبة جداً في هذا المضمار، والجدير ذكره ان لبنان استحصل على تعهد من الاسرة الدولية على ان النازحين السوريين سيعودون الى بلادهم في يوم من الأيام.

وأضاف:

- نذكر في هذا الصدد كيف ان الأمين العام السابق للأمم المتحدة <بان كي مون> كان يتحدث وبوقاحة عن ضرورة بقاء النازحين في دول الجوار، لذا يجب على لبنان ان يبقى يقظاً من كلام الاسرة الدولية المعسول لأن مراميها غير صادقة تجاه لبنان وهي تعمل في السر وفي العلن أيضا لإبقاء اللاجئين لدينا، واسطع نموذج على ذلك ان بعض المنظمات الدولية عرضت على بعض الهيئات الاقتصادية ان تدعم الشركات اللبنانية مالياً مقابل استحداث فرص عمل للسوريين وهذا ما رفضته <جمعية تجار بيروت>، والبدائل المطروحة هي إقراض لبنان مليارات الدولارات لتحسين البيئة الاستقبالية للنزوح، وهذا فخ مميت بالنسبة الينا لأنه يؤيد هذا الوجود الأجنبي ويرتب ديناً إضافياً على كاهل الاقتصاد اللبناني حتى ولو كان مع فوائد مدعومة، وهنا اعتقد ان الحل الانجح والوحيد هو الانتقال من مرحلة إدارة النزوح الى مرحلة تنظيم العودة السريعة والآمنة للنازحين السوريين الى ديارهم.

الشماس وسلسلة الرتب والرواتب

ــ ما موقفك من السلسلة والسلة الضريبية المرافقة لها؟

- لقد رفعت وفي أول الطريق شعاراً مضمونه ان من يقف ضد السلسلة يكون بلا قلب، ومن يقف مع تمويلها الضريبي يكون بلا عقل، وهذا الشعار رفعته منذ خمس سنوات وهو ما زال صالحاً حتى اليوم، رغم أنني اعتبر ان السلسلة أصبحت حقاً مكتسباً لاصحابها وذلك منذ اللحظة التي قطعت بها الحكومة السابقة التزاماً أخلاقياً ومعنوياً تجاه القطاع العام الذي لم يبخل لا عسكرياً ولا امنياً ولا حتى إدارياً خلال السنوات العصيبة التي مر بها لبنان.

وتابع الشماس قائلاً:

- استأثر ملف السلسلة دون سواه على المشهد الاقتصــــادي الرسمــــي لسنــــــوات طويلــــــة، لدرجـــة أن عدم اقرارها بات يشكل عبئا على الاقتصاد اكثر من إقرارها، وبما ان القطاع العام موعود وغير مرتاح، والقطاع الخاص متوجس وغير متيقن حول مستقبل الوضع المالي والاقتصادي، فقد آن الأوان لطي صفحة السلسلة مع التأكيد والعمل جاهدين لتحويلها من خطر على المالية الى فرصة للاقتصاد من خلال التمويل الصحيح.

ــ كيف سيتم ذلك؟

- الهيئات الاقتصادية لا تمانع إقرار السلسلة انما ترفض رفضاً قاطعاً فرض أي ضريبة إضافية في خضم الوضع الاقتصادي المتهالك، فالبدائل الضريبية معروفة وأهمها:

- مكافحة الفساد او على الأقل احتواؤه، وعناوين الفساد معروفة من قبل الجميع.

- الحد من الانفاق العام اذ لا يجوز ان يتقشف القطاع الخاص وتتوسع الدولة، وهنا تجدر الإشارة الى ان الرئيس ميشال تامر في البرازيل قرر مع البرلمان تجميد الانفاق العام عند مستوى التضخم لفترة عشرين سنة تعزيزا لوضع المالية العامة.

- تحسين الجباية واستهداف المكتومين - المعروفين الذين يسرحون ويمرحون من دون حسيب او رقيب بينما ترزح المؤسسات المنتظمة تحت كاهل الديون والضرائب والاعباء المالية.

وأضاف:

- لذا اعتقد ان السلسلة يجب ان تكون مترافقة مع خطوات حازمة نحو الإصلاح الإداري منها المسح الشامل للاحتياجات الفعلية للدولة وزيادة الإنتاجية بالدوائر وتطبيق مبدأ المحاسبة والمساءلة. وهنا تجدر الإشارة الى ان المتهرب من امام الضريبة هو العدو الأول للتاجر او الصناعي او رجل الاعمال المنضبط تحت سقف القانون، لانه يتمتع ببنية اكلاف تمنحه قدرة تنافسية وقدرة مضاربة غير مشروعة يستفيد منها لإخراج المؤسسة المنضبطة من السوق، لذا من الضروري إتمام الشراكة بين القطاعين العام والخاص، خاصة وان التمويل المصرفي متوافر للقيام بإستثمارات مجدية في البنية التحتية المترهلة، فالقطاع الخاص قد يمول ويدير المشاريع بينما ترسم الدولة المخططات التوجيهية وتشرف على التنفيذ وتمنع الاحتكار، وفي السياق ذاته يبقى السبيل الأبرز والأفضل لتعزيز مداخيل اللبنانيين هو عودة النمو الاقتصادي المتين بحيث أن كل 1 بالمئة من النمو يوفر 500 مليون دولار من النشاط الاقتصادي و100 مليون دولار من تغذية الخزينة.

دور الدولة وازمة الضمان

 

ــ في ظل الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ما هو دور الدولة؟

- ينبغي على الدولة ان تمول السلسلة بهذه الطرق وأن تبتعد عن فرض أي ضريبة إضافية على المكلفين المرهقين، وفي الوقت عينه يترتب على المسؤولين عدم التشدد بالإجراءات الضريبية من حيث التبليغ ومرور الزمن وسبل الاعتراض، وفرض ضرائب مزدوجة على الموضوع الضريبي ذاته، كما وخلخلة الاستقرار التشريعي والضريبي الذي ينفر المستثمرين ويضرب جاذبية الاقتصاد اللبناني.

ــ ماذا عن موضوع الضمان الاجتماعي وهل فعلاً انه يمر بأزمة قد تؤدي الى القضاء عليه؟

- لقد أتى في خضم الموازنة تدبير متسرع قد يضرب ملاءة الضمان الاجتماعي، اذ أقر مجلس الوزراء إلغاء الفائدة المترتبة على متوجبات الدولة لصالح الضمان كذلك إلغاء جدولة التسديد، هذا مع العلم ان للضمان الاجتماعي ذمة مالية تبلغ 2000 مليار ليرة لدى الدولة اللبنانية، فيما الكل يعرف أن صندوقي المرض والأمومة والتقديمات الاجتماعية في حال من العجز المزمن، مما سيدفع الضمان الى تقليص خدماته للمستفيدين وهذه كارثة اجتماعية موصوفة، او انه سيغرف بالمزيد من أمــــوال صندوق نهاية الخدمة، علماً أن هذه الأموال مقدسة لانها ادخار وحق وحلال للعامل اللبناني من اجل تمويـــــل ذاتــــه بعد بلوغــــــه سن التقاعـــد، لذا فالمطلــــوب من الدولة ان تدرس بشكل رصين وهادئ سبل التمويل دون احداث اضرار جانبية تكون أفتك بكثير من المشكلة قيد المعالجة.