تفاصيل الخبر

رئيس "جمعية محترف الفن التشكيلي للثقافة والفنون في لبنان" شوقي دلال: هدفي أن أقول لأي انسان او مصاب بـ"الكورونا": أصمد فأنت لست وحدك! 

23/04/2020
رئيس "جمعية محترف الفن التشكيلي للثقافة والفنون في لبنان" شوقي دلال:  هدفي أن أقول لأي انسان او مصاب بـ"الكورونا": أصمد فأنت لست وحدك! 

رئيس "جمعية محترف الفن التشكيلي للثقافة والفنون في لبنان" شوقي دلال: هدفي أن أقول لأي انسان او مصاب بـ"الكورونا": أصمد فأنت لست وحدك! 

 

بقلم عبير انطون

[caption id="attachment_77198" align="alignleft" width="336"] من ساحة لومبارديا في ميلانو الايطالية[/caption]

هي الريشة التي جاءت تقول للوباء ببشاعته: لن تنتصر على الجمال! هكذا يلخّص الفنان شوقي دلال مشروعه "الفن في زمن كورونا" ينتقّل فيه عبر الفكرة واللون الى عواصم العالم ومدنه حيث فرغت الساحات والاماكن والمطاعم والملاهي من أي لون او شهية لقاء، وحيث كان وقع الفيروس صاعقا على البشر فأدمع الحجر وزنّر القرية الكونية برمّتها بحزام الخوف والقلق والتساؤل.

فمن مدينة لومبارديا في ميلانو الايطالية وتحديدا من مطعم شهير في ساحتها لم يخل يوما منذ تلك الحرب من الرواد الى أن افرغته "كورونا" من اي زائر، انطلق دلال في لوحاته، منتقلا منها الى باب توما في دمشق القديمة، وقلعة الفجيرة في الإمارات، او ايضا الى آثار منطقة العلا في المملكة العربية السعودية راسما معالمها في زمن الفيروس الثقيل والذي حولّها تحت سطوته الى اماكن مهجورة فارغة... هذا الفراغ اراده دلال موئلا جديدا للحياة ينبعث منه الفن والامل...

أما لبنانيا، فتنقّل دلال ليرسم، وتحت جنح الوباء أيضا، منطقة الميناء في طرابلس اللبنانية، ثم  منطقة صبرا - الكولا في بيروت، الى سوق صبرا الشعبي في ضواحي العاصمة، ومنها الى عائشة بكار ومنطقة معوض في العاصمة أيضا، وصولا جنوبا الى مدينة صور والميناء فيها.

[caption id="attachment_77197" align="alignleft" width="339"] من قاعة الفجيرة في الامارات في زمن الكورونا[/caption]

فكيف انطلقت شرارة الفكرة وما الهدف منها؟ هل سينضم اليها فنانون آخرون؟ وما دور الفن التشكيلي في هذا الزمن بالذات؟

الأجوبة حصدناها من الفنان شوقي دلال في لقاء "الافكار" حيث كان السؤال الأول:

* حدّثنا عن مشروعك "الفن في زمن كورونا". كيف ولدت الفكرة ومتى بدأت بتنفيذ أولى خطواتها؟

- مشروعي الفني الجديد وُلد بعد أن تأكّدت أن ما قبل فيروس "كورونا" هو غيره تماماً مما بعده، وحيث أن هناك منعطفا كبيرا مقبلةً عليه البشرية، فوجدت نفسي كرسام معنياً بمواكبة هذا التغيير الكبير الذي يحدث للبشر في كل أنحاء العالم.

* ما هي المدن اللبنانية التي اخترتها، وهل رسمتها بناء على صور فوتوغرافية او انك سبق وزرتها وتعرف تفاصيلها فاستعدتها بريشتك؟

 - المدن والبلدات اللبنانية في دائرة إهتمامي الفني منذ ثلاثة عقود حيث رسمت لقرى لبنان ومدنه عشرات اللوحات، وقد عايشت زمناً كانت فيه هذه الأمكنة تضجّ بالناس كبيروت وطرابلس وصيدا والنبطية وبعلبك وزحلة وغيرها. أردت اليوم أن أؤرشف زمن "كورونا" عندما هُجِرَت هذه الأمكنة فكان المشروع الفني بعنوان "الفن في زمن الكورونا".

* أي المدن العالمية اخترت؟ ولنفصّل قليلا اللوحة عن المطعم المقفل في لومبارديا - ميلانو  

الايطالية. هل سبق وتسنّت لك زيارة هذه المنطقة او المطعم يوما؟

- في الواقع إن ساحة لومبارديا في ميلانو هي من أشهر الأماكن السياحية في إيطاليا، وهذا المطعم بالتحديد موجود فيها منذ الحرب العالمية الثانية ولم ينقطع عنه البشر لا ليلا ولا نهارا والكل يعرف ذلك، لهذا أحببت أن أرسم هذه اللحظة التاريخية بخلو المطعم من الزوار وإقفاله، وهي لوحة أردتها تحية لعاصمة الفن ميلانو ولروح من سقطوا جراء فيروس "كورونا" الخبيث.

* ما كانت المواد المستخدمة في رسمك لهذه اللوحة من إيطاليا التي هزّت العالم بما تعرّضت له وكم استغرق تحضيرها؟

[caption id="attachment_77199" align="alignleft" width="340"] لوحة اثار منطقة العلا في المملكة العربية السعودية في زمن الكورونا بريشة شوقي دلال[/caption]

- لوحة إيطاليا رسمتها بالألوان المائية وأردتها بهذه الألوان لأننا نعلم صدق اللون المائي في مقاربة روح الأشياء، وأنا أعتبر أن في كل العناصر يوجد ماء فتأتي الألوان المائية لتعطي هذا الصدق في مخاطبة روح الأمكنة.

* هل سينضم الى مشروعك فنانون آخرون؟

- من الممكن ذلك، وأنا أعلم أن العديد من الفنانين يتحسسون هذه المعاناة التي تمر بها البشرية وسوف يُعَبّرون بالتأكيد عن هذه الهواجس. وبصفتي رئيسا لـ"جمعية محترف الفن التشكيلي للثقافة والفنون في لبنان" كنت قد أطلقت النداء في مشروعي الجديد لمواكبة جميع القطاعات الإبداعية لهذه الفكرة وعسى أن نلاقي التجاوب المطلوب.

* في مشروعك رسالة إنسانية سامية. هلا شرحتها لنا؟

-  دوماً ما أقول أن أهمية الفن تكمن في أنه يقول للإنسان في أزماته "أنت لست وحدك"، ولهذا نرى كبار الفنانين في التاريخ رسموا أحاسيسهم ومعاناة مجتمعاتهم وقد شاهدناها في متاحف العالم، فالرسالة الإنسانية في مشروعي هي أنني أقول لكل إنسان أو مصاب في الفيروس "أصمد فأنت لست وحدك"!

 نزهة العقل...

[caption id="attachment_77196" align="alignleft" width="141"] شوقي دلال.. للفنان مهمة رسولية الا وهي تعميم الجمال[/caption]

* أين يقف الفنان التشكيلي تحديدا في هذه المرحلة؟ هل تمدّه تبعات هذه الجائحة بإبداعات جديدة ما سيكوّن لدينا موجة لوحات وتجهيزات "كورونية" لاحقا، ام على العكس تحبطه نوعا ما لان فنه سوف يبقى محصورا اذ ان المعارض مقفلة؟ 

- الفنان ينطلق من الواقع الى ما فوق الواقع وصولاً الى الواقع من جديد، لهذا فإن له مهمة  رسولية بمعنى من المعاني ألا وهي تعميم الجمال خاصة في زمن الأزمات كهذه التي نعيشها اليوم... ويكفيني أنني قلت للفيروس ولكل بشاعة خَلّفها إنك لا تستطيع هزيمة الجمال ببشاعتك وسيبقى الجمال يتوالد يوماً بعد يوم، وبالتأكيد فإن الفن هو التعبير الأصلح في هذه الأزمنة.

* أعلنت بأن "المشروع ينطلق من لبنان الى بعض العواصم العالمية"، كيف يمكن ان يتم ذلك مع المطارات المغلقة، وهل يمكن ان تلعب المنصات الالكترونية للفنون بديلا في ذلك؟

- لا حدود أمام الفن ولا عوائق او حواجز لأنه الهواء والماء والموسيقى لذا فهو عابر للحدود ولكل البلدان، لهذا أنا كفنان أستطيع دخول اي بلد عالمي من غير السفر في طائرة او الإستحصال على بطاقة

[caption id="attachment_77200" align="alignleft" width="184"] من منطقة معوض في بيروت[/caption]

دخول اذ يأخذني الخيال الى تلك الأمكنة على أجنحة اللون فأرسم لأن "الإبداع هو نزهة العقل" على حد قول "أنشتاين".

* حزت جائزة الشاعر سعيد عقل. برأيك ما الشكل الذي كان قد تطرق به الى جائحة "كورونا"، ابطريقة شعرية ام فلسفية وجودية او بتقديم جائزته لطبيب في مجالها؟

-  في عام 1999 منحني الشاعر الكبير سعيد عقل جائزته للإبداع بعنوان "سمفونية الأصفر في لوحة شوقي دلال" وهي جائزة أتت من الشاعر لاكتشافه أهمية اللون الأصفر في لوحتي حيث تحول من لون للموت الى لون للحياة... في الواقع هناك العديد من المبدعين ولن أُسَمّي كي لا أظلم الآخرين، ولكن أهم جائزة ينالها الفنان هي صفته كفنان لأننا لا نعرف في التاريخ من كان وزيراً او نائباً في ايام "بيتهوفن" و"بيكاسو" و"دافنشي" وغيرهم، فالتاريخ ذكر هؤلاء المبدعين فقط.

* كيف تقضي ايام الحجر وقد عرف عنك نشاطك الدائم، هل تقضيها في راشيا الوادي وكيف تصف لنا ضيعتك اليوم؟

- في الواقع إن أغلب إهتماماتي في فترة الحجر المنزلي هي في الرسم والتأمل وصياغة الأفكار، وبالتأكيد فإن راشيا الوادي بلدتي هي من أفضل الأماكن وأنسبها لهذا الموضوع نظراً لجماليات طبيعتها ونظافة مناخها وطيبة أهلها.

* نهايةً، الجميع يتحدث عن "ما قبل وما بعد كورونا" في مختلف النواحي الاجتماعية والاقتصادية والمالية والصحية. كيف سيشمل التغيير النواحي الفنية أيضا وفي اية اتجاهات؟

- أعتقد أن الفن الأصيل لا يتغير بالمتغيرات الآنية، هو يتأثر لكن وظيفة الفن الأصيل أن لا يكون مرآة للمجتمع لأنه بذلك يتحول الى صورة عن الواقع ويصبح شبيه آلة التصوير... الفن عليه أن يكون منارة المجتمع لهذا فهو يخاطب أجيالا لم تولد بعد... وبهذا المعنى أرسم في هذه اللحظة لأجيال لم تأتِ...