تفاصيل الخبر

رئيس ”جمعية قطار / قطار“ الياس بطرس معلوف: أولى أهداف الجمعية إعادة إحياء سكك الحديد في لبنان!

13/10/2017
رئيس ”جمعية قطار / قطار“ الياس بطرس معلوف:  أولى أهداف الجمعية إعادة إحياء سكك الحديد في لبنان!

رئيس ”جمعية قطار / قطار“ الياس بطرس معلوف: أولى أهداف الجمعية إعادة إحياء سكك الحديد في لبنان!

 

بقلم وردية بطرس

قطار-في-كسروان-في-السبعينات-4

لبنان من البلدان القليلة في العالم التي أوقفت خدمات سكك الحديد رغم الحاجة الملحة الى اعادة العمل بها بسبب أزمات السير الخانقة في العديد من المناطق اللبنانية ... وتتوالى السنوات على سكك الحديد وقطاراتها التالفة في لبنان، ما يهدد مصيرها جراء الاهمال والتعديات. وبالعودة الى الماضي فان الشركة العثمانية الاقتصادية كانت قد قامت في العام 1891 بإنشاء أول خط لسكك الحديد بين بيروت ودمشق وحوران داخل سوريا، ليصل عام 1906 الى حلب (شمال سوريا)، قبل شق خط طرابس في العام 1911 ووصله بتركيا في العام التالي، وهو ما ربط لبنان بالعالم العربي من ثم بأوروبا وأفريقيا عبر خط أوروبا - تركيا - حلب - بعلبك - رياق، وسمح بتشغيل 3000 آلاف يد عاملة حظيت محطة رياق وحدها بـ400 منهم. وبعد مضي قرابة 125 عاماً من عمر محطات القطار العثماني في لبنان، والتي توقفت عن العمل في العام 1997، اي بعد سنوات من الحرب الأهلية اللبنانية (1975 - 1990)، تحولت القطارات وعرباتها على مر الأيام الى مجرد ركام حديدي متفرق على مساحات واسعة مهمشة حيث تسجل تعديات متعددة. وتعد محطة رياق البقاعية التي تأسست في العام 1898 أكبر محطات القطارات في الشرق على الاطلاق حيث تبلغ مساحتها 170 ألف متر مربع، وتتألف من 70 مبنى منها ما هو تابع للمحطة التشغيلية، وأخرى بنيت كمعامل مختصة بتصليح قطع المقطورات على اختلاف أنواعها، وأخرى مختصة في تصنيع القطارات.

للتذكير هنا ان النائب العام المالي القاضي علي ابراهيم كان قد استمع في شهر حزيران (يونيو) الماضي الى افادات عدد كبير من الأشخاص والمؤسسات في جرم التعدي على حرم سكك الحديد في مختلف الأراضي اللبنانية. وقال المدير العام لمصلحة سكك الحديد والنقل المشترك زياد نصر: ان التعديات على حرم سكك الحديد تمتد من الناقورة وصولاً الى طرابلس، وان عدم تشغيل السكك لا يجيز بتاتاً التعدي عليها، سواء من أفراد او مؤسسات، وانه من البديهي في حال وقوع التعدي ان تلجأ القوى الأمنية والسلطات المحلية اي البلديات لازالتها، لكن البلديات تراخت وغضت النظر عن كثير من هذه المخالفات، فكان لا بد ان نبادر، وبدأنا وفق امكانياتنا المتواضعة باجراء عملية مسح للمخالفات وأبلغنا البلديات والقائمقاميات بالمخالفات الواقعة ضمن نطاقها، لكن عندما لمسنا عدم وجود جدية في التعامل مع القضية، ارتأينا وفق مطالعة قانونية ان نذهب في اتجاه النيابة العامة المالية من أجل معالجة الأمر. ولا تنحصر الشكاوى بالأفراد المتعدين على أملاك المصلحة وفق نصر بل ان الشكاوى موجهة ضد الشركات التي تضع لوحات اعلانية على أملاك المصلحة من دون أخذ الموافقة، وهذا أمر مخالف للقانون... ولكن هل هناك امكانية لعودة سكة الحديد الى العمل بعد تعطيل استمر عقوداً؟ لا يخفي نصر ان التركيز الآن في الدعاوى هو على مخالفات على الخط الساحلي الممتد الياس-معلوف-رئيس-جمعية-قطار--قطار---1 من بيروت الى طرابلس، لأن هناك مشروعاً جدياً لاعادة احياء هذا الخط.

وفي العام 2015 تقدمت <جمعية قطار / قطار> التي تسعى الى احياء سكك الحديد والنقل المشترك والمحافظة على ما تبقى من تراث القطاع (قطارات ومحطات قديمة)، بعدد من الطلبات لمصلحة سكك الحديد لاعادة احياء خطة السكة بين البترون وجبيل، وإنشاء مركز للأرشيف والبحوث في محطة مار مخايل، وترميم المحطة في الرياق وتحويل جزء منها متحفاً للقطارات. ووفقاً لرئيس الجمعية الياس بطرس معلوف فإن أعضاء الجمعية كانوا قد منعوا من الدخول الى المحطات لدرس المواقع واعداد تقارير شهرية لمعرفة ما تبقى من موجودات ومحتويات فيها، علماً ان محطة مار مخايل التاريخية تحولت ملهى ليلياً ومحطة عاريا مكباً للنفايات، أما المحطات الأخرى فيتم سرقة ما توافر من حديد فيها فيما تحول بعضها الآخر الى مراع للمواشي، وتجدر الاشارة الى ان الجمعية قامت بحملات تنظيف لهذه المحطات.

رئيس <جمعية قطار / قطار> الياس معلوف

 يشرح واقع سكك الحديد

فما هي أهداف <جمعية قطار / قطار>؟ وكيف تسعى الجمعية لاعادة احياء هذا المرفق؟ وغيرها من الأسئلة طرحتها <الأفكار> على رئيس <جمعية قطار / قطار> الياس بطرس معلوف، ويستهل حديثه قائلاً:

- لقد جرت محاولات عدة بعد انتهاء الحرب لاعادة دوران عجلة القطار ومروره في مختلف المناطق اللبنانية، إذ ان آخر رحلة للقطار في لبنان جرت بين بيروت وشكا في العام 1994، وبعدها اندثرت احدى المعالم الحيوية. ولبنان قد يكون البلد الوحيد في العالم الذي استغنى عن خدمات سكك الحديد، وان كان ذلك بفعل الحرب والأحداث. وفي العام 1961 انشئت مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك لبيروت وضواحيها وعهدت اليها ادارة واستثمار الخطوط الحديدية: خط عريض يمتد من الناقورة الى طرابلس فالحدود اللبنانية - السورية. خط جبلي ضيق بين بيروت والرياق والحدود السورية. خط عريض من الرياق الى القصير. ولكن أثناء الحرب الأهلية اصيبت منشآت سكك الحديد وتجهيزاتها ومبانيها وآلياتها ومعداتها بأضرار جسيمة، كما تعرضت مسارات سكك الحديد لتعديات مختلفة فانتزعت أقسام من هذه الخطوط وقامت منشآت عامة وخصوصاً على أجزاء من الخط الساحلي، لذلك فان خدمات سكك الحديد متوقفة كلياً منذ أوائل العام 1995.

ويتابع:

- في العام 1994 سيّرت آخر رحلة قطار بين بيروت وشكا حيث كان يُستخدم هذا الخط لنقل الترابة الى بيروت، ولكن في الرحلة الأخيرة كان ناقلاً خبراء من شركة <سوفراي> الفرنسية وبعض فنيي المصلحة للاطلاع ميدانياً على أوضاع الخط الساحلي. أما خط الرياق - القصير فقد توقف خلال الأحداث اللبنانية الأليمة التي عرفها لبنان وانخفضت حركة النقل على هذا الخط في السنوات الأخيرة قبل توقفها الى ما لا يزيد عن عشرة الآف طن سنوياً حيث انحصرت هذه الحركة بمرور بضائع الترانزيت الأوروبية الواردة براً الى الأردن وبنقل المواشي الواردة براً من او عبر سوريا الى لبنان والأردن. أما خط الناقورة - بيروت - طرابلس العكاري فانه يشكل شريان مواصلات مهماً وحيوياً بحيث يصل أوروبا بأفريقيا عبر آسيا ويصل المشرق العربي بمغربه.

أهداف الجمعية

سكة-حديد-في-طرابلس3 ــ متى تأسست <جمعية قطار / قطار>؟ وما هي أهدافها؟

- تأسست <جمعية قطار / قطار> في العام 2010، ومن أهدافها: اعادة انشاء الأرشيف الخاص بالسكك الحديدية ليكون لنا أرشيف. انشاء مركز للبحوث وأرشيف للسكك الحديدية مع متحف صغير في مار مخايل - الجميزة. اعادة احياء الخط بين البترون وجبيل ولقد التقنيا متخصصين وخبراء في هذا الشأن. واعادة ترميم محطة القطار في الرياق بطريقة تمكنها من ان تكون مجهزة لتستقبل القطار. و<جمعية قطار / قطار> هي منظمة غير حكومية لبنانية تعمل على الحفاظ على الماضي وبناء مستقبل السكك الحديدية اللبنانية. ومن أهداف الجمعية: اجراء الدراسات وبناء نماذج لاستعادة السكك الحديدية. الحفاظ على سكة حديد التراث اللبناني. زيادة وعي المجتمع المدني اللبناني حول حقوقه بأن لديه قطارات. والدعوة لترميم السكك الحديدية اللبنانية. ولقد تأسست الجمعية من قبل مجموعة من المتحمسين لإعادة احياء السكك الحديدية، والمؤرخين، والمهندسين، ومخططي المدن، والمهندسين المعمارين الذين يدركون أهمية تنشيط نظام السكك الحديدية في لبنان.

وأضاف:

- لقد كانت خطة الجمعية في العام 2013 اقامة معرض لعرض مجموعة من الصور الفوتوغرافية لتوعية اللبنانيين حول أهمية ان يكون هناك نظام للسكك الحديدية في لبنان حيث تبرهن الصور اننا كنا نملك ما كنا بحاجة اليه، وهذه الصور خير دليل بأنه كان لدينا قطارات لأكثر من 120 سنة. وفي ذلك المعرض أقمنا ورش عمل وتحدثنا عن تاريخ السكك الحديدية اللبنانية، وعن أهمية التراث الصناعي، والسكك الحديدية، والاقتصاد، والنقل المستدام، والتمدن، اي كل ما يتعلق بدور الجمعية وأهدافها.

ــ وما هي مشاريع الجمعية؟

- لدى الجمعية ثلاثة مشاريع كبيرة: المشروع الأول: انشاء مركز للأرشيف والأبحاث في محطة بيروت - مار مخايل، يضم كل الدراسات والأبحاث والخرائط التي تم العمل عليها لاحياء السكك الحديدية، والتي يصعب على المجتمع المدني عادة الحصول عليها بسهولة، وبذلك يكون مرجعاً لأي مهتم، فانطلاق اي دراسة جديدة يحتاج الى الاطلاع على الدراسات السابقة في المجال نفسه للحصول على المعلومات اللازمة للمضي بأي مشروع. المشروع الثاني: هو المشروع الأكبر وهو عبارة عن اعادة تشغيل خط قطار البترون - جبيل، ولقد أطلق هذا المشروع خلال معرض <صور قديمة عن سكك الحديد> الذي كانت الجمعية قد أقامته في أسواق بيروت، والخط طوله 17,3 كلم وفيه ثلاث محطات وخمسة جسور بينها أربعة جسور حديد أحدها من الصخر القديم، ويهدف المشروع الى تقوية معنويات مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك بحيث يصبح موظفو مصلحة السكك الحديدية والذين ليس لديهم مهام يقومون بها، مساهمين بانجاز اعادة احياء خط قطار البترون - جبيل، والذي يمكن ان يكون اذا ما نُفذ سبباً لرفع التعديات الحالية ومنعها. اليوم نحن كمجتمع مدني نريد ان نضع أيدينا بيد الدولة لتقويتها، ومن البداية لم نطرح هذا المشروع من باب المضاربة على المديرية، بل للتعاون على انجاز هذا المشروع. والمشروع الثالث الذي كانت الجمعية قد أطلقته في العام 2007 مع وزير السياحة آنذاك ايلي ماروني، فهو انشاء متحف للسكك الحديدية في محطة رياق في البقاع وهي أكبر محطة في لبنان، ووجود متحف فيها يمكن ان يدعو الناس للتساؤل: <اذا كان هناك قطار من 120 سنة، فلماذا اليوم لا يوجد؟!>.

ــ ما الذي دفعك للاهتمام بالقطارات وتحديداً اعداد الوثائق والأبحاث حول القطارات والسكك الحديدية في لبنان؟

- لقد أصبحت من هواة سكك الحديد منذ ان بدأت العمل على وثائقي يتمحور حول سكك الحديد، وخلال الفترة التي أجريت فيها الأبحاث شعرت ان المسألة لم تعد مجرد اعداد الوثائق، بل أردت ان أحرك المجتمع المدني في لبنان للحفاظ على سكك الحديد في لبنان لكي نعيد احياءها، وهكذا انطلقت الفكرة والمشروع اذ أجرينا خلال السنوات الماضية حوالى 700 مقابلة تحدثنا فيها عن سكك الحديد في لبنان. صحيح اننا نعمل منذ أكثر من عشر سنوات على الأبحاث، ولكن اليوم نرى ان مشاريعنا بما يتعلق بالقطارات ستلقى نجاحاً واهتماماً أكثر من السابق.

سكة-الحديد-في-الرياق--2 وتابع قائلاً:

- لقد تمكنا من جمع مئات الصور وقد قمنا بجمعها من خلال أشخاص في لبنان تواصلنا معهم وأعلمناهم عن مشروع الجمعية بإنشاء مركز للأبحاث لكل ما يتعلق بالقطار وسكك الحديد في لبنان، كما تواصلنا مع أشخاص في الخارج كان بحوزتهم العديد من الصور لسكك الحديد في لبنان. لقد أردنا احياء سكك الحديد بما يسمح لموظفي سكك الحديد ان يساهموا بذلك من خلال خبرتهم في هذا المجال، كما أننا سنستعين بخبراء أجانب لتحقيق هذه المشاريع.

وعن سكك الحديد في الرياق يشرح قائلاً:

- إن سكك الحديد في الرياق تضم أكبر معمل لتصنيع عربات القطارات والمقطورات وقطع الغيار، ويتألف المعمل وحده من 48 مبنى (23 للمخازن و25 مبنى للمصانع)، ويضم المعمل مخازن ومرائب الى جانب سعته لتوضيب قطع تجهيز وغيار ومواد أولية نادرة، لدرجة ان القطع المعطلة من كل الدول الشرق أوسطية كان يتم إصلاحها فيه، فالمحطة بالتالي لا تحمل تاريخنا وحدنا، بل تاريخ دول متعددة. ولا يزال داخل المعامل عدد كبير من السبائك والمعادن والمعدات والآلات، ومنها قطع ليست موجودة في اي مكان آخر من العالم، كما ان واحداً من القطارات المصفحة الذي تزيد زنته عن 160 طناً ولم يصنع منه سوى أربعة في العالم، موجود حتى اليوم داخل المحطة في الرياق. ان منشآت سكك الحديد وتجهيزاتها ومبانيها وآلياتها ومعداتها أصيبت بأضرار جسيمة منذ توقفها عن العمل، كما تعرضت مساراتها لتعديات مختلفة. ولا بد ان تعود لبلدة الرياق المكانة التاريخية التي اكتسبتها بفضل ربطها خمساً من أهم المدن العربية آنذاك وهي: حمص، حلب، دمشق، بيروت وزحلة، وندعو الهيئات الرسمية الى بناء متحف تراثي تاريخي في الرياق، والى اعادة ترميم المكان لاستعادة منظره القديم، والشروع في تنفيذ سلسلة من المهرجانات والأعمال الفنية والعلمية داخل حدوده لتسليط الضوء على الأهمية التاريخية للمكان، مع تخصيص زوايا لعرض الوثائق التاريخية العثمانية والفرنسية المرتبطة بالموقع، الى جانب نشر رسوم وخرائط قديمة للسكك تشرح آلية عملها آنذاك. ومن الممكن ان يكون هذا المتحف هو الضمانة الوحيدة للحفاظ على مئات المنحوتات المعدنية من قطارات وأدوات وأجهزة متناثرة في المباني العتيقة التي تحيط بالسكك الحديدية وسط أشجار برية عملاقة تتخطى العشرة أمتار، اضافة الى الحفاظ على 30 قاطرة و200 عربة موجودة داخل مباني المعمل.

واستطرد قائلاً:

- من الضروري اعادة تأهيل قطار قديم لنقل الزائرين بين المحطة والمصنع ذهاباً واياباً، كما يفترض نقل كل القطارات الموجودة في مختلف المحطات الى الرياق التي تضم 80 قطاراً، واذا أضفنا اليها ما تبقى من <ترامواي بيروت> (القطار الكهربائي) الذي أنشىء في العام 1895، تصبح مجموعة القطارات في متحف الرياق نحو المئة، وإن جهات خارجية أبدت استعدادها لتمويل المتحف بالكامل، لكن لا قرار حكومياً حتى الآن بشرعنة مشروع المتحف، ولقد عرضنا على الحكومة أكثر من مرة مشاريع ممولة لبناء متحف تراثي لكن لا تفاعل رسمياً مع كل المحاولات التي نبادر بها للحفاظ على تاريخنا.