تفاصيل الخبر

رئيس الاتحاد اللبناني للنقابات السياحية أمين خياط: الـحـــذار مــن نــــزول الـمـؤسـســــات السيـاحـيــــة الـــى الشـــارع لإعــــلان غـضـبـهــــــا عـــلـى الـسـيـاســـــة!  

19/08/2016
رئيس الاتحاد اللبناني للنقابات السياحية أمين خياط: الـحـــذار مــن نــــزول الـمـؤسـســــات السيـاحـيــــة الـــى الشـــارع لإعــــلان غـضـبـهــــــا عـــلـى الـسـيـاســـــة!   

رئيس الاتحاد اللبناني للنقابات السياحية أمين خياط: الـحـــذار مــن نــــزول الـمـؤسـســــات السيـاحـيــــة الـــى الشـــارع لإعــــلان غـضـبـهــــــا عـــلـى الـسـيـاســـــة!  

بقلم طوني بشارة

Afkar-Sakafiya-2000000005

يتنفس الاقتصاد اللبناني من رئة السياحة والخدمات بشكل اساسي، لكن الموعد الصيفي تخرقه محطات أمنية وسياسية تفقده زخمه المنتظر. فتارة هناك الظروف الأمنية، وتارة أخرى هناك الضغوط السياسية العربية من باب السياحة، فتوعز الدول الخليجية إلى رعاياها بعدم التوجه الى لبنان، والمحصلة تخبط أهل القطاع بين ما عهدوه من أرباح في سنوات سابقة، وبين التراجعات واكلافها، اذ يعيش القطاع السياحي في لبنان منذ مطلع العام 2011، أزمة تراجع كبيرة وصلت الى حوالى 80 في المئة هذا العام مقارنة مع العام 2010. فالقطاع يستنزف في ظل تعثر كثير من المؤسسات السياحية، بسبب المشاكل المالية، فضلاً عن الإنذارات والغرامات من المالية والكهرباء والمياه والبلديات وغيرها، ويأمل الجميع حدوث معجزة للتخفيف من تفاقم التدهور في القطاع، مثل انتخاب رئيس للجمهورية، أو انتهاء الحرب في المنطقة، ما قد يشكل صدمة إيجابية في البلد، كما حدث عند تشكيل مجلس الوزراء.

القطاع السياحي دخل مرحلة الغيبوبة، فهل من أمل لمعالجة ازمته؟ وهل من فرص معينة يمكن اغتنامها لإعادة لقب سويسرا وباريس الشرق الأوسط الى بلدنا لبنان؟ اسئلة عديدة حملتها <الأفكار> الى رئيس الاتحاد اللبناني للنقابات السياحية ورئيس نقابة أصحاب المؤسسات السياحية في بيروت امين خياط الذي اعلمنا انه وفي حال استمرت الأوضاع على ما هي عليه، ولمدة سنة تقريباً ستصبح النقابات السياحية من ضمن عداد الحراك الشعبي، وسيكون الشارع حكماً المكان الأفضل للتعبير عن استياء المؤسسات السياحية.

 

 فنادق مهددة بالإقفال

ويتابع قائلاً:

- اللافت أنه بسبب ضغط النفقات واقفال فنادق ومؤسسات سياحية نتيجة الوضع المتردي في البلد، بلغت نسبة الموظفين والعمال الذين تركوا العمل في القطاع السياحي حوالى 45 ألف موظف وعامل من أصل 150 ألفاً، أي ما نسبته حوالى 30 في المئة خلال السنوات الأربع الأخيرة، كما أن هناك 4 فنادق كبيرة اقفلت أبوابها، منها اثنان في الجبل، كانت توظف حوالى ألف موظف، وذلك بعدما خسر لبنان أكثر من 350 ألف سائح كانوا يقصدونه عبر البر سنوياً.

39,8 بالمئة نسبة التراجع

واستطرد خياط:

- وفي مقـارنة بين عدد السياح الوافدين الى لبنان حتى شهر تموز/ يوليو 2016 والعـدد في الفــترة نفـسها من العام 2010، يتضح أن لبنان خسر 595 ألفــاً و27 سائحاً (من مليـون و492 ألفاً و133 سائحاً إلى 897 ألفاً و106 سياح) أي بتراجع نسبته 39.87 في المئة.

ومضى خياط يقول: إن القطاع السياحي يعيش انتكاسات متتالية بفعل اللااستقرار الذي يخيّم على الساحة اللبنانية، إضافة إلى التطورات الاقليمية منذ العام 2011، وبقدر ما تكون السياحة ضعيفة وبوضع غير سليم، بقدر ما يكون الوضع الاقتصادي هشاً في لبنان.. فالقطاع كما يبدو هو الآن في «غرفة العناية الفائقة، الخسائر تتراكم يوماً بعد يوم، أما المسؤولون المعنيون فهم غير آبهين بهذا الواقع المزري، ولم يفكر أي منهم بدءاً من مجلس الوزراء، مروراً بمجلس النواب، وصولاً إلى الكتل النيابية، في كيفية العمل للخروج من هذه الدوامة القاتلة للقطاع خصوصاً والسياحة عموماً، والبحث عن السبل الآيلة إلى النهوض.

لبنان... الاول في الخدمات السياحية

 

ــ لكن يقال اننا ما زلنا نحافظ على خدماتنا السياحية الممتازة، فما تعليقك على ذلك؟

- في الأرقام يمكن القول اننا من أكثر الدول تراجعاً على مستوى الإشغال الفندقي، وقد يصح فينا القول اننا من رواد الفرص الضائعة في اطاحة القطاع السياحي، لكننا بشهادة السياح العرب والأجانب وتصنيفات المنظمات السياحية الدولية، ما زلنا «أوائل» في الخدمات السياحية، وهذه الشهادة تنطبق على كل الخدمات، بدءاً بالمطبخ اللبناني مروراً بالنظافة وحسن الضيافة وخدمات الغرف وصولاً الى تنوع الهويات السياحية: دينية، ثقافية، بيئية وطبيعية، لكن التسليم بهذه الشهادة لا يكفي لطمأنة السائح الأجنبي الذي يفكر في الحجز قبل شهرين. والثابت أن لا حجوزات باسماء أجنبية حتى الساعة، أما العربي الخليجي الذي بات ملماً بزوايا السياسة والأمن في لبنان، فيبدو أنه صار يعد للعشرة للمرة الأولى قبل زيارة ربوعنا، ونحن أيضاً سنعد للعشرة لكن الى الوراء، لنؤكد على الشعار «لبنان سويسرا الشرق» لا بديل له، وسيعود...

وتابع خياط قائلاً:

- لبنان بلد سياحي بامتياز، ما نقرأه ليس مجرد شعار ولن يكون، فمن عايش الواقع السياحي في لبنان وقرأ في الأرقام معدل الإشغال حتى العام 2010 يدرك أن تصنيفه على لائحة أفضل الدول السياحية ليس مجرد جائزة ترضية، فلبنان الذي عاش عقوداً من الحروب والنزاعات بقي وجهة السياح العرب والأجانب على السواء، اضافة الى المغتربين اللبنانيين المنتشرين في كل ارجاء العالم، لاسباب تتعلق بطبيعته الخلابة ومناخه المعتدل وتنوع الحضارات السياحية والخدماتية عند اللبنانيين وثقافة شعبه وحسن ضيافته، وصولاً إلى ميزة انفتاحه على العالم وتعدد الثقافات واللغات، أما على المستوى الطبيعي فليس جزافاً أن نسمع سائحاً عربياً أو حتى أجنبياً يتغنى بما يسمونه بقرب المسافة بين الجبل والعاصمة، مما يساعد الزائر على التنقل بين المناطق في يوم واحد ومن دون إرهاق.

واستطرد خياط قائلاً:

- كل هذا ما كان ليحفر في الذاكرة لو لم يقترن بتقارير «ذهبية» نستذكرها من العام 2009 أولها ما صدر عن منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة وفيه أن لبنان سجل أعلى نسبة في دخول السياح إليه، فيما صنف لبنان في المرتبة الأولى من بين 15 دولة سجلت نمواً كبيراً في عدد السياح. وعلى الارض، سجلت دائرة الإحصاء في المديرية العامة للطيران المدني في لبنان يومذاك دخول 2، 708، 962 سائحاً الى مطار بيروت الدولي. تتحسرون على هذه الفترة؟ ربما يستحق الأمر، لكن ماذا نقول عندما نقرأ أيضاً وأيضاً، أن عدد السياح ناهز في العام نفسه، المليون ونصف المليون سائح، يومئذٍ أدرجت صحيفة «نيويورك تايمز> الأميركية لبنان على رأس قائمة أهم دول الاستجمام لقضاء فترات العطلة الصيفية، وختمت المقال بالتأكيد على أن لبنان «يتأهب لاستعادة لقبه كباريس الشرق الأوسط>.

 

خياط وسيطرة الفنادق والمطاعم الكبرى

ــ هذا حتى عام 2011، فما هو الواقع الحالي؟

- من سويسرا الشرق إلى باريس الشرق الأوسط إلى... الواقع الذي يتخبط فيه القطاع السياحي، ولكن ليس النق هو المحور، ولا حتى الغرق في أحلام ونجاحات الماضي، وطبعاً لا يقع اللوم على تدني مستوى الخدمات الفندقية والسياحية عموماً، فهي لا تزال مصنفة كأفضل خدمات في المنطقة، لكن تداعيات ثورات الربيع العربي انعكست سلباً على القطاع السياحي وكان يمكن استغلالها إيجاباً «لكننا كما العادة اسياد في تفويت الفرص واقتناص الضائعة منها>.

وتابع أمين خياط:

- للاسف حالياً هناك عشرة مصارف تتحكم بأمور الشعب اللبناني وبمصير الدولة من خلال سندات الخزينة، واللافت أيضا ان ما ينطبق على المصارف ينطبق أيضا على القطاع السياحي، فالفنادق الكبرى التي تمثل 10 بالمئة من فنادق لبنان تؤجر غرفها بتكلفة متدنية، وذلك دون تكلفة غرف فئة الثلاث او الأربع نجوم، وهي تؤثر بذلك سلبا على مصالح الفنادق الباقية، مما يجعل السائح يفضل الاقامة في الفنادق الكبرى على الاقامة في الفنادق العادية وذلك بسبب تدني اسعارها. وفي ما يتعلق بالمطاعم فحدث بلا حرج، على اعتبار ان 10 بالمئة من مطاعم لبنان تسيطر على القطـــاع، وأكبر دليـــل على ذلك هــو عدم المقدرة على ارتياد هــذه الفئـــة مــن المطاعـــم دون حجز مسبق، وبالمقابل نـــرى ان المطاعــــم الباقيــــة والتي تشكل ما نسبته 90 بالمئة من مطاعم لبنان سيكون مصيرها الاقفال في القريب العاجل.

واستطرد خياط: واذا أردنا التوسع نرى ان 10 بالمئة من السياسيين يتحكمون بالبلد وبمصيره، ويحمون المفسدين وأصحاب الصفقات المشبوهة ويفضلون مصلحتهم الشخصية على مصلحة البلد.

 

القطاع السياحي الى أين؟

ــ سؤال يطرح نفسه، ما مصير القطاع السياحي في ظل الظروف الحالية؟

- قبل ان نسأل: القطاع السياحي الى اين؟ ولبنان والمواطن اللبناني الى اين؟ لبنان السماء والبحر، لبنان الطبيعة الخضراء، لبنان الضيعة والجبل، كل هذا دخل في عالم المجهول وبداخله المواطن اللبناني الذي اوقعوه في دوامة تدور بدون توقف من خلال القابضين على روح هذا البلد بالفساد والسمسرات والعمولات، بطريقة شرسة لا تعرف الشبع ولا تعرف القناعة ولا تعرف الإنسانية التي هي من حق الشعوب. المتحكمون بالقطاعات الاقتصادية والتجارية والصناعية ورجال الاعمال والكل يقولون بأن السياحة هي العمود الفقري للبنان، ولكنهم للاسف كسروا عموده الفقري وبات لبنان يسير مشلولا غير قادر على الوقوف، ودخل في غيبوبة الحياة لا يعلم ولا يشعر ولا يحرك ساكناً مستسلماً، يملك فقط إدارة رأسه الى السماء متسائلا: ما هذا القدر الذي ارسله ربنا الى هذا البلد مع حكام تجاوزوا استبداد سلاطين الدولة العثمانية؟

وتابع خياط:

- أصبحت الدولة ملكا للسلطان ولابنه ولحفيده ولصهره ولحاشيته، نعم لقد عدنا مئات السنين الى الوراء، واصبحنا نعيش في عصر لا نعرفه ولا نعرف عاداته وطقوسه، واصبحنا فئة تشبه كل شيء الا الانسان.

خياط وجذب السائح الصيني والروسي

 

ــ في ظل هذه السيطرة من قبل الفاسدين او سميتهم فئة الـ 10 بالمئة، هل من أمل لعودة الحياة الى القطاع السياحي؟

أجاب خياط:

- في ظل الوضع الراهن نحن بحاجة الى تسويق ودعم، وللاسف نحن حاليا نتكل على بعض السياح ونتناسى السياح الصينيين واليابانيين والروس، سياح يفوق عددهم العشرة ملايين نسمة في العالم، فلماذا لا يتم جذب 10 بالمئة منهم الى لبنان؟ علماً أن هذه الفئة من السياح تزور البلدان بهدف التجوال وزيارة الأماكن الاثرية، مما يساعد على صرف مبالغ مالية كبيرة من قبلهم في كافة المناطق والمدن التي يزورونها، وهذا الامر يحسّن وبطريقة غير مباشرة الوضع الاقتصادي للعديد من أصحاب المهن والمؤسسات، بينما السائح المنتظر فوجهته للاسف وكما اعتدنا الملاهي والنوادي الليلية، فسياحتهم للسهر فقط وتصب في مناطق معينة.

خياط والقرض الشبيه بقرض الاسكان

ــ هذا في ما يتعلق بالتسويق، فماذا عن الدعم؟

- لا اقصد في هذا السياق دعماً من قبل الدولة كما هو متعارف عليه باللغة الاقتصادية اي كما هو حاصل في قطاع الكهرباء والمازوت والبنزين والقمح. .... حيث يكون الدعم من المال العائد للدولة، ما أعنيه هنا هو تمديد مهل سداد دين أصحاب المؤسسات السياحية للمصارف بشكل مشابه للتمديد لنواب الامة لحكم البلد، وقد قابلت حاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة وأعلمته بمشاكل القطاع وطلبت منه تمديد مهل السداد الى سبع سنوات، وحالياً وفي ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية أطالب بتمديد مهل السداد الى 20 و30 سنة على الاقل، علماً ان دعم الاسكان كفالته ثمن الشقة الذي يتراوح ما بين 100 ألف دولار و500 ألف دولار اميركي، بينما اصغر مؤسسة سياحية يتراوح ثمنها ما بين 500 ألف دولار و50 مليون دولار أميركي، وقد اقترحت فكرة ارسال خبير محلف لتخمين قيمة المؤسسة، وطالبت باعطاء قرض لأصحاب المؤسسات السياحية اقصاه 25 بالمئة من قيمة المؤسسة مقابل رهنها، مع التنبيه الى ان هذه القروض تم الاستحصال عليها من أصحاب المؤسسات على امل تحسن الأحوال وتمكنهم من تسديدها، فيما الأحوال من سيئ الى اسوأ فتراكمت الديون والفوائد واقتربت معظم المؤسسات الى حد الإفلاس مما يجعل من تمديد مهل التسديد حاجة ملحة، وقد اقتنع حاكم مصرف لبنان بطرحي، ولكنه اعلمني بأن المطلوب بحاجة الى اصدار قانون عن مجلس النواب لاقراره، وهذا الامر غير ممكن حالياً.

وختم السيد خياط حديثه قائلاً:

- في حال استمر الوضع على ما هو عليه الآن ودخل العام 2017 وما زالت الأمور تراوح مكانها، فإن الكارثة واقعة لا محالة اذ ان الشكوى كمن يقف على رأس جبل ويصرخ بأعلى صوته فلا يسمع الا صدى صوته العائد من الوديان العميقة التي تضم رجال السياسة.