تفاصيل الخبر

ريفـــي لـــم يـــــرد أن يـسـقـــــط فـــــي أزمــــــة الـنـفـــــــايــات وتـــــمـسّك بـالـخـيــــــار الـعـــــــربــي

10/03/2016
ريفـــي لـــم يـــــرد أن يـسـقـــــط فـــــي أزمــــــة  الـنـفـــــــايــات وتـــــمـسّك بـالـخـيــــــار الـعـــــــربــي

ريفـــي لـــم يـــــرد أن يـسـقـــــط فـــــي أزمــــــة الـنـفـــــــايــات وتـــــمـسّك بـالـخـيــــــار الـعـــــــربــي

 

بقلم علي الحسيني

الوزير-المستقيل-اشرف-ريفي

إن سُئلتَ عن العدل في بلاد المسلمين فقل لهم <قد مات عمر>، وإن سُئلتَ عن حال وزارة العدل في حكومة لبنان اليوم فقل لهم <قد استقال أشرفها>.

منذ ان وضع وزير العدل اللواء أشرف ريفي استقالته على طاولة مجلس الوزراء، والبلد في حال يرثى لها من تجاذبات سياسية وانعكاسات سلبية على الوضعين الاجتماعي والاقتصادي، حتى باتت الحكومة قاب قوسين او ادنى من رحيلها.

 

من النفايات الى الكهرباء

التي تنير قصورهم

 

في خضم الازمات التي يغرق فيها لبنان، تخرج من بين اكوام الشوك فسحة امل تبشر بمستقبل واعد لوطن مسروق ومعطوف على <واو> جماعات لا تريد له الخير وتُصرّ على جرّه الى الحروب والفوضى. وتأبى هذه الفسحة الا ان تتسع لجميع اللبنانيين رغم تناقضاتهم الاجتماعية وميولهم السياسية. ومن هذا الباب العريض خرج احد هامات الوطن ليضع النقاط على الحروف وليعرّي اصحاب المصالح داعياً الى إعادة فتح باب السجون لمجرمين حاولوا ذات ليلة مظلمة ان يغتالوا البلد وان يدخلوه مجدداً في دوامة الفتن المذهبية والطائفية، والى فتح ملفي النفايات التي اغرقت الشارع بروائح فسادها، والكهرباء التي غابت عن البيوت والاحياء الفقيرة لكنها ظلت تنير حياة السياسيين وقصورهم بالإضافة الى جيوبهم. وفي هذا السياق قد يسأل سائل عن الاسباب التي جعلت الوزير ريفي يقدم على خطوة استقالته على الرغم من انه معروف بمدى حرصه على البلد ووحدته، وهو الذي اتخذ قرار الدخول في الحكومة بعد عرض وزارة العدل عليه من جانب تيار <المستقبل>، وهو الساعي على الدوام الى تطبيق العدالة الحقيقية لا الاستنسابية.

لماذا استقال ريفي؟

مصادر سياسية وأمنية موثوقة جداً ومقربة من الوزير ريفي فتحت مخزن اسرارها في حوار مع <الافكار> للتحدث حول الكبيرة والصغيرة في الملفات العالقة والاسباب التي ادت الى تقديم ريفي استقالته. تقول المصادر إن ريفي ومن خلال تقديم الاستقالة انما قام بواجبه وقناعاته وما يمليه عليه ضميره، والباقي على الله. الحكومة أصبحت اعجز من ان تحل ملفاً صغيراً واصبح لدى ريفي العديد من المآخذ عليها، واهم شيء أن ريفي لم يرد ان يسقط في ملف النفايات. وبرأي المصادر ان هذه الحكومة وعندما تمرّ فترة سبعة اشهر من دون ان تحل ملف النفايات تصبح حكماً عاجزة بالحد الادنى، وهنا يمكننا أن نسأل أنفسنا: ماذا قدّمنا للناس من خلال هذه الحكومة؟ بالطبع لا شيء.

وتتابع المصادر: كان لدى الحكومة ملف التعيينات، بعده النفايات وملف الكهرباء الذي طرحه ريفي عدة مرات على طاولة مجلس الوزراء لكن من دون ان تتم مناقشته. وفي موضوع الكهرباء تقول المصادر انه يجب على الحكومة ان تحل المشكلة من اساسها وليس بجزئياتها، فنحن في لبنان لدينا عجز وصل الى مليارين ومئتي مليون دولار تدفعهم الخزينة كل عام، والدولة التي تحترم نفسها تستطيع من خلال هذا المبلغ ولفترة عامين فقط أن تنتج كهرباء على مدار 24ساعة.

الرابط بين الاستقالة

خيار-ريفي-العربيوملف سماحة

وتتابع المصادر المقربة من ريفي خط سير شرحها للاستقالة فتقول:

- جاء ملف الوزير السابق ميشال سماحة وهنا لم يرضَ ريفي بعدالة استنسابية، ولا ان تُستباح دماؤنا، وأن يصبح سعر دم أي من فريقه السياسي أربع سنوات سجن كمثل المدة التي قضاها سماحة، وهذا ما اعتبره مؤامرة مشبوهة وتواطؤاً من قوى اصبحت معروفة لدى الجميع. واول مرّة رفع فيها ريفي كتاباً حول ملف سماحة لإقراره لم يوضع على طاولة المناقشات في مجلس الوزراء، لكن وبنتيجة اخلاء السبيل وضغط الحراك المدني والضغوطات السياسية تمّ وضعه على الجدول، لكن الحكومة كانت مرة ثانية اعجز من ان تناقشه، وذلك لفترة اربعة اسابيع متتالية الى ان اعطى ريفي اشارة بالانسحاب من الجلسة كإنذار أولي لأنه لا يمكن ان يقبل بأن تُستباح دماء فريق محدد وأن يتحوّل هذا القاتل الى بطل في نظر البعض وربما <قديس>.

وتضيف المصــــادر: بعدهـــــا تحـــــولت اللعبة من المناكفات داخل مجلس الوزراء الى ان اصبحت لصــــالح حــــزب الله وكأن الحكومـــــة تحـــــولت الى غطاء للحزب وسلوكه وهيمنته على مرافق البلد ومقدراته، الى ان انفجرت الامور بعد ذلك ضمن الصراع العربي - الفارسي اي بين حزب الله والمملكة العربية السعودية، وبهذا الصراع لم يكن لريفي اي خيار الا ان يكون مع الهوية العربية اي مع السعودية، وهو اعلن مراراً وتكراراً انه سيقاتل من اجل تثبيت هويتنا العربية.

اين مصلحة حزب الله في بقاء الحكومة؟

من منظارها الخاص حول وضع الحكومة بما هي عليه اليوم، وحول مصلحة حزب الله في بقائها، تعتبر المصادر ان مصلحة الاخير هي انه يستعملها مطية لتبرير افعاله وارتكاباته وتأخير انتخابات رئيس الجمهورية، وفي النهاية هناك وزير خارجية (جبران باسيل) يدافع عن الحزب في وجه الاجماع العربي، تماماً كما ان هناك وزير داخلية (نهاد المشنوق) يحاول ان يتماهى مع موقف الحزب. وبما ان ريفي قد اتخذ الخيار العربي انطلاقاً من هويته اللبنانية، فقد قرر ان يقف الى جانب الاجماع العربي، وذهب ريفي في معركة تثبيت هوية لبنان العربية الى اقصى الحدود، وهو لا يمازح في هذا الامر ولا يلعب، وبحسب قناعاته فإن الرجل سيقاتل حتى الرمق الأخير لصالح العروبة، خصوصاً وان هناك مشروعاً فارسياً توهم في مرحلة ما انه يستطيع ان يخضع الدول العربية له ولقراراته. ريفي لن يستسلم وسيظل بالمرصاد لهذا المشروع ولغيره.

 

شرخ بين جمهور 14 آذار وقيادته

مما لا شك فيه ان جمهور 14 آذار بكل مكوناته، سواء الاسلامية او المسيحية، متعطش لمن يقف الى جانبه، ومن الواضح ان هناك نوعاً من الشرخ اليوم بين هذا الجمهور وبين قسم كبير من قياداته التي يُقال انها انحرفت نوعاً ما عن الثوابت التي قامت لاجلها حركة 14 آذار الشعبية قبل ان تكون حزبية او تابعة. هنا تجزم المصادر المقربة من ريفي أنه ما زال ملتزماً بثوابت 14 آذار، والتي انتقل من خلالها من الجو الأمني الى الجو السياسي بعد التقاعد من قوى الامن الداخلي ودخوله المعترك السياسي من بوابة جلسة-غاب-عنها-وزير-العدلالحكومة، لكن في النهاية هو رجل مبدئي ولا تهمه المصالح ولا يعترف بالظروف القاهرة، انما يخوض معاركه بواقعية من دون ان يغيّر مسلماته وثوابته.

ولدى سؤال المصادر عن الجهة التي يتكل الوزير ريفي عليها في معركته هذه، تجيب: ريفي يستند الى قناعاته وضميره وعلى الجمهور الذي يوافق على طروحاته، وهو يعلم ان هناك معركة طويلة وكبيرة قد لا يربحها، لكنه قرر ان يسجل موقفه للتاريخ وامام الله. وفي البيان الوزاري سجل تحفظاته في بداية تشكيل الحكومة وقال انه يوافق على الجلوس مع مكون حزب الله في جزئه اللبناني على الطاولة نفسها تحت عنوان <ربط نزاع>، لكن في الوقت نفسه كان يقول لهم انه سيقاتل <مشروع الدويلة> من اجل تثبيت وتدعيم ركائز مشروع الدولة الواحدة ان على الصعيد السياسي او الاعلامي، وهو سوف يستغني عن اي موقع من اجل ناسه ووطنه وقناعاته.

 

أين أصبحت الاستقالة؟

الاستقالة كما تؤكد المصادر هي اليوم على طاولة مجلس الوزراء، والوزير ريفي مصر عليها وهي نهائية لا عودة عنها لانه لا يمازح بأمور كهذه، وهو ينتظر ان يبت مجلس الوزراء فيها كونه صاحب الصلاحية بغياب رئيس الجمهورية، رغم ان هناك جدلاً قانونياً حول ما إذا كان هذا الامر هو من صلاحية رئيس الجمهورية فقط، وهذه وجهة نظر اخواننا المسيحيين. لكن ريفي رفعها الى السلطة الاعلى اليوم لكي يقول انه لن يكون شاهد زور على تركيبة حكومية تغطي حزب الله، وتعجز عن الدفاع عن هويتنا العربية، وعن تأمين الحد الادنى من متطلبات الناس الحياتية سواء في ملف النفايات او الكهرباء، وتعجز عن حل ملف يدخل ضمن أمننا القومي والوطني وهو ملف ميشال سماحة، وبالنهاية لن يكون شريكاً بحكومة كهذه.

وعن السبب الذي يمكن ان يجعل الوزير ريفي يعود عن استقالته تؤكد المصادر انه لن يعود عنها بأي شكل من الاشكال، لأن العودة منوطة فقط بتغيير كل قواعد اللعبة داخل الحكومة، وهذه القواعد اصبحت بيد حزب الله، وريفي قلب الطاولة ليقول <مش ماشي الحال>، ولو رأى ان دوره في الحكومة سيؤدي غرضه لما استقال، لكنه ايقن بانه في ظل هيمنة حزب الله وعجز الحكومة، لا يمكن ان يقوم اي شخص ذي ضمير مهني بواجباته وبما يقتضيه ضميره وواجبه الوطني. كما وان استمراره في الحكومة اصبح يناقض الدور الذي أتى من اجله، ولهذا قرر ان يقلب الطاولة على الجميع وان يقول: لن اغطي حكومة يحكمها حزب الله ويتحكم بمسارها.

وبالنسبة الى المصادر عينها، فإن مشروع حزب الله في البلد يقوم على توهم ايراني بإقامة امبراطورية ايرانية، وهو - اي الحزب - في هذا المجال واهم لانه لا يقرأ التاريخ ولا الحقائق ولا الواقع، إذ يستطيع حزب الله ان يتمدد ولكن لفترة محددة وبالتأكيد سيندم عليها لاحقاً وسيدفع ثمنها، كما وانه لن ينتصر لا في سوريا ولا في العراق ولا في اليمن ولا في لبنان. وكذلك الامر بالنسبة الى حليفه النظام السوري فهو لن ينتصر ايضاً لان القرار في النهاية سيكون للشعب السوري وحده.

وحول علاقة ريفي بالمملكة العربية السعودية تشير المصادر الى ان هذه العلاقة مبنية على الود والتفاهم والاحترام المتبادل، وهو لا ينظر الى المملكة كمصرف مالي بل من حيث موقعها العربي والاسلامي، وهي لم تقصّر لا مع لبنان ولا مع اللبنانيين كما وانها ما زالت الضامن الابرز للاستقرار والعيش الواحد والمشترك في بلدنا الذي له مكانة خاصة لدى المملكة.

عودة الاغتيالات!

زمن-الاغتيالات. 

تبقى عودة الاغتيالات احتمالاً وارداً في كل ساعة بحسب المصادر التي تلفت الى ان مشروع الفريق الآخر ما زال قائماً على الاغتيالات والقتل وهو الذي مارس الغاء الآخر جسدياً. الوزير ريفي يعلم من هو قاتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري واللواء وسام الحسن، وداخل المحكمة الدولية معروفة الجهة التي تُحاكم. الاغتيال وارد وريفي كما غيره كثر يضعون انفسهم في حالة احتياط دائمة، وهو تلقى تحذيرات بهذا الخصوص، وهناك ايضاً مجموعة شخصيات معرضة لهذا الامر وهو من ضمنها. ويردد الوزير ريفي في مجالسه بحسب المصادر أنه سيعمل على منع حزب الله من تحويل لبنان الى محافظة او ولاية ايرانية او قاعدة عسكرية متقدمة لايران على البحر الابيض المتوسط، فهذا البلد لبناني اولا وعربي ثانياً، وحلقته ومحيطه عربيان ولن يكون فارسيا، وهو لطالما دعا الحزب الى ان يعيد حساباته وان يخرج من سوريا والعراق واليمن والبحرين لانه لن يستطيع ان يحقق اياً من احلامه او طموحاته الخارجية.

أما الوضع في المنطقة بحسب المصادر فهو جيد نظراً لوجود ضمانات دولية، حتى انه ليس لحزب الله مصلحة بأي تقاتل داخلي رغم ان الاجواء السياسية متشنجة مع الدول العربية، وهو ما سينعكس بالطبع ضائقة اقتصادية واجتماعية، ولذلك علينا تدارك الأمور لعدم الوقوع في أخطاء <مميتة> مرة أخرى.

وعن مدينة طرابلس ومدى وقوفها الى جانب الوزير ريفي تؤكد المصادر ان اللواء ريفي يعشق مدينته بناسها وتراثها وقيمها، حتى <الثمالة>، ولذلك يدعو على الدوام الى عدم <شيطنتها> وعدم وضعها في خانة الارهاب لاهداف اصبحت مكشوفة ومعروفة للقاصي والداني. ولطالما ردد ابن المدينة جملة بحق ابناء مدينته <سأبقى وفياً لأهلي في كل الشمال رغم ان العين بصيرة واليد قصيرة>.