تفاصيل الخبر

رئاســـة الحكومـــة بين سعــد الحريــــري ونجيب ميقاتـــي!

05/04/2018
رئاســـة الحكومـــة بين سعــد الحريــــري ونجيب ميقاتـــي!

رئاســـة الحكومـــة بين سعــد الحريــــري ونجيب ميقاتـــي!

بقلم وليد عوض

الرئيس-وليد-جنبلاط

على كل مواطن لبناني أن يتحسس جيبه بعدما قال الرئيس ميشال عون للبطريرك بشارة الراعي ان <البلد مفلس>. وعندما يفلس التاجر، كما هو منطق الأشياء، فينبغي أن يعود الى دفاتره القديمة، ليعرف أي خطأ ارتكبه وهو يبني حياته الاقتصادية.

البلد اقتصادياً بألف خير. وعدد رجال الاقتصاد، بين أغنياء بثروات مخفية، ومصرفيين بأرقام مذهلة يفوق كل حساب. ومنذ أزمة بنك <انترا> عام 1966، وافلاس يوسف بيدس، وبدر الفاهوم واميل مسلم، لم تظهر أية حالة افلاس وأية هزة اقتصادية ببلد يداوي نفسه بنفسه مهما كان المرض. ومع ذلك فالاحتياط واجب، وللضرورة أحكام.

وكان لتدخل السلطة اللبنانية العليا، بدءاً من الرئيس شارل حلو، دورها في ضبط الأمن المالي، وتصحيح مسار الحركة الاقتصادية، وكان البطريرك نصر الله صفير بين المستهدفين من افلاس بنك <انترا>، واضطرار مؤسسه للسفر الى سويسرا، هرباً من الملاحقة مع اتفاق المسؤولين في مصرف لبنان على أن يوسف بيدس كان يستطيع يوم السبت من ذلك الأسبوع، أن يوجد التمويل المطلوب، وأن يتجنب الملاحقة ولكن السيف سبق العذل.

وتوفي يوسف بيدس في جنيف، فيما كان يحاول انتشال بنك <انترا> من وهدة العدم.

وجاءت ولادة حركة <أمل> (أفواج المقاومة اللبنانية) عام 1974  لتحدث تغييراً في تركيبة الجيش، وأن تفتح الباب لتغييرات في الجغرافيا السياسية. ومن حركة <المحرومين> التي أنشأها الإمام الصدر في بعلبك، أتيح للإمام الصدر فرض السيطرة على الموقف السياسي، خصوصاً بعد اعلانه الصوم في الكلية العاملية عند منطقة رأس النبع خلال حرب السنتين، وظل الإمام الصدر الرقم الصعب في المعادلة اللبنانية، حتى يوم خطفه في طرابلس الغرب صيف عام 1978 مع رفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين.

ومع عام 1992، عام وصول الرئيس نبيه بري الى رئاسة مجلس النواب، حلت حركة <أمل> مكان الإمام موسى الصدر، وتحالفت مع حزب الله، سيد الموقف في الجنوب والبقاع آنئذ. وظل هذا التحالف ينبض بالحياة، ويجتاز الانتخابات النيابية، وصولاً الى ما نحن عليه الآن من قانون الانتخابات النسبية والصوت التفضيلي.

وقبل أن تنكشف نتائج انتخابات 6 أيار (مايو) المقبل، لا يستطيع الكاتب الصحافي أن يتنبأ بالسلطة الكاملة لأي فريق، فحزب الله يملك مجموعة من المقاعد النيابية في الجنوب والبقاع، وحركة <أمل> صيغة متكاملة للتحالف مع حزب الله المدعوم بالمال والسلاح من إيران في الجنوب والبقاع. وقد جاء حين من الدهر على حزب الله أن عكر صفو الأمن في بيروت، فكان لزاماً على دولة قطر وأميرها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أن يستضيف الفرقاء اللبنانيين وعلى رأسهم الرئيس ميشال سليمان، وأن ينشئ اتفاقية الدوحة عام 2008 استكمالاً لاتفاقية الطائف عام 1989.

 

الطائف هو السقف!

والصامد حتى الآن في ساحة الصراع اللبناني والعربي هو اتفاقية الطائف التي وضعت نهاية سعيدة للصراع السياسي في لبنان، بعد انتقال السلطة في المناطق الشرقية الى قائد الجيش العماد ميشال عون وسكنه في قصر بعبدا واطلاق هتافه المشهور: <يا شعب لبنان العظيم>.

وبرغم قيام حكومة مقابلة في سراي بيروت برئاسة الدكتور سليم الحص، فإن اتفاقية الطائف كانت الكفيلة الوحيدة لوقف اطلاق النار، والبدء مع عهد الرئيس الياس الهراوي.

قليلون من اللبنانيين وضعوا في حسابهم أن يكون العماد ميشال عون رئيس الوزراء الملتحق بالشرعية التي أسبغها عليه الرئيس أمين الجميّل قبل انتهاء عهده، حاكم لبنان المطلق في يوم من الأيام، ولكن تصاريف الزمان، ومجيء العماد عون كنائب أكثري عن كسروان، كل ذلك أتاح للرجل أن يكون رئيس البلاد في العام 2016، وهو في تحالف قوي مع رئيس الوزراء سعد الدين الحريري، حتى صار قرارهما واحداً، وإن كان الظاهر انه حلف ثنائي ينطلق من التصدي للارهاب. وكان يمكن لهذا التحالف أن يصبح ثلاثياً، لولا الجو المكفهر بين الرئيس الحريري وحزب الله الذي هو حليف في السلطة للرئيس ميشال عون منذ اتفاقية كنيسة مار مخايل الشياح عام 2006.

والسياسيون الذين يريدون إثارة النعرات في لبنان، وعطف مسيرته في اتجاه غير الاتجاه المرعي الجوانب يحاولون ان ينفذوا من أي ثغرة في علاقات رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، وهذا ما نبه إليه الزعيم وليد جنبلاط في كلام تلفزيوني وفي كلمات على <تويتر>، مستبقاً أي مناخ يأخذ مداه في هذا الشأن، وكأنه ممنوع أن يتكون ائتلاف بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء. ويدرك سعد الحريري بما عنده من خبرة وسعة اتصال بأن في هذا التحالف قوة له في السراي وفي مجلس الحريري-ميقاتيالنواب.

والمخضرمون يذكرون في هذا الخصوص انفراط الثقة بين الرئيس كميل شمعون والرئيس سامي الصلح زمان أواخر الخمسينات وبداية الستينات، وانفراط العقد بين الرئيس سليمان فرنجية والرئيس صائب سلام عام 1973 بعد استقالة صائب بك لأن رئيس الجمهورية رفض أقالة قائد الجيش اسكندر غانم بسبب ما سمي بالتقصير العسكري في إحباط تسلل الجنرال الاسرائيلي <ايهود باراك> الى بيروت ليلاً واغتياله الزعماء الفلسطينيين الثلاثة محمد يوسف النجار وكمال عدوان وكمال ناصر. وحجة الرفض عند الرئيس فرنجية ان قائد الجيش ينبغي ألا يشكل خلافاً وطنياً بسبب حادث عسكري.

وقد كان الوزير فؤاد بطرس حصيفاً عندما اقترح على الدولة المجيء بجثة مجهولة من مستشفى <الكرنتينا> واعتبارها أحد أفراد الهجوم الاسرائيلي، لكن الاقتراح لم يلق الصدى المطلوب حتى لا يكون الأمر قاعدة في العمل السياسي.

وحسناً فعل الزعيم وليد جنبلاط عندما اعتبر الرئيس نبيه بري ضرورة وطنية تستحق الرجوع إليها في الملمات، لأنه ركن من أركان لبنان.

مشروع ميقاتي

والجانب الآخر في الاحتقان السياسي هو اقتراح الرئيس نجيب ميقاتي لمشروع قانون معجل مكرر يقضي بإلغاء القانون المتعلق بإعطاء مخصصات وتعويضات شهرية لرؤساء الجمهورية السابقين ولرؤساء المجلس النيابي السابقين ولرؤساء مجلس الوزراء السابقين والنواب السابقين. أولاً من حيث أن هذا التدبير يوفر على خزينة الدولة أكثر من أربعين مليون ليرة لبنانية، وثانياً لأن الفقراء وأصحاب الدخل المحدود يستحقون الحصول على مشاريع انمائية توفر لهم فرص العمل، والحصول على الخبز الحلال. وهناك عائلات تبيت على الطوى في ميناء طرابلس وباب الرمل وحي الحدادين.

وحتى الآن لم يضم الرئيس بري مشروع الرئيس ميقاتي الى جدول أعمال المجلس، ومعنى ذلك ان المشروع ليس قيد البحث الآن، تماماً كما تم ارجاء مشروع قانون العفو العام الى ما بعد الانتخابات، حيث تكون الصورة السياسية قد تغيرت، وجيل جديد قد هل على البرلمان.

فكيف تكون صورة البرلمان الجديد؟

في منظور المراقبين ان ثلث نواب البرلمان الحالي لن يعودوا الى سدة التشريع بعد الانتخابات، لأن مبدأ النسبية والصوت التفضيلي يحولان دون الفوز الكامل للوائح الانتخابية ولا بد أن يسقط من اللائحة اسم أو اسمان... ويصح عند ذلك المثل القائل: والضد يظهر حسنه الضد!

أما رئاسة الحكومة المقبلة فهي بنسبة كبيرة لصالح الرئيس سعد الحريري وإلا ستكون من صالح الرئيس نجيب ميقاتي. وإن غداً لناظره.. قريب!