بين من راهن على <انفراط> الحوار بين حزب الله وتيار <المستقبل>، على خلفية الحرب اليمنية والحملات المتبادلة بين الحزب والسعودية، وبين من راهن على استمراره لوجود رغبة لدى الطرفين بأن تتواصل اللقاءات فيما بينهم، بدا واضحاً من المعطيات التي توافرت بعد الجلسة الحوارية التاسعة في عين التينة والتي انعقدت بكامل أعضاء الفريقين بمشاركة المعاون السياسي للرئيس نبيه بري الوزير علي حسن خليل تدل على أن <عاصفة الحزم> لم تصل بتداعياتها السياسية الى عين التينة، بل بقيت خارج إطار التأثير السلبي وإن كانت قد شكّلت مادة للبحث والنقاش من زوايا مختلفة ظهّرت من جديد عدم التقاء حزب الله و<المستقبل> عند قاسم مشترك واحد في ما خص هذا التطور الأمني الجديد الذي أضيف الى الجبهات العربية المشتعلة...
وفيما بات من المؤكد ألا يحقق الحوار بين <التيار الأزرق> وحزب الله أي نتائج إضافية، في ما عدا المكتسبات الأمنية التي يسعى إليها الطرفان، كل من منطلقات مختلفة، فإن الواضح ان الحوار سيستمر ولو <تعوكر> جزئياً، والدليل أن الحرب اليمنية التي شكّلت مادة خلافية أضيفت الى المواضيع <المحيّدة> عن الحوار وأبرزها الوضع في سوريا ومشاركة حزب الله في القتال الى جانب الجيش السوري الشرعي، وموضوع السلاح الذي عُلّق أيضاً على خشبة الاستراتيجية الوطنية للدفاع المجمدة أصلاً مع توقف جلسات الحوار الوطني في قصر بعبدا. وفي هذا السياق، تقول مصادر متابعة ان <إنجاز> تحييد الملف اليمني عن النقاش الحواري كان النتيجة العملية الوحيدة للجلسة التاسعة الحوارية التي تناولت كل المواضيع في عود الى بدء من دون ان تحسم في أي موضوع! وحدها الخطط الأمنية المقترحة لعدد من المناطق المتداخلة تلقى العناية المباشرة والدخول في التفاصيل، أما المواضيع الأخرى مثل العمل الحكومي ومستقبل جلسات مجلس النواب والاستحقاق الرئاسي، فإن البحث يتكرر فيها من دون تحقيق أي تقدم فعلي، لأن المطلوب من الطرفين هو استمرار الجلوس الى طاولة الحوار، ولو لم تسفر عن تلك الجلسات نتائج عملية لأن اللقاء الأسبوعي شكّل في حد ذاته عاملاً إيجابياً في تنفيس الاحتقان بين قاعدتي الحزب و<التيار>، وهو ما كان يسعى إليه الطرفان من الأساس.
الحوار... حاجة استراتيجية!
وتؤكد مصادر مواكبة للحوار في عين التينة أن الجولة التاسعة خلصت الى تأكيد ان الحوار ليس حاجة ظرفية، بل هو <حاجة استراتيجية> تستند الى حماية الاستقرار اللبناني وإبعاده عن التداعيات الخطيرة في دول الجوار القريبة مثل سوريا، والبعيدة مثل اليمن. ومن مرتكزات هذه الحاجة عدم مناقشة أي ملف إقليمي على الطاولة وحصر البحث في الهموم الوطنية الداخلية وهي كثيرة، والأولوية لاستكمال البحث في الخطط الأمنية لبيروت والضاحية الجنوبية لاسيما بعدما أبلغ الوزير نهاد المشنوق الحاضرين بأن وزارة الداخلية بالتنسيق مع الأطراف المعنيين على الأرض اقتربت من الجهوزية وان التسهيلات ستقدم حين تتحدد ساعة الصفر. أما بالنسبة الى الوضع في عرسال، فإن وجهات النظر كانت قريبة لجهة حماية البلدة من التوتر المتنقل إليها من حي الى آخر، واستمرار خطف بعض من أبنائها وصولاً الى نقل مخيم النازحين السوريين الى خارجها، والسعي الى توفير المساعدات الإنسانية والصحية والتربوية الضرورية لعدم استغلال مآسي النازحين من قبل العاملين في التنظيمات الإرهابية لاسيما <داعش> و<جبهة النصرة>. وتضيف المصادر ان الشق السياسي من الحوار خلص الى الآتي:
- بالنسبة الى عمل المؤسسات الدستورية، ظل الشق الرئاسي بعيداً عن النقاش القريب والمفصّل، في حين توافق الطرفان على إعادة العمل التشريعي الى مجلس النواب تحت عنوان <تشريع الضرورة> لأن من غير الجائز ان يتعطل العمل في مجلس النواب، بعد التشاور مع الكتل النيابية الأساسية فيه.
- أما في ما يتعلق بعمل الحكومة، فإن المشاركين في الحوار في عين التينة التقوا على ضرورة <حماية> الحكومة من الخلافات السياسية الناتجة عن الأحداث الإقليمية لئلا تنضم الحكومة الى لائحة المؤسسات المعطلة في ظل التأجيل المستمر للانتخابات الرئاسية شهراً بعد شهر، وعدم <حماسة> بعض الكتل النيابية للتشريع في مجلس النواب تحت أي عنوان كان!
<تشريع الضرورة> لا يشمل
<المواضيع الميثاقية>
وفي وقت التزم فريق حزب الله بعدم الدخول في تفاصيل الجلسات الحوارية، نقلت مصادر في <المستقبل> انه في ما خص مسألة <تشريع الضرورة> ثمة معطيات تشير الى أن إعادة البحث في قانون الانتخابات مسألة لا تلقى بعد التأييد الجامع المطلوب حيال المواضيع <الميثاقية>، وبالتالي فإن إدراجه على جدول أعمال مجلس النواب مستبعد في الظرف الراهن ريثما يتوافر التوافق النيابي حياله، وثمة صعوبة في تحقيق ذلك حالياً، ولا بد من إعادة الحياة الى اللجنة النيابية المصغرة لتتولى درسه والتمهيد للاتفاق عليه. أما المواضيع التي لقيت تأييد طرفي الحوار فهي مشروع قانون الموازنة وبقية المواضيع التي يتفق أعضاء هيئة مكتب المجلس على اعتبارها ملحة وقد أنجزتها اللجان النيابية.
في أي حال، يرى مراقبون أن ما <يحمي> حوار حزب الله - <المستقبل> من السقوط تحت تأثير <العواصف الإقليمية> هو اعتبار المسؤولين في الطرفين ان التواصل فيما بينهم حقق لكل فريق ما يبتغيه، ذلك ان <المستقبل> يريد تحقيق الحد الأدنى من الاستقرار والحؤول دون استخدام السلاح في الداخل، وقد حقق تقدماً مهماً في هذا المجال، فيما يرى حزب الله ان التواصل مع <التيار الأزرق> يكسبه صفة المحاور ويسقط عنه أي صفة <عدائية> يروج <صقور المستقبل> بأنها قائمة ومستمرة، ويمكّن الطرفين من تخطي موجة الإرهاب التكفيري واحتواء الخلاف السنّي - الشيعي تحت سقف ربط النزاع بينهما.