تفاصيل الخبر

رياض سلامة... ما له وما عليه : إياكم واللعب بالاستقرار المالي!

31/03/2017
رياض سلامة... ما له وما عليه : إياكم واللعب بالاستقرار المالي!

رياض سلامة... ما له وما عليه : إياكم واللعب بالاستقرار المالي!

 

بقلم خالد عوض

d81a5240-f48b-4f26-8966-28284c5d5833

الحملة الزوبعة القائمة في هذه الأيام حول إمكانية عدم التجديد لحاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة فيها الكثير من التجني. وطريقة تعاطي الحاكم معها، أي الصمت السلبي،  ليست هي الأفضل، في ظل بعض الضغوط المتقطعة على الليرة.

القصة تبدأ من قانون معاقبة حزب الله ورفض الحزب تطبيقه حرفياً، كما فعلت المصارف في البداية ثم تراجعت تحت الضغط السياسي والأمني فاستثنت المؤسسات الإنسانية منه، مثل <مستشفى الرسول الأعظم> وبعض المستوصفات. هذا الاستثناء لم يكن ليحصل لولا الغطاء المعنوي الذي وفره حاكم مصرف لبنان وأخذ على عاتقه أن يمنع أي تطبيق للعقوبات على المصارف. من ناحيتها تغاضت الدوائر المالية الأميركية المعنية بالقانون عن ذلك من دون أن تقر به أو تشرعه، وبالتالي بإمكانها في أي لحظة تطبيق أقصى العقوبات بحق القطاع المصرفي اللبناني. هذه اللحظة يمكن أن تكون مثلا أي حرب مع إسرائيل، أو أي محاولة لحزب الله لدخول منطقة الجليل في حالة حرب، أو أي صاروخ يطلقه حزب الله على إسرائيل ومنشآتها. حزب الله لا يريد أن يكون مكبلاً في أي حرب مقبلة إن حصلت، خاصة إذا كان العقاب سيجر النظام المالي اللبناني برمته إلى الحضيض. وهو يريد، بكل بساطة، أن يفتش الحاكم عن المخرج القانوني الذي يمنع إستغلال القانون ضده، وإلا يصبح الحاكم غير مرغوب به والبديل العوني جاهزاً.

إذاً ثمن التجديد لرياض سلامة هو أن تتحمل الدولة اللبنانية، ممثلة بحاكمية مصرف لبنان، مسألة رفض إدراج أي مؤسسة إنسانية تابعة لحزب الله في لائحة العقوبات. وفي حال أي مواجهة مع العدو لا يكون الحزب مسؤولاً عن تبعات الحرب ولا يتم تحميله النتائج المالية التي يمكن أن تترتب على ذلك.

حاكم مصرف لبنان يحبّذ البقاء في منصبه. وهو رغم كل ما يحاك ضده يعلم تماماً أن المجازفة بعدم التجديد له مقامرة غير محسوبة بمصير البلد. ورغم أن الكلام عن مساوئ الهندسة المالية في المدى البعيد لتضخيمها حجم السيولة بالليرة اللبنانية في المصارف، وحجمها غير المبرر واستفادة بنوك معينة منها أكثر بكثير من المصارف الأخرى طرح بعض علامات الاستفهام، إلا أن العبرة في النتائج. والأرقام تقول أن البلد اليوم في مأمن من أي هزة مالية رغم الانهيار الاقتصادي الشامل، وأن الليرة لن تهتز رغم كل الضغوطات السياسية والاقتصادية والأمنية. الهندسة المالية حصلت قبل ملء الفراغ الرئاسي وبعدما نزل إحتياطي البنك المركزي من العملات الاجنبية أكثر من خمسة مليارات دولار خلال أقل من سنة. ولذلك لا يمكن إلا الإشادة بهندسة الحاكم، ومن يريد الانتقاد للانتقاد يجب عليه أن يتذكر سعر صرف الليرة.

يبقى هناك عتب على الحاكم عندما قال أنه لا يضمن بقاء الاستقرار النقدي بعد رحيله. كان من المفروض أن يقول أن السياسة التي حافظ عليها مصرف لبنان منذ ١٩٩٣ وحتى اليوم تمنع الليرة بأن تسقط بين ليلة وضحاها. بالإضافة إلى ذلك، المطلوب من الحاكم أن يعمل منذ الآن على إختيار الخلف الأنسب له وأن يضع إسم هذا الشخص بعهدة رئيسي الجمهورية والحكومة. وبقاء سعر الليرة مرتبطاً باسم رياض سلامة ليس صحياً على المدى الطويل.

الكباش الحاصل حالياً بين الحاكم وبعض الجهات المحسوبة على حزب الله لن يعطي الحزب النتيجـــــــــــــــــة المتوخاة بل سيجعل الليرة أكثر هشاشة. لذا، المطلوب من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ألا يتأخـــــــــــــــرا في التجديد لرياض سلامة وعدم العبث بالاستقرار النقدي، كذلك المطلوب من الحاكم أن يفك إرتباط الليرة باسمه وأن يحضر الأرضية لذهابه. فالبديل عن ذلك هو قفزة في المجهول.

باختصار كلي، رياض سلامة خط أحمر لا يجوز تجاوزه في هذه المرحلة.