تفاصيل الخبر

رسامو الثورة من لوحات وغرافيتي وتصاميم غرافيكية: نحن الـ“I-Witness” للمرحلة!

08/11/2019
رسامو الثورة من لوحات وغرافيتي وتصاميم غرافيكية:  نحن الـ“I-Witness” للمرحلة!

رسامو الثورة من لوحات وغرافيتي وتصاميم غرافيكية: نحن الـ“I-Witness” للمرحلة!

 

بقلم عبير انطون

 

<سمبوزيوم الثورة> امتد على اكثر من منطقة في لبنان. وان كانت ساحة النور في طرابلس شكلت مرتكزا أساسيا له مع اللوحات التي عبّر فيها فنانو المدينة عما يختلجهم من مشاعر ويحركهم من مطالب، الا انها شهدت ايضا اكثر من محطة خارجها، ووجدت مستقرّا لها على بعض الجدران والجسور من خلال الغرافيتي، او من خلال صفحات التواصل الاجتماعي التي شكلت معارض بصرية تفاعلية عبر أكثر من صفحة، بينها مثلا صفحة <جدار الثورة> و<ريفولوشن> revolution وwallsofthawra كما أن بين الفنانين من أعاد <طبع> العملة اللبنانية رسماً بوجوه من متظاهري الساحات، موثقين الحدث بلحظات مؤثرة وملهمة.

 فما أبرز هذه الرسوم واللوحات والغرافيتيز؟ وهل اقتصرت على التعبير أم كانت لها مفاعيل اخرى؟

لعل كلمة <ثورة> كانت الجامع الأساسي للكثير من اللوحات التي ولدت في الايام الماضية، والكثير منها عبّر أيضا عن اللحمة والاتحاد بين مختلف الطوائف، كما في الصور العديدة الجامعة ما بين الكنائس والمساجد والتي يرتفع فيها العلم اللبناني دون الأعلام الحزبية. الفنان الكبير جميل ملاعب كان من اوائل من جسّدوا هذه الصورة بريشته من ساحة الشهداء بلوحة <ثورة لبنان>. هذه اللوحة الجامعة للاديان والعابرة للطوائف لاقتها في التعبير حول المفهوم عينه صورة <الاتحاد> لظريفة حيدر عن رجلي دين مسيحي ومسلم يسيران جنبا الى جنب في الساحة المحتشدة، كذلك نقلت ظريفة بريشتها لحظة بكاء جندي من الجيش اللبناني خلال التظاهرات في موقف يحرجه بين واجبه واهله، الامر الذي لفت جميع اللبنانيين على الشاشات وشكل مادة تصميم استثنائية أيضا لدانا عثمان فطبعت وجهه تحت الخوذة بعملة خاصة على ورقة الالف ليرة، كذلك فان دموع الجندي الحائر بين واجبه وقلبه كانت ما اوحى أيضا لتييري شهاب، المبدع في المجال الاعلاني منذ 15عاما والاستاذ الجامعي، برسم الجندي اللبناني تحت عنوان <دائخ> حيث جسد بحسب ما يشرح ملامح الجندي الحائر بين واجبه العسكري وتعاطفه مع شعب بلده.

شهود على المرحلة..!

 

لما نسأله عن رسوماته يقول تييري شهاب لـ<الأفكار>: تجدونها على موقعي على <انستغرام> في مجموعة لرسومات أنجزتها من خلال حركة اسمها <انكتوبر> (Inktober)، وهي حركة عالمية في مجال عملنا، تضع في شهر اكتوبر من كل عام لائحة يجري من خلالها ابراز كلمة واحدة في كل يوم تشكل <كلمة ــ مفتاحا> بحيث يجب على المصصم ان يستلهم منها لوضع التصميم اليومي، وصودف انه مع اندلاع المظاهرات كانت الكلمة المفتاح في الحادي والعشرين من اكتوبر هي <تريزور> (كنز)، فجعلت الرسمة على قاعدة الكلمة المفتاح ومتوافقة مع المظاهرات التي تعم الساحات ويوميات الواقع اللبناني الثوري، وكان رسم <الكنز> المعبر عنه بصندوق ترتفع منه اليد اللبنانية كرمز للارادة والتصميم القويين للشعب اللبناني، ومثلها ايضا صورة الجندي اللبناني الـ<دايخ> ما بين عمله وعاطفته.

كل الافكار كانت وليدة اللحظة، يقول شهاب، وقد عرفت تفاعلا كبيرا على مستويي التحدي <انكتوبر> (Inktober) او خارجه، كما وانني اتلقى العديد من الرسائل تسألني حول هذه المجموعة وان كانت معدة للبيع، فهي نوع من التوثيق الاكيد للمرحلة التي نحن شهود عليها تماما كما انكم، انتم الصحافيين، شهود على الحدث فتوثقونه بالمعلومات والصورة. تصاميمنا الفنية هي بمثابة <شهادة إبداعية> عن واقع

الحال اليوم نترجمه كما نراه كل من زاويته.

 وبما ان صفحة <انكتوبر> (Inktober) عالمية ويتابعها أشخاص من حول العالم، فقد وصلت تصاميم تييري الى ما بعد الحدود، ولا بد ان ذلك شكل جسرا الى تلك العيون البعيدة عن لبنان فتتوقف عند ما

يجري فيه عبر هذه الصفحة وغيرها من الصفحات الالكترونية العابرة للمكان والزمان.

وفي هذا الصدد يقول شهاب:

- صحيح ان <انكتوبر> (Inktober) ليست معروفة من قبل الكثيرين من الفنانين في لبنان او الشرق الاوسط الا انها معروفة على نطاق واسع في اوروبا واميركا وها قد اصبحت متابعة عندنا اليوم بشكل أكبر، وهي نقلت لفنانين ومهتمين عديدين من حول العالم ما يجري في ساحاتنا. فخمسون بالمئة من متابعيّ على صفحتي مثلا هم من الاجانب، ذلك انني فضلا عن كوني أعمل في مجال الاعلانات فانني أيضا <اوربان سكيتشر> (يعنى بالرسم المدني، وقد نشرت تصاميمه لثماني مرات على الحساب الرسمي لصفحة <اوربان سكيتشرز> العالمية) ولدي متابعون من اميركا وفرنسا واسبانيا وغيرها، وهذه التصاميم من وحي الثورة لاقت اهتماما ان لم يكن في سياقها الوطني، فمن ناحيتها الفنية البحتة.

 ومن دون ان يسمي لوحة او تصميما معينا أعجبه بشكل خاص من وحي الثورة وهي عديدة كما يؤكد، فان أكثر ما لفت تييري هو اللقاء غير المباشر الذي ولدته الحالة اللبنانية في الايام الاخيرة، فتعرف بشبكة من الفنانين دون لقاء او سابق معرفة بهم:

- اكتشفت اشخاصا لم اسمع عنهم قبلا ومن خلال ما قدموه في هذا المجال بت اعرفهم. لطالما كنت اسمع ان لبنان تنقصه المواهب والخبرات في مجالنا، لكنني اكتشفت كفاءة لافتة واعمالا جميلة تصل الى الجميع بشكل <فايرل>، وهذا وجه ايجابي للثورة أيضا، فأنا اعمل في المجال الاعلاني منذ سنوات، ولطالما كنا نفتش عن الرسامين والمنفذين للتصاميم عبر المواقع الالكترونية <فاذ فجأةً، طلعوا كلّن>.

 عاش تييري ما بين فرنسا وبلدان أخرى. هل جعلته الثورة اكثر املاً ببلده للبقاء فيه؟ يجيبنا:

- يسألونني ماذا جئت تفعل؟ أنا على روابط وثيقة بوطني ولا استطيع القول لا احب بلدي. أدعو من قلبي الى ان <تظبط الامور> كما وعلينا ان نحسن نحن ايضا، وهو امل وطلب مشترك عند اللبنانيين جميعا على ما اعتقد.

 

عملة الثورة..!

 

الى اكتشاف المواهب الفنية والاسماء المغمورة، كانت للرسومات والتصاميم دلالة وطنية واجتماعية ايضا.. فما رسمه رامي قانصو كان شاهدا رمزيا على دور الصبايا والنساء اللبنانيات في الثورة من خلال الصورة التي صممها بعنوان <عليهم> وفيه يجسد ركلة الصبية (ملاك علوية) لمرافق احد الوزراء في المساء الاول للمظاهرات بعد ان اطلق النار في الهواء. بذلك، وثّق رامي أولى لحظات الاحتجاجات وهو قال بإن عنصر الأمن المسلح أثار ذعر المتظاهرين المحتشدين على إحدى طرقات العاصمة بيروت بإطلاقه الرصاص الحي في الهواء، فردت عليه <المتظاهرة الشجاعة> بركلة في بطنه لتوقفه عند حده. هذه الصبية لقبت بـ<عروس الثورة> واحتفلت بعريسها (تعرفت عليه في مظاهرة) مع الناس في ساحة رياض الصلح في زفة وطنية لاقت صدى عالميا.

وتبقى الاشارة أيضا الى العملة اللبنانية التي وزعت دانا عثمان على فئاتها المختلفة وجوها التقطتها ذاكرتها من الثورة بينها صورة الجندي اللبناني وهو يبكي، والتي لما سئلت عن <اللعب> بعملة وطنها عبر تصميمها الجديد لها، أجابت بأن الرسالة التي قصدت ايصالها من خلالها واضحة:

- هذه العملة هي عملة الناس بغض النظر عن اللون والجنس والدين الذين ينتمون اليه، الشعب اللبناني كشعب موحد. ولم اهاجم اي حزب سياسي من خلال <عملتي>. ببساطة لقد سلطت الضوء على بعض ايقونات الثورة. علاوة على ذلك كانت هناك تكهنات كثيرة حول من كان يمول هذه الثورة لذلك ذكرت ان الناس يمولونها: ان بؤس الشعب والجوع هما الممولان الرئيسيان لها.