تفاصيل الخبر

رسام الكاريكاتور اللبناني أنس اللقيس: للكاريكاتور دور توعوي غير جانبه الناقد والساخر!

01/07/2020
رسام الكاريكاتور اللبناني أنس اللقيس: للكاريكاتور دور توعوي غير جانبه الناقد والساخر!

رسام الكاريكاتور اللبناني أنس اللقيس: للكاريكاتور دور توعوي غير جانبه الناقد والساخر!

بقلم عبير أنطون

[caption id="attachment_79199" align="alignleft" width="177"] الرسام أنس اللقيس: الكاريكاتور يختزل الواقع الانساني ويضيىء على المشاكل[/caption]

 ريشته هي لسان حال الجميع، الشباب بشكل خاص. تميزّه في رسمات مبتكرة جعلته حاصد الجوائز حول فن الكاريكاتورالذي لا ينفك يطور نفسه فيه، والغرض تقديم فكرته بشكل رائد  ومختلف.

 أنس اللقيس متقدم في أسلوبه، وصريح في تعبيره كما في رسوماته التي شملت مروحة واسعة، من حق الطفل التي حصد عنها جائزة اليونيسيف، الى غيرها الكثير في الاجتماع والفن والسياسة، مروراً مؤخراً  بتجسيد ثورة 17 تشرين اللبنانية بلوحات عديدة لافتة بينها رسمة الذئب والخراف وصرخة المواطن المحقة، ووصولاً الى الـ"كوفيد 19" حيث يلعب الكاريكاتور هنا دوراً توعوياً أكثر منه نقدياً ساخراً.

عمله ما بين صحف لبنان والخليج أكسبه خبرة كبيرة، وهو لا يخفي قلقه على الحرية في لبنان، المقوّمة الأساسية  لفن الكاريكاتور النقدي، هذه "القوة الناعمة" التي يمكنها أن تضرب بيد من حديد بـ "ضربة" ريشة، فتلقي الضوء، تصوب وتقوّم، والأهم أنها تحث على التفكير..   

 فبمن تأثر أنس؟ من هي أبرز الوجوه التي ألهمته ؟ كيف يطور رسومه، وماذا عن اللوحة التي اشترك بها في الصين ونال عنها جائزة خاصة في المسابقة التي شارك فيها فنانون من مختلف الدول بـ ٧٠٠٠ لوحة عن موضوع مواجهة "الكورونا"؟  

مع أنس في لقاء "الأفكار" كان حصاد للأجوبة بدءاً من السؤال:

* كيف برزت موهبتك في الكاريكاتور، هل كان ذلك في سنة مبكرة، ومن شجعك عليها؟ 

 ـ حبي وشغفي للرسم استحوذ عليّ منذ يفاعتي، وفي سنواتي المبكرة من الدراسة (المرحلة الابتدائية) بدأت أرسم وجوهاً مضخمة تحمل مبالغة في الملامح وتبايناً بين حجم الوجه والجسم  فضلاً عن بعض الرسومات الهزلية البسيطة. ومع مرور سنوات الدراسة وصولاً الى المرحلة الثانوية بدأت تنضج رسوماتي اكثر، واصبحت قادراً على اكتشاف وتوصيف نوعية الرسم الذي انتمي اليه وهو فن الكاريكاتور والذي لم يكن بعيداً عني من خلال الصحف والمجلات الذي كان والدي حريصاً على إحضارها بشكل يومي، فكنت أتابع رسامي هذه الصحف بشغف كبير. وكانت رغبتي بالدخول الى كلية الفنون التي تخرجت منها من قسم الرسم والتصوير وأكملتها بدراسة الماجستير في الفنون التشكيلية. وكان والدي ووالدتي من المتحمسين لدراستي الفن، ربما لحبهم للآداب والفنون بشكل عام.

* حزت العديد من الجوائز والتقديرات المختلفة (اليونيسيف، ناجي العلي، محمود كحيل، بيار صادق وغيرها) وطبعاً لجميعها مكانة عندك؟ لكن اي مشاركة لك اكتسبت اهمية مميزة وما السبب؟

  ـ كل الجوائز التي فزت بها شكلت لي مراحل ومحطات في علاقتي بالكاريكاتير بشكل عام، وبتطور اسلوبي بشكل خاص. قدمت رسوماتي بقوالب جديدة في كل مسابقة شاركت بها، إن في طريقة إخراج الفكرة او من ناحية التقنيات والادوات التي استخدمتها. فبعد فوزي بجائزة اليونيسف في دبي شاركت بجائزة ناجي العلي في الاردن، ولهذه المسابقة اهمية كبيرة، لما يشكله ناجي العلي من رمزية جعلته يحتل حيزاً كبيراً من مساحة الكاريكاتور العربي. في هذه المسابقة قدمت الكاريكاتور الملون بتقنية الألوان الزيتية، خضتها لأول مرة كتجربة جديدة. أما في جائزة الفنان الكبير جورج البهجوري - والذي كان من أوائل الفنانين الذين تابعتهم كفنان تشكيلي وليس كرسام كاريكاتور فحسب - شعرت بأن هذه الجائزة تخصني بشكل شخصي  لأنني أنتمي للكاريكاتور وللمدرسة التكعيبية كالبهجوري. مشاركتي بهذه المسابقة كانت الفرصة التي انتظرتها لأقدم اسلوب المزج بين الكاريكاتور والمدرسة التكعيبية. أما في لبنان، فكان فوزي بجائزة الفنان بيار صادق، ذات أهمية كبيرة بالنسبة لي، لأن بيار صادق طور فن الكاريكاتور في لبنان وثبت وجوده في الذاكرة الثقافية والفنية والسياسية معاً. أما الدرع التكريمية التي نلتها من جائزة محمود كحيل، الذي يعد من أفضل رسامي الكاريكاتور العرب والذي لمع اسمه في سماء الكاريكاتور اللبناني المهجري، فكانت إضافة جديدة بالنسبة لي.

[caption id="attachment_79202" align="alignleft" width="177"] عن الثورة.. الذئب وصرخة المواطن[/caption]

 * هل كل رسام ذي موهبة يمكن أن يكون رسام كاريكاتور. ما هي الميزات التي يجب أن يمتلكها الأخير؟

ـ لعل أهم صفات رسام الكاريكاتور الموهبة الخاصة جداً والتي يعززها نوع من الذكاء والقدرة على تحليل بواطن الأمور. ليس كل فنان تشكيلي هو رسام كاريكاتور ولكن كل رسام كاريكاتور من المفترض أن يكون فناناً تشكيلياً.

* هل ترسم يدوياً أم عبر الديجيتال، وكيف يمكن أن توجز لنا أسلوبك؟

 ـ ما زلت أعتمد الرسم اليدوي، فأعالج الكتلة والظل والنور، ضمن تأليف لا يخرج عن مقومات اللوحة التشكيلية، ضمن تكوين بعيد عن التعقيد. في الوقت الحالي أقوم بتجربة بعض البرامج الرقمية المستعملة في الرسم لأدرس إمكانية الاستفادة منها بأطر معينة. أعمالي الكاريكاتورية في البدايات وحتى مرحلة لاحقة كانت تقوم على الكاريكاتور ذات الملامح الكرتونية التي تجنح نحو المبالغة في ملامح شخصياتها، مع بعض التعليقات. ولكني لاحقاً ومنذ سنوات عديدة بدأت أصنع الكاريكاتور ذات البعد التشكيلي الخالي من التعليق الذي يصنف بالكاريكاتور الحديث، بعد أن قمت بدراسات وتجارب شخصية لتبيان العلاقة بين الكاريكاتور والمدارس الفنية الحديثة كالتعبيرية والوحشية والتكعيبية من ناحية الشكل واللون  والسوريالية من حيث المضمون (الفكرة). هدفي تطوير أسلوبي في فن الكاريكاتور الى أسلوب قريب من التشكيل من حيث التبسيط والاختزال واعتماد الرمز. أما من ناحية الألوان فأستخدم الألوان المائية والزيتية وأعتمد بالمجمل على الأبيض والأسود من خلال التهشيرات وإظهار التضاد بينها...

كوكب الشرق..

[caption id="attachment_79201" align="alignleft" width="177"] حال المواطن والمسؤول[/caption]

* لنعد الى العام 2017 في مسابقة جورج بهجوري الثانية للبورتريه الكاريكاتوري في مصر وفوزك بها. كيف رسمت كوكب الشرق وهل كان الأمر صعباً وبخاصة أنها رمز من رموز الغناء والخطأ ممنوع ؟

ـ في مسابقة جورج البهجوري الثانية، عندما رسمت أم كلثوم قمت بدراسات عديدة، من خلال صور مختلفة لها وبأوضاع عديدة وهي على المسرح، ومن زوايا مختلفة. اخترت نهايةً الاسكتشات الأكثر قرباً لها والأكثر تأثيراً وتعبيراً. فرسمتها معتمداً، مبادىء المدرسة  التكعيبية القائمة على تفكيك الموضوع ـ الوجه، و تحويلها الى مساحات بخطوط إما مستقيمة أو منحنية.

* رسمت من الفنانين اللبنانيين السيدة فيروز وسميرة توفيق وجورج وسوف كما ورسمت هيفاء وهبي. من كان البورتريه الأصعب لرسمه ولأي سبب؟

 ـ كل بورتريه له طريقة خاصة في التعامل معه. هناك ملامح ذات صفات خاصة تمتلك علامات فارقة تساعد الفنان بصياغة الشكل بطريقة جميلة متفردة. فالوجه المرسوم هو مساحة التعبير للفنان . وهناك ملامح باهتة رمادية (كصورة العديد من الرؤساء والزعماء) لا تساعد في إبراز الملامح وتحويرها، وتبقى القدرة على رسم كل شخصية (كحالة خاصة) وبالطريقة الأنسب لملامحها وصفاتها.

* هل من وجوه توحي لك أكثر من غيرها في الكاريكاتور؟ وما تكون مميزاتها ؟

  ـ بعض الوجوه التي تحمل طابعاً مختلفاً مع حدة في الملامح وقوة في التعبير، بحيث يظهر الاثر النفسي من خلال رسم الملامح.

* أخبرنا قليلاً عن مشوار عملك في مختلف الصحف وبينها "الدبور". وماذا عن تجربة الكاريكاتور في الإعلام الخليجي وقد عملت في مجاله أيضاً ؟

 ـ رسمت في (صفحات الشباب والتحقيقات) في العديد من الصحف المحلية، وأولى رسوماتي كانت في صحيفة السفير، ثم رسمت في صحيفة المستقبل وملحق النهار (نهار الشباب). وأرسم حالياً في مجلة الدبور ذات الطابع السياسي الكاريكاتور الفكاهي والتي أسسها رائد الكاريكاتور في لبنان يوسف مكرزل. عملت أيضاً في مجلة دبي الثقافية وكانت من التجارب الناجحة والجميلة في مسيرتي والتي استمررت بها الى أن توقفت المجلة عن الصدور مؤخراً بسبب أزمة الصحافة الورقية.

* ماذا عن مشاركتك مؤخراً في الصين والرسمة التي تقدمت بها. وهل يمكن للكورونا الخبيثة أن تكون ملهمة لعمل فني؟

 - شاركت بمسابقة دولية عن جائحة الكورونا في الصين وحصلت على جائزة تقديرية، بمشاركة مجموعة من رسامي الكاريكاتور في العالم. اخذ الكاريكاتورمن خلال هذا الموضوع دوراً توعوياً بدل دوره الناقد، لأن موضوع المسابقة كان الهدف منه التوعية والتفاؤل في القضاء عليه. فكانت جائحة الكورونا ملهمة للفنان لأن الغرض من العمل الفني محاربة الوباء حتى القضاء عليه بطريقة ايجابية.

* لك رسمة صورت فيها النظام اللبناني بجسد من دون رأس لماذا؟

 ـ هذه الرسمة جسدت من خلالها النظام اللبناني من خلال رسمي لعدة روؤس ساقطة للدلالة على كثرة الزعماء الذين يحكمون لبنان (رؤوس كثيرة ساقطة من جسد واحد)، فالدكتاتورية المتجسدة بدكتاتور واحد في الدول العربية، تحولت الى دكتاتوريات في لبنان لكثرة زعماء الطوائف.

 إحراج..

[caption id="attachment_79200" align="alignleft" width="182"] الـكورونا جائزة خاصة في الصين[/caption]

* جسدت الثورة اللبنانية بأكثر من كاريكاتور. إن طلب منك أن تختار لنا واحداً منها فقط اي واحد تختار؟ وهلا تشرحه لنا؟ وبالتالي، هل يمكننا القول إنه عندما يكون الكاريكاتور بخير يكون البلد بخي، بمعنى أن حرية التعبير مصانة؟

 - اختار لوحة الزعيم (الثعلب) الذي يخطب بين مجموعة من الاغنام، واحدة من هذه الاغنام تخرج من القطيع (قطيع الزعيم) لتتحول رويداً رويداً لمواطن يطلب الحرية. قمع الحريات وسياسة كم الافواه للأسف بدأت تظهر ملامحها في لبنان الذي كنا نتغنى بهامش الحريات الكبير الذي لطالما ميزه. ربما يحاول البعض اليوم استنساخ اساليب بعض الانظمة القمعية المجاورة لنا وأكثر ما يظهر ذلك تاثيره على حرية الاعلام والصحافة - التي دفعت وما زالت ثمناً باهظاً من قمع تلك الأنظمة- والذي يعد الكاريكاتور أحد أنواعه والذي يسمى أيضاً بالفن التشكيلي الصحفي.

* هل من رسم قمت به وسبب لك متاعب أو إحراجاً معيناً؟

ـ عند رسمي للزعماء اللبنانيين بشكل بورتريه كاريكاتوري هاجمني العديد من جماهير تلك الاحزاب، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، الذين اعتبروا مجرد رسم زعمائهم بأسلوب كاريكاتوري فيه إهانة لهم، حتى ولو كان مجرد بورتريه (وليس ضمن الكاريكاتور السياسي الذي يقوم على الفكرة التي تحمل النقد) وهذا يعكس مدى طريقة تفكير مناصري الأحزاب الذين تحول زعيمهم لإله لا يجب المس به.

* ما دور الكاريكاتوراليوم وسط الضغط الذي تتسبب به الأزمة الاقتصادية أولاً والكورونا ثانياً؟ 

 - ينشط الكاريكاتور ويزدهر في الأزمات الاقتصادية منها والاجتماعية والسياسية، لأن سمات الكاريكاتورهو النقد والتوجيه فيترجم باختزال الواقع الانساني، أي بالاضاءة على المشاكل وتبني الدور التوعوي في الأزمات، ذلك أن مواضيع الكاريكاتور مستلهمة من الواقع مع محاولة لمعالجتها من خلال طرح الفكرة.