تفاصيل الخبر

روسيـــات مـتـزوجـــــات فـــي لـبــــنـان فـــي إطـلالـــة مــــع طـائـــــرات «السـوخـــــوي»!  

16/10/2015
روسيـــات مـتـزوجـــــات فـــي لـبــــنـان فـــي  إطـلالـــة مــــع طـائـــــرات «السـوخـــــوي»!   

روسيـــات مـتـزوجـــــات فـــي لـبــــنـان فـــي إطـلالـــة مــــع طـائـــــرات «السـوخـــــوي»!  

بقلم وردية بطرس

SAM_8318  هن سيدات روسيات متزوجات من لبنانيين ويعتبرن أنفسهن لبنانيات فيتحدثن باللهجة اللبنانية ويعرفن الكثير عن الثقافة اللبنانية، ولا يرغبن في مغادرة لبنان لأنهن اصبحن مرتبطات بهذا البلد من حيث العائلة والحياة العملية والاجتماعية... وكان اللقاء ببعض السيدات الروسيات ممتعاً جداً وهن يتحدثن باللهجة اللبنانية حول كيفية تربيتهن لأولادهن، والانخراط في المجتمع اللبناني...

السيدة <سفتلانا تروفيمكو> متزوجة من السيد زياد صفا ابن الشوف خير مثال للسيدة الروسية التي تعلمت الكثير عن مجتمع زوجها، والسيدة <سفتلانا> هي مديرة العلاقات العامة في المركز الثقافي الروسي، ونسألها عن دراستها، وكيف تعرفت الى زوجها اللبناني فتقول: كان والدي مسؤولاً عن سكة الحديد في روسيا، ووالدتي طبيبة، ولدي شقيقة واحدة. درست هندسة القطارات لمدة ثلاث سنوات، وفي تلك الأثناء بدأت أنخرط في مجال العمل الاجتماعي اذ عملت مع الاولاد، ثم قررت أن أتخصص في مجال السياسة فالتحقت بكلية <High political school> في موسكو، وهناك تعرفت الى زوجي حين كان يخضع لدورات في مجال ديمقراطية الأحزاب، اذ كان هناك طلاب من لبنان وسوريا وفلسطين وكنت مسؤولة عن تلك الدورة، وكان زياد وحده يجيد التحدث باللغة الانكليزية، ثم سافر الى لبنان وبعد ذلك قرر ان يدرس في جامعة <سان بطرسبورغ>، فلم نكن نلتقي الا في ايام عطلة نهاية الاسبوع، وبعد سنتين تزوجنا وانجبت ابنتي ناديا، وهي اليوم متزوجة من لبناني، وعدنا الى لبنان وكانت الحرب قد اندلعت فيه، وكنت حاملاً بابني دانيال فسافرت الى روسيا وولد ابني هناك، وقد قامت والدتي الطبيبة بعملية الولادة بنفسها.

وأضافت:

 - ثم عدنا الى لبنان في العام 1995، ثم سافر زوجي الى اليمن في العام 1998 اثر تعاقده مع شركة لبنانية في مجال الهندسة، ولم اتمكن من العيش هناك بسبب التشدد والتعصب، الى ان تغيرت الظروف بعض الشيء في اليمن، فانتقلت مع اولادي للعيش هناك في العام 2002، وكانت سنوات جميلة اذ كنا نعيش في العاصمة صنعاء ضمن مجمّع للبنانيين الذين يعملون في الشركة هناك وارسلنا ابننا الى مدرسة اميركية، ثم اغلقت الشركة في العام 2005، فعدنا الى لبنان.

البحث عن أصدقاء

 

ــ وهل تأقلمت مع الحياة في لبنان؟ وكيف بدأت العمل؟

- عندما عدنا الى لبنان حرصت ان يكون لدي اصدقاء مثقفون، واول ما قمت به هو انني بدأت اقصد مكتبة في بعقلين لأتعرف الى سيدات مثقفات، وكل يوم كنت اصطحب اولادي الى المكتبة، وهناك تعرفت الى سيدات أجنبيات. وعشنا في بشامون واصبح لدي أصدقاء لبنانيون، وبعدما كبر الاولاد والتحقوا بالجامعات، اردت ان اعمل لأنني لم أشأ ذلك عندما كان اولادي اطفالاً اذ كرست وقتي للاهتمام بهم لأنني أعتبر الأمومة مسؤولية وأردت ان اعتني بهم كما يجب. كما انني تعلمت اعداد المأكولات اللبنانية من زوجي لانه منذ صغره اعتاد الاتكال على نفسه كونه كان كشافاً، وطبعاً استعنت بـ<الانترنت> لتعلم الطبخ اللبناني. ولن تصدقي، لقد تعلمت الطبخ الروسي في لبنان لانه اثناء دراستي في روسيا لم اكن اطبخ هناك. وطبعاً تعلمت التحدث بالعربية منذ ان وصلت الى لبنان، وقد اعتقد البعض أنني لبنانية عشت في بلاد الاغتراب او ما شابه. وبالنسبة الي، فاذا اراد الشخص ان يعيش في بلد غير بلده الأم، عليه ان يتأقلم مع الظروف وان يتعلم لغة البلد وعاداته الى ما هنالك. ولا انسى اول يوم عرّفني زوجي الى عائلته التي تقيم في المختارة، اذ لم اكن اعرف حينئذٍ أية كلمة بالعربية، فقال لي زوجي انه سيذهب برفقة اخيه وانني سأبقى مع والديه لبعض الوقت، وكان منزل أهل وليد جنبلاط مواجهاً لمنزل أهل زوجي في المختارة، فرحت اتحدث بالاشارات مع اهل وليد جنبلاط ولم اكن اعلم أنهما والدا وليد جنبلاط، وقد أدركت ضرورة ان اتحدث العربية اذ لا يمكن الاعتماد على الاشارات، وقد تمكنت من ذلك بعد شهر من اقامتي في لبنان حتى انني تعلمت التحدث باستخدام <القاف> كما يفعل ابناء المختارة والجبل.

وتتابع:

بدأت اعمل في العام 2010 اذ افتتحت شركة داخل المنزل لاعداد السمك المدخن على الطريقة الروسية، فكنا نوزع السمك المدخن على مختلف المناطق اللبنانية، ثم أنشأت مكتبة في بشامون تضم كمبيوترات لاعداد مشاريع للاولاد على الحاسوب، ولكن بعد فترة اغلقت المكتبة لان ابني مرض، ولازمته لحين ان شفي، وبعد فترة قررت العمل ايضاً، فعلمت ان المركز الثقافي يبحث عن شخص لإعداد الاطعمة الروسية في الكافتيريا، فتقدمت للعمل لأن الطبخ يستهويني كثيراً، وهكذا تعرفت الى سيدات روسيات متزوجات من لبنانيين، وكانت هناك جمعية روسية للسيدات فاصبحت ناشطة فيها، وقلن لي بانهن يردنني ان اصبح مديرة هذه الجمعية، وبعد شهرين من تسلمي ادارة الجمعية طُلب مني في العام 2011 ان اتولى ادارة العلاقات العامة في المركز الثقافي الروسي اذ كنت ناشطة في مجال تعريف اللبنانيين بالثقافة الروسية، كما وتعريف الروس المقيمين في لبنان على لبنان من مختلف النواحي. وكما تعلمين ان المركز يقيم العديد من الأنشطة في مجال الموسيقى والفنون والمسرح وتعليم اللغة الروسية والرقص، بالاضافة الى المعرض الروسي، ففي هذا المركز قدّم أهم الفنانين اللبنانيين أعمالهم المسرحية والغنائية، ومنهم زياد الرحباني ومارسيل خليفة. ويسعدني انني تأقلمت مع العيش في لبنان وإن كان الأمر في البداية صعباً لكوني انتقلت الى مجتمع مختلف تماماً عن مجتمعنا، خصوصاً بما يتعلق بتدخل الأهل بأمور الزوجين، ولكن فيما بعد تحسنت الأمور وأهل زوجي يحبونني وأولادي وأنا أيضاً احبهم وأقدّرهم، فالعائلة في لبنان أمر مميز ومهم.

ــ وما هو عدد الجالية الروسية في لبنان؟ وماذا عن عدد السيدات الروسيات المتزوجات من لبنانيين؟

- يبلغ عدد المتحدثين باللغة الروسية في لبنان من 25 ألف الى 35 ألف شخص ما بين أشخاص مقيمين في لبنان وهم من اوكرانيا وكازاخستان وبيلاروسيا واوزبكستان، أما عدد الروس في لبنان فيتراوح بين 7000 و8000 روسي وروسية، وقد يكون نصف العدد سيدات روسيات متزوجات من لبنانيين ويقمن في لبنان وقد منحن الجنسية لأولادهن، ولكن المرأة الروسية لا تقدر ان تمنح الجنسية لزوجها اذا لم يكن مقيماً في روسيا.

ــ وهل يقلقك العيش في لبنان حيث الأزمات تتوالى على جميع الأصعدة؟

- أحياناً استيقظ في الصباح واقول انني سأغادر لبنان خصوصاً مع تزايد ازمة اللاجئين السوريين، وخصوصاً عندما أشاهد الوضع المأساوي للمهاجرين السوريين وغيرهم الذين يهربون من الحروب والصراعات في المنطقة الى أوروبا، ولكن أحياناً أخرى أقول لا اقدر ان اترك هذا البلد لأنني احبه ويربطني به زوجي وأولادي، كما أنني أردّد دائماً: <اذا كلنا رحنا مين رح يبقى بلبنان؟>. وأحياناً عندما اسمع أحدهم يقول SAM_8324<هيدا البلد ما في نظام والحياة صعبة> أرد قائلة: <أحبوا بلدكم أولاً ولا تسيروا خلف المسؤولين حباً لشخصهم>.

ثم قالت:

- لقد عشت حرب تموز 2006، وأذكر انه عندما وقعت مجزرة قانا قدم الناس من الجنوب الى الشوف فاستقبلناهم بكل محبة، وأذكر ان اقارب زوجي فتحوا أبواب بيوتهم للهاربين من القصف، بمعنى ان الناس طيبون ويحسنون التعامل مع بعضهم البعض، ولكن السياسيين لا يقدمون لبلدهم وشعبهم كما يقتضي ليصبح لبنان بلداً رائعاً، وهو يستحق الكثير، والخلافات لن تجدي نفعاً. انني لا اخاف على لبنان لانه بالرغم من كل شيء ظل صامداً. أحب لبنان لأنني أعتبر نفسي لبنانية، ويؤلمني كثيراً ان ارى اللبنانيين يعانون اليوم بسبب ازمة النفايات ومشاكل الكهرباء والماء. ليس لي رأي بما يتعلق بالتظاهرات التي تشهدها العاصمة بيروت، علماً ان مطالبهم محقة، وهم مسالمون ولكن هناك بعض <الزعران> يحاولون تخريب الحراك المدني ويجب الا يسمحوا لهؤلاء بافشال تحركهم.

ــ وما رأيك بمشاركة روسيا بضرب مواقع <داعش> في سوريا؟

- نحن كروسيين نقف الى جانب روسيا عندما تتخذ القرارات لأنها دائماً تتخذ القرارات المناسبة. ربما لا نفهم اليوم ما يحصل ولكن بعد عشر سنوات مثلاً سيتبين انه كان القرار المناسب لمحاربة <داعش>. اننا نثق بالدولة الروسية ولا أنفي وجود بعض الأخطاء أحياناً داخل البلد، ولكن يجب ألا نخلط الأمور، وهذا ما يجب ان يتعلمه اللبناني ايضاً اي أن يتعلم الثقة بالدولة وبقراراتها، كما عليه ان يثق بالآخرين، ونأمل ان يؤدي التدخل الروسي في سوريا الى الهدف المنشود الا وهو القضاء على الارهاب لأنه من المؤلم ان نرى سوريا تنزف وتُدمر، فالشعب السوري يستحق العيش بسلام وأمان.

ــ وما رأيك بالرئيس <بوتين> الذي بات محط أنظار العالم بأسره بعد التدخل الروسي لمحاربة <داعش>؟

- اولاً نحن لا نقول اننا نتبع شخصاً او نحب شخصاً بل ادارته وسياسته، وانني أرى ان الرئيس <بوتين> يقوم بخطوة كان لا بد من اتخاذها للقضاء على <داعش>، ومنذ بضعة أيام كنا في نشاط وتقدم نحوي طلاب أميركيون وقالت لي احدى الطالبات: <نحن نخجل ان نقول لك هذا اذ انني كأميركية ربما لا يجب ان اقول انني احب الرئيس <بوتين> ولكنني سأقولها لك: انني احب الرئيس <بوتين>، بمعنى ان آراء الناس مختلفة ولا يجب ان يحكم الواحد على الآخر، فجميعنا بشر ويجب ان نتواصل مع بعضنا البعض بكل محبة.

 

<إيرينا> وزوجها المهندس حمود

أما عازفة البيانو <ايرينا تولستيخ>، فالتقت بزوجها اللبناني الدكتور حسين حمود منذ 25 سنة أثناء دراسته الهندسة في روسيا، وهي تجيد التحدث بالعربية ايضاً، وتحب لبنان وتاريخه، وهي تعشق القراءة. ونسأل عازفة البيانو السيدة ايرينا حمود عن دراستها في روسيا والانتقال للعيش في لبنان بعد زواجها فتقول:

- لقد درست عزف البيانو في جامعة <سان بطرسبورغ>، والداي درسا الهندسة وعملا في هذا المجال، أما انا فاخترت عزف البيانو، وأيضاً شقيقي درس الموسيقى وهو عازف <غيتار>. وبعدما انهيت دراستي الجامعية، بدأت أدرّس عزف البيانو في المدارس في روسيا، وفي تلك الأثناء تعرفت الى زوجي حسين حمود الذي كان يدرس الهندسة ونال الدكتوراة وهو متخصص في الطاقة الشمسية، وأقمنا سنوات عديدة معاً في روسيا وقررنا العودة الى لبنان في العام 1996. زوجي من البقاع الا اننا أقمنا في بيروت، ولدينا ابن عمره 24 سنة سينهي هذا العام دراسته الجامعية (اختصاص هندسة الخرائط)، وابنة تدرس الكيمياء الحيوية في الجامعة اللبنانية - سنة ثالثة، وهما يجيدان التحدث بالعربية بطلاقة، ولكنني أتحدث معهما في البيت بالروسية أيضاً اذ اريد ان يحافظا على اللغة الروسية.

ــ وهل كنت تعرفين شيئاً عن لبنان قبل زواجك وانتقالك للعيش هنا؟

- عندما قدمت الى لبنان بعد زواجي لم يكن لدي فكرة عن البلد سوى ان هناك البحر والطقس المشمس. ولكن فيما بعد عرفت الكثير عن هذا البلد الجميل. بالنسبة الي أحب الكتب كثيراً فاذا لم أقرأ كتاباً باللغة الروسية أشعر بأنني غير سعيدة. لقد قرأت العديد من الكتب التاريخية عن لبنان وربما أعرف عن تاريخ لبنان أكثر من اللبنانيين أنفسهم، وأكثر ما يعجبني قصة أدونيس وعشتروت، وقصة اكتشاف الصباغ الارجواني، انها قصص تاريخية رائعة وأحبها.

ــ هل كانت هناك صعوبات للعيش والتأقلم في بيئة لبنانية تختلف عن البيئة والثقافة الروسية في مجالات عديدة؟

- في البداية واجهت صعوبة التحدث باللغة العربية، اذ عندما انتقلت مع زوجي للعيش في لبنان كانت اللغة عائقاً للتواصل مع أهل زوجي. ولكن بعد سنة بدأت أتعلم العربية وتعرفت الى المركز الثقافي الروسي في السيدة-مارينا-سري-الدين-مع-زوجها-الطبيب-الدكتور-عادل-سري-الدبيروت والتقيت السيدات الروسيات المتزوجات من لبنانيين، وهكذا بدأت أتأقلم أكثر مع الحياة في لبنان.

ــ وما الذي تغير في حياتك كسيدة روسية متزوجة من لبناني؟ وماذا تعلمت من المرأة اللبنانية؟

- في الحقيقة تعلمت من المرأة اللبنانية الأناقة والاهتمام بالشكل الخارجي، فاهتمام المرأة اللبنانية بشكلها الخارجي أمر مألوف، بينما في روسيا لا تجد المرأة وقتاً لنفسها بل تظل منهمكة بدراستها وعملها ولاحقاً بأسرتها. والأمر الثاني الذي تعلمته من اللبنانيين بشكل عام بعد سنوات من اقامتي في لبنان هو التروي والهدوء، فكما ذكرت اننا في روسيا لا نجد وقتاً لأنفسنا لأن نمط الحياة سريع، بينما في لبنان مهما كثرت المسؤوليات والصعوبات، فكما يُقال بالعامية <عايشين على رواق>.

وعن رأيها بالوضع في لبنان تقول:

- لبنان بلد جميل ولكن المسؤولين للأسف لا يقدمون للمواطنين احتياجاتهم الأساسية مثل الكهرباء والماء وغيرها، والآن مع أزمة النفايات أصبحت الأمور متعبة للمواطنين ككل.

ــ وهل تكرسين وقتك لتدريس عزف البيانو ام تشاركين في احتفالات او مناسبات؟

- أخصص وقتي لتدريس عزف البيانو في المركز الثقافي الروسي، وأعطي دروساً خصوصية في عزف البيانو أيضاً، اذ اعتبر نفسي معلمة للبيانو وأركز على التدريس كثيراً، كما لدي طلاب من مختلف الأعمار صغاراً وكباراً، ومعظم الطلاب هم لبنانيون، كما هناك من بينهم أبناء السيدات الروسيات المتزوجات من لبنانيين اللواتي يرسلن أولادهن لتعلم عزف البيانو في المركز. وأنا أحب عزف البيانو على أنغام أغاني فيروز، صحيح انني لا أفهم الكلمات ولكن موسيقاها رائعة. وهناك عازفو بيانو في لبنان يقدمون أعمالاً رائعة.

ــ بماذا تتميز السيدة الروسية من حيث تربية أولادها؟

- أولاً السيدة الروسية معتادة على الاتكال على نفسها حتى لو كانت متزوجة اذ تعمل ولا تعتمد على زوجها من الناحية المادية. كما ان السيدة الروسية تهتم بأولادها بنفسها اذ تشاركهم في كل النشاطات وتشجعهم على مزاولة الرياضة وتعلم الموسيقى والفنون وغيرها. صحيح ان أولادي ترعرعا في المجتمع اللبناني وهما لبنانيان ولكنهما يحبان روسيا أيضاً اذ يزوران بلد أمهم باستمرار، فابني زار بلداناً مختلفة ولكن تبقى مدينة <سان بطرسبورغ> الأحب على قلبه. وطبعاً للعائلة في لبنان مكانة مميزة اذ تجمعنا علاقة طيبة مع أقارب زوجي وهم يحبون أولادي كثيراً وهذا جميل أيضاً. وأعد الأطعمة اللبنانية والروسية. لا أفكر بمغادرة لبنان، فهنا عائلتي وأنا أعمل هنا وأشعر بالسعادة، واستمتع بجمال البلاد خصوصاً مدينة جبيل فهي مدينة مميزة، وأحب أيضاً ذوق مكايل. كما اعتدت على العيش في بيروت واحب كثيراً التجول فيها خصوصاً في منطقة الصيفي ومار مخايل، وأكثر ما يجعلني أحب بلدكم كون الناس طيبين ومضيافين ويرحبون دائماً بالأجانب.

ــ لقد عشت لسنوات طويلة في لبنان وقعت خلالها حروب، وفي السنوات الأخيرة وقعت أحداث وتفجيرات، واليوم تشهد البلاد تظاهرات ألم تشعري بالخوف والقلق من العيش في لبنان؟

- طبعاً كانت سنوات صعبة لا سيما عندما تعلمين ان حياة اطفالك في خطر ولا شيء بوسعك، فعندما كانت الحرب دائرة في لبنان انتقلت مع اولادي الى روسيا، ولكننا عدنا الى هنا ولا نفكر بمغادرة البلد. اما بالنسبة للوضع في لبنان فلا أشعر فيه بالخوف. وإذا كان اللبنانيون يلتقون اليوم في التظاهرات للمطالبة بأبسط حقوقهم مثل الكهرباء والماء وازالة النفايات من الشوارع، فهذا أمر مهم. وفي الأمس، شاركت ابنتي في التظاهرات مع أصدقائها في الجامعة كما هو حال الطلاب الجامعيين الذين يشاركون في هذه التظاهرات. لست ملمة بالسياسة اللبنانية كثيراً ولكنني أخاف من ان يصل الارهاب و<داعش> الى لبنان، فإذذاك يصبح الوضع مقلقاً. وطبعاً أخاف على سوريا من الحرب الدائرة هناك.

ــ اليوم تقوم الطائرات الروسية بضرب <داعش> في سوريا، فما رأيك بما يحصل هناك؟ وهل تؤيدين مشاركة روسيا؟

- اولاً انني افتخر بروسيا لأنها تحارب ضد الارهاب و<داعش>، وانني كروسية ادعم قرار الرئيس <بوتين> لأنه ملم بالسياسة الخارجية ويتخذ القرارات المناسبة في هذا الشأن. كمعلمة بيانو لا أحب التحدث بالأمور السياسية، فلدي طلاب من السفارتين الأميركية والاسترالية وغيرها من السفارات الأجنبية في البلد، ولكننا لا نتحدث بالسياسة، وآمل ان يُقضى على الارهاب لكي ينعم الشرق الأوسط بالسلام.

 

<مارينا> ومركز الصفدي

السيدة مارينا سري الدين مدرّسة اللغة الروسية في عدد من الجامعات في لبنان انتقلت للعيش في لبنان مع اسرتها في العام 2000، ولقد درست في جامعة <سان بطرسبورغ> اختصاص اللغة الروسية للأجانب، مارينا-سري-الدين-مع-طلابها-الذين-يتعلمون-الروسية-في-المركز-اودرّست اللغة الروسية في الجامعات في روسيا، ونسألها عن عملها في لبنان فتقول:

- عندما اتينا الى لبنان بدأت أدرّس اللغة الانكليزية في بعض المدارس، وبعد سنة بدأت ادرّس اللغة الروسية في المركز الثقافي الروسي. وكنت قد تعرفت الى زوجي الطبيب عادل سري الدين أثناء دراسته طب أمراض القلب، ولدينا ابنة (26 عاماً) تخرجت من الجامعة الأميركية، وتعمل في دبي ضمن مجال الادارة، كما لدينا شابان وهما توأمان أحدهما يدرس في الجامعة الأميركية، والآخر يدرس في الجامعة اللبنانية الأميركية. عندما وصلنا الى لبنان اقمنا في صوفر وأحببت الطبيعة هناك، ومن ثم أصبحت أتوجه مرتين في الاسبوع الى طرابلس لأدرّس اللغة الروسية في <مركز الصفدي>.

ــ وهل تمكنت من التأقلم مع الحياة في لبنان حيث تختلف العادات والثقافة والبيئة عن روسيا؟

- طبعاً كانت تجربة صعبة في البداية لأن الثقافتين مختلفتان، وكذلك العادات والتقاليد. فمثلاً كوني متزوجة من رجل درزي فأنا ألتزم بتقاليد وعادات تخص الطائفة الدرزية، وطبعاً لبنان يتميز بتعدديته انما لم أكن اعرف الكثير عن العادات، ولكن شيئاً فشيئاً تأقلمت مع الحياة والأجواء، اذ لم يكن من السهل على أهل زوجي تقبل زواج ابنهم من سيدة أجنبية، ولكن مع مرور الوقت أصبحنا مقربين وتقبلوني كما انا، فجميعنا في النهاية بشر وتجمعنا القيم الانسانية، وأحب أهل زوجي وأقدرهم كثيراً لأنهم يحبون أولادي.

ــ وهل تعلمين أبناءك الثقافة الروسية؟

- انني كأم روسية أحرص على تعليم أولادي الثقافة الروسية، فهم يتحدثون العربية بشكل جيد اذ تعلموا وتخرجوا من جامعات لبنانية ولديهم أصدقاء لبنانيون، ولكنني أعلمهم الثقافة الروسية لأن أمهم روسية، واليوم تقيم امي اي جدتهم الروسية معنا وعليهم ان يتواصلوا معها كجدة روسية. وأكثر ما أحبه وأقدره في المجتمع اللبناني ان الصغار يحترمون الكبار في السن ويعيشون معهم خلافاً لما هو سائد في الغرب، فيشعر كبير السن باهتمام عائلته التي لا تتخلى عنه، كما أقدّر اهتمام زوجي بوالدتي.

ــ هل يقلقك ما يحدث في سوريا التي لا تبعد نارها عن لبنان كثيراً نظراً لقرب المسافة بين البلدين؟

- لا أخاف كون لبنان قريباً من الحرب الدائرة في سوريا. بصراحة لست مطلعة سياسياً ولكنني طبعاً أشعر بالأسى لما يحدث للسوريين ولوضع اللاجئين في لبنان والذين يهربون الى اوروبا بحثاً عن الأمان والسلام، وهو شأن العديد من الشعوب التي تعاني من الحروب والصراعات أيضاً، واود لو كان باستطاعتي مساعدة اللاجئين، لما كنت ترددت اذ يؤلمني كثيراً وضعهم المأساوي.

ــ وهل التدخل الروسي في سوريا حسب رأيك سيساعد على إنهاء الحرب هناك؟

- لست خبيرة في الأمور السياسية كما قلت، ولكنني كروسية أشعر بفخر كون روسيا تحارب الارهاب، كما أشعر بالفخر عندما أشاهد مقابلات الرئيس <بوتين> على شاشات التلفزة اذ يتحدث بطريقة عقلانية وليس فقط كمنظّر، وهو يدافع عن الشعب السوري، فلقد اتخذ الرئيس <بوتين> القرار بالقضاء على الارهاب وهذا ما يتمناه كل الناس، فالجميع يريد القضاء على الارهاب، ونأمل ان تحمل الأيام المقبلة معها الأمن والسلام للشعب السوري وكل المنطقة. لقد مرت اربع سنوات والسوريون يعانون الكثير. فعندما أدرّس طلابي اقول لهم بالروسي، آمل ان ينعم العالم بالسلام، لأن الروسية لا تعني فقط تعلم اللغة الروسية والأدب الروسي بل ايضاً تعلم قيمها.