تفاصيل الخبر

روبوت للتعقيم وبدلة واقية وكمامات وجهاز تعقب وأجهزة تنفس!

02/04/2020
روبوت للتعقيم وبدلة واقية وكمامات وجهاز تعقب وأجهزة تنفس!

روبوت للتعقيم وبدلة واقية وكمامات وجهاز تعقب وأجهزة تنفس!

 

بقلم عبير أنطون

  [caption id="attachment_76574" align="aligncenter" width="601"] أجهزة التنفس حاجة العالم كله[/caption]

 الحاجة أم الاختراع. عبارة بسيطة سمعناها تكراراً، الى ان وصلنا الى زمن" كورونا" فطبقناها فعلاً.  فمع بروز الحاجة الملحة الى اكثر من مستلزمة طبية  لتدارك الفيروس الليئم وإبعاد شبح بعض نتائجه الكارثية، هبت المواهب اللبنانية العلمية من كل صوب الى ابتداع ما يمكن أن يساعد في هذه الأزمة الطارئة، ولعل أولها أجهزة التنفس التي إن غابت انقطع النفس عن كثيرين لا سمح الله، والعالم أجمع يعلي الصوت اليوم مطالباً بالحصول على تلك الأجهزة.

  ولعل صرخات نقيب اصحاب المستشفيات سليمان هارون وآخرها منذ أيام حول" النقص الحاد بالثياب الواقية والأجهزة ، حيث يرمي كل طرف المسؤولية على الآخر" هي جرس الإنذار الاعلى .

فمن سمع الصرخة؟ وما كانت أبرز الانجازات في مجال المستلزمات الناقصة من كمامات، وثياب واقية، ومجالات للتعقيم وصولاً الى أجهزة التنفس ولها الأولوية القصوى؟

[caption id="attachment_76575" align="alignleft" width="456"] المهندس كسرى صقر يشرح لوزير الصناعة عصام حب الله عمل جهازه التنفسي[/caption]

صراع البقاء..

تركت شهادة العديد من الأطباء الصينيين،الاسبانيين والايطاليين بشكل خاص أثراً كبيراً في نفس كل من سمعها، وبشكل خاص شهادة  الطبيب" غال بيليغ" الذي  يعمل في مستشفى بمدينة "بارما" الايطالية حين صرح على الملأ قائلاً: " بسبب عدم وجود أجهزة تنفس وإنعاش قلبي ورئوي، يضطر الأطباء أحياناً إلى اتخاذ قرارات مأساوية حول أي من المرضى سيحصل على علاج قد ينقذ حياته وأيّ منهم لن يحصل، موضحاً أن التعليمات التي تم اتخاذها توصي بعدم توصيل أي مريض تجاوز عمره 60 عاماً بجهاز تنفس صناعي، وإعطاء الأولوية للشباب في صراع البقاء".

 في لبنان، القلق من نقص أجهزة التنفس مع ارتفاع أعداد المصابين بـ"الكورونا" كان جدياً جداً. هذا الأمر ، كما في العديد من دول العالم، استنفر الطاقات المحلية، واللبنانيون رفضوا الاستسلام وبخاصة أن هناك نقصاً عالمياً في هذه الاجهزة  التي تستخدم بأقسام الرعاية الفائقة في المستشفيات، والطلب عليها كبير جداً. وقد وصلت الخشية من فقدانها حتى في الولايات المتحدة الى حد أن الرئيس "دونالد ترامب " قد طلب من شركتين لتصنيع السيارات، هما "جنرال موتورز" و"فورد" بتصنيع أجهزة تنفس اصطناعي فوراً.

[caption id="attachment_76577" align="alignleft" width="333"] النائب نعمة افرام وفريقه أمام الجهاز التنفسي[/caption]

افرام و..صقر 

وانطلاقاً من "التحضر للأسوأ" في التصدي للفيروس المستجد أعلن  النائب نعمت افرام أنه توصل مع الفريق الهندسي والتقني لشركة "فينيكس" الى إنجاز نموذج أول لجهاز تنفس اصطناعي لبناني بمواصفات عالية وتقنيات عالمية دقيقة ومتطورة متعددة الاستعمالات، لصالح غرف العناية الفائقة في المستشفيات اللبنانية، وذلك بعد أقل من أسبوعين على اتخاذه المبادرة والقرار مع فريق من مهندسين إلى جانب أطباء متخصصين. وسيخضع الابتكار اللبناني للاختبار في وقت قصير جداً، يتم بعدها العمل على إنتاجه بكميات إذا دعت الحاجة

الطبية.  

 وكان افرام أعلن أنه يعمل مع مجموعته على غرف عزل ومستشفيات ميدانية جاهزة ومصنعة مسبقاً، وعلى تصنيع كمامات وأقنعة بكميات قياسية، ضمن حلقة تكاملية تتطلب من المواطنين التقيد بالوقاية، ومن الدولة الدعم الاجتماعي للمواطنين للاستمرار صامدين في منازلهم. وذكر أنه يمكنهم إنتاج ما يصل إلى 10 أجهزة تهوية في اليوم إذا لزم الأمر، وأن النموذج الأول سيتم اختباره قريباً في مستشفى "سيدة لبنان" في جونيه.

  الى جهاز التنفس الذي أصبح نموذجه حاضراً بانتظار شارة التصنيع ، كان ايضاً للمهندس كسرى صقر، خريج جامعة القديس يوسف ومؤسس وصاحب شركة "آي نتورك اوتوميشن"، خطوة مهمة في هذا المجال تبنتها جامعة القديس يوسف العريقة. فقد أعلنت ​الجامعة ومستشفى "أوتيل ديو" تبنيهما لجهاز تحكم بالتنفس​ الاصطناعي، يستخدم لإنعاش المرضى في غرف العناية المركّزة، قدمتها شركته "أي نتورك"، التي تعنى بتصنيع الروبوتات لمختلف الاحتياجات الصناعية.

  يشرح صقر بأن هذا النموذج يأتي بمواصفات عالية، وهو تصميم متطور بتكنولوجيا متقدمة   وأنه اضطر لتأمين  القطع من الخارج  ذلك أنه مصنوع من قطع أساسيّة غير متوافرة بالسوق حالياً، وقد استطاعت شركته  بسبب طبيعة عملها في صناعة روبوتات صناعيّة،

[caption id="attachment_76578" align="alignleft" width="290"] جهاز تنفس للمهندس كسرى صقر وفريقه[/caption]

تأمين قطع موازية. وفصّل صقر بأنه يمكن  للطبيب ان يتحكم بالجهاز من حيث "عدد الانفاس" الذي يجب اعطاؤه للمريض بحسب حاجته، كما يمكن للطبيب إدخال المعلومة التي يتلقفها نظام الجهاز لتنفيذها.

 لقد تم تصميم  الجهاز بحسب تقنية معروفة عالمياً ومنتشرة ،غير أن الجديد فيه أنه صُنع  بفكر وهندسة وإبداع لبناني "مئة بالمئة". أما كلفته بعد التصنيع الطبّي، فلا تتعدّى الألفي دولار أميركي. ويشير المهندس صقر الى أن  شركة "آي نتورك أوتوميشن" تقدّمه لكلّ من يرغب في تصنيعه بلا مقابل، وهي مستعدة لتزوّد الشركات والمستشفيات ببرنامج التصنيع وبكل التفاصيل مجاناً، ذلك ان الهدف الاول هو التضامن مع المجتمع اللبناني في هذا الوقت الحرج وليس تحقيق أي ربح مالي.

 ومن المتوقّع أن تستغرق مرحلة الاختبارات أسابيع، بعدها يصبح بالإمكان تصنيع الجهاز واستخدامه طبياً. كما ويؤكد صقر"اننا جاهزون للتعاون مع عدد كبير من المهندسين والشركات والجامعات حتى يشاركونا آراءهم ويستفيدوا من خبرتنا".

 وسيضع مستشفى "أوتيل ديو" إمكاناته وتجهيزاته لاختبار النموذج الحالي على الحيوانات في المرحلة الأولى، وبعد التأكّد من فعاليته يُصار إلى إتمام بقية الاختبارات، ثم تصنيعه بقطع هندسيّة طبيّة تتمتّع بالمعايير العالميّة.

واللبنانية على الخط..

 من ناحيته أعلن المهندس أيمن عبد الله ايضاً مشارفته على تصنيع جهاز للتنفس بالقطع المتوافرة في لبنان بغضون عشرة ايام بحيث يمكن للأطباء والطاقم التمريضي استخدامه. وكان ايضاً حامل الدكتوراه في هندسة الاتصالات والكمبيوتر حسين الحاج حسن ومعه حسين حمدان من هندسة الميكانيك وهشام عيسى من الهندسة الالكترونية في الجامعة اللبنانية، قد أعلنوا أنهم كخريجين من كلية الهندسة بالجامعة اللبنانية سمعوا أن كمية أجهزة التنفس الإصطناعي الموجودة في لبنان قليلة نسبة لكمية المصابين المتوقعين بالأسابيع المقبلة، فعملوا مع عدد من المهندسين بالتنسيق مع دكتور اختصاصي بالجهاز التنفسي على تصميم  أولي  لجهاز تنفس إصطناعي يمكن أن يصنع محلياً من مواد موجودة بالسوق اللبنانية ويؤمن الوظائف الأساسية المطلوبة لأجهزة التنفس، داعين أي مهندس يمكنه المساعدة في المجال أن ينضم إليهم.

[caption id="attachment_76576" align="alignleft" width="188"] المهندس محمد اسماعيل امام الروبوت المعقم في بريتال[/caption]

 روبوت معقٍم...

وبمعدّات وأدوات بدائية مستعملة، صنع ابن بلدة بريتال المهندس محمد قاسم اسماعيل "روبوت معقّم" من الفيروس يعمل بالأشعة فوق البنفسجية يفتك بالحمض النووي للبكتيريا وهو قادر على تحييد 99 في المئة من البكتيريا والفيروسات. ويشير اسماعيل الى أن الروبوت "ليس ابتكاراً حديثاً، وإنما استخدام لتكنولوجيا متوافرة بين أيدينا وبكلفة متدنّية، وهو قادرعلى توفير تعقيم بدرجة ممتازة للغرف والأقسام في المستشفيات والمراكز الطبية بواسطة جهاز تشغيل عن بعد أو بواسطة الهاتف، وفي وقت لا يتعدى الدقائق الخمس".

 وأيضاً برزت الى جانب أجهزة التنفس، والروبوت المعقم، ابتكارات لبنانية أخرى انتشرت من شمالي لبنان الى جنوبه.

 فقد طوّر أستاذ مادة الفيزياء ماهر عثمان بدلة واقية ضدّ فيروس" كورونا" ترمي إلى قتل الفيروس حال ملامسته للبدلة، ويعتمد على الحرارة وفرضيّة تأثيرها على الفيروس، وهي مخصّصة للأفراد المضطرين للوجود في الأمكنة الموبوءة والمسعفين.

 أما هادي بيطار، وهو مهندس مساحة، فقد وضع خبرته بتصرف بلدية النبطية، عبر وضع برنامج متطور لتتبع حالات الحجر ومراقبة تفشي الفيروس في أي لحظة. فقد عمل على تطوير برنامج  جرى ربطه ببرنامج المساحة أو "جي بي أس" لتسهيل عملية تحديد أماكن المحجورين  بالارقام، مع تحليل كل البيانات المتعلقة بالمواطنين، والمشتبه فيهم، وبمن يجلس في الحجر، معتمداً على عملية الترميز والالوان، اضافة الى تحليل "الداتا" لاستباق تفشي "كورونا" إن حصل، وهو يرى في البرنامج "ضرورة لكل البلديات لأنه يسهّل عليها عملية الرقابة والتتبع.

في النهاية ، تجدر الاشارة  الى الإعلان العاجل الذي أطلقه "المجلس الوطني للبحوث العلمية" بحيث انه "في الظروف الإستثنائية والضاغطة التي تتطلب أقصى درجات التعاون وتحفيز الكفاءات والخبرات المتوافرة لتقديم حلول عملية وسريعة من شأنها تخفيف المعاناة والتعامل بجدية واحترافية مع الوباء والحد من آثاره على الصحة العامة والمجتمع، أعلن عن استعداده لتقديم دعم مالي لمشاريع ومبادرات طبية وتقنية فعالة، من شأنها أن تعطي نتائج عملية لمجابهة التحديات الاستشفائية الراهنة، وتمكين القطاع الصحي في لبنان من الإستفادة المباشرة من نواتجها.

 وانطلاقاً من ذلك  توجه "الإعلان العاجل" إلى كل الباحثين والمهندسين والأطباء والخبراء المعنيين بمختلف المحاور التي تفرضها أزمة الوباء الحالية، لتقديم المشاريع الممكن تنفيذها خلال فترة قصيرة، ووضع نتائجها بتصرف المؤسسات الصحية العامة والخاصة، دون إبطاء ويجب أن يركز المشروع على تقديم مبادرات عملية وحلول تكنولوجية وعلاجية مبتكرة، يمكن اعتمادها مباشرة خلال فترة الوباء الحالية، بهدف حماية المواطنين وتحسين مستوى رعاية المرضى ومراقبة تطور الوباء على المستوى الفردي والجماعي. وقد خصص المجلس لهذا الإعلان مبلغاً حده الأقصى 300 مليون ليرة لبنانية، لدعم ما يتراوح بين 8 و15 مشروعاً، على أن يسدد الدعم على مرحلتين: 50 في المئة عند توقيع العقد و50 في المئة عند قبول التقرير العلمي والتقرير المالي بالنفقات التي لا تتجاوز موازنة المشروع.

  فهل يساهم هذا النداء في ابراز طاقات وابداعات لبنانية جديدة مع الأزمة المقلقة؟