نعى الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمينَ سر اللجنة التنفيذية لـمنظمة التحرير عضو اللجنة المركزية لـحركة فتح، صائب عريقات، الذي توفي يوم الثلاثاء الماضي بعد حياة سياسية حافلة، وقال في تصريح إن رحيل الأخ والصديق المناضل الكبير الدكتور صائب عريقات، يمثل خسارة كبيرة لفلسطين ولأبناء شعبنا، وإننا لنشعر بالحزن العميق لفقدانه، خاصة في ظل هذه الظروف الصعبة التي تواجهها القضية الفلسطينية. وتابع: تفتقد فلسطين اليوم هذا القائد الوطني، والمناضل الكبير، الذي كان له دور كبير في رفع راية فلسطين عالياً، معلناً الحداد بتنكيس الأعلام لمدة 3 أيام.
وغيب الموت عريقات متأثراً بإصابته بفيروس "كورونا" حيث كان يعالج في مستشفى "هداسا" الإسرائيلي بعدما أصيب بالفيروس في 9 تشرين الاول (أكتوبر) الماضي، قبل أن تتدهور حالته في 18 من الشهر نفسه، وينُقل إلى مستشفى "هداسا عين كارم" الإسرائيلي في القدس. وبعد ليلة واحدة تدهورت حالة عريقات وأصبحت حرجة للغاية، مما اضطر الأطباء إلى إخضاعه للإنعاش وإدخاله في غيبوبة مصطنعة. وقد أثر "كورونا" بشكل مضاعف على عريقات بسبب خضوعه في عام 2017 لعملية زراعة رئة أجراها في مستشفى "أنوفا" بولاية فرجينيا الأميركية.
وخيم حزن كبير على رفاق عريقات في الرئاسة الفلسطينية وحركة فتح، ولدى كثير من الفلسطينيين الذي عرفوه من قرب أو تابعوا أخباره على مدى عقود طويلة.
كما نعاه رئيس الوزراء محمد أشتية، قائلاً إنه أمضى حياته مناضلاً ومفاوضاً صلباً دفاعاً عن فلسطين وقضيتها وشعبها وقرارها الوطني المستقل.
كما نعت عريقات اللجنة التنفيذية ومركزية فتح وأعضاؤهما ومسؤولون ووزراء وهيئات ومجالس وفصائل وطنية وإسلامية.
واتصل الملك عبد الله الثاني بالرئيس عباس، معزياً في وفاة عريقات، مشيداً بمناقب الفقيد ومواقفه الوطنية خدمة لقضيته الفلسطينية العادلة.
وتلقى عباس أيضاً مكالمات من نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ورئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، ورئيس المكتب السياسي السابق لحركة «حماس» خالد مشعل.
ونعت وزارة الخارجية المصرية عريقات، وقالت في بيان إن القضية الفلسطينية والعالم العربي بأسره خسر مناضلاً ثابتاً لا يتزعزع.
ونعى عريقات كذلك رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري وعدّ غيابه خسارة جسيمة للحضور الفلسطيني في المنتديات العربية والدولية.
كما نعاه الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية "جوزيب بوريل" الذي قال إنه ساهم شخصياً في تطوير العلاقات
[caption id="attachment_82922" align="alignleft" width="438"] عريقات مع الرئيس الراحل ياسر عرفات.[/caption]الوثيقة بين الاتحاد الأوروبي وفلسطين.
ونعى الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، عريقات، وأجرى أبو الغيط اتصالاً هاتفياً بعباس معرباً خلاله عن صادق عزائه ومواساته في رحيل صديقٍ مخلص، ورفيق درب ونضال له مكانته المميزة في قلب الرئيس وقلوب الفلسطينيين جميعاً.
كما تقدم أبو الغيط بالتعزية لأسرة الفقيد الراحل ولزوجته وأبنائه وبناته، سائلاً المولى أن يتغمده بواسع رحمته، ومشيراً إلى أن سيرة الراحل الكبير ستظل مصدر فخر لأسرته وبلده وأمته العربية.
وعبّر أبو الغيط عن حزنه الشخصي لوفاة صديق عزيز عرفه منذ أكثر من ثلاثين عاماً، في إطار الانخراط في مسيرة التفاوض الطويلة مع إسرائيل، والتي لعب فيها عُريقات دوراً محورياً ككبير للمفاوضين الفلسطينيين.
يذكر ان صائب محمد صالح عريقات ولد في 28 نيسان (أبريل) 1955 في بلدة أبو ديس شرق مدينة القدس. تلقى تعليمه الأساسي في مدينة أريحا، ثم حصل على البكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة سان فرنسيسكو الأميركية، ثم ماجستير في العلاقات الدولية عام 1979.
وعمل محاضراً في جامعة النجاح الوطنية في نابلس، قبل أن يحصل على الدكتوراه في حل النزاعات من جامعة برادفورد في المملكة المتحدة عام 1983. قال بعد دراسته إنه أصبح على قناعة بأنه لا يوجد حل عسكري للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، وإنما عن طريق المفاوضات.
انضم إلى الوفد الفلسطيني الذي كان منضوياً تحت مظلة الوفد الأردني لعملية السلام عام 1991، وأثار غضب الإسرائيليين والأميركيين عندما تعمد ارتداء الكوفية الفلسطينية أثناء الجلسة الافتتاحية لمؤتمر السلام. وكان قبل ذلك اعتقل مرات عدة في إسرائيل.
وعينه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وزيراً للحكم المحلي في أول حكومة للسلطة الفلسطينية عام 1994، ثم عين مسؤولاً للمفاوضات عن المرحلة الانتقالية من محادثات السلام في عام 1995. ونجح عن دائرة أريحا في أول انتخابات للمجلس التشريعي الفلسطيني جرت عام 1996.
وظل حتى وفاته كبير المفاوضين الفلسطينيين، حتى ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس لقبه بـ"ذاكرة المفاوضات"، أما هو فكان يقول إنه جندي من أجل حلم إقامة الدولة الفلسطينية.
وانتخب عريقات في 2006 عضواً في اللجنة المركزية في حركة فتح، وهي أعلى هيئة قيادية في الحركة. ثم اختير بالتوافق في نهاية 2009 عضواً في الجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ثم أميناً للسر.
وعريقات متزوج ولديه 4 أبناء: سلام ودلال (توأمان)، وعلي ومحمد، وكني "أبو علي". له كتب عدة بينها كتاب "بين علي وروجر"، و"الحياة مفاوضات"، وله عشرات الدراسات السياسية والقانونية التي وضعت تصورات لمفاصل مهمة من حياة الفلسطينيين وخلال المفاوضات.