[caption id="attachment_81556" align="alignleft" width="406"] مراسم تشييع امير الكويت رحمه الله الشيخ صباح الاحمد الصباح[/caption]
رحل أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح يوم الثلاثاء الماضي عن عمر ناهز الواحد والتسعين عاماً، بعدما كان يخضع للعلاج في احد المستشفيات الاميركية ، تاركاً إرثاً خالداً تفخر به الكويت بدءاً من سياسته الإصلاحية على الصعيد الداخلي والتوازن على المستوى الخارجي، والحنكة الدبلوماسية في إدارة السياسة الخارجية للبلاد، والعمل على تعميق الروبط العربية ومد جسور التواصل بين دولها والسعي للمبادرة بواسطات خيرة لفض النزاعات بينها.
وقال وزير شؤون الديوان الأميري الكويتي الشيخ علي جراح الصباح، في بيان بثه التلفزيون مساء الثلاثاء الماضي: ببالغ الحزن والأسى ننعى إلى الشعب الكويتي والأمتين العربية والإسلامية وشعوب العالم الصديقة وفاة المغفور له بإذن الله تعالى صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت ، حيث تمّ تشييعه يوم الاربعاء الماضي في حضور الأقرباء، وذلك بالنظر إلى الظرف الاستثنائي والإجراءات الاحترازية بسبب فيروس "كورونا" بعدما سبق ان اعلن مجلس الوزراء تسمية ولي العهد الشيخ نواف الاحمد الصباح أميراً للبلاد ، وأدى اليمين الدستورية امام مجلس الامة.
وأثارت وفاة الأمير الذي اشتهر بأنه دبلوماسي محنك وزعيم حكيم، موجة من الحزن من أنحاء العالم العربي، ومع انتشار النبأ تدفقت رسائل التعزية من القادة في جميع أنحاء المنطقة، فيما أعلن الحداد بعدد من الدول لاسيما لبنان، ونعاه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي قال انه بغياب الشيخ الصباح يفقد لبنان شقيقاً كبيراً وقف الى جانبه في الظروف الصعبة.
[caption id="attachment_81553" align="alignleft" width="251"] الأمير الراحل يستقبل الرئيس ميشال عون في الكويت منذ سنتين.[/caption]ولد أمير الكويت الخامس عشر الشيخ صباح الأحمد الصباح في حزيران ( يونيو) 1929، ويكون بذلك قد رحل عن الدنيا عن عمر ناهز 91 عاماً، ولقّب بـ"عميد الدبلوماسية والعربية الكويتية" وذلك لتوليه قيادة دبلوماسية بلاده لأربعة عقود بعدما كانت منظمة الأمم المتحدة قد كرمت الصباح عام 2014 بلقب "قائد العمل الإنساني"، كما جرت تسمية الكويت "مركزاً للعمل الإنساني"، تقديراً من المنظمة الدولية لجهودها وأميرها في خدمة الإنسانية.
وكان صباح الأحمد قد أدى دوراً بارزاً أثناء المحنة الكبيرة التي مرت بها الكويت عام 1990، باحتلال الجيش العراقي لها، من خلال جهوده الدبلوماسية في حشد الدعم الدولي لقضية بلاده حينها بخبرته الواسعة في العمل الدبلوماسي والسياسي.
تولى صباح الأحمد الصباح منصب أمير الكويت في كانون الثاني ( يناير) 2006، عقب وفاة الأمير جابر الأحمد الصباح، وبعد تنازل سعد العبد الله الصباح، ولي العهد السابق، بسبب المرض.
وعانى الأمير الراحل في السنوات الأخيرة من المرض، وقضى في عام 2019 أسابيع للعلاج في الولايات المتحدة، وعاد إلى هناك في 23 حزيران (يونيو) الماضي لاستكمال العلاج بعد جراحة خضع لها في الكويت، ليتم نقل بعض الصلاحيات في تموز(يوليو) من العام ذاته الى ولي العهد نواف الأحمد الجابر الصباح.
وتميزت مواقف الراحل الكبير بالوقوف دائماً الى جانب القضايا العربية، وخاصة القضية
[caption id="attachment_81554" align="alignleft" width="402"] امير الكويت الشيخ نواف الاحمد الصباح يؤدي اليمين امام نواب الامة[/caption]الفلسطينية التي ظلت في وجدانه ابداً، الى جانب سعيه الحثيث لإزالة الخلافات بين دول المنطقة وخاصة الخليجية منها، اضافة الى ايعازه بمساعدة لبنان بعد الكارثة التي حلت به بعد إنفجار مرفأ بيروت في الرابع من شهر آب (اغسطس) الماضي.
كان امير دولة الكويت اول من تولى وزارة الإعلام في بلاده، لينتقل بعدها لتولي منصب وزير الخارجية على مدى أكثر من ثلاثة عقود، مما اكسبه حنكة دبلوماسية واطلاعاً كاملاً على تاريخ العلاقات الدولية وطبيعتها في المنطقة وهو تمتع بديناميكية سياسية، ورغم الموقع الحساس لدولة الكويت في منطقة الخليج والقوى المحيطة بها من العراق والسعودية وايران كانت السياسة الخارجية للكويت تتسم بالحكمة والاتزان والحياد، واستطاع ان يكون وسيطاً موثوقاً من قبل المجتمعين الدولي والعربي على السواء.
ومنذ تزكيته أميراً للكويت في عام 2006، وتوليه للمراكز القيادية في بلاده، عمل الشيخ صباح الأحمد الصباح على تعزيز دور المرأة في الانتخابات النيابية.
ومرت الكويت بأزمات سياسية، سواء داخلية او خارجية، واستطاع أمير دولة الكويت بدبلوماسيته المعروفة من اتخاذ القرارات المناسبة، ولعل من ابرز تلك الازمات التي شهدها امير دولة الكويت الازمة الخليجية بين قطر والمملكة العربية السعودية وعمله الدائم لإعادة اللحمة مرة أخرى إلى دول الخليج.
واستطاع الشيخ صباح الأحمد تحويل بلاده الى مركز مالي وتجاري عالمي، اذ ان الكويت تعتبر من أغنى دول المنطقة في الخليج،
[caption id="attachment_81555" align="alignleft" width="200"] صباح الاحمد في عز شبابه[/caption]وقد استغل الشيخ صباح الأحمد الصباح تلك الثروة النفطية من أجل تعزيز موقع الكويت السياسي والاقتصادي.
وساهم الشيخ صباح كذلك في رأب الصدع بأزمات عدة، أبرزها الأزمة اليمنية والحرب العراقية الإيرانية، مما أثرى تجربته الشخصية وجعله وسيطاً مقبولاً لدى كل الفرقاء.
كما قاد الأمير الراحل وساطة لحل الأزمة الخليجية التي بدأت عام 2017، حيث قطعت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر، وفرضت عليها حصاراً.
اما الامير السادس عشر الجديد فهو الشيخ نواف الاحمد الصباح الذي امضى مسيرة نصف قرن واكثر في خدمة الكويت ، حيث ولد في عام 1937، بمدينة الكويت، وهو الابن السادس للشيخ أحمد الجابر المبارك الصباح الذي قاد البلاد بين عامي 1921 و1950، وله 4 أبناء وابنة، هم: الشيخ أحمد النواف، والشيخ فيصل النواف، والشيخ عبد الله النواف، والشيخ سالم النواف، والشيخة شيخة النواف.
وقضى الشيخ نواف (83 عاماً) الذي تولى كثيراً من المناصب المهمة مسيرة حياته السياسية الممتدة نحو نصف قرن متنقلاً بين وزارتي الداخلية والدفاع والحرس الوطني، وهو يعمل بهدوء ومثابرة، وهاجسه الوحيد تطوير قدرات بلاده الدفاعية والأمنية، وحفظ أمن حدودها، وأمن مواطنيه من أي اعتداء.
واقترن اسم الأمير السادس عشر لدولة الكويت، في أذهان أبناء شعبه، بالأمن والأمان، وعُرف عنه التواضع والحكمة والعفة والإخلاص والتفاني لكل ما فيه رفعة البلاد ومصلحتها وأمنها وازدهارها.