تفاصيل الخبر

رحيل أيقونة الكرسي البطريركي وعميد الكنيسة المارونية وعماد الوطن!

17/05/2019
رحيل أيقونة الكرسي البطريركي وعميد الكنيسة المارونية وعماد الوطن!

رحيل أيقونة الكرسي البطريركي وعميد الكنيسة المارونية وعماد الوطن!

 

بقلم وليد عوض

ودّع لبنان الرسمي والشعبي يوم الخميس الماضي وبمشاركة دولية البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير الذي شيّع الى مثواه الاخير بعدما توفي يوم الاحد الماضي عن عمر يناهز الـ99 عاماً في مستشفى <أوتيل ديو> ــ الاشرفية إثر دخوله اليه لأيام بعد تدهور حالته الصحية، في وقت اعلن الحداد الرسمي عليه يومي الاربعاء والخميس الماضيين، اضافة الى اعلان عطلة رسمية يوم التشييع، حيث توقف العمل في جميع الإدارات العامة والبلديات والمدارس والمصارف وقرعت الأجراس حزناً في جميع الكنائس حداداً على هذا البطريرك الاستثنائي الذي ولد في بلدة ريفون الكسروانية في شهر أيار (مايو) من العام 1920 أي قبل أشهر قليلة من اعلان دولة لبنان الكبير الذي ارتبط به عضوياً واعطي مجده له منذ ان انتخب بطريركاً عام 1986 وعيّن كاردينالاً عام 1994 ليقدم استقالته سنة 2011 باستقالته، طالباً إعفاءه من المهام البطريركيّة والانصراف إلى التأمّل والصلاة، فانتُخب مكانه المطران بشارة الراعي بطريركاً.

والبطريرك صفير شكل علامة فارقة في تاريخ لبنان، وكان بطريركاً استثنائياً وتاريخياً بإعتراف محبيه ومعارضيه، وترك بصمة هامة في تاريخ لبنان بعدما تميز في مواقفه الحاسمة والجازمة في الكثير من المحطات لاسيما في ثلاث محطات مفصلية من التاريخ اللبناني، الاولى انه وفّر الغطاء السياسي المسيحي لإتفاق الطائف الذي انجز عام 1989 وأوقف الحرب المتنقلة والمتواصلة بتقطع طوال 15 سنة بما فيها حربا <التحرير> و<الالغاء> رغم انه استجلب غضب رئيس الحكومة الانتقالية انذاك رئيس الجمهورية الحالي العماد ميشال عون الذي وقف في وجه النواب وعارض الاتفاق، والثانية انه اسّس للمصالحة المسيحية الدرزية في الجبل ورسّخها عام 2000 بعد حرب الجبل الدامية عام 1983، والثالثة انه وقف عام 2005 الى جانب قوى 14 اذار المطالبة برحيل الجيش السوري عن لبنان بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط من ذلك العام حتى وصف من قبلهم بـ<بطل الاستقلال الثاني> على اعتبار ان الاستقلال الاول تحقق بعد رحيل الانتداب الفرنسي عام 1943 ليتحقق الاستقلال الثاني في نيسان 2005 بعد رحيل القوات السورية عن لبنان بعد دخولها عام 1976 بقرار لبناني وعربي مدعوم اميركياً وأوروبياً تحت اسم قوات الردع العربية، ناهيك عن ايمان الرجل الكبير بلبنان الواحد الموحد المرتكز الى العيش المشترك خاصة وان البابا <يوحنا بولس السادس> أسبغ على لبنان وصف الرسالة في العيش المشترك وأكبر من وطن.

وإذا كان البطريرك بشارة الراعي خير خلف لخير سلف، يبقى رحيل البطريرك صفير خسارة كبيرة للبنان والانسانية وللبطريركية المارونية. وكم كان محقاً البطريرك الراعي عندما وصف سلفه في بيان النعي بـ<أيقونة الكرسي البطريركي وعميد الكنيسة المارونية وعماد الوطن>، لتطوى صفحة مشرقة في تاريخ لبنان ويفتقد اللبنانيون جميعاً رجلاً صلباً وشجاعاً كان مثال الاعتدال والانفتاح والحكمة والحوار والمحبة والعيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين.

و<الأفكار> تستذكر الراحل الكبير وتعتبر انها خسرته بقدر ما خسره لبنان والبطريركية لاسيما وانها كانت على تواصل مستمر معه ويستضيف أسرتها على الدوام في مقر البطريركية في بكركي وتخوض معه في حوارات متشعبة بكل صراحة وموضوعية، ولا يسعها الا ان تقول: لروحه سلام.