تفاصيل الخبر

رغـبــة أمـيـركيــة بخـفــض الـمـشاركــة الـدولـيــة فـيهــا يقابلها لبنان بالمطالبة بتعزيز سلاح البحر في الجيش!

28/03/2019
رغـبــة أمـيـركيــة بخـفــض الـمـشاركــة الـدولـيــة فـيهــا  يقابلها لبنان بالمطالبة بتعزيز سلاح البحر في الجيش!

رغـبــة أمـيـركيــة بخـفــض الـمـشاركــة الـدولـيــة فـيهــا يقابلها لبنان بالمطالبة بتعزيز سلاح البحر في الجيش!

 

يوم الخميس في 28 آذار/ مارس الجاري، التأم مجلس الأمن الدولي في جلسة مغلقة للاستماع الى تقرير الأمين العام للأمم المتحدة <أنطونيو غويتيريس> حول مراحل تنفيذ القرار 1701 الذي أوقف العدوان الإسرائيلي على لبنان والذي اتخذه مجلس الأمن في شهر آب/ أغسطس من العام 2006 محدثاً بذلك واقعاً جديداً على الحدود الجنوبية أعاد الهدوء إليها وكرّس استقراراً لم تسقطه الانتهاكات الاسرائيلية المتكررة للسيادة اللبنانية في البر والبحر والجو. صحيح أن الجلسة المغلقة لمجلس الأمن ليست الأولى من نوعها لمناقشة ما آل إليه تنفيذ القرار 1701، إلا أنها اكتسبت هذه المرة أهمية خاصة في وقت ترتفع فيه أصوات دول كبرى مثل الولايات المتحدة الأميركية تطالب بإعادة النظر في مهام القوات الدولية العاملة في الجنوب <اليونيفيل> وإعطائها المزيد من الصلاحيات و<حرية التحرك> على الأرض والقيام بـ<مبادرات> لحفظ أمنها وأمن العاملين فيها وسكان منطقة العمليات الدولية.

وتقول مصادر ديبلوماسية مطلعة إن ظاهر المطلب الأميركي يمكن وصفه بـ<البريء> و<البديهي> لأنه يهدف الى إجراءات تثبت الاستقرار وتحافظ عليه، لكن بالفعل فإن الكلام الأميركي - وفق المصادر نفسها - ينطبق عليه المثل القائل <كلام حق يراد منه باطل>، لاسيما وأن كل المعطيات التي سبقت موعد الجلسة المغلقة، والمداولات في نيويورك وخارجها، دلت على أن وراء الأكمة ما وراءها، وأن الهدف الأساسي من المطالبة الأميركية بـ<تطوير> دور <اليونيفيل> إيجاد أمر واقع جديد لا يصب في مصلحة <اليونيفيل>، إذ كيف تتناغم الدعوات الأميركية الى توسيع مهام القوة الدولية، مع مطالبة واشنطن بتخفيف المشاركة الدولية في القوة البحرية التابعة لـ<اليونيفيل> وزيادة دور سلاح البحرية اللبنانية الذي يفتقد الى التجهيزات الضرورية ليتمكن الجيش من المشاركة بفعالية أكبر مع القوة البحرية الدولية المناط اليها مهمة مراقبة الشواطئ اللبنانية والتدقيق عند الضرورة بحمولة البواخر والسفن الآتية الى الموانئ اللبنانية؟ وفي هذا السياق، قالت المصادر الديبلوماسية إن قرار التمديد لولاية <اليونيفيل> الذي اتخذ في آب/ أغسطس الماضي كان قد دعا الحكومة اللبنانية الى <وضع خطة لزيادة قدراتها البحرية بما في ذلك بدعم مناسب من المجتمع الدولي بهدف تقليص فرقة العمل البحرية التابعة للقوة المؤقتة ونقل مسؤولياتها في نهاية المطاف الى الجيش اللبناني بتزامن دقيق مع بناء قدرات القوات البحرية اللبنانية بفعالية>. ويومذاك طلب القرار من الأمين العام للأمم المتحدة أن يقدم الى مجلس الأمن تقييماً مشفوعاً بتوصيات في غضون ستة أشهر انتهت عملياً آخر شهر شباط/ فبراير الماضي.

وفي معلومات لـ<الأفكار> أن الجواب اللبناني على هذه المسألة والذي أبلغ الى الأمين العام المساعد لعمليات حفظ السلام <جان بيار لاكروا> والى ممثل <غويتيريس> في لبنان <يان كوبيتش>، توزع الى شقين: الأول أن لبنان لا يملك القدرات المالية لتجهيز أسطوله البحري وهو يحتاج بالتالي الى دعم الدول القادرة على تسهيل عملية التجهيز، أما الشق الثاني فتمحور حول خطة وطنية لتطوير القدرات البحرية للقوات المسلحة، مع الأخذ في الاعتبار الواقع المالي الخانق. من هنا فإن لبنان يطالب المجتمع الدولي باستمرار عمل القوة البحرية التابعة لـ<اليونيفيل> الى حين يتمكن الجيش من بناء قدراته البحرية وفق الإمكانات المتوافرة لديه.

 

الأنفاق... عود على بدء!

وثمة مسألة أخرى أثارها تقرير الأمين العام للأمم المتحدة وكانت محور نقاش بين الأعضاء تتعلق بالأنفاق التي اكتشف الاسرائيليون وجودها قبالة الحدود الجنوبية والممتدة الى الأراضي اللبنانية، وقد اتى الرد اللبناني حول هذه المسألة مؤكداً على التسهيلات التي قدمها الجيش اللبناني لجهة عبور الفرق الهندسية والجغرافية التابعة لـ<اليونيفيل> عبر معبر رأس الناقورة الى داخل الأراضي المحتلة للتأكد من الأنفاق والكشف عليها، كما طلب الجيش من <اليونيفيل> تزويده بكل الاحداثيات والمعطيات حول الانفاق التي بادرت اسرائيل الى تدميرها وطمس معالمها، الأمر الذي حال دون تمكّن <اليونيفيل> من التحقق هندسياً في اكتشاف طبيعتها وتاريخ إنشائها، ولا يمكن بالتالي تحميل لبنان مسؤولية خرق القرار 1701 بمجرد وجود

هذه الأنفاق من دون التحقق من التفاصيل المشار عليها.

وتفيد المعلومات ايضاً أن مسألة <تقييد> حرية حركة <اليونيفيل> لا تزال تحتل مساحة واسعة من اهتمام الدول خصوصاً تلك المشاركة في القوة الدولية، لاسيما بعد الحادثة التي وقعت في بلدة مجدل زون مع دورية من <اليونيفيل> في 4 آب/ أغسطس الماضي حيث صادر <الأهالي> معدات للقوة الدولية وأعاقوا تحركها، وبدا التناقض في ما بعد بين المعطيات التي أعلنتها القوة الدولية وتلك التي أوردتها تقارير الجيش، وكانت الدعوة الى عدم استعمال هذه الحادثة مادة تهدف الى مقاربة هذا الملف من ناحية سلبية، في وقت يؤكد الجانب اللبناني أن الجيش يبدي حرصاً على عدم تقييد حركة <اليونيفيل> ويشدد على التنسيق لمعالجة تداعيات بعض الحوادث الناجمة عن عدم التنسيق المسبق معه. وفي هذا الإطار، اكد لبنان على أن كل الدوريات المشتركة مع الجيش لم تتعرض لأية مضايقات وإشكالات، ومن البديهي ان يستمر هذا التنسيق بين الجانب اللبناني والدولي وصولاً الى إزالة كل الالتباسات التي يمكن أن تحصل في هذا المجال.

 

<غويتيريس> قلق لحرية الرأي!

وتتوقف المصادر الديبلوماسية اللبنانية عند مسألة طرحها تقرير <غويتيريس> يتحدث فيها عن <تصاعد القلق بشأن حرية الرأي في لبنان> و<اعتقال بعض الناشطين على وسائل التواصل> وغيرها من النقاط المتفرعة. والجواب اللبناني واضح في هذه المسألة لاسيما وأن الحكومة اللبنانية عينت في الجلسة الثانية لها بعد نيلها الثقة، أعضاء لجنة الوقاية من التعذيب الذي يشكلون جزءاً من <الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان> وهؤلاء سيباشرون عملهم فور صدور المرسوم وأداء القسم، ما سيمكّن <الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان> من ممارسة مهامها ودورها. أما في ما يتعلق بحرية الرأي وتوقيف ناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي، فلم يتردد لبنان في التأكيد على أن القوانين والأنظمة المرعية الإجراء تحفظ حرية التعبير والنقد والرأي البناء، وليس الشتم أو التجريح لأنه لا بد من الفصل بين النقد والسباب والإساءة الشخصية. وتلفت المصادر الى أن الشروحات اللبنانية لاقت صدى لدى المسؤولين الدوليين الذين زاروا بيروت أو هم يقيمون فيها أصلاً، لأن الموقف اللبناني في هذا المجال يبقى موقفاً أساسياً لأن لبنان هو البلد المعني من جهة، وهو يتعاون مع القوة الدولية خصوصاً والأمم المتحدة عموماً للوصول الى نتائج عملية في المواضيع المطروحة.

 

مع ذلك، فإن المصادر الديبلوماسية تحدثت عن مقاربة بعض الدول للتقرير ليس في مضمونه فقط أو في أجوبة الحكومة اللبنانية بل في إطار سلبي وصل الى حد <المشاكسة>، خصوصاً أن لبنان غير قادر في الوقت الحاضر على الذهاب بعيداً في إجراءات يمكن أن تحدث إرباكاً في المناطق الجنوبية الساعية الى تجذير الاستقرار والأمان فيها. من هنا فإن الاستعداد اللبناني لمواجهــــــــة مداخــــلات الجلســــــة بعـــــد تقريــــر <غويتيريس>، خرج عن الإطار الموضوع لشرح الموقف اللبناني الذي يقتصر فقط على الوضع المرتبط بالقرار 1701، لأن بعض الخطباء من ممثلي الدول تناولوا شؤوناً أخرى يجب أن يقول لبنان كلمته فيها.