تفاصيل الخبر

رفع الدعم عن القمح والمحروقات والأدوية زلزال يطلق العنان للغلاء وصولاً الى الفوضى والمجاعة!

02/09/2020
رفع الدعم عن القمح والمحروقات والأدوية زلزال يطلق العنان للغلاء وصولاً الى الفوضى والمجاعة!

رفع الدعم عن القمح والمحروقات والأدوية زلزال يطلق العنان للغلاء وصولاً الى الفوضى والمجاعة!

 

بقلم طوني بشارة

[caption id="attachment_80793" align="alignleft" width="381"] ربطة الخبز الى 30 ألف ليرة![/caption]

توجه حاكم مصرف لبنان لإصدار قرار بإلغاء الدعم عن القمح والمحروقات والأدوية أثار موجة من الرعب لدى المواطنين. فما السبب الكامن وراء إلغاء التعميم رقم 530 الصادر بـ 30 أيلول 2019 والمتمثل بتأمين الدولار على السعر الرسمي (1507) للتجار والمستوردين؟ وهل يعني ذلك أن المستورد سيكون ملزماً بتأمين فاتورة الاستيراد من السوق السوداء؟ وما أثر ذلك بالتالي على أسعار المحروقات ، الأدوية ، الخبز والسلع الاستهلاكية؟ وهل فعلاً نحن مقبلون على مجاعة لا بل على فوضى عارمة؟

 تساؤلات عديدة حملتها "الأفكار" الى الخبير الاقتصادي الدكتور وليد أبو سليمان والى رئيس اتحاد النقابات العمالية الأستاذ مارون الخولي والى نقيب مسستوردي الأدوية الأستاذ كريم جبارة ، ورئيس نقابة مستوردي السلع الغذائية الأستاذ هاني بحصلي.

أبو سليمان والتحاويل المالية!

[caption id="attachment_80797" align="alignleft" width="185"] وليد أبو سليمان مصرف لبنان غير قادر على استمرارية تأمين الدعم.[/caption]

 بداية مع الخبير الاقتصادي الدكتور وليد أبو سليمان الذي أفادنا قائلاً: إن ​لبنان​ وصل إلى الحضيض على المستوى الإقتصادي، خصوصاً بعد الإنفجار الذي ضرب ​مرفأ بيروت​ وأدى الى تضرّر مؤسّسات وشركات سياحية وتجارية، لافتاً إلى أن قرار الإقفال العام الذي تتخذه الدولة من فترة الى أخرى وذلك للحد من تفشّي ​فيروس كورونا​، وبالرغم من أنه مرِن أكثر من الإقفال في شهر آذار، إلا أنه سيُكبّد ​الإقتصاد اللبناني​ خسائر إضافية، وسيتأثر الإنتاج بنسبة 80 بالمئة.

 وشدّد أبو سليمان على أن مرفأ بيروت كان من أهم المرافق الحيوية للإقتصاد في لبنان، وكان يُدخل إلى خزينة الدولة ما لا يقل عن 280 مليون دولار سنوياً كرسوم جمركية، كون التداول التجاري بين الداخل والخارج عبر الإستيراد والتصدير كان يمر عبر مرفأ بيروت، مُعتبراً أن التحدي الأساسي أمامنا اليوم هو كم نحتاج من الوقت لإعادة ترميمه وعودته الى العمل بشكل طبيعي، كما أن علينا الإستعانة بمرفأي طرابلس وصيدا الى حين الإنتهاء من الأعمال في مرفأ بيروت.

 وحول الحديث عن عدم قدرة ​مصرف لبنان​ على الإستمرار في دعم السلع الغذائية، أوضح أبو سليمان قائلاً: منذ البداية كان مصرف لبنان يهدف الى عدم المسّ بالإحتياطي من العملات الأجنبية، ولهذا السبب كان يستحوذ على ​الدولار​ات الآتية من التحاويل الإلكترونية وضخها للصيارفة من الفئة "أ" لتأمين الدولارات للطلاب اللبنانيين في الخارج والعاملات الأجنبيات وغيرهم، ونتيجة هذا الإجراء انخفضت التحاويل المالية بنسبة 80 بالمئة، ولهذا السبب عاد مصرف لبنان وأصدر تعميماً في أوائل شهر آب (أغسطس) ينص على تسليم التحاويل الى أصحابها بالدولار، وبطبيعة الحال ستنخفض الدولارات المحوّلة من مصرف لبنان الى الصيارفة.

 وتابع أبو سليمان: أما بخصوص السلّة الغذائية التي تعهّد ​المصرف المركزي​ بدعمها على سعر 3900 للدولار، وبسبب عدم قدرته بالحصول على تحاويل اللبنانيين من الخارج بالدولار، أصبح مُضطراً لإستخدام الإحتياطي لديه، وهذا ما حذّرنا منه في السابق، واعتبر أن السؤال الكبير اليوم: هل مصرف لبنان قادر على تأمين إستمرارية الدعم؟ من وجهة نظري لن يستطيع، لأنه أكدّ في وقت سابق أن الإحتياطي مخصّص لثلاث سلع أساسية وهي القمح والمحروقات والأدوية.

*- وماذا عن الحل؟

- الحل يكون بتوجيه الدعم إلى الأُسر الأكثر فقراً، وبهذه الطريقة لا يستفيد الأثرياء منه ونحافظ على الإحتياطي بالعملات الأجنبية لأطول فترة ممكنة، كما أن ​الدول المانحة​ تعهّدت في مؤتمر دعم لبنان بتقديم حوالي 250 مليون يورو، وهذا الرقم لا يُغطّي إلا جزءاً بسيطاً من الأضرار التي لحقت ببيروت، وكلفة الأضرار المباشرة وغير المباشرة قد تتجاوز الـ10 مليارات دولار.

*- ماذا عن المفاوضات مع صندوق النقد؟

[caption id="attachment_80795" align="alignleft" width="376"] مارون خولي لا حل إلا ببقاء الدعم.[/caption]

- فيما يتعلق بالمفاوضات مع ​صندوق النقد الدولي​، كان هناك تجاذب بين 3 أفرقاء: الحكومة ومصرف لبنان و​جمعية المصارف​، والصندوق حسم الجدل حين طالب بالكابيتال كونترول، وبتوحيد سعر الصرف، وبتحميل المساهمين وكبار المودعين الذين استفادوا من الفوائد الكبيرة بعض الخسائر، كما طالب بالتحقيق المالي الجنائي في مصرف لبنان. كما أن طلبات الصندوق تُلاقي طروحات الحكومة المستقيلة، وهنا يُطرح السؤال: هل من سيأتي من جديد للتفاوض مع الصندوق سيُكمل نهج الحكومة السابقة أم سيصطدم معه؟. وهنا أؤكد على أن أي مفاوض عليه أن يمتثل لتوصيات الصندوق، الذي سيكون بمثابة عامل ثقة بالنسبة للدول والجهات المانحة، التي اهتزت ثقتها بلبنان بعد تخلّفه عن سداد ديونه في شهر آذار(مارس) الفائت، وبالتالي الإتفاق مع الصندوق سيكون بمثابة مؤشر إيجابي لبقية المانحين.

بحصلي وعدم فاعلية السلة الغذائية!

 وللإطلاع أكثر على تأثير إلغاء الدعم على الحياة الاستهلاكية للمواطن التقت "الأفكار" رئيس نقابة مستوردي السلع الغذائية هاني بحصلي الذي أفادنا بأن إلغاء الدعم سيطال بشكل تلقائي ومباشر قطاع البنزين والقمح والأدوية. وفيما يتعلق بالمواد الغذائية فإن التأثير الناتج عن إلغاء الدعم سيكون محدوداً للغاية، على اعتبار أن أصناف السلة الغذائية المدعومة كانت  قليلة وغير متنوعة ، مما يعني أن المواطن لم يلمس أساساً أي أثر إيجابي للسلة الغذائية .

*- المواطن يتهم التجار والمستوردين باستغلال الظرف، على اعتبار أن الأسعار وبالرغم من إنخفاض سعر صرف الدولار في السوق السوداء من عشرة آلاف الى سبعة آلاف، ما زالت مرتفعة، فهل من تبرير منطقي وبالأرقام لهذا الأمر؟

- قام المستوردون بالتسعير طوال هذه الفترة على أساس سعر صرف  للدولار يتراوح بين 5000 و6000 ليرة، ولم يسعروا إطلاقاً على سعر الـ 10000 ليرة لبنانية. فعلى سبيل المثال لا الحصر سعر علبة التونا المستوردة وغير المدعومة 1,30 دولار وذلك قبل اضافة الـ TVA . وبعملية حسابية بسيطة اذا قمنا بشراء هذه العلبة على أساس سعر صرف قيمته 7500 ليرة للدولار الواحد، تصبح التكلفة 9750 ليرة ومع إضافة 11% TVA يصبح السعر 10800 ليرة علماً أن السعر الحالي للتونا يتراوح ما بين الـ 7000 والـ 8000 ليرة مما يؤكد ان سعر الصرف لدى المستوردين لا يتجاوز الـ 6500 ليرة لبنانية. وتابع بحصلي قائلاً: السلع تمر بمرحلتين ، الأولى هي الاستيراد، والثانية تسمى بمرحلة البيع بالمفرق، ففي حال قام أحد تجار المفرق بتسعير على سبيل المثال علبة التونا بـ 10000 ليرة فهذا مثال لا يمكن تعميمه إطلاقاً، وأؤكد كرئيس نقابة مستوردي السلع الغذائية بأن كل الشركات سعرت بضائعها على أساس سعر صرف لا يتجاوز الـ 6500 ليرة لبنانية للدولار الواحد، مما جعلنا كمستوردين ندعم السوق من مالنا الخاص ونشتري دولار بسعر السوق السوداء وبقيمة فاقت مرات عدة الـ 7500 ليرة. 

جبارة ورفع الدعم !

 وبدوره اعتبر نقيب مستوردي الأدوية كريم جبارة أن رفع الدعم عن الدواء سيكون بمنزلة «الكارثة الإنسانية»، وذلك لأسباب عدة، منها أن المواطن يدفع حالياً 35 في المئة من فاتورة الدواء وهو بالكاد يستطيع تحملها،

[caption id="attachment_80796" align="alignleft" width="183"] هاني بحصلي علبة التونا وصل سعرها الى 10 آلاف ليرة.[/caption]

فكيف إذا رُفع الدعم وتضاعفت قيمة هذه الفاتورة؟.

*- هل من زيادة ستطرأ على سعر الدواء في ظل رفع الدعم؟

- هذه الزيادة من الصعب تحديدها، إذ لن يكون هناك سعر ثابت أو سقف، فسعر الدواء سيرتبط مباشرة بسعر صرف الدولار في السوق السوداء والتي سيزيد الطلب عليها من قبل جميع المستوردين الذين تعرضوا لرفع الدعم عن السلع التي يستوردونها، وبالتالي سيرتفع سعر الدولار بشكل مستمر ويرتفع معه سعر الدواء. لكن إذا ما احتسبنا أن سعر الصرف سيكون كما هو هذه الأيام، أي 7500، فهذا يعني مضاعفة سعر أي دواء خمس مرات.

*- البعض يتكلم عن دور للصناديق الضامنة التي تدفع 65 في المئة من قيمة فاتورة الدواء، فهل من الممكن تغطية الفرق من قبل هذه الصناديق في حال تضاعفت الأسعار خمس مرات؟

 - ميزانية هذه الصناديق بالليرة اللبنانية لا تملك إيرادات باستثناء صندوق الضمان الاجتماعي والذي تضاءلت إيراداته بسبب توقف الكثير من الموظفين عن العمل أو خفض رواتبهم، واعتبر أنه أمام هذا الواقع وفي حال اعتمد رفع الدعم لن يكون لدى هذه الصناديق ما يكفيها من أموال لتغطية فاتورة الدواء، ولذلك ستصبح أمام خيارين: إما الإقفال أو الترشيد عبر تقليل نسبة المستفيدين وحصرهم بـ20 في المئة على سبيل المثال، وهذا سيضع المواطنين أمام أزمة حقيقية تحول دون حصولهم على الدواء.بالإضافة إلى ما تقدم، أعتقد أن رفع الدعم سيتسبب أيضاً في انقطاعات مستمرة في الدواء، إذ إن المستوردين يواجهون حالياً مشكلة بتأمين الـ15 في المئة من فاتورة الدواء بالدولار، فكيف إذا رُفع الدعم وأصبحت فاتورة الإستيراد كاملة بالدولار؟ كما وأؤكد أنه حتى اللحظة لم يتم تبليغ النقابة بشكل رسمي أو غير رسمي باتجاه نحو رفع الدعم، آملاً ألا يطال رفع الدعم القطاع الطبي ليظل على الأقل الدواء متوافراً للبنانيين في ظل الظروف الإقتصادية والإجتماعية الحالية.

مارون الخولي والفوضى!

 

[caption id="attachment_80794" align="alignleft" width="188"] كريم جبارة خطوة رفع الدعم كارثية.[/caption]

 بدوره أكد رئيس الإتحاد العام لنقابات عمال ​لبنان​ ​مارون الخولي​، أن رفع الدعم عن السلع الأساسية ،​القمح​ والدواء و​المحروقات​ سيؤدي إلى فوضى إجتماعية لا حدود لها.

 وأفادنا الخولي قائلاً: قرار رفع الدعم خطير جداً، وسيؤدي إلى خراب البلد، وبالتالي فإن بيوت وقصور الزعماء والمسؤولين ستصبح مفتوحة أمام الجميع، وستندلع ثورة لأن المواطن لا يمكنه تحمل رفع الدعم بأي شكل من الأشكال.

*- على من تقع المسؤولية؟

- جميع المسؤولين أوصلوا البلاد لهذه الأزمة، وعلى الجميع تحمل المسؤولية، كرياض سلامة الذي كان يطمئن اللبنانيين أن الليرة بخير، وأنه يوجد إحتياطي بنحو 32 مليار دولار، ولكنه أتى اليوم ليقول، إنه سيوقف الدعم، فهذا كلام غير مقبول. ونحن نحذر من الفوضى التي يسببها هذا القرار، ونؤكد بأن مسؤوليتنا اليوم كنقابة هي الحفاظ على الشعب اللبناني، ولن نرضى برفع الدعم عن السلع الأساسية.

*- البعض اقترح إبقاء الدعم للفقراء كحل فما ردكم على هكذا اقتراح؟

- إحتمالية إبقاء الدعم للفقراء، ليست حلاً، لأن 55% من اللبنانيين أصبحوا من هذه الطبقة، ولا يجب الإعتماد على الأحزاب لمساعدة المواطنين، فتجربة ​المساعدات​ 400 ألف ليرة خير دليل، ولم تصل للجميع.

*- هل من حلول بديلة؟

-لا حلول إلا ببقاء الدعم، فالمسؤولون الذين أوصلونا إلى ما نحن عليه، يقع على عاتقهم إيجاد البدائل، وهذه الأزمة ليست وليدة اليوم.

وأضاف رئيس الإتحاد العام لنقابات عمال لبنان قائلاً: من الصعب القول للعائلات إن ربطة ​الخبز​ ستصل إلى 30 ألف ليرة، وسعر البنزين إلى 70 ألفاً، وكذلك الأسعار في المحلات التجارية سترتفع 5 أضعاف، وبعض المواطنين لا يستطيع شراء الدواء على السعر الرسمي، فكيف سيكون الحال إذا رُفع الدعم؟..  لذا فإن قرار رفع الدعم سيكون بمنزلة إنتحار للطبقة السياسية، وسيسقط هذا النظام الفاسد.

 وختم الخولي قائلاً: لنفترض أن المعنيين والمسؤولين عن هذا القرار حاولوا معرفة ردة فعل الناس، فعليهم أن يعرفوا أن تداعياته ستكون خطيرة، وتؤدي إلى الخراب، وستزلزل عروشهم.