تفاصيل الخبر

ردم الـبـحـــــر يـتــــم ضـمــــــن ســـنـتـيـن حـتـــى تـشـــــرئـب الـمـنـطـقـــــة الاقـتـصـاديـــــــة!  

24/04/2015
ردم الـبـحـــــر يـتــــم ضـمــــــن ســـنـتـيـن  حـتـــى تـشـــــرئـب الـمـنـطـقـــــة الاقـتـصـاديـــــــة!   

ردم الـبـحـــــر يـتــــم ضـمــــــن ســـنـتـيـن حـتـــى تـشـــــرئـب الـمـنـطـقـــــة الاقـتـصـاديـــــــة!  

 طوني بشارة بقلم  

أكثر من سبع سنوات انتظرها الطرابلسيون حتى كادوا يصابون باليأس كي تتكرّم الحكومة عليهم وتقدم على تعيين مجلس إدارة المنطقة الاقتصادية الحرة التي أقرت الحكومة عام 2008 إنشاءها في عاصمة الشمال، وأصدرت في عام 12009 مراسيمها التنظيمية لكنها بقيت طوال السنوات المنصرمة حبراً على ورق، وحلماً لم يكتب له أن يبصر النور إلا مطلع شهر نيسان/ أبريل 2015.

 فعلى مساحة تقارب 550 ألف متر مربع ينبغي أن تقام المنطقة الاقتصادية الحرة المرتقبة، فوق قطعة من الأرض، يفترض أن تردم في البحر قرب مرفأ طرابلس وهي منطقة ستشكل بلا أدنى شك نقلة نوعية لجهة تفعيل القطاعات الاقتصادية في طرابلس على اختلافها، وإحداث نقلة نوعية فيها تنتظرها منذ سنوات وعقود، وجلب استثمارات ورجال أعمال وكفاءات، وتأمين فرص عمل كبيرة، تقارب الـ5000 فرصة عمل كمعدل وسطي وفق أغلب التوقعات.

ويأتي تعيين مجلس إدارة المنطقة الاقتصادية في وقت يشهد فيه مرفأ طرابلس تطوراً لافتاً في أدائه وارتفاعاً ملحوظاً في حركة البواخر الآتية إليه أو المغادرة منه، وفي حجم البضائع المستوردة والمصدرة، مما سيجعل المرفأ بعد إنشاء المنطقة الاقتصادية الحرة يشهد تطوراً إضافياً لا يقل أهمية.

 أعلنت الحكومة اخيراً مجلس إدارة المنطقة الاقتصادية الذي يضم وفق الأسماء المكونة له شخصيات لها وزنُها وخبرتُها في هذا المجال، الأمر الذي من شأنه أن ينقل واقع مرفأ طرابلس نحو الأفضل، وأن يجعل إنطلاقة المنطقة فعالة. فالمجلس كما جاء في مرسوم إنشائه مكوّن من: ريا الحسن (رئيسة لمجلس الإدارة ومديرة عامة)، وكل من جهاد أزعور ورمزي أمين الحافظ وأنطوان رفلة دياب ووسيم منصوري وأنطوان حبيب وعشير بسام الداية (أعضاء)، ويتضح من الأسماء المذكورة أنها تضم وزيرين سابقين (الحسن وأزعور) ومديراً سابقاً لمرفأ طرابلس (حبيب) وأسماء لها خبرتها وسمعتها التي سبقت تعيينها (الحافظ ودياب ومنصوري والداية).

على هذا الأساس، فإن الآمال المعلقة على مجلس إدارة المنطقة الاقتصادية الحرة الجديدة في طرابلس كبيرة جداً، سواء من القطاعات الاقتصادية على اختلافها أو من قبل أهالي طرابلس والشمال وكل لبنان، وبالتأكيد فإنهم لن يخيبوا الآمال.

لكن وبالرغم من اجماع كل الفاعليات الطرابلسية بأن حلم ابناء طرابلس بالمشاريع الإنمائية لمدينتهم بدأ يتحقق، وذلك بغض النظر عن وضع العصي في الدواليب ومحاولة البعض منع نهوض طرابلس والخروج من كبوتها ودخولها الى نادي الكبار في الاقتصاد لإنعاشها من الموت السريري، وإعطائها قوة تدفع بها قدماً نحو مستقبل واعد، لتتجاوز الحرمان والتهميش المزمن واللامبالاة الرسمية بالمرافق الحيوية للمدينة، يلاحظ ان هناك تغييباً بالتمثيل لحلفاء تيار <المستقبل> وفي مقدمهم حزب الكتائب والقوات اللبنانية، الأمر الذي دفع مصدراً كتائبياً شمالياً إلى التعبير عن خيبة أمله من «طريقة التعاطي مع الكتائب، وعدم مراعاة تيار <المستقبل> لحلفائه المسيحيين كما يراعي حزب الله حلفاءه المسيحيين>.

كما ان النائب فادي كرم أشار الى كون <الهيئة الاقتصادية الحرة لطرابلس والشمال قد ولدت من دون ان تكون اقتصادية ولا حرة، وأتت بكل أسف على قاعدة الارضاءات>.

إزاء هذه التحفظات، لا بد من التساؤل عن الجدوى الاقتصادية للمنطقة الحرة، وعن الخطط الاستراتيجية المتبعة من قبل مجلس الإدارة لإنماء الاقتصاد الشمالي بشكل خاص والاقتصاد اللبناني بشكل عام؟!

 أسئلة طرحتها <الافكار> على ريا الحسن (رئيسة مجلس الإدارة) التي أعلمتنا ان اختيار مجلس الإدارة تم وفقاً لمناقشات سياسية بين الاطراف (<مردة>، <أمل>، <المستقبل، الحزب التقدمي الاشتراكي) وأكدت الحسن ان مبادرة الوزير وائل أبو فاعور لسحب ترشيح الممثل عن الحزب الاشتراكي قد سهلت كثيراً عملية التشكيل.

والسؤال الأول كان:

ــ القوات اللبنانية وعلى لسان فادي كرم اعتبرت ان المنطقة ليست حرة وليست اقتصادية، فما سبب هذا الاعتبار؟ وهل الرئيس نجيب ميقاتي رافض للمنطقة الاقتصادية الحرة؟

- لا يخفى عن أحد ان للقوات تمثيلاً كبيراً ضمن منطقة الشمال، وكانوا كباقي الفرقاء والاحزاب يرغبون بالتمثيل ضمن مجلس الإدارة، فهذا هو السبب الاساسي لاعتراضهم على تشكيل مجلس الإدارة. اما بالنسبة للرئيس ميقاتي فلا أعتقد أبداً انه ضد فكرة المنطقة الاقتصادية الحرة في طرابلس، بل ان سبب انزعاجه يعود لكونه كان يطرح شخصية معينة لترؤس مجلس الإدارة.

ــ متى صدر قانون المنطقة الاقتصادية الحرة، ومن طرح الفكرة أساساً؟

- ان قانون المنطقة الاقتصادية الذي يحمل الرقم 18 قد صدر بتاريخ 5/9/2008، كما تم في العام 2009 إصدار المراسيم التطبيقية المتعلقة به، وهي المرسوم رقم 2222 (النظام المالي للهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس)، والمرسوم رقم 2223 (النظام الداخلي للهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس)، والمرسوم رقم 2226 (ملاك الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس وشروط تعيين المستخدمين والمتعاقدين فيها وسلسلة فئاتهم ورتبهم ورواتبهم ومهام الأجهزة الإدارية لديها)، والمرسوم رقم 2232 (تحديد شروط إعطاء الأجانب تراخيص العمل في المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس)، والمرسوم رقم 2407 (تحديد تعويض رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس وتعويض حضور جلسات مجلس الإدارة للرئيس والاعضاء ومفوض الحكومة لديها).

وتتابع ريا الحسن: الفكرة طرحت زمن الرئيس الشهيد رفيق الحريري وكانت الغاية آنئذٍ إنشاء منطقة حرة في طرابلس، ومن ثم تطورت الفكرة في عهد الرئيس فؤاد السنيورة وتبلورت بإنشاء منطقة اقتصادية حرة، وذلك في منطقة محايدة ضمن المرفأ وضمن مساحة محددة جغرافياً بـ 550 ألف متر مربع وما زالت حتى تاريخه مجرد مياه وستردم خلال سنتين.

أول الخطوات

ــ ما هي الإجراءات الأولية المتخذة للتنفيذ، وكم تتطلب مدة التنفيذ؟

- ان الخطوة الاولى التي يجب الشروع بها والتي يعمل عليها حالياً مجلس الإنماء والاعمار هي تلزيم عملية ردم البقعة المخصصة للمنطقة الاقتصادية الحرة في طرابلس. بعد ذلك، سيتم تجهيز البنى التحتية التي قد تستغرق حوالى عامين،  بواسطة القطاع العام أو عبر إشراك القطاع الخاص من خلال الـ PPP أوBOT  وهو ما سيقرّره مجلس الإدارة بعد وضع استراتيجية كاملة للمنطقة وبعد موافقة الحكومة. وفي غضون هذا الوقت، سيعمل مجلس إدارة الهيئة على تحديد استراتيجية عمل المنطقة الاقتصادية وأهدافها، وسيطور الانظمة الداخلية الخاصة بها إضافة الى تأسيس هيكلية الهيئة التي تتشكل من 83 شخصاً.

ــ ان التنفيذ يتطلب مبالغ مالية معينة، فمن أين سيتم التمويل؟

- حالياً تم رصد مبالغ معينة لمجلس الإنماء والاعمار للقيام بعملية الردم التي ستنجز خلال عامين، وبعد القيام بعملية الردم سأطرح فكرة إعطاء سلفة للتمويل.

ــ على اي أساس سيتم اختيار الـ83 موظفاً؟

- بالتأكيد سيخضعون للمباراة وفقاً للنظام الإداري للتوظيف.

ــ هل حددت الهيئة طبيعة اعمال المشاريع الاستثمارية في المنطقة الحرة؟

- لقد نصت المادة 17 على ان الهيئة ترخص لمشاريع استثمارية في المنطقة تتعاطى أعمال التجارة والصناعة والخدمات والتخزين وغيرها من النشاطات والمشاريع الاستثمارية ما عدا الخدمات السياحية، كما يسمح في المنطقة بالقيام بجميع الأعمال المحددة في المادة 247 من قانون الجمارك الصادر بالمرسوم رقم 4461 وتعديلاته وجميع عمليات التحويل الأخرى التي يمكن تحديدها بموجب قرارات تصدر عن الهيئة.

ــ أين يتم تقديم طلب الحصول على الموافقة لممارسة اي نشاط استثماري تجاري او صناعي او خدماتي داخل المنطقة، وهل من مهل زمنية محددة للبت في الطلب؟

- على الاشخاص الطبيعيين او المعنويين اللبنانيين او الاجانب الراغبين في ممارسة نشاط استثماري تجاري او صناعي او خدماتي او غير ذلك من المشاريع التقدم من الهيئة بطلب الحصول على الموافقة اللازمة.

 وتتابع الحسن: تبت الهيئة بالطلب خلال مهلة أقصاها شهر من تاريخ استلامه.

ــ  في حالة الرفض، هل يحق للمستفيد الاعتراض؟

- يحق للمستفيد وفقاً للمادة 20 في حالتي رفض طلبه صراحة او عدم منحه الترخيص المطلوب ضمن مهلة الشهر ان يعترض أمام سلطة الوصاية خلال مهلة شهر من تاريخ تبلغه قرار الرفض او انقضاء مهلة الترخيص.

وأضافت الحسن:

- هنا يحق لسلطة الوصاية رد الاعتراض او إعادة الطلب للهيئة لإعادة النظر فيه خلال مهلة شهر من تاريخ تبلغها قرار الإعادة، ويجب ان تتضمن الموافقة بياناً بالغايات التي منحت من أجلها ومدة سريانها ومقدار الضمان المالي الذي يتوجب على المستفيد تأديته، وغيرها من الأمور المرتبطة بأصول وقواعد منح تلك الموافقات.

ــ ماذا عن الحوافز او الإعفاءات التي تستفيد منها المشاريع الاستثمارية المنفذة في المنطقة؟

2ــ المنطقة الاقتصادية الخاصة تتميز بتقديم سلة مهمة من الحوافز للمستثمرين داخل المنطقة أهمها:

ــ إعفاء من ضريبة الدخل على الارباح شرط ان يكون حجم الاستثمار للمؤسسة أقله 300000 دولار اميركي.

ــ إعفاء الرواتب وملحقاتها من ضريبة الباب الثاني.

ــ إعفاء المشروع الاستثماري من الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة، ورسوم الاستيراد والتصدير.

ــ إعفاء الابنية والإنشاءات العقارية من ضريبتي الأملاك المبنية والاراضي.

ــ إعفاء إصدارات الأسهم والأوراق المالية التابعة للمؤسسات من اي رسوم وضرائب.

ــ استثناء من أحكام الضمان الاجتماعي المستخدمين والأجراء العاملين في المؤسسات الاستثمارية المنشأة في المنطقة.

شريان حيوي لطرابلس

ــ ما هي الجدوى الاقتصادية للمنطقة الحرة على اقتصاد طرابلس بشكل خاص واقتصاد لبنان بشكل عام؟

- انّ المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس ستشكل شرياناً حيوياً للمدينة وللشمال وبوابة استثمارية للبنان على المنطقة العربية كلها، ومن شأن هذه الخطوة أن تساهم في إرساء الإنماء المتوازن المنشود وتوفير مئات الفرص للشباب العاطل عن العمل في طرابلس والشمال إضافة إلى تحفيز تدفق الاستثمار الأجنبي، وأنا على ثقة بأن تحسين مقومات عيش الطرابلسيين سينعكس إيجاباً على محافظتي الشمال وعكار خصوصاً وعلى كل لبنان عموماً.

وتابعت تقول:

- اننا، كما وزراء طرابلس الذين بذلوا جهداً كبيراً لإنشاء هذه المنطقة، نعول على مشروع المنطقة الاقتصادية الحرّة ونؤكد ان الجدوى الاقتصادية على المدى البعيد ايجابية جداً. وفي السياق نفسه، أؤكد ان نتائج المنطقة مباشرة وغير مباشرة، إذ انها سترفع نسبة التصدير وستستقطب الاستثمارات، إضافة الى انها ستخلق تواصلاً مع البيئة القائمة في المنطقة، إذ لا يخفى عن أحد ان من شأن المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس المساهمة في تحفيز تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر الى لبنان، وأيضاً سترفع من قدرة القطاع الخاص اللبناني لتطوير إمكاناته وتوسيع قاعدة نشاطاته الاقتصادية.

وتتابع الحسن قائلة:

- بحسب قانون المنطقة الاقتصادية سيكون لقطاعات الصناعة والتجارة والخدمات والتكنولوجيا والتخزين، عدا السياحة، الاستثمار والإفادة من نظامها.  كما، وستساهم هذه الاستثمارات في تحفيز الصناعة والتجارة واقتصاد المعرفة في المدينة، وكذلك ستكون كافية لإيجاد فرص عمل تتراوح بين 5 آلاف و6 آلاف وظيفة في غضون السنوات العشر الآتية.