تفاصيل الخبر

وزير الثقافة الدكتور محمد داود في حوار ثقافي شفاف: أنا حاضر للترشح للنيابة في المستقبل لكن القرار يعود في النهاية لحركة ”أمل“!

23/08/2019
وزير الثقافة الدكتور محمد داود في حوار ثقافي شفاف: أنا حاضر للترشح للنيابة في المستقبل  لكن القرار يعود في النهاية لحركة ”أمل“!

وزير الثقافة الدكتور محمد داود في حوار ثقافي شفاف: أنا حاضر للترشح للنيابة في المستقبل لكن القرار يعود في النهاية لحركة ”أمل“!

 

<حكومة الى العمل> الحالية تضم في صفوفها أصغر الوزراء الذكور وهو وزير الثقافة الدكتور محمد داود الذي يبلغ من العمر 38 سنة وهو المؤتمن على تفعيل هذه الوزارة وجعلها من أهم الوزارات على اعتبار ان أي شعب يقاس عادة بثقافته التي تعد المفتاح لنشر الوعي والنهضة على كل الصعد. فماذا يقول الوزير عن ذلك؟

<الأفكار> التقت الوزير محمد داود داخل مكتبه في مبنى الوزارة في رأس بيروت وحاورته على هذا الخط بالإضافة الى أسباب اختياره ليكون وزيراً، وتطرقت معه الى خطط الوزارة مستقبلياً وكيفية ادارته لهذه الوزارة حتى تقوم بدورها كاملاً في ترسيخ الثقافة الوطنية وتجسيدها على أرض الواقع.

وسألناه بداية:

ــ ما الذي حكم باختيارك وزيراً وهل رغبة الرئيس نبيه بري أم حصل نوع من الاستفتاء حول أسماء معينة وتقدم اسمك على بقية الأسماء؟

- الرئيس بري كان له الخيار أولاً وأخيراً، وهو الذي يحدد آلية الاختيار، إنما توزيري كان برغبة من الرئيس بري.

ــ البعض يقول ان تسميتك وزيراً كانت خطوة موفقة أرضت جمهور حركة <أمل> وأظهرت ان القيادة حريصة على شهدائها ووالدك المرحوم داود داود من القادة الشهداء، وأرضت من جانب آخر عنصر الشباب من خلال اختيارك وكانت ضربة معلم. فماذا تقول؟

- هذا الأمر يعود لتقدير الرئيس بري الشخصي ولكن لا شك انه من الجيد إعطاء هذا الجيل فرصة، وكذلك الناس الذين ضحوا خاصة إذا كان هناك أشخاص يستحقون، وهناك الكثير من أولاد الشهداء وهم متعلمون ومثقفون ولديهم الامكانيات ليكونوا في كل المواقع وبالتالي من الجيد أن يصل هؤلاء الى مراكز المسؤولية خاصة وانهم يستندون في تربيتهم الى عقيدة وطنية راسخة ما يشكل ذلك دافعاً لهم ويساعدهم على القيام بالمهام على أكمل وجه وإنجاز المسؤوليات الملقاة على عاتقهم.

 

الترشح للنيابة وصيغة العيش المشترك

ــ هل وارد أن تترشح الى النيابة عن صور وأنت ابن بلدة بدياس في قضاء صور كما حصل مع الوزيرة السابقة عناية عز الدين؟

- هذا قرار لا يعود لي شخصياً بل لحركة <أمل> وهي حزب سياسي ومكون أساسي يتخذ قراراً بهذا الخصوص. وأنا من ناحيتي مستعد للخدمة في أي موقع أكون وإذا وقع عليّ الاختيار أن أكون في هذا الموقع فأنا جاهز خاصة وأنني رغبت خوض غمار السياسة وإلا لما كنت أصلاً في الوزارة بل كان عندي الاستعداد والرغبة، وطلب مني أن أكون وزيراً فلبيت لأن هذا أمر يناسبني وأنا أريده كونه يضعني في موقع أستطيع من خلاله أن أقدم رؤية معينة وتجربة مختلفة وهذا ما أحاول تقديمه وفعله في الوزارة.

ــ ما الذي اكتسبته عن المرحوم الوالد وتأثرت به خاصة وانه كان من أوائل المنتسبين الى حركة <أمل> ومن رفاق درب الإمام المغيب موسى الصدر؟

- أهم ما اكتسبته عن الوالد هو التفكير الحر قبل أي شيء آخر، فالانسان يجب أن يبقى حراً في تفكيره مهما كانت الظروف والقيود، والوالد رحمه الله كان مفكراً حراً ولم يسمح لأي قيد أن يحد من تفكيره، وكان لديه إيمان بعقيدة معينة لم يتخل عنها رغم كل المغريات والتهديدات والضغوط، وبالتالي هذه المسيرة المظفرة التي خاضها الوالد تعود لمسألتين: أولاً حرية التفكير، وثانياً الإيمان بالمعتقد. وأنا أتمنى أن أملك هاتين الصفتين وأشعر أنني من هذه المدرسة، وأتمنى أن يكون تفكيري حراً ووطنياً، وهذا ما تعلمناه من مدرسة الإمام القائد السيد موسى الصدر والتأكيد ان لبنان وطن لجميع اللبنانيين بعيداً عن البغض والتمذهب، ونحن ندعو للوصول الى صيغة نهائية يكون اللبنانيون من خلالها قادرين على العيش معاً بكل محبة وود.

ــ تماماً كما شددت القمة الروحية على صيانة العيش المشترك؟

- أكيد، فنحن من دعاة الوحدة الوطنية والعيش المشترك، وفي أحلك الظروف التي مرّت بها البلاد كانت مدرسة الإمام الصدر سبّاقة للترويج لهذا المبدأ، لمبدأ العيش المشترك، لمبدأ التقارب وان لا فرق بين اللبنانيين، وهدفنا الأسمى هو إلغاء الطائفية السياسية الذي كان ولا يزال هو الهم الأكبر لدينا، وشعار الإمام الصدر سبّاق في القول <إن الطوائف نعمة وان الطائفية نقمة> ونحن نسير على هذا المبدأ لأن خلاص لبنان يكمن فيه، ونتمنى من جميع الأطراف ان يكون هذا شعارها للخروج من القيد الطائفي وتطبيق الدستور لجهة إنشاء مجلس الشيوخ كخطوة على الطريق الصحيح.

المادة 95 والتعيينات

ــ هل هذا وارد طالما ان <دحش> فقرة في المادة 80 من قانون الموازنة قوبل بالرفض لدرجة ان الرئيس ميشال عون طالب بتفسير المادة 95 من الدستور لجهة المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في الوظائف العامة وعدم اقتصارها على الفئة الأولى، وكل ذلك بسبب فوز عدد من الأشخاص في مجلس الخدمة المدنية بجدارتهم ومؤهلاتهم؟

- المادة 95 تلحظ المناصفة في الفئة الأولى والخلاف حول عبارة <حفظ مقتضيات الوفاق الوطني>، فهذا ما يجعل اجتهاد التفسير مفتوحاً، ولا أعتقد ان هذه العبارة تنص عى تعيين موظفين من الدرجة العاشرة على سبيل المثال وإلزام المناصفة بينهم. فهكذا لا يمكن حفظ مقتضيات الوفاق الوطني. ولا شك انه يجب النظر الى الموضوع من ناحية ديموغرافية، فلفترات معينة ابتعد الأخوة المسيحيين عن دخول الادارة، وبالتالي لا بد أن يكون هناك متقدمون للوظائف من المسلمين أكثر من المسيحيين، وهذا شيء أظهر ان هناك خللاً ما في التوظيف، لكن هذا نتيجة طبيعية لعدد المرشحين لأي وظيفة، وما يحصل في مجلس الخدمة حالياً هو وجود عدد أكبر من المسلمين الذين تقدموا الى امتحانات المجلس ومن الطبيعي أن يكون عدد الناجحين من المسلمين أكبر. ولذلك لا بد من حل هذا الموضوع بنفس غير طائفي بحيث نبتعد عن أجواء الشحن الطائفي وهي لا تفيد ورأينا كيف ان هذا الشحن يترك تداعيات على الأرض ومن المؤسف ان تركيبة البلد لا تزال هشة، وهذا ما لمسناه من خلال ما حصل مؤخراً في الجبل، وواجبنا الابتعاد عما يثير الحساسيات والغرائز الطائفية والمذهبية. وفي تقديري انه من الحكمة تمرير هذه الأمور الصغيرة بالتي هي أحسن خاصة وان الناجحين في مجلس الخدمة فازوا بالمباريات ولا يمكن عدم حفظ حقوقهم بالوظيفة بسبب وجود اختلال طائفي، فهذا ينمي الطائفية أكثر وهذا الشخص ستصبح عنده نقمة على طائفته ويحملها المسؤولية.

دور وزارة الثقافة

 

ــ  عندما سميت وزيراً للثقافة كنت راضياً أم كنت تتمنى وزارة قريبة من اختصاصك كطبيب علوم احيائية أم ان الثقافة جزء من علوم الطبيب واهتمامه؟

- أنا على المستوى الشخصي لدي اهتمامات ثقافية، وليست كافية لأكون في هذه المسؤولية لكن كل وزارة بشكل عام هي ادارة عامة وبالتال يحسن الادارة هو الذي يصنع الفرق في العمل، ولست من أنصار أن يكون كل وزير اختصاصياً في وزارته لأن الوزارة هي ادارة في النهاية، ومقياس نجاح الطبيب في وزارة الصحة على سبيل المثال ليست ألمعيته الطبية بقدر قدرته الادارية وبالتالي الادارة هي الأساس. وأنا سعيد في وزارة الثقافة كونها تضعنا على تماس مباشر مع أناس مبدعين ومع نخب ثقافية، وهذا مجال علينا أن نستثمر منه أكثر لأنه يعول كثيراً عليه في بناء هذا الوطن على أمل أن أكون ضمن هذه السلسلة من الوزراء الذين تعاقبوا على هذه الوزارة لجعلها حلقة مضيئة.

ــ وزير الثقافة الأسبق غسان سلامة الذي ساهم في إعداد قانون وهيكلية الوزارة قال انه سيترك وزارة يتقاتلون عليها. فكيف تقرأ ذلك؟

- نحن أساساً نتقاتل على كل الوزارات ولكن لا شك ان الوزير غسان سلامة ترك بصمة في هذه الوزارة وهي بحاجة الى أكثر. وبالطبع فالشيء الأساسي والمحرك هو المال والامكانيات المادية، ونحن حالياً نعاني لأن الامكانيات المتوافرة أقل من المطلوب، والموازنة بالكاد تكفيني للقيام بالحد الأدنى إذا استثنيت الرواتب والكونسرفتوار وغيرها.

ــ الممثل كارلوس عازار يصف موازنة الثقافة في لبنان بأنها أضحوكة رغم ان الثقافة ترفع اسم لبنان عالياً في الخارج من خلال كبار الفنانين والمبدعين. فماذا تقول؟

- هذه مقاربة الى حد ما صحيحة مقارنة مع ما يجب أن تقوم به الوزارة والدور الذي بامكانها أن تلعبه على المستوى الوطني وعلى مستوى تظهير لبنان بالصورة الحقيقية في الخارج، ما يتطلب أن يوضع أكثر في تصرف وزارة الثقافة، فثقافة لبنان هي جواز المرور الى العالم وغزونا العالم لا بالسياسة ولا بالصناعة ولا بالزراعة بل بثقافتنا ومبدعينا وبأفكارنا، ولبنان مشهور بأنه صدّر الحرف الى الخارج، وبالتالي هذا هو رأسمالنا الحقيقي ومن الحكمة الاستثمار فيه علماً بأن أي شعب يقاس عادة بثقافته.

ــ عند اعداد البيان الوزاري وصياغة مواده طلبت إضافة فقرة تتعلق بدور الوزارة المحوري في عملية النهوض الاقتصادي والاجتماعي في ظل ما يعرف باقتصاد المعرفة وما الى ذلك. هل طلبت ذلك لأنك فعلاً تؤمن ان مفتاح عملية النهوض هي الثقافة؟

- أكيد، فمن دون أدنى شك فإن إحدى مشاكلنا الأساسية في هذا البلد هي انخفاض مستوى الثقافة الوطنية، فنحن لا نزال للأسف نخرج من وطنيتنا عند أول امتحان واختبار. والأحداث المتنقلة هنا وهناك تثبت ذلك، ومن هنا فنحن نحتاج الى الوعي الوطني وهذا يتكرس بالممارسة. ووزارة الثقافة لا بد أن تلعب دورها الأكبر فيه، ولكي تكون قادرة على القيام بهذا الدور هي بحاجة الى سياسة حكومية متكاملة تؤمن بهذا المبدأ وتدعمه. ولا يمكن لنا كدولة مثل لبنان إلا أن نذكر دور الثقافة في أي بيان وزاري وفي أي خطاب رسمي لبناني موجه الى الداخل أو الخارج، بحيث يجب أن تكون الثقافة هي العنوان لأن هذا الخيار هو الذي يجعل شعوب الدول تحترمنا وتقدرنا وتحبنا وتأتي الى بلدنا إكراماً لهذه الثقافة، وبالتالي علينا الاستثمار في هذا المجال والدعم على مستوى الأجيال الناشئة بشكل أساسي كونهم الأمل بالخلاص وهو الجيل الذي نعوّل عليه مستقبلاً لنشر الفكر الوطني الجامع والعمل على تحجيم الفكر الطائفي المعشش بيننا، وهذا يبدأ على مستوى المدارس، لكن لا بد من تسخير الامكانيات لإنجازه، فمن سيخرجنا من الورطة هي الأجيال المقبلة والوقت كفيل بخفض منسوب هذا الشحن جيلاً بعد جيل.

ــ ما خطة الوزارة مستقبلاً وكيف تتصور دورها في لبنان وهل هو الانماء الثقافي بما يشمل الفنون لاسيما المسرح والسينما وتسويق لبنان الثقافي ذي التنوع الحضاري وآثاره التاريخية؟

- خطة الوزارة تشمل الاهتمام بكافة المجالات بشكل متساوٍ ويجب أن يكون الاهتمام لامركزياً في كافة المناطق ولا يكون على حساب منطقة معينة. فهذه هي الخطوط العريضة. لكن بالنسبة للتفاصيل فما يهمنا هو أن نعطي وزارة الثقافة في هذه المرحلة صورتها الحقيقية ونثبت الوزارة كوزارة ثقافة وليس فقط انها مجرد وزارة وتحمل رقماً كغيرها من الوزارات. ونحن نقول إن الوزارة لم تأخذ دورها وقيمتها رغم مرور العديد من الوزراء الذين نحترمهم ونقدر ما قاموا به، لكن الوزارة لم تصل الى مستوى الدور الذي يجب أن تلعبه وطنياً. ونحن نأمل من خلال فتح باب الوزارة أمام الجميع حتى تكون متلقى لجميع اللبنانيين وهذا ما بدأناه منذ اليوم الأول ونستقبل أي شخص لديه مشروع أو فكرة ثقافية، ونعمل بالتعاون مع الجهات الخاصة والبلديات لكي نسترد الثقة بالوزارة وأن تكون مظلة لجميع الأنشطة الثقافية خاصة وان لبنان غني بالنشاطات لكن لا تكون كلها بالتعاون أو برعاية وزارة الثقافة وهذا أمر نتمنى أن يجذب كل الحراك الثقافي نحو الوزارة، كما نعمل على المهرجانات المسرحية في المناطق ونهتم بالمسرح الوطني في بيروت بعدما أطلقنــــــــــــــــــــــاه ولدينا جوائز للرواية العربية، وعلى صعيد المناطق قمنا بعدة نشاطات ونحن بصدد التحضير لمتحف صـــــــــــــور وسيتم افتتاح المرحلة النهائية للمشروع، وهناك مشروع لمتحف في مدينة بعلبك، وسنعيد افتتاح قصر الأونيسكو بعدما سرعنا إعادة الترميم على أمل أن يكون الافتتاح في غضون شهرين، ونحضر لنشاط ثقافي كبير على مستــــــــــــــــوى المدارس لأننا مؤمنون بأن الوعي الثقافي ضروري جداً وسنسعى لخلق مسابقة ثقافية ما بين كل مدارس لبنان، وسنعمل على الاهتمام بالمبدعين اللبنانيين ونحضر لاطلاق فعالية احتفالية لتكريم هؤلاء المبدعين تحت عنوان يوم الابداع اللبناني. ولدينا طفرة من المهرجانات التي تخلق حركة ثقافية واقتصادية في كل المناطق.

ــ بالأمس وقعتم قرار ادخال مدرسة المعلم بطرس البستاني في منطقة زقاق البلاط على لائحة الجرد العام للأبنية التاريخية نظراً لأهمية هذا الصرح من النواحي التاريخية والمعمارية والتراثية، فماذا عن باقي الأبنية التاريخية المهددة بالهدم؟

- نحاول وضع الأبنية التراثية على لوائح الجرد العام حماية لها، ونحذر من محاولات هدمها من دون أخذ موافقة وزارة الثقافة وفق الأصول الإدارية والقانونية. وعلى أي حال فهناك تحديات تشريعية واقتصادية واجتماعية، جعلت من عملية المحافظة على الإرث المعماري مسألة معقدة لم تخل من بعض التجاوزات والمخالفات، وقد سعت وزارة الثقافة إلى رصد الثغرات وأمكنة الخلل وحصرتها في مشروع <قانون حماية المواقع والمباني التراثية>، الذي هو قيد الدرس حالياً في اللجان النيابية، كما أنها عملت على إعداد مشروع مرسوم يرمي إلى تنظيم المعايير الواجب إعتمادها لتصنيف الممتلكات الثقافية غير المنقولة. فحماية تراثنا الثقافي ولاسيما المعماري منه، مسؤولية وطنية نتحملها سوياً، جهات رسمية وخاصة، أحزاباً وجمعيات، مجتمعاً مدنياً ومحلياً، وحتى لوسائل الإعلام دورها الخاص. والوزارة تسعى دوماً إلى مد يدها والتعاون مع الجميع، لتوحيد الجهود والنهوض بالقطاع الثقافي الذي لا يستقيم إلا بدعم استراتيجية وطنية تعزز الوعي الثقافي، ومقاربة علمية وعملية جريئة تحافظ ما تبقى من تراثنا المعماري، وتبرز مدننا وأحياءنا التاريخية وتحمي نسيجنا الإجتماعي والعمراني، مع خلق علاقة متوازنة بين التراث والحداثة.