تفاصيل الخبر

وزير الخارجية الأسبق فارس بويز بكل صراحة: سليمان فرنجية هو الرئيس الآتي بعد أسابيع بانتظار حلّ عقدة العماد عون!

11/12/2015
وزير الخارجية الأسبق فارس بويز بكل صراحة: سليمان فرنجية هو الرئيس الآتي بعد أسابيع  بانتظار حلّ عقدة العماد عون!

وزير الخارجية الأسبق فارس بويز بكل صراحة: سليمان فرنجية هو الرئيس الآتي بعد أسابيع بانتظار حلّ عقدة العماد عون!

بقلم حسين حمية

IMG_8763لا تزال التسوية الرئاسية هي حديث الساعة والحدث بحد ذاته وإن تعثرت بعض الشيء بسبب رفض الأحزاب المسيحية الأساسية لترشيح رئيس تيار <المردة> النائب سليمان فرنجية لسدّة الرئاسة، لكن الأكيد أن ما حصل أعاد خلط الأوراق وهدّد بفكفكة فريقي 8 و14 آذار وكل التحالفات القائمة. فهل ستمرّ هذه التسوية أم ستجهض كما حال غيرها من المبادرات الرئاسية؟!

<الأفكار> التقت وزير الخارجية الأسبق فارس بويز داخل مكتبه في منطقة زوق مكايل وحاورته في هذا الملف لاسيما وأنه استشرافي ونظرته استراتيجية خاصة، وقد سبق أن قال أمامنا إن الحركشة بوكر الدبابير السوري أو ما أسماه <باندورا> سيولّد التطرّف والإرهاب والمزيد من الأزمات.

سألناه بداية:

ــ كيف قرأت مبادرة ترشيح الرئيس سعد الحريري للنائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، والرجل هو أقرب المقربين من الرئيس السوري بشار الأسد، وهل هي جدية؟

- لا يمكن قراءة ما حصل بمعزل عما جرى من تغييرات في المنطقة في الأشهر الثلاثة الأخيرة والتي قد تكون هي الحاضنة لهذا الواقع الرئاسي الجديد.. فبعدما أخطأ الغرب لسنوات عديدة بحلّ الجيش العراقي عام 2003 وحلّ حزب البعث العراقي، وفتح الحرب على سوريا، وبالتالي فتح الباب عريضاً لنمو تنظيم <داعش> وأخواته من المنظمات المتطرّفة والإرهابية، اعتقد أنه أرضع وربى هذا الوحش، وسيتمكن من استعماله لمصلحته، لكن الغرب أدرك أن هذا الوحش لا يدرّب ولا يُدجّن. كما أدرك أنه ارتكب خطأ كبيراً ودخل في منعطف سياسي كبير. بدأ هذا المنعطف بالتفاهم مع إيران حول السلاح النووي وتطوّر الى حدّ أصبحت معه <داعش> هي الخطر الأول، لا بل تطوّر الى حدّ أن النظام السوري لا بدّ أن يستمر بعض الوقت وقد يصل الى أكثر من ذلك، وأصبحت إيران بالتالي حاجة، وبدأ البحث يدور حول التعاون معها في العراق من أجل مواجهة الإرهاب، والحاجة لطي صفحة الخلاف العظيم مع حزب الله وإيران في سوريا، فهذه التطوّرات جعلت عدداً من الدول لاسيما الغربية منها تغيّر مسارها السياسي ومعها بعض الدول الإقليمية وصولاً الى المسرح اللبناني بحيث لم يعد أمر مجيء رئيس صديق لسوريا أو للرئيس بشار الأسد أو لحزب الله أو إيران مستحيلاً، بل قبلت تلك الدول بهذا الأمر عندما طُرحت هذه المبادرة في الكواليس وقبل الإعلان عنها في وسائل الإعلام، وحظيت بقبول دولي.

وأضاف قائلاً:

- وأنا لا أقول إن الولايات المتحدة هي التي أرادت ذلك، لكنها قبلت بالأمر. ولا أقول إن فرنسا أرادت ذلك، بل قبلت به. وكذلك الحال بالنسبة للمملكة العربية السعودية، وبالتالي هذا التداول باسم سليمان فرنجية حظي بموافقة وقبول دولي وإقليمي بدءاً من الولايات المتحدة، مروراً بفرنسا وأوروبا، وصولاً الى المملكة العربية السعودية والخليج وإيران وحتى سوريا، وهذا يعني أن هذا الطرح انطلق من أرضية دولية. لكن إذا كان هذا التغيير هو المبرّر عند الرئيس سعد الحريري، كذلك فإن واقع 14 آذار الذي شهد بعض التفكك في الآونة الأخيرة هو أيضاً ساهم في عملية عدم انتظار التطورات الإقليمية، لكي تستكمل ويصبح الأمر متأخراً، بل عجلت في هذا الطرح كونه الوحيد الممكن أن يصبح مقبولاً من قوى 8 آذار، وأي طرح بديل سيبقى عقيماً، بمعنى أنه لن ينتج رئيساً.

وتابع قائلاً:

- هذا المناخ الدولي المتغيّر يضاف إليه واقع 14 آذار، يضاف إليه اعتبارات أخرى ومنها أن أربعة زعماء موارنة (أمين الجميل، ميشال عون، سليمان فرنجية، سمير جعجع) اجتمعوا في بكركي وقالوا ان لا أحد يمثل الموارنة إلا هم، وحصروا قبول الترشيح الرئاسي بأنفسهم فأغلقوا الباب أمام الآخرين أو أمام أي مرشح تسوية مستقل، مع علمهم الأكيد أن اثنين أو ثلاثة منهم من المستحيل أن يتم انتخابهم، وهذا كان خطأ تكتيكياً ارتكبه هؤلاء الأربعة بأنفسهم، ما جعلهم يحشرون في الزاوية.

بكركي والفرسان الأربعة

ــ يعني الرئيس نبيه بري محق في رده على ما قيل عن ترشيح اسلامي لماروني وقوله إن المرشح المختار هو أحد هؤلاء الأربعة؟

- طبعاً، فهم اتفقوا أن يكون الرئيس وبرعاية بكركي من هؤلاء الأربعة، وأتى سعد الحريري ليختار سليمان فرنجية من بين الأربعة.

ــ لماذا اختار سليمان فرنجية دون غيره، وهو صديق لسوريا، علماً ان الحوار جرى ايضاً مع العماد عون ولم يصل الى نتيجة؟

- التفضيل يعود ربما لاعتبارات سابقة هي عبارة عن احتكاكات كانت قد حصلت بين 14 آذار والعماد عون، ويعود ربما الى أطباع العماد عون أيضاً، فاعتبر سعد الحريري أن سليمان فرنجية يتمتع باستقرار سياسي أوسع.

ــ هل السبب هو تمسك فرنجية باتفاق الطائف عكس العماد عون، ولذلك حصل <فيتو> إقليمي ضده؟

- لا أعتقد ذلك، ولا دخل لاتفاق الطائف بالأمر، بل ان ليونة سليمان فرنجية بالنسبة لقانون الانتخاب، أي انفتاحه نحو ما سيقرره المجلس النيابي، بينما العماد عون ملتزم التزاماً مطلقاً بالنظام النسبي وعلى أساس القانون الأرثوذكسي.

ــ نفهم أن الرئاسة هي جزء من سلة حلّ متكاملة؟

- طبعاً... وعندما ينظر الى ترشيح رئيس ينظر أيضاً الى خياراته السياسية، ومن الطبيعي أن خيارات العماد عون المطلقة بالنسبة لقانون الانتخاب لم تلقَ صدى، فيما سليمان فرنجية أبدى ليونة أكثر مع إصراره على قانون يحافظ على حق وأحجام الطوائف الحقيقي والفعلي، إلا أنه بدا أكثر انفتاحاً في تصرفاته، خاصة في ما يتعلق بالجلسة التشريعية الاخيرة وغيرها من المواضيع. فهذا كله شكل أفضلية له على الآخرين، وانطلاقاً من هنا لقي هذا الطرح دعماً من الرئيس نبيه بري، ولو أنه لا يزال صامتاً، لكنه من الواضح أنه مؤيد، ولقي دعماً من النائب وليد جنبلاط، ولقي دعماً أيضاً من كتلة <المستقبل>، وهذه الكتل الثلاث كبيرة جداً تشكل قوة ضاغطة وأساسية. وبقي الأمر متعلقاً بحزب الله الذي لا يستطيع أن ينكر صداقته أو التزامه بسليمان فرنجية لكنه يراعي العماد عون، ولذلك لم يتخذ موقفاً مؤيداً حيال الموضوع، لكن من الواضح أيضاً أنه يحاول إنجاز إخراج لهذا الموضوع. وبقي كذلك سمير جعجع غير المسرور بهذا الطرح لكن لا مجال عنده لمقاطعة الجلسة لأنه إن قاطعها لن يغيّر شيئاً في النصاب الدستوري، وثانياً لا يستطيع أن يقاطعها على أساس أنه هو من اتهم الآخرين خلال أكثر من سنة ونصف السنة من الفراغ الرئاسي بأنهم ارتكبوا الخيانة العظمى لأنهم قاطعوا الجلسات، وبالتالي فكل واحد أسير مواقفه، وإن حاول جعجع قلب الطاولة عبر ترشيح العماد عون. ولذلك اعتقد أنه ربما يتخذ موقفاً بالحضور وعدم التصويت لفرنجية كي يبقى صادقاً مع نفسه لكن لا قدرة له على العرقلة.

ــ يعني أن التسوية لم تتعثر وترشيح فرنجية قائم؟

- أعتقد ان موضوع انتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية أصبح شبه جاهز ومنتهٍ ويحتاج لبعض الوقت.

 

سليمان رئيساً بعد أسابيع

 

ــ يعني من الممكن أن يصبح فرنجية رئيساً في جلسة 16 الجاري؟

- لا... قد ينتظر شهراً على الأكثر من أجل إيجاد المخرج الأفضل لهذا الترشح، خاصة في ما يتعلق بالعماد عون، بمعنى أن حزب الله على حد معلوماتي طلب مهلة من أجل التباحث مع العماد عون حول الموضوع ومحاولة أقناعه بالتعاطي مع الأمر بأقل سلبية ممكنة.

ــ الأمور لن تتطور نحو إقامة حلف ثلاثي مسيحي جديد ضد هذا الترشيح؟

- لا.. فهناك جزء من كتلة العماد عون يؤيد سليمان ويتعاطف معه، إضافة الى كتلة حزب الطاشناق التي تؤيد فرنجية وهي حالة مستقلة.

 

مواصفات يتحلى بها فرنجية

 

ــ ماذا عن الكتائب في تقديرك؟

- أعتقد أن الكتائب سيدخلون في التسوية في نهاية الامر. وفي كل الأحوال أعتقد أنه طالما وصلت الامور الى ما وصلت إليه، فسليمان فرنجية أفضل خيار ولا أحد ينكر لسليمان فرنجية مارونيته، وهذا سيجعل الموارنة غير قادرين على القول إن رجلاً ضعيفاً أتاهم رئيساً، أو ان المسلمين هم الذين اختاروا الرئيس ويتحكمون في هذا الامر... لا.. فسليمان فرنجية شخصية واضحة وقوية، وحضوره القوي يجعله في منأى عن تهمة الضعف الماروني أو تسمية المسلمين له، فهو قبل تسميته موجود ويبقى بعد التسمية موجوداً.

واستطرد قائلاً:

- أضف الى ذلك ان سليمان فرنجية يتمتع بمواصفات عديدة بدءاً من الذكاء الفطري السريع والحقيقي، وكونه ابن بيت سياسي لديه معرفة وخبرة بالتوازنات الوطنية الأساسية، وهو صادق وصريح وواضح وثابت ووفي. وأعتقد أن هذه الصفات هي صفات أساسية لرئيس الجمهورية. وأعتقد أن تسميته هي أفضل خيار حالياً للموارنة أولاً وللمسيحيين ثانياً ولكل اللبنانيين ثالثاً. أما ما يُتهم به بأنه سيكون ملتزماً بسياسة سوريا، فأعتقد أن وطنية سليمان فرنجية تجعله قادراً على أن يقول <لا> لأيٍ كان  عند الضرورة بما في ذلك سوريا، و<نعم> عندما يجب أن يقول <نعم>. وشخصيته أصلاً بمنأى عن هذه التُهمة لأنه لم يكن تابعاً يوماً على قدر ما كان صديقاً وحليفاً، والصديق يمكن أن يقول <لا>، فيما التابع لا يستطيع أن يقول <لا>، وسليمان فرنجية لم يكن يوماً من هذه المدرسة.

وأضاف:

- أضف الى ذلك أسأل: من قال إن النظام السوري يريد من سليمان فرنجية أن يكون فئوياً أو أن يعتمد سياسة مضرّة بالمصلحة الوطنية، خاصة بعد الحديث عن الوضع الإقليمي المتغير؟ فأنا أعتقد وبكل بساطة ان سوريا لم تعد في سلم العداء الأجنبي، لا بل قد يتحول النظام السوري الى حليف للغرب والعالم في محاربة <داعش>. وأتصور أن كل هذه الصفات التي يتمتع بها سليمان فرنجية تجعله الخيار الأفضل للرئاسة. وهنا حتى لو اختلفت مع أي شخص، فأنا أفضل الصريح والمعلوم والواضح على الغامض والمتقلّب وضعيف الشخصية. فليسمح لنا البعض، فكثير من الأسماء التي طرحوها أو طرحت نفسها للرئاسة تحت غطاء التسوية أو الوسطية، هي أسماء أشخاص لا خبرة لهم في السياسة ولا موقف لهم، ولم يتم اختبارهم يوماً ولا نعرف عنهم شيئاً. وقد يكون الشخص لامعاً في الشؤون الاقتصادية والمالية، وقد يكون فاشلاً في السياسة، وعلينا في لبنان أن نتعلم أن الصمت ليس قرينة الغيبوبة، بل الصمت هو أحياناً قرينة الفراغ، ودائماً ننطلق من الإيحاء بأن هناك أشباحاً في لبنان لم يتكلموا يوماً ولم يتخذوا موقفاً، وهم يوهمون الناس بأن صمتهم عبقري... لا... فالصمت يعني أن هذا الشخص ليس لديه شيء ليقوله.. وأنا أفضل شخصاً واضح المعالم وصريحاً ونقياً إلخ، على أشخاص غامضين قد أفاجأ باكتشاف علات كبيرة فيهم.

ــ ألا ترى أن موقف بكركي المشيد بالمبادرة يعطي غطاء مارونيا إضافياً لسليمان فرنجية، خاصة في ما يتعلق بالحملة ضده من أن اختياره جاء من الجانب المسلم؟

- أعتقد أن البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الحريص على انتخاب رئيس بأسرع وقت ممكن، وسبق أن قال ذلك اليوم قبل الغد، هو حتماً مؤيد لهذه المبادرة. وربما لم يتخذ بعد موقفاً علنياً لأنه يريد للوساطات والتشاور أن يأخذا دورهما ولا يريد أ ن يصطدم ببعض الزعماء الموارنة الذين لا يحبذون هذا الطرح. وفي النتيجة فالبطريرك يراهن على الوقت ليقول في لحظة ما للزعماء الأربعة بأن يسيروا بهذا الطرح طالما لا يوجد خيار بديل وسيطلب منهم تقديم البديل إذا كان لديهم، وإلا سيطلب الانتهاء من هذا الأمر. ولذلك أتصور أنه سيضطر الى جمعهم بشكل أو بآخر أو سيقول لهم إن رفضوا الاجتماع بأن رفض هذا الترشيح غير جائز طالما أن البديل غير متوافر وغير ممكن، لأن الرفض سيؤدي الى مزيد من الفراغ الرئاسي. ومن هنا، سيغطي هذا الأمر، علماً بأن سليمان فرنجية لا يحتاج الى تغطية طائفية.

ــ كيف تفسر قول سليمان فرنجية إن مرشحه هو العماد عون حتى آخر لحظة، إذا كانت لديه حظوظ؟

- سليمان فرنجية كان صادقاً مع ميشال عون منذ اللحظة الأولى، وكان وفياً عندما قال إن كان هناك ذرة من الحظ فهو معه، وكان معه خلال فترة الفراغ الرئاسي التي قاربت على السنتين، وإذ في لحظة من اللحظات صدرت هذه المبادرة بأن يكون سليمان فرنجية رئيساً، ورغم ذلك فلا يزال يقول ان العماد عون إن كان لديه ذرة حظ من مليون، فهو معه ولن يترشح، إما إذا لم يكن هناك أي أمل، فلا بد آنذاك من اختيار الحليف والصادق معه، وابن الخط السياسي ذاته، ولا يمكن انتقاده لا في خطه السياسي ولا ضعفه، لأنه ليس ضعيفاً، ولا في مارونيته لاسيما وأن زعامته المارونية أعتق من زعامات كثيرة وهي تاريخية. وسبق للعماد عون أن حاور الحريري ولم يحصل على تأييده، فيما حظي سليمان فرنجية وهو من صلب 8 آذار بقبول من الفريق الآخر... فماذا هم فاعلون؟ هل يريدون تدمير الجمهورية إلا إذا كان الأمر هو <أنا أو لا أحد ولا إله ... إلا أنا..>.