تفاصيل الخبر

وزير الخارجية الأسبق فارس بويز بكل موضوعية: الاستـحـقـــــاق الـرئــــــاسي يـنـتـظــــــر انـفــــــراج  الـعـلاقـــــات الـخـلـيـجـيـــــة  - الإيـرانـيــــــة!  

22/04/2016
وزير الخارجية الأسبق فارس بويز بكل موضوعية: الاستـحـقـــــاق الـرئــــــاسي يـنـتـظــــــر انـفــــــراج   الـعـلاقـــــات الـخـلـيـجـيـــــة  - الإيـرانـيــــــة!   

وزير الخارجية الأسبق فارس بويز بكل موضوعية: الاستـحـقـــــاق الـرئــــــاسي يـنـتـظــــــر انـفــــــراج  الـعـلاقـــــات الـخـلـيـجـيـــــة  - الإيـرانـيــــــة!  

 

SAM_0849--Coverرحّلت الجلسة الثامنة والثلاثون لانتخاب رئيس للجمهورية الى العاشر من أيار/ مايو المقبل، بسبب عدم اكتمال النصاب كالعادة. مما يؤشر الى أن هذا الاستحقاق بعيد المنال ودونه صعوبات، حتى أن زيارة الرئيس الفرنسي <فرنسوا هولاند> للبنان لم تحدث أي خرق في جدار هذه الأزمة، لا بل على العكس غمز البعض من قناة هذه الزيارة واعتبروها تزيد الهواجس من وجود نيّة أو مخطط ما لتوطين النازحين السوريين في لبنان. فماذا يقول بعض المطلعين على كواليس السياسة الداخلية والخارجية؟!

<الأفكار> التقت وزير الخارجية الأسبق فارس بويز داخل دارته في منطقة زوق مكايل وحاورته في هذا الملف بدءاً من السؤال:

ــ كيف قرأت زيارة الرئيس الفرنسي <فرنسوا هولاند> للبنان وما هو حصادها في نظرك؟

- منذ البداية، كانت هذه الزيارة تخضع لترددات كثيرة حتى ان بعض المقربين والمستشارين له لم يكونوا متحمسين لهذه الزيارة لأنه من المعلوم سلفاً أن زيارته لا تحمل شيئاً جديداً، وبالتالي فإن أصحاب هذه النظرية كانوا يقولون إن رئيس الجمهورية الفرنسية يجب ألا يتحرّك إلا عندما يكون هناك مضمون لأي زيارة مرافق لنجاحها، وهؤلاء كانوا ضد الزيارة منذ الأساس، لكن غلب على الرئيس <هولاند> شخصياً ربما الشعور بأن واجبه أن يزور لبنان أولاً كونه يزور المنطقة واستثناء لبنان قد يفسر سلباً، وحتى لو لم يكن هناك رئيس للجمهورية في لبنان، فهذه الزيارة بالنسبة إليه هي للتأكيد على دعم فرنسا والتزامها بالتاريخ والثقافة والعلاقة الخاصة والمميزة مع لبنان، كما اعتبر أن هذه الزيارة هي زيارة استكشاف أو استماع لتكوين فكرة بغية مساعدة لبنان في حل أزماته.

وأضاف:

- وبالتالي، هذه الزيارة منذ الأساس لم يكن سقفها عالياً ولم يدع الجانب الفرنسي بأنه آتٍ بالحلول، ولم يكن أحد يتوقّع في لبنان أن يتمكن <هولاند> في ظل هذا المناخ الإقليمي المشحون بأن يحقّق نجاحات  أو يجد حلولاً للازمات بما في ذلك الاستحقاق الرئاسي، وبالتالي لا نستطيع أن نقول إن الزيارة ناجحة لأنها لم تحقق أي شيء، لكن لا نستطيع أن نقول إنها فاشلة لأنها لم تدع أصلاً الحلول.

 

فرنسا ونكتة النازحين

 

ــ وماذا عن الجانب المتعلق بالنازحين لاسيما وأن البعض انتقد اهتمامه لهم ودفع مساعدات لهم لتثبيتهم في لبنان في ظل هواجس وغمزات عن نية توطينهم؟

- ما يتعلق بالنازحين، أعتقد أن موقف فرنسا يبقى مدار تعليقات، حتى أن صحافية لبنانية (ليا غسان سلامة) سألت <هولاند> قبل توجهه الى لبنان وبشكل ارتجالي اعتبره البعض غير لائق عن ملف النازحين، فقال إن فرنسا ملتزمة كألمانيا، فأجابته بأن الأمر يبدو مزحة، وقد ترجمه البعض بكلام غير لائق في وجه رئيس الجمهورية الفرنسية، لكن البعض الآخر اعتبره كلاماً حقيقياً وواقعياً.

واستطرد قائلاً:

- وأنا أقول إن زيارة <هولاند> في ما يتعلق بالنازحين ربما لا أريد وصفها بالمزحة لا بل أصفها بالكارثية. فأولاً على فرنسا أن تدرك رغم كل محبتنا وصداقتنا لها أنها هي والغرب ممن ساهموا بحسابات خاطئة في عملية زعزعة استقرار منطقة الشرق الأوسط، وسواء أكان الدافع اسرائيلياً أو أميركياً أو نتيجة قناعة أوروبية فالنتيجة هي نفسها، ولقد زعزعوا وأضعفوا دول المنطقة وساهموا في تمويل ثورات دون الحسبان بأفق هذه الثورات ودون أن يحسبوا الى أين تصل - وإن لم تكن فرنسا بين دول التمويل - وما هو البديل عن الأنظمة التي ستتزعزع، ونحن لا مانع لدينا في عملية التغيير، ولكن في حسابات أي دولة مسؤولة وواقعية لا بد من وجود رؤية في النظام البديل عند زعزعة أركان أي نظام قائم.

 

الوحش الكاسر

وتابع يقول:

- وبالتالي فإن  الغرب ساهم برمته منذ بداية ما يسمى <الربيع العربي> في زعزعة الأنظمة الموجودة، لا بل الأمر كان منذ غزو العراق عام 2003، وبالتالي فإن سقوط بغداد وحلّ الجيش العراقي ساهما مساهمة أساسية - وربما كان هو الهدف  - في عملية خلق <داعش>، وطرد حوالي 500 ألف جندي سني التحقوا بمنظمات دينية متطرّفة. كما أن زعزعة النظام في سوريا ودعم ما يسمى الثورة، قد ساهم مساهمة أساسية في عملية انتشار <داعش> و<النصرة>. والغرب أصبح اليوم في موقع كأنه ربى وحشاً كبيراً انقلب عليه، حتى أن الجميع يعلمون أن أسامة بن لادن أصلاً هو من تربية المخابرات الأميركية في أفغانستان اعتقاداً من الإدارة الأميركية بأنها تستطيع استعماله كما تشاء وانقلب عليها. ولذلك على الرئيس <هولاند> أن يدرك أن موقفه من النازحين ليس موقفاً إنسانياً فقط، بل هو موقف فيه الكثير من المسؤولية على اعتبار أن الغرب مسؤول بشكل أساسي عن الخراب والدمار اللذين حلاّ بهذه المنطقة وأديا الى وجود ملايين النازحين في العراق وسوريا وليبيا وغيرها، وهذا الأمر يطرح سؤالاً عن واقع استراتيجية الغرب حيال هذه الدول خلال السنوات الـ15 الأخيرة.

وأضاف:

- ومن هنا لا يستطيع الرئيس <هولاند> أن يقول لنا إن المساهمة الفرنسية هي 50 أو مئة مليون دولار للسنوات المقبلة. وأعتقد أن هذا الطرح لا يليق بفرنسا، وهذا ليس طرحاً عادلاً ومحقاً. فأوروبا مسؤولة وعليها أن تتحمّل المسؤولية عما حصل وعن مصير النازحين، وعليها ان تدرك بأن لبنان الذي استقبل تقريباً ما يوازي 35 بالمئة من حجم شعبه يرزح تحت هذا الضغط ولا قدرة له على الصمود، وهذا الأمر يهدّد التركيبة اللبنانية ديموغرافياً واجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وأمنياً. ومن هنا أتساءل: ماذا تريد أوروبا منا أن نفعل بكل هؤلاء؟! الأمر الأكيد أننا حتى الساعة نتلقى زيارات تعطينا النصائح بكيفية إبقائهم والتعاطي معهم، لكن لا أحد يضمن عودتهم الى ديارهم، لا بل هناك قرار يذكّرنا بقرار حق العودة للفلسطينيين الذي لم يطبق وهو العودة الطوعية، وما إذا كان يعني انه إذا استقر الوضع في سوريا يستطيع أي نازح البقاء هنا. أعتقد أن هذه السياسة تدفع لبنان الذي التزم حتى الآن بسياسة منع خروج النازحين الى أوروبا بشكل غير شرعي، أن يعتمد الأسلوب التركي، أي اعتبار أن هؤلاء أشخاص أحرار وأن لبنان لا يستطيع منعهم من المغادرة لا قانوناً ولا شرعاً، وبالتالي فتح أبواب المغادرة أمامهم بالطريقة التي يراها النازحون مناسبة. ومن هنا ربما يفاوض الغرب بشكل جدي كما فاوضت تركيا وعوّضت عن خسائرها. أما الكلام الآن عن دفع 50 مليون دولار، فهذه حتماً نكتة وليعذروا الآنسة ليا سلامة.

 

هواجس التوطين

 

ــ هل ترى أن هناك مخططاً لتوطين النازحين في لبنان، لاسيما وأن أمين عام الأمم المتحدة <بان كي مون> زار لبنان، وكان الاهتمام منصباً على تثبيت النازحين واعتماد العودة الطوعية في سياسة الأمم المتحدة؟

- أنا لا أتهم الغرب بأن لديه خطة أو مشروعاً لتوطينهم، لكنني أتهم الغرب بأنه يتهرّب من المسؤولية بما يساهم في تثبيتهم في لبنان. وهنا أكرر بأن مسؤولية الغرب هي مسؤولية مباشرة وليست مسؤولية إنسانية، فالغرب الذي يساهم دون رؤية عبر استراتيجية خاطئة في زعزعة منطقة الشرق الأوسط وأنظمتها على كل عيوبها هو مسؤول عما وصلت اليه الأمور بما في ذلك وضع النازحين، فليتفضل وليتحمّل المسؤولية، علماً بأن الغرب كما ارى ليست لديه خطة أو رؤية لعودة هؤلاء الى بلادهم. ومن هنا فزيارة <هولاند> نعرف نتائجها بالنسبة للملف الرئاسي لأن هذا الاستحقاق يتجاوز قدرات فرنسا ويرتبط بصراعات أخرى، لكن كنا نتوقع على الأقل أمرين: أن تأتي فرنسا وتقول بأنها وأوروبا سيتحملان بشكل جدي أعباء النازحين السوريين في زمن توقفت <الأونروا> عن دعم اللاجئين الفلسطينيين، وبالتالي أن يأتي <هولاند> لإنقاذ عملية الدعم الجدي للجيش اللبناني بالأسلحة أي إنقاذ عملية الهبة السعودية، إنما ليقول لنا إن فرنسا ستساهم بخمسين مليون دولار وهذه أقل من مزحة وليسمحوا لنا بذلك، ولكن ليقول لنا أيضاً، فرنسا ستدعم الجيش لكن لا ندري بماذا، وما هو حجم هذا الدعم وما إذا كان رمزياً أو غير ذلك. لذلك أعتقد أن هذه الزيارة لا يمكن أن تسجل أي إنجازات أو نجاحات على أي مستوى، لا على المستوى الرئاسي ولا على مستوى النازحين ولا على مستوى دعم الجيش.

 

الاستحقاق الرئاسي بعيد المنال

ــ على سيرة الاستحقاق الرئاسي 38 جولة دون نصاب فمتى في تقديرك يتم انتخاب الرئيس، علماً بأن صديقك الرئيس نبيه بري قال إن الثمرة نضجت والرئيس سعد الحريري حدد شهر نيسان/ أبريل الجاري؟

- أعتقد أن الدخول في عملية التواريخ أمر غير جدي، أما ربط هذا الموضوع بأحداث فهذا واقعي، وأنا من خلال الوضع الذي نعيشه عبر الاصطفاف والارتباط الذي بدأ منذ سنوات، لا يمكن فتح باب الرئاسة ما لم يشهد الصراع الخليجي والإيراني أو السني  - الشيعي نوعاً من الانفراج النسبي لأن هذا المناخ يعكس نفسه على لبنان المركّب طائفياً والذي يعتبر صندوقاً ارتدادياً لأوضاع المنطقة لسوء الحظ. ولذلك أعتقد أن هذا الصراع يرخي بظلاله على الداخل اللبناني فتخلق تشنجات عابرة للطوائف وللمذاهب وهي تجعل كل فريق يتخذ مواقف دفاعية متقدمة ويضع شروطاً تعرقل عملية الانتخابات الرئــــاسية، لكن يــــوم تهـــــدأ هذه الأمور، ينخفض معها دفتر الشروط. وهذا الصراع طالما هو موجود سيبقى يترجم في الداخل، ولا أحد يدري ما إذا كان هذا الصراع سيتفاقم أكثر وإن كان سيدخل الساحة اللبنانية أيضاً، ومن هنا معظم الفرقاء على سلاحهم السياسي على الأقل أو ربما العسكري لاحقاً لا أدري، ومن هنا الارتباط الخارجي.

ــ في هذه الحالة ما مصير مبادرتي ترشيح كل من العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية؟

- العماد عون لا يزال مرشحاً وهو حتماً المرشح الأقوى مسيحياً لكن ترشيحه يعاني من مشكلتين: الأولى مشكلة الأكثرية، بمعنى إذا حصلت جلسة وحضر مع حليفه حزب الله هذه الجلسة فليس من المؤكد أن ينتخب العماد عون لأن الأكثرية كما يبدو موجودة في مكان آخر، وبالتالي لا أكثرية لديه، والثانية هي أنه لو افترضنا أن هناك أكثرية، فكلنا نعلم أن لبنان يعيش هذه الحالة من الميثاقية ما يطرح السؤال عما إذا كان من الممكن انتخاب رئيس لا يحظى ولو بصوت واحد من الطائفة السنية وألا يشكل هذا تحدياً كبيراً؟

وتابع قائلاً:

- وطبعاً هذا نتيجة اصطفاف المذاهب حول ما سبق وأشرت إليه حول أشباه الآلهة من الطوائف ما يعرقل لبنان المبني على آلية وعلى محرك اسمه الميثاق الوطني ما يجعله يحتاج الى زيت لتنعيم حركته، وهذا الزيت كان مكوناً من حالة سياسية مرنة، ومن خيارات عديدة في المذاهب، لكن الآن بعد هذه السنوات العجاف انطفأت الخيارات وأصبح على رأس كل مذهب أحادية أو ثنائية على الأكثر وان لم يتم الاتفاق معها فكلنا نعلم أن الطوائف الكبرى لها حق <الفيتو> وبالتالي لا يمكن تجاهلها عندما تتحد، ولذلك فإن العماد عون يعاني من هذه المشكلة، ولا بد له من التفاهم مع الرئيس سعد الحريري، لكن كما يبدو ليس الحريري في هذا الوارد، وبالتالي نحن أمام مشكلة لأنه يمكن تخطي جزء من رأي طائفة لكن لا يمكن تخطي رأي طائفة عندما تكون متحدة.

ــ ومشكلة النائب فرنجية وحظوظه؟

- معركة الوزير فرنجية لم تنتهِ بعد، وأعتقد أنها متوقفة بسبب الحالة الإقليمية التي سبق وذكرت، لكن إذا انفرجت هذه الحالة لا أقول إن معركة سليمان فرنجية انتهت بل سيتم طرحها بشكل أو بآخر، ولكن يبدو سليمان فرنجية ظاهرياً أنه يملك الاكثرية ويحظى بتنوع مذهبي لكنه يصطدم بمشكلة ارتباط هذه المعركة بمعادلات معينة ومنها رئاسة الحكومة ودور هذه الرئاسة في المستقبل. فهذا أمر مطروح من قبل فريق معيّن بما يرتبط بمعركة النائب فرنجية.

ــ هل يمكن في هذه الحالة تخطي إعلان معراب والتحالف القائم بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية الذي سينسحب أيضاً على الانتخابات البلدية وألا يشكل نقطة ضعف للنائب فرنجية؟

- في لحظة معينة إذا انفرجت الأوضاع الإقليمية ربما يتم الانتخاب خاصة وأن نواب القوات اللبنانية سيحضرون جلسة الانتخاب، حتى لو لم يصوتوا للنائب سليمان فرنجية، وبالتالي ستكون هناك مشاركة مارونية وسيصوّت عدد من المسيحيين بين مسيحيي تيار <المستقبل> أو المتحالفين معه وبين نواب حزب الكتائب ربما، وبين نواب اللقاء الديموقراطي وبين النواب المستقلين أيضاً إضافة الى نواب لبنان الحر الموحد. وبالتالي سيكون هناك غطاء مسيحي وماروني يصل الى حوالى 40 بالمئة ومن الممكن آنذاك أن يحصل الانتخاب خاصة إذا شاركت القوات اللبنانية في تأمين النصاب وهي ملزمة بالمشاركة لاسيما وأنها لم تقاطع رغم ترشيحها العماد عون، وأعتقد أن هذا ما يخشاه البعض الذي لا يريد حصول جلسة.