تفاصيل الخبر

وزير الداخلية والبلديات الأسبق مروان شربل: استقالة الحكومة تدخلنا في نفق الفراغ وعليها تنفيذ الورقة الاصلاحية خلال شهرين!

25/10/2019
وزير الداخلية والبلديات الأسبق مروان شربل: استقالة الحكومة تدخلنا في نفق الفراغ  وعليها تنفيذ الورقة الاصلاحية خلال شهرين!

وزير الداخلية والبلديات الأسبق مروان شربل: استقالة الحكومة تدخلنا في نفق الفراغ وعليها تنفيذ الورقة الاصلاحية خلال شهرين!

 

بقلم حسين حمية

الشعب اللبناني انتفض ونزل الى الساحات بالآلاف وكسر عقدة الخوف وتحدى أهل السلطة وتحرر من تبعية الطائفة والزعيم الى حد ما وأعلنها ثورة تغييرية طالب خلالها برحيل العهد والحكومة ومحاسبة السارقين وإجراء اصلاح جذري، ولم يتوان عن تسمية الأسماء بأسمائها واستعمال شعار <كلن يعني كلن> في إشارة الى الطاقم الحاكم والمرجعيات دون استثناء. فما الذي يجري وكيف يقرأ البعض هذه الهبة الشعبية؟

<الأفكار> حاورت وزير الداخلية الأسبق مروان شربل حول كل ما يجري والاحتمالات المطروحة لهذا الحراك إضافة الى ما جرى سابقاً من حرائق أكلت الأخضر واليابس في العديد من المناطق واستعانة لبنان بطائرات دول الجوار للإطفاء رغم وجود 3 طائرات لديه هي خردة لأنها تفتقد للصيانة.

وسألته بداية:

ــ ما الذي يجري وكيف تقرا نزول الشعب بكل أطيافه بهذا الشكل الكبير الى الشوارع، وهل هي عصارة الغضب المتراكم من أداء أهل السلطة أم هناك من يحرك الناس كما حصل في العراق على سبيل المثال؟

- هذه ردة فعل عما يحصل من عشرات السنين ضد الحكام الذين أوصلوا البلد الى دين عام بلغ 100 مليار دولار وأغرقوا لبنان في المديونية والفقر والتعثر الاقتصادي، وهذه ردة فعل حضارية تحصل لأول مرة وبعيدة عن التسييس، حيث ان المتظاهرين حملوا العلم اللبناني لوحده حتى لو كان البعض لديه ميوله الحزبية ولكنه قال بصراحة انه نزل الى الشارع بسبب لقمة العيش وفقدان الكهرباء والمياه وبروز أزمة النفايات والكل صرخ بهدف واحد وبعنوان واحد وببرنامج واحد. فالمتظاهرون جمعتهم هوية وطنية لأول مرة. وأنا هنا أتمنى على المتظاهرين أن يقطعوا الطرقات ويعتصموا بكل حرية وديموقراطية لكن حرق الدواليب لا يجوز لأنه يؤثر صحياً على المتظاهرين وعلى عموم الشعب اللبناني الغارق في الكوارث وتلوث البيئة.

ــ هل من الممكن أن تتحول الى فوضى ويفلت ملق الأمن؟

- لا.. لكن يجب أن يبقى العلم اللبناني وحده هو المرفوع وأي علم آخر يرفع معناه ان هناك نية لحرف التظاهرات عن مسارها وللتشويش عليها.

 

التظاهرات صرخة عفوية!

 

ــ وهل هذه التظاهرات عفوية أم هناك من يحركها من الداخل أو الخارج؟

- هي صرخة عفوية وليست مفتعلة والكل يصرخ بصوت واحد انهم ضد ما يحصل من هدر وفساد وفرض ضرائب، وبالتالي فلا بد من حل جذري بعيداً عن سياسات الترقيع وشعار <عفا الله عما مضى>. وبالتالي لدى الحكومة فرصة حتى آخر السنة حتى تنفذ الورقة الاصلاحية رغم عدم الثقة بها وبعدها ترحل وتأتي حكومة أخرى.

ــ وهل يتوقف الأمر على قرارات الحكومة بعد اجتماعها أم المسألة أبعد من ذلك طالما ان المتظاهرين يريدون رحيل الحكومة؟

- وبداية الحل تكون بتنفيذ الورقة الاصلاحية الجيدة في المضمون، والمبادرة الى استعادة الأموال المنهوبة، والعمل فوراً على بناء مقرات للدولة اللبنانية بدل المؤسسات المستأجرة التي تكلف الملايين وهي لصالح السياسيين والنافذين، وضبط المعابر خاصة المعابر الشرعية ووقف التهريب والسمسرات، وانجاز قانون ضريبي تصاعدي حسب ما يملك كل شخص ولا يساوي بين الغني  والفقير أي يكون حسب دخل كل مواطن، إضافة الى حسم مسألة الأملاك العمومية البحرية منها والنهرية والبرية، لاسيما ان قرى باكملها بنيت على أملاك الدولة ولا أحد يسأل، وهناك بعض الأراضي التابعة للدولة مستأجرة بألف ليرة سنوياً..

ــ هل الزيادة على <الواتساب> كانت الشرارة لتحريك الشارع؟

- كانت الشرارة الأولى انما القلوب مليانة والناس <حبلوا> مما يجري وكان لا بد من أن ينفجروا غضباً. فهل معقول أن ينتظر الناس اقرار موازنة 2020 ليروا إذا كانت ستتضمن ضرائب جديدة وإذ بهم يفرضون ضرائب كما حصل في موازنة 2019 لا بل كانت موازنة 2019 أفضل بالنسبة للقرارات والضرائب الجديدة؟ حتى انهم كانوا يفكرون برفع سعر صفيحة البنزين وهنا لا بد للدولة أن تستورد بنفسها البنزين وكل المحروقات لكن السؤال هو: هل تجرء وتفعلها ولا تخاف من مافيات المحروقات التي تتحكم بالبلد ويقف وراءها أهل السياسة والمرجعيات؟! ولا بد أن نسأل هؤلاء: ألم تشبعوا منذ العام 1990 حتى اليوم؟! كفى..

 

لا لاستقالة الحكومة

 

ــ هل تؤيد استقالة الحكومة أم ان الظرف يستدعي التروي؟

- لا بد أن نأخذ بعين الاعتبار الظروف الاقليمية والاقتصادية الصعبة التي نمر بها، وإذا كنا نريد الحفاظ على سعر الدولار وعلى لقمة العيش لا بد من التروي لكن بشرط أن تأخذ الحكومة فرصة لوضع الحلول قيد التنفيذ لأنه لا سمح الله إذا طارت الحكومة ولم نستطع تأليف حكومة جديدة فماذا نفعل وهل ندخل في الفراغ الذي سبق وعانينا منه؟ أضف الى ذلك اننا ندخل في الفوضى والناس يقاتلون بعضهم البعض، وليس هذا معناه ان يتسلح أهل السلطة بهذا الواقع بل عليهم أن يبادروا خلال الفرصة المعطاة لهم للتنفيذ وعلى مجلس الوزراء وحده يتوقف الحل، فإما أن تكون قراراته حاسمة ومنطقية وتنفذ الورقة الاصلاحية وتتم المحاسبة للسارقين بدون وضع حمايات طائفية وحزبية عنه واعتباره خطاً أحمر وكأن الحصانة معمولة على مقاس اللصوص والسارقين ولا بد من أن تتم محاسبة أي واحد تطاوله الشبهات وترفع الحصانات عن الجميع واما فلا حل.

ــ هل تشتم لائحة مؤامرة خارجية تحرك الداخل لتغرق لبنان في الفوضى رداً على موقف الرئسي عون تجاه سوريا وما شابه؟

- لم نرَ حتى الآن أي محرك خارجي ولا بد أن ننتظر وانما نجزم بأن الانتفاضة الشعبية هي نتيجة سوء الادارة الحكومية وبسبب الهدر الحاصل والفساد المستشري وفرض الضرائب على الفقراء وتعثر الوضع المالي والاقتصادي.

ــ والحل؟

- لا بد للحكومة أن تتحرك وتنفذ الورقة الاصلاحية وتنجح في اقناع المواطن بأن الاصلاح بدأ والمحاسبة ستشمل الجميع ولن تكون هناك حماية لأي مسؤول. وخلال المهلة التي تعطى لها يجب أن تنفذ ما التزمت به وإلا فلترحل كما يطالب المتظاهرون.

 

الحرائق وطائرت <السيكورسكي>!

ــ نأتي الى الشق الآخر من الحديث ولو استطراداً ونسألك عن ملف الحرائق وقضية طائرات <السيكورسكي> الثلاث. فكيف تقارب هذا الملف؟

- الطائرات الثلاث جاءت في عهد الوزير زياد بارود والدولة لم تشترهم وبالتالي لا يمكن تحميل الوزير بارود المسؤولية بل هذه الطائرات منحة من جمعية <أخضر دايم> التي يترأسها الوزير السابق فادي عبود وهو الذي اقترح على الوزير بارود ذلك دون أن يتدخل الوزير بارود في جمع المال وما شابه، وكلف الجيش اللبناني بالأمر ولا نعرف لماذا أصبحت الطائرات خردة، وهنا يجب اجراء التحقيق.

ــ يقال إن الطائرات جاءت أساساً خردة حسب كلام وزير البيئة فادي جريصاتي الذي قال إن الطائرات خطر على سلامة الطيارين وكل طلعة مكلفة ويلزمها الطائرة صيانة فورية. فماذا تقول؟

- كل طائرة تقلع لا بد من صيانتها وتأمين قطع غيار لها كما أي طائرة اخرى والمشكلة ليست هنا، بل تم شراء ثلاث طائرات <سيكورسكي> وهي صناعة أميركية مهمة تستعمل في الولايات المتحدة لإطفاء الحرائق لكن عمرها أكثر من 35 سنة والمفروض أن تجرب على الطبيعة اللبنانية قبل أن يتم شراؤها، ومن دون الدخول في التفاصيل لا بد من أن يكشف التحقيق مع المعنيين لماذا لم تحصل صيانة لهذه الطائرات التي كلفت 14 مليون دولار ناهيك عن تكاليف الصيانة، حتى ان جمعية المصارف ساهمت في الدفع وكذلك الرئيس سعد الحريري.

ــ يقال إن هناك أكثر من كتاب موجه من وزارة الدفاع الى وزارة المالية لدفع اعتماد تكاليف الصيانة ولم ترد الأخيرة. فما حقيقة ذلك؟

- عام 2016 أيام عهد وزير الداخلية نهاد المشنوق يوم كان هناك اجتماع للجنة الأشغال النيابية، وطلب اعتماد 250 ألف دولار لصيانة الطائرات لكن مندوب الجيش المشارك في الاجتماع قال صراحة بأنه حرام أن يتم صرف أي قرش على طائرات غير صالحة وغير فعالة على الأراضي اللبنانية ومن ذلك التاريخ لم يعد أحد يتحدث عن الموضوع.

ــ وهل الشراء تم نتيجة صفقة؟

- الدولة لم تدفع أي قرش ثمناً للطائرات والكرة عند ملعب الآخرين الذين ساهموا في شراء الطائرات ولدى المتبرعين.

ــ كيف تحكم على أداء وزيرة الداخلية ريا الحسن؟

- أداء ممتاز، فهي وزيرة جيدة وإن كانت محكومة بالظروف الأمنية والسياسية والاقتصادية الحساسة. ورغم ذلك استطاعت السير خطوة وراء خطوة بكل تأن، وهي أصلاً لا تستطيع أن تفعل المستحيل وأنا كنت وزيراً للداخلية وعشت وضعاً صعباً خلال الأحداث الأمنية التي جرت في طرابلس وفي صيدا وقطع للطرقات وخطف للبنانيين في سوريا وكان لا بد من اعتماد سياسة النَفَس الطويل واعتماد الحوار كحل للمشاكل.

ــ يعني الأمن في لبنان يبقى بالتراضي؟

- ليس الأمر كذلك، لكن الحكومات لا تشكل بالتراضي ولكن قرارات مجلس الوزراء أيضاً.

ــ وهل يمكن أن يستمر البلد بهذا الشكل؟

- لا بد من اعتماد نظام جديد بعيد عن الطائفية والمبادرة الى إلغائها ليس فقط في الوظيفة بل في الرئاسات أيضاً وإن كانت هناك حساسية في بعض المجتمعات. يمكن أن تكون الرئاسات مداورة شرط أن تكون للرئيس كامل الصلاحيات بغض النظر عن طائفته ولا يجوز أن يبقى الوضع بهذا الشكل حيث رئيس الجمهورية لا يملك أي صلاحية إلا إذا اتفق مع رئيسي المجلس والحكومة.

ــ يعني حكم الترويكا؟

- صحيح، فهذا لا يساهم في ديمومة الحكم ولا بد للخلافات أن تبقى بشكل دائم بين الرئاسات طالما استمر النظام الطائفي.

ــ نستحضر هنا الحرائق ويقال إن هناك 6 مأمورين للأحراج في كل جبل لبنان ودورة المأمورين في مجلس الخدمة لا يتم تعيين الناجحين بها بسبب التوازن الطائفي. فهل هذا جائز؟

- مأمور الأحراج لا بد أن يكون ابن منطقته كونه يعرفها ولا يجوز تعيين مأمور أحراج من بعلبك في البترون أو العكس، فلا بد أن يكون ابن المنطقةويعرف القريب والغريب.

ــ وهل الحرائق فيها جزء من الافتعال كما قيل؟

- 80 بالمئة من الحرائق منذ عشرات السنين حتى اليوم مفتعلة سواء عن قصد أو عن إهمال.

ــ وهل سيفتح تحقيق بهذا الخصوص؟

- لن يفتح أي تحقيق.

ــ خائف من المستقبل أو متفائل؟

- الأمر يتوقف على ما يقرره مجلس الوزراء من خطوات لإنقاذ الوضع وإلا فلبنان يدخل في نفق لا نعرف مصيره. وإذا اختارت الحكومة تقديم استقالتها فعلى الفور يجب أن يتم تشكيل حكومة أخرى تماماً كما حصل عام 1992 واستقال المرحوم عمر كرامي وشكلت على الفور حكومة الرئيس الراحل رفيق الحريري.