تفاصيل الخبر

وزير الداخلية والبلديات الأسبق العميد مروان شربل بدون رتوش: لا بد للحكومة الجديدة أن تنال ثقة الشارع الذي أعلنها ثورة ولن يعود الى الوراء!

24/01/2020
وزير الداخلية والبلديات الأسبق العميد مروان شربل بدون رتوش: لا بد للحكومة الجديدة أن تنال ثقة الشارع  الذي أعلنها ثورة ولن يعود الى الوراء!

وزير الداخلية والبلديات الأسبق العميد مروان شربل بدون رتوش: لا بد للحكومة الجديدة أن تنال ثقة الشارع الذي أعلنها ثورة ولن يعود الى الوراء!

 

بقلم حسين حمية

بعد مئة يوم بالتمام والكمال على انطلاق الانتفاضة الشعبية، و85 يوماً على استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري، و33 يوماً على تكليف الوزير السابق حسان دياب تشكيل الحكومة الجديدة، ولدت الحكومة الموعودة بعد مخاض عسير تخلله تباين بين دياب والاكثرية النيابية التي سمته حول الحصص والأسماء والحقائب، لكن العراقيل ذللت بسحر ساحر وولدت الحكومة العتيدة، انما يطرح السؤال عما اذا يمكن لهذه الحكومة التي تعارضها كتل وزانة وكبيرة ان تكون حكومة الانقاذ الموعودة؟. فماذا يقول المراقبون عن ذلك؟

<الأفكار> استضافت على صفحاتها وزير الداخلية والبلديات الأسبق العميد مروان شربل وحاورته في هذا الخضم لاسيما ما يتعلق بالحراك الشعبي الذي لجأ مؤخراً الى تنظيم وقفة احتجاجية وسط بيروت واستهدف المصارف وبعض المؤسسات ما أدى الى خراب كبير والى أضرار وسقوط جرحى بين القوى الأمنية والمتظاهرين ناهيك عن أزمة المصارف ومنعها من إعطاء المودعين أموالهم المدخرة.

وسألته بداية:

ــ بعد مضي 100 يوم تقريباً على انتفاضة 17 تشرين الأول والحبل على الجرار ولدت الحكومة. في اعتقادك هل سيتواصل الحراك أم ماذا؟

- طبعاً فالانتفاضة مستمرة إذا لم تستطع هذه الحكومة ان تحصل على ثقة الشارع وترضي المجتمع الدولي الذي يراقب الوضع وينتظر هذه الحكومة بفارغ الصبر كي يبدأ بمساعدة لبنان شرط أن تقوم هذه الحكومة بالاصلاحات المطلوبة وتحاسب الفاسدين الذين نهبوا المال العام وتوقف الفساد بشكل نهائي وتحافظ على القانون والدستور، وأن يشعر المواطنون أنهم يعيشون في بلد وليس في مزرعة. فما حصل اليوم في مسألة التأليف وكأننا نكرر التجربة منذ العام 1992 حتى اليوم ونعمل على تشكيل حكومات محاصصة، وهم يسمونها حكومات وفاق وطني لكنها في الحقيقة هي حكومات محاصصة وتوزيع حقائب بين الأحزاب. ومع محبتنا للأحزاب وللناس الذين انتخبوا نواب هذه الأحزاب فهناك أناس آخرون لم ينتخبوا أو لم ينتخبوهم لسبب أو لآخر ويحق لهم أن يتمثلوا في هذه الحكومة.

ــ لكن لا بد أن تأخذ الحكومة ثقة هؤلاء وإلا تسقط؟

- جيد، لكن لا بد أيضاً أن تنال الحكومة ثقة الشارع الذي يتحرك ويعتصم في الساحات منذ أكثر من ثلاثة أشهر. وهنا أسأل: يسمون الحكومات حكومات توافق وطني ولكن لم يتفقوا مرة على أمر، ولم يقوموا بواجباتهم والتعطيل كان سيد الموقف، فلا كهرباء ولا معالجة للنفايات والشوارع تتحول الى برك في الشتاء وأزمات معيشية واقتصادية ومالية وصحية مفتوحة وأزمة محروقات وغلاء أسعار وهجرة وبطالة، ومحطات التكرير صرفنا عليها المليارات ومع هذا فالروائح لا تطاق خاصة قرب المطار، وحكومات الوفاق الوطني تتحمل المسؤولية، ولذلك علينا أن نجرب ولو لمرة واحدة حكومة إنقاذ من مستقلين تخضع لرقابة المجلس وتدير البلد وتنقذه من أزماته بدل حكومات التعطيل وتناحر الأحزاب فيها. فالخلافات الحكومية وتقاسم الحصص هو الذي أوصلنا الى دين عام بلغ مئة مليار دولار، وهي حكومات النفاق الوطني وليس الوفاق الوطني التي أوصلتنا الى ما نحن عليه من أزمات وأوقعت البلد في المأزق، ولذلك على أهل السياسة أن يتركوا زمام الأمور الى حكومة مستقلة ولو لمرة واحدة وأن يقفوا عند رأي الشعب الذي أعلنها ثورة، والشعب هو مصدر السلطات وفق ما ينص عليه الدستور.

المواطن يتسول حقه في البنوك!

ــ وماذا عن الحكومة التي شكّلها الرئيس المكلف حسان دياب وألا يمكن لها أن تنقذ الوضع طالما هي من الاختصاصيين والمستقلين وإن جاءت التسمية من الأحزاب؟

- أنا مع أي حكومة تعطي ثقة للشارع وللخارج لأننا بحاجة للخارج كي يساعدنا مالياً ومادياً وإلا سنصل الى الانهيار الكامل والتام. فهل من المعقول أن يقف المودع مثل الشحاذ أمام المصرف لكي يحصل على أمواله؟! ومع هذا لا يشعر أهل السلطة بهذه المعاناة، وكلما مرّ وقت كلما ثار الشعب أكثر وانتفض لأن معاناته لم تعد تحتمل وتحول المواطن الى رقم ينتظر دوره أمام المصارف ليتسول حقه، فالحل لا بد أن يأتي سريعاً وإلا فالثورة مستمرة والغضب الساطع الأكبر آت.

وعاد ليقول:

- لو كانت الحكومة مستقلة لما تأخر تشكيلها وانما الأحزاب المتحالفة حالياً والتي سمت الرئيس دياب تناحرت فيما بينها على الحصص وعرقلت التأليف بحجج واهية، فمرة يريد أحدهم الحفاظ على حقوق الطائفة، ومرة يطالب آخر بالثلث الضامن، وثالث يضع فيتو على هذا أو ذلك، علماً أن أركان هذه الأحزاب التي سمت دياب كانت تعرف معايير التأليف عنده قبل تكليفه وهو أصر منذ البداية على حكومة تكنوقراط غير سياسية ومستقلة تماماً، لكن ما رأيناه ان كل طرف يريد وضع يده في الحكومة ويعمل على تشكيلها، وبالتالي، وكان على الاحزاب ان تترك الرئيس المكلف ليشكل حكومة إنقاذ مستقلة دون تدخلات من هنا وهناك كي لا ندور في حلقة مفرغة وسنعود الى نقطة الصفر لا بل كان الواجب أن تساعد هذه الأحزاب الرئيس دياب لأنها من سمته وتتركه يؤلف الحكومة وتسهل مهمته. فاليوم الشارع يتحرك والصدام يحصل بين القوى الأمنية والمتظاهرين دون وقوع ضحايا لكن لا نعرف لا سمح الله كيف سيكون الأمر إذا فلت الملق.

ــ الانتفاضة بدأت سلمية والصدامات مع القوى الأمنية كانت مضبوطة الى حد ما لكن ما حصل في الأيام الماضية في الحمرا ووسط بيروت قلب المشهد. فهل نحن أمام هجمة ضد المصارف مثلاً أم ان المقصود إحراق وسط بيروت بما يمثله أو هناك نية لشيطنة الحراك؟

- أنا ضد أعمال الشغب والتكسير والاعتداء على الأملاك العامة والخاصة، لكن في المقابل علينا أن نشعر ان هناك أناساً يموتون من الجوع ولا يستطيعون دخول مستشفى أو أن يكون لديهم ثمن ربطة خبز وحتى من يملك المال لا يستطيع أن يتصرف بأمواله.

طاقة القوى الأمنية على التحمل!

 

ــ هل هناك نية منظمة ضد المصارف كونها المسؤولة عن فرض قيود على أموال المودعين أم ان المسألة أكبر من ذلك وتتعلق برفع سعر الدولار وافلاس البلد؟

- يمكن لنا أن نفكر بكل شيء، يمكن التفكير بالمتضرر والمأجور والمرتزقة وبالسارقين أيضاً، لكن مع ذلك تقع المسؤولية على من يؤلفون الحكومة.

ــ وماذا عن أداء القوى الأمنية بشكل عام بعد كل ما جرى؟

- الخشية الكبرى هي وضع القوى الأمنية في وجه الشعب، ونحن اليوم لم ندخل في العصيان المدني واغلاق المرافق العامة وأداء القوى الأمنية لا غبار عليه والعسكري في النهاية انسان وعندما يبقى لساعات ويعمد المتظاهرون الى شتمه وقذفه بالقناني والبيض والحجارة وبالمفرقعات وبالعصي ويقتلعون إشارة السير والأشجار ويرمونها عليه ويسقط جريحاً هو أو رفيقه أليس من المنطقي أن يرد كردة فعل مقابل فعل.. رغم ان الاثنين قاسيان؟!

ــ وماذا عن أداء وزيرة الداخلية السابقة ريا الحسن؟

- الموضوع أكبر من وزيرة الداخلية وأكبر من وزير الدفاع وأكبر من الأجهزة الأمنية، فما يخوفني كما قلت هو وضع الشعب مقابل الأجهزة الأمنية لأنه إذا انهار الشعب وانهارت الأجهزة الأمنية انهار النظام في هذا البلد.

ــ وكيف يمكن وقف تمادي الحراك إذا عمد على سبيل المثال مندسون للتخريب وإحداث الفتنة ومن سيردعهم؟

- الحراك يتضمن 3 أنواع، الأول لا يقوم بهذه الأعمال، والثاني غاضب ويعبر بطريقة معقولة، والثالث هو المسؤول عن عمليات التخريب واستفزاز العسكريين، علماً بأن كل بلدان العالم تشهد مثل هذه الحالات لاسيما في باريس وهونغ كونغ والتشيلي وغيرها، وهذا أمر موجود في معظم البلدان كما الحال في البلد لكن المهم ألا يتأخرا لمعنيون في تأليف الحكومة كي لا يدخل البلد في مرحلة أصعب من تلك التي يعيشها حالياً، فالأجهزة تقوم بواجباتها كاملة وهي لا تعتدي على أحد إلا انها تقوم بردة فعل إذا حصل شغب وأعمال تخريب وتحاول فتح الطرقات والجيش يساند عند اللزوم وباقي الأجهزة الأمنية مشكورة تقوم بواجباتها وعلى أي حال لولا الأجهزة الأمنية لطارت الدولة منذ زمن..

ــ وماذا عن قرارات الاجتماع الأمني؟

- كنت أفضل أن يجتمع مجلس الوزراء ويتخذ قراراً موحداً أو يجتمع المجلس الأعلى للدفاع ويتخذ الاجراءات اللازمة لكن الرئيس ميشال عون عرض ذلك، انما الرئيس سعد الحريري رفض هذا الموضوع وقال إنه إذا حصل ذلك سيتم التمادي في التقاعس عن تأليف حكومة جديدة.

ــ ألا كان يفترض أن تقوم الحكومة بتصريف الأعمال دستورياً؟

- طبعاً، ولا بد أن تبقى رقابة رئاستي الجمهورية والحكومة على الوزراء كي لا يتصرف أي واحد منهم على مزاجه حتى لو كانت الحكومة مستقيلة، لكن ما أوصلنا الى هنا هو الخلاف السياسي وعند حصول ذلك يتأزم الوضع عادة أكثر من اللزوم.

أزمة المصارف والانتخابات المبكرة!

ــ وماذا عن أزمة المصارف ودور مصرف لبنان حيث يطلب الحاكم رياض سلامة صلاحيات استثنائية؟

- ما أعرفه ان هناك 3 أطراف مسؤولة عن انهيار الدولة مالياً وهم الدولة ومصرف لبنان والمصارف وأصحاب الصيرفة، وكان يفترض بمصرف لبنان أن يتدخل ويمنع التلاعب بالعملة وان يعمد الى تطبيق المادة 19 على الصيارفة. كما يجب على النيابة العامة المالية أن تتدخل وتوجه السؤال لحاكم مصرف لبنان عن سبب عدم تطبيقه المادة 19، ناهيك عن ضرورة تحرك القضاء والنيابة العامة التمييزية لمعرفة كيف تم تحويل مليارات الدولارات الى الخارج من قبل 10 أشخاص ولم تفتح حتى الآن أي تحقيق بهذا الخصوص لمعرفة ما إذا كانت الأموال حلالاً أم حراماً علماً بأن اللعب بالعملة الوطنية تعرض صاحبها الى السجن ولذلك ارتفع الدولار وانخفض سعر الليرة وهي عملتنا الوطنية وكرامتنا ولم يتحرك أحد حتى الآن لمحاسبة المسؤولين.

ــ كيف يتحرك والرئيس الحريري بنفسه قال صراحة إن الحاكم خط أحمر ورفض

التعرض له وقال إن لديه حصانة؟

- المفارقة ان أموال المودعين ذهبت الى مصرف لبنان وهو بدوره أعطاها للدولة كدين جديد عليها لكي تدفع للموظفين، فيما الحصانة التي تحدث عنها الحريري للحاكم هي حصانة أميركية.

ــ هل تعتقد ان الحكومة الجديدة تستطيع احداث صدمة ايجابية ام ستكون عرضة للإنتقاد كغيرها؟

- نأمل ان تتمكن هذه الحكومة من إنقاذ الوضع ولا بد هنا من اعطائها فرصة لشهر او شهرين حتى تبثت القول بالفعل وتقنع الشعب في الساحات بأنها مؤهلة للإنقاذ رغم ان الوزراء محسوبون ضمناً على الاحزاب، وان تبعث برسالة ايجابية الى المجتمع الدولي بأنها ستعمل على تحقيق الاصلاحات ومكافحة الفساد ووقف الهدر وانذاك لكل حادث حديث ويبنى على الشيء مقتضاه.

ــ وما مهمة الحكومة الجديدة؟

- هي حكومة انقاذية مؤلفة من وزراء مستقلين غير مرتبطين بأحزاب لأنه من غير المقبول بعد اليوم أن يخرج وزير ويقول على سبيل المثال اننا أنجزنا هذا المشروع بناء على طلب رئيس الحزب وما شابه، ما يعني ان رئيس الحزب لو لم يعطه أي توجيهات لما قام بعمله وهذا أمر لا يقبله أي لبناني. فالوزير يعمل للدولة وللنظام ويمثل الناس ولخدمة الشعب وليس موظفاً عند رئيس حزبه وليس الشعب أيضاً في خدمته ويأتي الناس له بالهدايا..

وعاد ليقول:

- أحد أهم الحلول هي الانتخابات المبكرة التي يجب أن تقوم بها هذه الحكومة.

ــ ما رأيك بأسماء الوزراء لاسيما وزير الداخلية العميد محمد فهمي؟

- الاسماء ممتازة والعميد فهمي جيد جداً وأعرفه عن كثب، لكن الاحزاب كانت وراء تعيين الوزراء لاسيما في الوزارات السيادية والاساسية باستثناء الوزراء المحسوبين على الرئيس دياب، ومع ذلك فأي وزير لا يستطيع ان ينجح بمفرده ولا بد لكل الوزراء ان يتفاهموا فيما بينهم ويتكافلوا ويتكاملوا وينسقوا المواقف حتى تنجح الحكومة وتستطيع انقاذ الوضع. فالموضوع لا يتعلق بشخص بل بمنظومة سياسية متكاملة تحكم البلد منذ زمن طويل وأوصلت البلد الى حافة الافلاس وديون وصلت 100 مليار دولار نتيجة تقاسم الحصص وصرف النفوذ والفساد وترك الشعب الى مصيره، لكن هذه السلطة على المحك اليوم وعليها التنحي جانباً وترك مهمة الانقاذ للحكومة كي لا يغرق المركب بالجميع.