تفاصيل الخبر

وزير الداخلية السابق الدكتور زياد بارود يستشرف آفاق المرحلة: لا رئيس في المدى المنظور لأن لبنان ليس أولوية لدى الخارج وعلينا انتظار الفرج الاقليمي

30/10/2015
وزير الداخلية السابق الدكتور زياد بارود يستشرف آفاق المرحلة:  لا رئيس في المدى المنظور لأن لبنان ليس أولوية  لدى الخارج وعلينا انتظار الفرج الاقليمي

وزير الداخلية السابق الدكتور زياد بارود يستشرف آفاق المرحلة: لا رئيس في المدى المنظور لأن لبنان ليس أولوية لدى الخارج وعلينا انتظار الفرج الاقليمي

 

بقلم حسين حمية

SAM_1038الاستحقاق الرئاسي في ثلاجة الانتظار، رغم مرور أكثر من 500 يوم على الشغور الرئاسي منذ 25 أيار (مايو) من العام الماضي، وكل مرة يربطه البعض بملف ما حتى انه ربط لفترة بالملف النووي الإيراني، لكن هذا الاتفاق وقّع وينفّذ الآن والاستحقاق الرئاسي اللبناني <راوح مكانك> حتى ربطه البعض اليوم بإنجاز تسوية على المسار السوري. فكيف نتلمس الصورة؟

   <الأفكار> التقت وزير الداخلية السابق الدكتور زياد بارود داخل مكتبه للمحاماة في الأشرفية وحاورته في هذا الخضم، بالإضافة الى شؤون وشجون الوضع الداخلي حكومياً ونيابياً.

   وسألناه بداية:

ــ أكثر من 520 يوماً و30 جلسة نيابية دون نصاب والاستحقاق الرئاسي ينتظر دون أي مؤشر على قرب انجازه. فهل هو مرتبط بالتسوية الموعودة في سوريا أم يمكن لأهل الحوار الوطني أن يصلوا الى نتيجة في مقاربتهم لهذا الملف؟

- مزيج من الاثنين، فاللبنانيون اليوم يستطيعون <لبننة> هذا الاستحقاق والأمر واضح وواقعي، ولطالما كان هذا الاستحقاق يتم وفق نغمات خارجية أحياناً لكن هامش <لبننة> هذا الاستحقاق كان يعلو وينخفض حسب السنوات والمراحل، وبين انتخابات الرئيس سليمان فرنجية والرئيس الياس سركيس عام 1970 كان الفارق صوتاً واحداً.

ــ يقال هنا إن الاتحاد السوفياتي كان له الدور في اقناع الزعيم كمال جنبلاط بالتصويت لصالح فرنجية وإلا لفاز الياس سركيس. فهل هذا صحيح؟

- التأثير الخارجي كان واضحاً لكن الهامش اللبناني كان كبيراً، والأمر لم يتحقق في فترة الوجود السوري بحيث كان الأمر يحتاج الى أبسط من ذلك سواء بالنسبة للانتخاب أو للتمديد. أما اليوم وفي غياب أي راعٍ لهذا الاستحقاق فيبدو ان اللبنانيين قاصرون في ادارة شؤونهم وهم يراهنون أيضاً على دور خارجي في انضاج هذا الموضوع.

 

الرهان على الخارج

ــ هل يأتي هذا الدور في وقت يقال إن لبنان لا يشكل اولوية الآن لدى الخارج؟

- الرهان على الاتفاق النووي الإيراني ــ الأميركي كان في غير محله وأثبتت الأسابيع القليلة الماضية انه رغم توقيع هذا الاتفاق فالأولوية ليست للبنان بل بدأت في اليمن وتحولت الى البحرين وعرجت على العراق وستحط رحالها في سوريا وتصل الى لبنان في وقت ما.

ــ إذن ننتظر التسوية السورية؟

- أغلب الظن ان حبال الانتظار معلقة بين اليمن وسوريا وما بينهما من محطات.

ــ يعني لا رئيس في المدى المنظور؟

- للأسف لا...

ــ وهل يمكن لأهل الحوار أن يصلوا الى حل؟

- الحوار هو إطار تجهيزي لما قد يحصل في المنطقة، لاسيما وان الحكومة وحدها غير قادرة على أن تكون هي الاطار المواكب لما قد يحصل، ومجلس النواب غير قادر على الاجتماع وإن اجتمع عليه أن ينتخب رئيساً للجمهورية، وبالتالي أصبحت طاولة الحوار هي المكان الذي يكون جاهزاً لمواكبة أي تطور على الساحة الاقليمية والدولية لانضاج انتخاب الرئيس.

ــ وهل الداخل ينتج رئيساً لوحده؟

- الداخل لوحده لن ينتج رئيساً والخارج لوحده غير قادر على دفع اللبنانيين الى خيارات قد لا تناسبهم.

ــ متى في تقديرك اللحظة المناسبة بين الداخل والخارج؟

- بمنطق الأولويات واضح ان لبنان ليس أولوية حتى اللحظة، والسؤال هو: هل يصبح أولوية إذا تعكر الأمن فيه لدرجة معينة؟ وهل يصبح أولوية إذا أدى التدخل الروسي في سوريا الى ما يمكن أن يؤدي إليه؟ إنها أسئلة برسم الأيام المقبلة، لكن لا أعتقد أن أحداً يستطيع أن يحسم في التوقيت، حتى من هو في موقع القرار غير قادر اليوم على إعطاء أجوبة واضحة من حيث البُعد الزمني أو من حيث الشروط الكافية لإنضاج الحل. والبعض هنا يتكلم عن سلة متكاملة ويقول ان الموضوع لم يعد يقتصر على انتخاب رئيس للجمهورية وانما أصبح يشمل أيضاً قانون الانتخاب، وانتخابات وحكومة وحدة وطنية وربما مجلس شيوخ ولامركزية ادارية.. فهذه السلة المتكاملة يتطلب انضاجها وقتاً.

نحن أمام <دوحة 2>

 

ــ هل سنكون أمام <دوحة 2> في المستقبل؟

- أستبعد حصول <طائف 2> وأميل الى الاعتقاد بأن المطلوب اليوم هو الأقرب الى <دوحة 2> منه  الى طائف ثانٍ، بمعنى اننا لسنا جاهزين لمؤتمر تأسيسي أو لتعديلات دستورية أساسية. بل نحن جاهزون لما يسمى تسوية أو اتفاق الحد الأدنى لخارطة طريق للسنوات المقبلة، لأنه حتى لو انتهى النزاع في سوريا فأمام سوريا فترة من إعادة البناء ليس فقط العمراني وانما اعادة بناء المؤسسات وبناء الثقة وغيرها، وهذه الفترة تحتاج بموازاة ذلك في لبنان الى توافق لبناني يستطيع أن يواكب هذه الفترة الصعبة، وهذا التوافق يحتاج الى خارطة طريق، ولذلك أقول ان التداول بأسماء محتملة لتولي سدة الرئاسة هو مضيعة للوقت لأن المطلوب هو خارطة طريق لهذا الرئيس مهما كان اسمه، ويطرح السؤال هنا عما إذا كان المطلوب من رئيس جمهورية لبنان المقبل ادارة أزمة أم المطلوب منه الاصلاحات أم مواكبة عقد سياسي واجتماعي جديد أم مواكبة ما يحصل في المنطقة بأقل خسائر ممكنة أو أن يحمي مع الحكومة ومجلس النواب ما تبقى من دولة؟! فهذه هي الأسئلة المطروحة.

ــ ألا توجد أجوبة؟

- حتى اللحظة لا أجوبة ولكن عندما يحين الوقت للدخول الى هذا النطاق من البحث لا بد من طرح هذه الأسئلة. فشخص الرئيس ليس بأهمية خارطة الطريق التي سيتولى تنفيذها.

ــ ومن يستطيع تنفيذ هذه السلة وهل لا بد أن يكون توافقياً أم لا مشكلة في أن يكون طرفاً؟

- هناك الكثير من الأسماء، وهناك مرشح جدي هو الجنرال ميشال عون حيث لا يزال يملك الحظوظ للوصول، وهناك مرشح من الفريق المقابل هو الدكتور سمير جعجع، وهناك مرشح اسمه سليمان فرنجية يملك كل المواصفات، ولا أعتقد ان الأربعة الكبار مستبعدون، بل أميل الى الاعتقاد بأن لا أحد مستبعداً حتى اللحظة.

ــ والوزير والنائب السابق جان عبيد؟

- أتكلم عن الأربعة الذين تم التداول بأسمائهم، والوزير جان عبيد مرشح جدي وغيره أيضاً.

نعم لرئيس من الشعب

ــ وزياد بارود الذي يطرح اسمه نشطاء الحراك المدني والمستقلون؟

- يوم ينتخب الناس رئيساً للجمهورية أترشح. بمعنى انه عندما ينتخب الشعب رئيسه أترشح.

ــ يعني انك تؤيد انتخاب رئيس من الشعب كما يقول العماد عون؟

- مبدئياً نعم لأن هذه العملية أكثر ديموقراطية، وأعتقد ان أقصى درجة من الديموقراطية هي الانتخاب المباشر، وطبعاً مع ضوابط وآليات خاصة.

ــ والدور الماروني والخوف من عدم تأثيره في المعادلة؟

- يبقى قائماً، ولذلك تحدثت عن ضوابط وآليات. وبدون أن أتبنى أي طرح آخر، ولكن بما خصني أعتقد ان عدالة الناس أكبر من عدالة القوى السياسية، وعندما ينتخب الناس رئيساً قد أفكر في الترشح.

ــ ولو اعتمدت النسبية في قانون الانتخاب تترشح للنيابة؟

- أكيد.. ومن الممكن أن أترشح مهما كان شكل النظام، علماً بأنني لا أحبّذ النظام الأكثري لكن إذا كان هناك حد أدنى من المعايير لم لا؟! وبالتالي لا أربط الترشح فقط بالنظام الانتخابي، مع التأكيد انني أحبّذ النسبية التي لا تلغي أحداً ولا تضخّم تمثيل أحد وتعطي الفرص لكل الناس بما في ذلك الأقليات السياسية ولا أقول الأقليات الطائفية.

ــ طبعاً ستترشح في كسروان؟

- طبعاً..

ــ لماذا لم تقدم ترشيحك في فترة من قبل التمديد؟

- قلت إنني لا يمكن أن أنتقد كل آلية التحضير للانتخابات وأعتبرها غير قانونية ومن ثم أترشح، ولكي أكون منسجماً مع نفسي امتنعت عن الترشح بسبب اعتراضي على عدم قانونية التحضيرات للعملية الانتخابية.

ــ وماذا عن التمديد؟

- أنا ضده وهو غير دستوري. وحتى في حيثيات المجلس الدستوري حيث لم يبطل قانون التمديد، لكن كل الحيثيات توحي بأن هذا القانون غير دستوري إنما في الفقرة الأخيرة تصبح الأمور <انما> و<لكن>.

ــ هل هناك فارق بين نظرتك هذه وبين من يقول ان المجلس غير دستوري، ولذلك لا يجب أن ينتخب رئيس الجمهورية وبالتالي لا بد من انتخابات نيابية تسبق الانتخابات الرئاسية؟

- من قال ذلك ليس مخطئاً، لكن لكي يكون مجلس النواب دستورياً أو شرعياً لا بد من انتخابات، وإذا جرت على أساس القانون الحالي فسيعود النواب أنفسهم، وإذا صدر قانون جديد فالمجلس ذاته هو من سيقره وهو الذي نطعن بشرعيته، وبالتالي نحن في دوامة وحلقة مفرغة، والموضوع يحتاج الى أكثر من تبسيط بهذا الشكل بحيث لا يخدم هذا التبسيط المرحلة اللاحقة إذا نضج الحل. وعلى كل حال فأنا أحبذ إجراء انتخابات نيابية أولاً لكن أعرف ان هذا الأمر يتطلب وقتاً طويلاً وربما أكثر من سنة، ولذلك فمن خلق هذه المشكلة هو المسؤول عن حلها وعليه أن يقدم أجوبة وبناء على ذلك نبني المقتضى.

ــ من هو؟

- الطبقة السياسية التي أخذت لبنان الى عنق الزجاجة، ولست هنا أعمم لأن بعض أهل هذه الطبقة لم يوافقوا على التمديد.

ــ البعض تحدث عن مسعى فرنسي ــ فاتيكاني لانتخاب رئيس لفترة انتقالية لسنتين أو لثلاث سنوات، فهل من معلومات بهذا الشأن وهل هذا وارد عند صقور الموارنة؟

- أظن ان هذا الموضوع مستبعد، وربما هناك محاولات لكسر الجمود، لكن ذلك لم يقترن بعد بأي آليات تطبيقية أو حتى تفاوضية. فالاقتراحات عديدة ربما من أصدقاء لبنان ومن يحاول إحداث خرق في جدار المراوحة، لكن لا أعتقد ان الفترة الانتقالية هي الحل. وهنا نسأل: من سيقبل بفترة انتقالية وما شكل هذه الفترة وكيف نواكبها دستورياً وهل عبر تعديل الدستور أم عبر حسن النيات؟! فالموضوع اشكالي أيضاً ولا أظن انه سيحل المشكلة.

ــ هل التعطيل الحكومي مرتبط الآن بمسألتين هما ملف التعيينات وأزمة النفايات أم ان الأمر أبعد من ذلك؟

- هذا تبسيط للأمور، أعتقد ان عرقلة عمل الحكومة أكبر بكثير من التعيينات ومن النفايات مع أهمية الملفين. فالموضوع يتعلق بعرقلة البلد بكامله وبأخذه الى حيث تصبح الأمور أصعب مما هي عليه اليوم.

 

سلام لن يستقيل

ــ وهل تعتقد ان الرئيس تمام سلام سيقدم استقالته؟

- لا أعتقد.. فالرئيس سلام رجل وطني صبور يعرف تركيبة البلد ولا أعتقد انه مغامر بالمعنى السلبي ليأخذ البلد الى علامة استفهام كبرى، فهو طبعاً في حالة من الاستياء الشديد تلامس اليأس ولكن لا يعني ان الاستقالة قد تكون الحل. وفي كل الأحوال ولو قدم استقالته فسيبقى الوضع ذاته لأن حكومته ستصبح حكومة تصريف أعمال كما الحال عليه اليوم، لأن أي حكومة لا تجتمع هي حكومة تصريف أعمال، وكذلك حكومة لا تتخذ قرارات هي عملياً حكومة تصريف أعمال، وبالتالي تداعيات استقالته ليست أصعب مما نعيشه اليوم.

ــ وماذا عن الجلسة التشريعية ومشاريع واقتراحات القوانين المطروحة وهي بالعشرات؟

- دستورياً واضح جداً ان المجلس النيابي الذي يجتمع لانتخاب رئيس للجمهورية لا يستطيع إلا أن يكون هيئة ناخبة وليس هيئة تشريعية، وبالتالي هناك مشكلة دستورية أساسية. وهناك مشكلة أخرى ترتبط بالتطبيع إذا صح التعبير وكأننا نطبع الواقع ونقول ان الأمور ماشية بدون رئيس رغم أنني أعرف ان هذه ليست نية الرئيس نبيه بري لا بل أراهن هنا على حسن النية، لكن في الوقت ذاته هل المطلوب تطبيع خلو سدة الرئاسة أم المطلوب الذهاب في اتجاه ما ينص عليه الدستور؟ فتشريع الضرورة هو في دولة الضرورة، والضرورة هنا لم تعد تقتصر على التشريع بل أصبحت ضرورة الدولة، إذ نحتاج الى دولة وليس فقط الى تشريع. وهذا التشريع ضروري تحت عنوان الاتفاقيات الدولية، ولكن هل هذا التشريع يكون بتخطي نص دستوري يقول بانتخاب رئيس للجمهورية؟! هذا برسم المعنيين.. ناهيك عن مسألة جدول الأعمال، فإذا تخطينا الموضوع المبدئي ولم ندخل الى التفاصيل، فهذا الجدول اشكالي، البعض يطالب بقانون انتخاب واستعادة الجنسية وبالتالي أعتقد ان الشياطين تكمن في التفاصيل التي تتعلق بجدول الأعمال.

ــ هل يمكن أن نسمي لبنان دولة فاشلة؟

- كل تعابير الدولة الفاشلة تنطبق على دولة لا تستطيع اجراء انتخابات دورية ولا تصدر موازنة من العام 2005، دولة يلفها الشغور في المؤسسات، دولة أمنها مهتز، ولا أتحدث عن الأمن العسكري بل عن الأمن الاجتماعي، وبالتالي كل هذه التعابير هي تعابير دولة فاشلة ولم يعد الأمر يقتصر على تشريع الضرورة أو غيره.