الاستحقاق الرئاسي عالق في عنق الزجاجة ولبنان يدخل بدءاً من بعد غد الأحد الشغور الرئاسي مع انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، بكل ما يحمله ذلك من تداعيات سياسية على مجمل الوضع الداخلي، في وقت فشل نواب الأمة في انتخاب رئيس جديد بسبب الانقسام الحاد بين القوى السياسية.. فماذا يقول المعنيون ومنهم من يطرح اسمه في بورصة الرئاسة بشكلٍ لافت، وهو المرشح الدائم والجاهز لهذه المسؤولية الوطنية؟!
<الأفكار> التقت وزير الاتصالات الشيخ النائب بطرس حرب داخل مركز الوزارة وسط بيروت، وحاورته في هذا البحر المتلاطم بالإضافة الى قصة تخفيض أسعار المكالمات في الهاتف الثابت والخلوي، وإعلانه اليوم الجمعة عن ذلك رسمياً، مع تخفيض أسعار المكالمات الدولية.
وسألناه بداية:
ــ الدولة تشكو من فقر الخزينة وتبحث عن موارد لتمويل سلسلة الرتب والرواتب، فيما وزارة الاتصالات تخفض أسعار المكالمات الهاتفية. ألا يعتبر ذلك تعارضاً وتناقضاً بين المسألتين؟
- لا تعارض و<لا من يحزنون>، ومن يقل هذا الكلام لم يطّلع على واقع وعالم الاتصالات، فأولاً إذا تحدثنا عن الأموال المحصلة والمباشرة، فيمكن أن يحدث انخفاض في نسبتها خلال الأشهر الأربعة الأولى، لكن بعد ذلك يعود الأمر الى طبيعته لأن عالم الاتصالات يتضمن خدمات عديدة، وكل الناس تدخل إليه من خلال أجهزة الخلوي أو الكمبيوتر، بعدما أصبحت هذه الأدوات من الحاجات اليومية الضرورية للمواطن، خاصة عند الجيل الجديد، ما يعني أن الحاجة تكبر أكثر لهذه المادة ووسيلة التواصل تحولت الى <الانترنت> ولم تعد عبر البريد، بالإضافة الى وسائل التواصل الاجتماعي، وقد أصبحت هناك قاعدتان ثابتتان في العالم هما الاقتصاد والإلكترونيات، ويشكل العالم الإلكتروني 10 بالمئة من مجموع الاقتصاد، وبالتالي إذا تطوّر هذا العالم بنسبة 10 بالمئة الى الأمام، فمعناه زيادة واحد بالمئة من الاقتصاد، وهذا إنجاز كبير ومساهمة غير مباشرة في رفد خزينة الدولة بالمال. أضف الى ذلك ان هذه وسيلة من وسائل مكافحة البطالة والهجرة عند الشباب، لأن كل وظيفة في هذا العالم الجديد تخلق وظائف في الاقتصاد، وهذه دراسات علمية وليست استنتاجات شخصية، وبالتالي هناك اهتمام بهذا العالم، لكن لبنان للأسف لا يزال متخلفاً، ما جعله في مراكز متأخرة في عالم الاتصالات رغم أن هذا يجب أن يكون هدفاً استراتيجياً للبنان، لأن الاتصالات أصبحت مثل الشرايين للاقتصاد، وإذا كانت الشرايين بصحة سليمة والدم يجري بسهولة، فهذا مفيد لكن إذا كانت معطوبة فلا بد من إعادة تجديدها، وهذا ما قمت به، وهو عبارة عن إعادة تجديد لشرايين الاقتصاد اللبناني وإدخال لبنان في عالم الغد، وإعادة إحياء صورة لبنان الرائدة في محيطه ودفعه ليصبح في مراتب متقدمة في عالم الاتصالات. أما خوف البعض فأفهمه لأن هذا الخوف مبني على ردة فعل طبيعية وليست على أساس دراسة علمية، والمال العام ليس ملكي والخزينة اللبنانية هي أحد اهتماماتي ولو كنت أعرف ان هذا التدبير يضر بالاقتصاد أو بمداخيل الدولة، لما كنت طرحته، لكن الفارق بيني وبين غيري هو اعتقادي انه إذا خسرتُ في المدى القريب فإنني أربح على المدى البعيد من خلال تنمية الاقتصاد.
ــ هل لديك إحصاءات عن نسبة الربح في المدى البعيد؟
- طبعاً، لكن لن أدخل في التفاصيل وأستبق المؤتمر الصحافي الذي سأعقده يوم الجمعة (اليوم) وأشرح فيه الموضوع بصورة علمية شاملة.
تحرير قطاع الاتصالات
ــ هل هي مقدمة لخصخصة القطاع؟
- لا.. فلا شيء اسمه خصخصة بل تحرير القطاع تنفيذاً للقانون رقم 431 الصادر عام 2002 والذي أنشأ الهيئة الناظمة للاتصالات وأنشأ شركة <تليكوم> لبنان، بحيث تتحول الوزارة الى هذه الهيئة وتلك الشركة، علماً ان الذين سبقوني في الوزارة لم يطبقوا هذا القانون بغية الحفاظ على صلاحياتهم الوزارية، لأنه عند تنفيذ هذا القانون، فصلاحيات الوزير تصغر لمصلحة الهيئة والشركة، وبالتالي كانت هناك أسباب سياسية وراء عدم الاستعجال في التنفيذ وإبقاء الحالة على ما هي عليه، وأنا أعتبر أن هذا الأمر ساهم في تأخير تطور القطاع وجعل الوزارة سياسية وليست وزارة تطور وحداثة، وأنا لست راغباً في المزيد من الصلاحيات، خاصة وأن هذه الصلاحيات تستعمل إجمالاً لغايات سياسية، بل اتخذت قراراً بتنمية هذا القطاع الذي يدر على الدولة أرباحاً هائلة على أن نكون في جانب آخر في خدمة الناس. ونحن جئنا لخدمة الناس وليس لخدمة السياسيين، وهذا القرار دفعني لطرح الموضوع أمام مجلس الوزراء والطلب منه التأكيد على تنفيذ القانون 431 والذي يتحدث أيضاً عن إنشاء شبكات جديدة بالإضافة الى الشبكة الوطنية.
ــ يقال إن التأخير مرده الى الخوف من الخصخصة. ما هو ردّك؟
- لا.. فالتأخير يهدف الى ضرب القطاع وإبقاء الحال على ما هو عليه، والوسيلة الوحيدة التي تدفع نحو الأمام هو إنشاء شركة <تيلكوم لبنان> للاتصالات، وأنا هنا أقول ان البعض الذين يقولون انه إذا لحق بعض الخسارة بالقطاع، تصبح قيمته أقل، إلا أنني أطمئنهم أن هناك توجهاً لإعطاء رخصتين جديدتين ولو بسعر أقل، لكن الحقيقة أننا إذا اطلقنا الخدمات الجديدة واستعملنا طاقاتنا، فإن الأرباح وقيمة القطاع سترتفعان، وإذا كانت تلزمه فترة ليعطي نتيجة أحسن ومداخيل أفضل، فسوف نؤخر التنفيذ لفترة، خاصة وان لدينا مدة سنتين لاستكمال التنفيذ، وبذلك نتجاوز احتمال التأخير في النمو.
ــ وهل سينسحب التخفيض على المكالمات الخارجية؟
- (ضحك وقال): <لم أترك شيئاً من شري>، كما يقال، وسأعلن يوم الجمعة عن تخفيض للمكالمات الخارجية.
الترشيح إعلان نيات
ــ نأتي الى الملف الرئاسي ونسألك: يتم التفتيش عن مرشح وفاقي غير العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع، فلماذا لم تتقدم أنت وتعلن ترشيحك؟
- الترشيح بحد ذاته هو إعلان نيات وموقف لكي يعرف الناس كيف ينظر المرشح الى الأمور، وهذا الأمر لست بحاجة إليه، لأن الناس يعرفونني منذ زمن بعيد، لاسيما وانني سياسي يومي ولدي أكثر من برنامج انتخابي، وحددت مواقفي من كل القضايا.. هذا أولاً، وثانياً فهناك احترام الناس وطبعاً الناس يعرفون إذا وصلت ماذا سأفعل، وثالثاً فالترشح أو عدم الترشح لا علاقة له بالنجاح أو عدمه، أو بالانتخاب أو عدم الانتخاب.. فكم رئيس انتخب على أساس ترشيحه؟ لا أحد. ولذلك سواء ترشحت أو لم أترشح فلن يتغير شيء في الأمر، وإذا كانت الظروف ستسمح بلقاء الادارات الوطنية وطبعاً الإدارات الإقليمية والدولية، على أن أكون رئيساً فيمكن ان يحصل ذلك بدون إعلان ترشيح، وبالتالي لست بحاجة لاعلان نبذة عن نفسي من خلال الترشيح، لأن هذه النبذة يعرفها كل الناس وممارستي تدل على مواقفي وسلوكي.
ــ لست مرشحاً ولكن اسمك وارد؟
- لم أرشح نفسي لكن الرأي العام يطرح اسمي باستمرار.
ــ وهل لديك الرغبة وسط هذه المعمعة الحاصلة؟
- المسألة ليست رغبة أو عدم رغبة، فالترشح للرئاسة لا يزيد جاه الشخص، لكن من يريد أن يصبح رئيساً عليه ان يعلم انه يقوم بخدمة عسكرية لمدة ست سنوات ويتحمل مسؤوليات في خدمة بلده. وأنا اتعاطى مع هذا الأمر من منطلق انني لا أتهرب مطلقاً من المسؤولية إذا قدر لي الوصول وتولي شرف الرئاسة لكن الأكيد لن أكون حزيناً على الصعيد الشخصي إذا لم تسمح الظروف لي بالوصول لأنني أخدم وطني في مواقع أخرى رغم أن الخدمة في الموقع الاول تستحوذ على كل الطاقة وأفضل من أن أكون وزيراً أو نائباً.
ــ كيف ترى المشهد بعد جلسة الخميس وهل نحن مقبلون على الفراغ الرئاسي أم يمكن انتخاب رئيس قبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان؟
- لا شك انه إذا لم ينتخب رئيس قبل انتهاء الولاية فسيكون هناك إرباك دستوري وسياسي. فأولاً يدخل البلد في أزمة سياسية. وثانياً يحدث خلل في تركيبة السلطة خاصة وان التمثيل المسيحي الماروني يتمثل في رئاسة الجمهورية والشغور في هذا المركز يخل بالتوازن القائم بين الطوائف الثلاث الكبرى، وهذا شيء يدل على وجود أزمة في البلد ويجعل المسيحيين قلقين على الدور المسيحي، خاصة بعد الظروف التي مرّ بها المسيحيون في الشرق الاوسط. وطبعاً هناك حالة استثنائية وإذا اعتبرنا ان غياب الرئيس يجب أن يكون له تأثير على الحياة السياسية في البلد انطلاقاً من وجود أزمة وطنية، فهذا يؤثر على دور المجلس النيابي ودور مجلس الوزراء وإلا كيف نوفق بين النظريات الدستورية وبين مصلحة البلاد، وبالتالي فالمطلوب ان نمارس حكمتنا ووعينا وإدراكنا، لئلا نسقط من ذهن الناس ان البلد لا يمكن أن يسير بلا رئيس للجمهورية، ومن ناحية لا يجوز القول ان الدنيا بألف خير، لأن هناك فريقاً يقاطع جلسات الانتخاب ويعطلها، لا بل يجب القول ان هناك مشكلة في البلد ويجب أن يشعر الناس ان هذا الغياب له تأثير على سير العمل في المؤسسات. ومن هذا المنطلق، يجب التعاطي والنظر الى الأمور والقول بصراحة ان هناك مشكلة وعلينا أن نحلها ولا نجمّد البلد ونخربه، ويبقى تأكيدنا بأن دور مجلس النواب الاول هو في انتخاب رئيس للجمهورية.
ــ هل ترى أن التمديد وارد بعد كونه افضل من الفراغ طالما ان التوافق على رئيس جديد مفقود؟
- في تقديري لا..
التعديل غير وارد
ــ وتعديل الدستور؟
- لا.. تعديل الدستور أصلاً يحصل مع وجود رئيس، لكن إذا انتهت ولاية الرئيس سليمان فلا يمكن التعديل وإذا عمد مجلس الوزراء الى التعديل بنفسه بعد حصول الفراغ، فهذا غير مستحب. وأنا اقول انه لا يجوز أن تجمد شؤون البلد في المطلق، لكن لا يجوز ان نتناسى أن هناك مشكلة في البلد، وأعتقد أن عمل مجلس الوزراء قد يكون مرتبطاً بالحاجات الضرورية وليس بالحاجات العادية.
ــ أي الحد الأدنى من تصريف أعمال الرئيس؟
- صحيح انه يتمتع بصلاحيات كافية حسب الدستور، لكن أتصور ان تعديل الدستور ليس مسألة سهلة لتحدث كيفما كان، ولذلك لا أرى ان مجلس الوزراء سيفعل ذلك.
ــ التعديل إذا حصل سيتم لصالح اثنين هما قائد الجيش العماد جان قهوجي أو حاكم مصرف لبنان رياض سلامة رغم ان الأخير يقول ان لديه دراسة دستورية لا يحتاج معها الى التعديل. فهل هذا الأمر وارد؟
- قول الدكتور رياض سلامة ان لديه دراسة تؤكد عدم حاجته الى التعديل الدستوري، شأن يتعلق برأيه وأنا أحترمه، لكن عندما وضع النص للمادة 49 من الدستور كنت احد الذين وضعوه، بالتعاون مع مجلس الخدمة المدنية آنذاك واعتمدنا مؤسستين أساسيتين هما: قيادة الجيش ومصرف لبنان، رغم ان النص يتطرق الى الفئة الأولى في إدارات الدولة والى المؤسسات العامة، وبالتالي فترشيحه يلزمه تعديل دستوري.
ــ هل ترى أن هناك رئيساً قبل الدخول في الفراغ؟
- آمل ذلك، لكن إذا بقيت الامور على ما هي عليه فالأمر مستبعد.
ــ وماذا عن نتائج اللقاءات الباريسية وهل وصلتك أصداؤها؟
- لا لم تصلني بعد..
ــ يقال ان الدكتور جعجع ذهب الى باريس ليحذر الرئيس سعد الحريري من تأييد العماد عون..
ابتسم وقال:
- اعتقدت انه ذهب ليقول انه يؤيد العماد عون..
النصاب الدستوري
ــ البعض طرح أن يكون نصاب أي جلسة انتخابية ما عدا الأولى أغلبية النواب وليس أغلبية الثلثين، كأحد نواب الطائف. كيف ترى ذلك؟
- رأيي معروف من زمن بعيد، وأقول ان الدستور لا يتحدث عن نصاب خاص لانتخاب الرئيس، بل هناك نصاب عام يتحدث عن النصاب القانوني لكل جلسة، والرئيس نبيه بري ومن يؤيد نظرته يقولون انه في الدورة الأولى يجب أن ينال المرشح الثلثين فهذا يعني انه يجب أن يكون هناك أكثرية الثلثين من الحضور، وطبعاً أنا لا أشارك هذا الرأي، فهذا الأمر محصور في الدورة الأولى، لكن لأنه حصلت سابقة وحصل تقليد سرت بالأولى وماشي الحال، إلا انه إذا انطلقنا من هذه الناحية ففي الدورة الثانية يلزمه النصف زائداً واحداً، فلماذا الإبقاء بالتالي على نصاب الثلثين؟!
ــ يقال إن المشترع وضع هذا الشرط كي لا يتفرد الجانب المسيحي أو المسلم وحده بانتخاب الرئيس خاصة وان أي فريق يشكل نصف النواب ويستطيع إقناع نائب مسيحي أو مسلم بالانضمام إليه فيبدو كأن نصف اللبنانيين فقط اختاروا الرئيس. أليست هذه ضمانة لمشاركة الجميع؟
- هذا سبب سياسي وليس سبباً دستورياً والمهم وجهة النظر التي تقول ان هذه ضمانة أكبر كي لا يستفرد أي فريق بالبلد ويفرض رئيساً وحده، لكن في المفهوم الدستوري البحت هناك جدل حول الموضوع، وطبعاً نتشاور مع الرئيس بري رغم الخلافات في وجهات النظر ونتجادل دستورياً وهو يقدم حجة في طرحه ويعتبره ضمانة للجميع مسيحيين ومسلمين، وهذا منطق أفهمه لكن وفق المبادئ الدستورية يبقى رأيي مختلفاً.
ــ طالما الأمر كذلك لماذا وافقت مكتب هيئة المجلس على هذا الطرح رغم أن أكثرية الهيئة من نواب 14 آذا ر؟
- لا أعرف إذا كانت الأمور طرحت بهذا الشكل، وصدرت هذه التوصية عن هيئة مكتب المجلس، وأرى أن الرئيس بري طرح الموضوع ولم تعارض هيئة المكتب. وهنا أقول إذا ترشح أحد ما من قوى 8 آذار ووافق النائب وليد جنبلاط معه بدون رأي الفريق الآخر، فهذا معناه أن هذا الفريق لم يشارك في الاختيار، ولذلك فإن لجماعة 14 آذار و8 آذار مصلحة في بعض الضمانات. والمشكلة هي أن هذا يعتبر عند أحدهم خسارة إذا كان من الممكن أن يربح او يشكل ضمانة عند الآخر اذا كان من الممكن ان يخسر، ولذلك فالمسألة نسبية حسب الموقف المتعلق بالمرشح.
ــ شعار <صُنع في لبنان> مطروح بقوة لأن الرؤساء لم يصنعوا في لبنان حتى الرئيس سليمان فرنجية الذي ساهم المرحوم كمال جنبلاط في فوزه بعد كلمة سر سوفياتية على اثر فضيحة طائرة <الميراج>، وكذلك الرئيس شارل حلو الذي أتى بتوافق بين فؤاد شهاب وجمال عبد الناصر، في وقت يقول كل السفراء اليوم ان لا علاقة لهم وهذا شأن لبناني بحت. فماذا يقول الشيخ بطرس حرب؟
- لا توجد دولة في العالم تعيش بمعزل عما يحيط بها او عن تضارب مصالح الدول، خاصة دولة مثل لبنان، ولكن الفارق بين المسألتين هو ان واجب اللبنانيين أن يختاروا بين أن يتخذوا قرارهم كلبنانيين بشكل مستقلّ على أن يأخذوا بعين الاعتبار مصالح لبنان، لكن أن تتقدم مصالح الدول على المصالح اللبنانية وتفرض على لبنان الرئيس الذي تريده، فهذا لا يمكن القبول به.. وطبعاً أنا من الرأي الأول أي أنه يجب أن نأخذ في الاعتبار الحالة في سوريا ومصر والسعودية وغيرها، والصراع الايراني - السعودي الخ، ولا يمكن التنكّر لذلك. لكن في النهاية يجب أن نأخذ مصالح بلدنا أولاً وألا يفرض علينا رئيس، ونعمد كنواب الى البصم فقط. فهذا خطأ لا بد أن نحاسب عليه، ولذلك نعيب على الآخرين مقاطعتهم الجلسات بانتظار التطورات.
ــ يرد الفريق الآخر ويقول ان المقاطعة نتيجة السير بمرشح تحدٍ ولا يمكن القبول بها. أليس هذا الأمر من حقهم؟
- هذه مزحة وتسلية لا أكثر..
ــ يقال أيضاً ان الظروف الحالية تحتم الانتهاء من الانتخابات السورية حتى يتبلور المشهد السوري ويبنى على الشيء مقتضاه في لبنان. فما رأيك هنا؟
- ما المانع أن ينتخب رئيس للبنان وبعدها ينتخب رئيس لسوريا لاسيما وان نتائج الانتخابات السورية معروفة سلفاً. والسؤال المطروح هو: ماذا سيفعل الرئيس بشار الأسد بعد فوزه إزاء العالم كله، وهل سيعترف به هذا العالم أم لا؟ فهذا أمر يقوي أو يضعف النظام. والدور السوري في الانتخابات اللبنانية أصبح ضئيلاً واستبدل بالدور الإيراني، وهذه هي الحقيقة وفق المعادلة الدولية وسوريا تستدعي تدخّل حزب الله وإيران وشيعة العراق، ضد ما يسمى الهجمة السنية وضد بعض المجموعات المتطرفة التي أضرت بثورة الشعب السوري ضد النظام وألحقت أبلغ الضرر بالحركة الشعبية والتي سمحت لبشار الأسد أن يدل على هذه المجموعات ويقول إنه أفضل منها. وهنا نتساءل عما إذا كان هؤلاء أتوا لإسقاط بشار الأسد أو لمساعدته؟! فهذا سؤال كبير ومطروح.
كلام صفوي الإيراني صحيح
ــ طرح تصريح مستشار المرشد الإيراني اللواء يحيى صفوي عندما قال ان حدود ايران تصل الى لبنان على بساط البحث في جلسة مجلس الوزراء السابقة. فكيف كان توضيح وزير الخارجية جبران باسيل؟
- أثار فخامة الرئيس سليمان هذا الموضوع وطلب من وزير الخارجية جبران باسيل استدعاء السفير الإيراني <غضنفر ركن آبادي> لاستيضاحه حول تصريح صفوي إلا أن باسيل أبلغ الرئيس سليمان انه استوضح الأمر من السفير اللبناني في ايران فادي الحاج علي، وأكد ان هذا التصريح غير صحيح ولم يرد على لسان صفوي، لكن تبين فيما بعد أن هذا الكلام صحيح وان النسخة الأساسية تتضمن ما قاله صفوي، وسحب فيما بعد كي لا يثير أي إشكالات. وبالتالي حصل خطأ في التعاطي مع الموضوع، وإذا كان طرف في مجلس الوزراء لا يريد المواجهة مع ايران، فلا أحد من اللبنانيين يريد ذلك حتى نحن في 14 آذار، بل بالعكس، لكن لا بد من وضع حدود لهذه القضية ولا نقبل أن يقول مسؤول ايراني هذا الكلام، وكأن لبنان مستعمرة ايرانية. وأعتقد ان هذا الأمر يجب التدقيق في مضمونه وإسداء نوع من النصيحة للإيرانيين بهذا الخصوص، لأننا نتعاطى مع ايران من موقع الأصدقاء على ألا تتكرر مثل هذه التصريحات.
ــ شكلت حكومة بين قوى 8 و14 آذار والوسطيين بعدما كنتم تشترطون خروج حزب الله من سوريا. أليس هذا معناه ان الحكومة كلها متورطة طالما أن هذا الفريق لا يزال هناك وهو متمثل في الحكومة؟
- بالطبع علينا ألا ننسى الظروف التي شُكّلت فيها الحكومة لإنقاذ البلد. وكانت هناك تسوية في تقديري على حساب الوضوح، وأعتقد أن حزب الله يقاتل في سوريا ولديه وزيران ولكنه لا يعبر عن سياسة الحكومة في هذا الموضوع.
ــ أخيراً نسألك عن الشخصية التي تتأثر بها وتتخذها مثالاً لك. فما هي؟
- لا يوجد مثال واحد بل هناك مجموعة صفات لا يمكن حصرها في شخص واحد. فأنا معجب مثلاً بشارل ديغول، لكن لم يكن كامل الأوصاف ولديه صفات جيدة وصفات غير جيدة، و<ونستون تشرشل> كان عظيماً وفذاً وتاريخياً، وهناك <نلسون مانديلا> و<المهاتما غاندي> وغيرهم بحيث ان كل شخصية تتحكم بالظروف وتتصف بخصائص معينة، ومن الممكن أن هذه الصفات لا تفيد في ظرف آخر.