تفاصيل الخبر

وزير الاقتصاد والتجارة منصور بطيش بكل موضوعية: لا يجوز التهويل على الناس وعلينا مواجهة المشاكل بكل جرأة ولدينا القدرة على ذلك!

04/10/2019
وزير الاقتصاد والتجارة منصور بطيش بكل موضوعية: لا يجوز التهويل على الناس وعلينا مواجهة  المشاكل بكل جرأة ولدينا القدرة على ذلك!

وزير الاقتصاد والتجارة منصور بطيش بكل موضوعية: لا يجوز التهويل على الناس وعلينا مواجهة المشاكل بكل جرأة ولدينا القدرة على ذلك!

 

بقلم حسين حمية

شهد الأسبوع الماضي تحركات شعبية متنقلة بين منطقة وأخرى، حيث نزل المعتصمون الى الشوارع لاسيما في وسط بيروت وحاولوا اقتحام السراي الحكومي بعدما سبق أن أعلنت محطات الوقود الاضراب ليوم واحد، وكل ذلك احتجاجاً على الضائقة الاقتصادية والمالية وفقدان السيولة بالدولار وارتباط البضائع بالسعر السائد في السوق السوداء. فهل نحن أمام أزمة مفتوحة أم ان الاصلاح المالي والاقتصادي ممكن وهو كفيل بامتصاص النقمة الشعبية ووقف كل أشكال الاحتجاجات هذا ان لم تكن مفتعلة وتهدف الى عرقلة العهد كما أوحى بعض أهل الحكم؟!

<الأفكار> التقت وزير الاقتصاد والتجارة منصور بطيش داخل مكتبه في الوزارة في اللعازارية وسط بيروت وحاورته في هذا الخضم، بالإضافة الى شؤون الوضع الداخلي وحصاد وزارته خلال الأشهر السبعة من عمرها لاسيما ما يتعلق بحماية المستهلك. وسألناه بداية:

ــ ما الذي جرى في الشارع في الأسبوع الماضي وهل هي نقمة عفوية على تدهور الوضع المالي والاقتصادي وثورة رغيف كما قيل أم هي مؤامرة لاستهداف العهد لاسيما وان الشعارات التي رفعت خلال الاعتصامات المتنقلة دعت الى رحيل العهد واستقالة الحكومة؟

- من واجب المواطنين معرفة ان هناك مشكلة اقتصادية تراكمت عبر السنوات منذ أوائل التسعينات، ونحن بنينا اقتصاداً ريعياً يقوم على الفوائد وتجارة العقارات وقطاع البناء ــ وهو مهم وضروري ونحن حريصون عليه ــ لكن كان يجب التركيز أكثر على قطاعات الانتاج، فلبنان بلد منتج وكان بلد خدمات، وفي هذه المرحلة ضعف الانتاج وحصل قصور فيه والخدمات تراجعت، علاوة علىان النزوح السوري ترك تأثيره وفاقم الأزمة. فكل هذه الأمور مجتمعة ساهمت في تراجع الوضع المالي والاقتصادي ووصلنا الى مرحلة يعتبر البعض فيها اننا لا نزال نستطيع القيام بمعالجات طفيفة، لكن نحن نقول ان الاصلاحات الأساسية ضرورية جداً، وهي اصلاحات تتعلق ببنية المالية العامة من جهة، واصلاحات في بنية الاقتصاد من جهة أخرى حتى نحفز الاقتصاد بحيث تسير هذه الاصلاحات بالتوازي. ونحن بدأنا هذه الاصلاحات من خلال الموازنة عام 2019 وبإنجاز خطة الكهرباء وهي من الضروري أن تسير بالتوازي مع موازنة 2020 ومع الاصلاحات على مستوى الدولة، بالإضافة الى الادارات والمؤسسات بحيث تكون لدينا الجرأة لمعالجة كل هذه الأمور والبحث فيها وايجاد كل الحلول لها، لا أن يكون لكل طرف نوع من المحمية.

عمل اللجنة الوزارية للاصلاح المالي والاقتصادي!

 

ــ معاليك عضو في اللجنة الوزارية للاصلاح المالي والاقتصادي وحصل بحث حول اقتراحات منها زيادة الحسومات التقاعدية وتجميد زيادة الرواتب وزيادة الـ<TVA> وفرض رسوم على الدخان والبنزين، لكن هذه الاجراءات تشعل ثورة لأن البعض يرفضها. فماذا تقول هنا؟

- لا.. لم يتحدث أحد عن زيادة سعر البنزين، بل هناك أفكار تناقش وتوضع حدود دنيا وحدود قصوى لسعر البنزين وهذه أفكار للمناقشة، ونحن نبحث بعمق في الاصلاحات الحقيقية، وهناك أفرقاء على الطاولة يفضلون أن تكون هناك آلية للمناقشة وكل شيء خاضع للنقاش ولم تصدر قرارات نهائية.

ــ وهل تتوخى ان تصل اللجنة الى نتائج ايجابية لمعالجة الوضع المالي والاقتصادي بشكل جذري؟

- نحن نجد ايجابية من كل الأفرقاء ونأمل أن تترجم هذه الايجابية بمعالجات جدية، وصراحة لا نجد أي سلبية من أي فريق والكل يتحسسون بالمسؤولية ونحن نتعاطى مع هذا الموضوع بايجابية ولكن رغم ذلك كل فريق يتعاطى بمقاربة خاصة به وهذه ليست مشكلة بل المهم أن نصل الى نتيجة.

ــ نعود ونسألك: هل التحركات في الشارع عملية عفوية أم تهدف لعرقة العهد واحباطه؟

- يمكن وجود أناس يهمهم ألا ينجح العهد لأنه عهد اصلاحي ونحن سنذهب الى النهاية بالاصلاحات الجدية، ونأمل عدم وجود أحد يفكر بهذه الطريقة لعرقلة العهد والقول انه ليس العهد القوي بل نرى ان العهد مصمم للقيام باصلاحات بنيوية في الاقتصاد بعدما نجح في فرض الأمن واستتبابه، حيث والحمد لله ان الأمن مستتب وجيد، وبعدما نجح باتخاذ قرارات جريئة على مستوى القضاء وتعيين قضاة على عدة مستويات من أكفأ وأنزه القضاة، وهو حالياً ينصرف الى المعالجة الاقتصادية. ونحن لن نقبل بأن تكون المعالجة شكلية بل يجب أن تكون المعالجات في العمق حتى يعود الاقتصاد ويستنهض وينشط ويجد الناس فرص عمل.

ــ هل المعالجة ستكون ترجمة للقاء الاقتصادي والمالي الذي عقد في القصر الجمهوري؟

- صحيح، فالترجمة العملية من وجهة نظرنا تكون بتنفيذ الورقة الاقتصادية التي طرحت في لقاء بعبدا في 2 أيلول (سبتمبر) الماضي لأنها ورقة تشمل خبراء من مختلف الأفرقاء وهي نوعاً توافقية، ونحن نتمنى أن توضع على الطاولة بكل جدية، وللحقيقة بدأ الحديث عنها وستتم معالجة الموضوع المالي والاقتصادي والخلل في ميزان المدفوعات والحسابات الخارجية وفي موضوع الحماية الاجتماعية، وطبعاً نحن كتكتل سياسي لدينا ورقة وضعت على الطاولة وأي ورقة مطروحة نحن على استعداد للبحث فيها بكل انفتاح وايجابية.

ــ بالأمس استدعى فخامة الرئيس ميشال عون حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سليم صفير. فهل المعالجة بدأت عملياً خاصة بعدما صدر تعميم من مصرف لبنان لتنظيم عملية تأمين السيولة بالدولار في السوق أم ان أزمة الدولار لها أسبابها وخلفياتها؟

- هناك شقان لأزمة الدولار، شق قديم ونحن نضع رؤوسنا في الرمل أمامه وهو شق العجز في الميزان التجاري بحيث ان البلد يستورد بـ20 مليار دولار ويصدر بقيمة 3 مليار ونصف المليار دولار فقط ولديه عجز ما يقارب 16 مليار و65 مليون دولار، وبالتالي لديه مشكلة في الانتاج، وهذا الشق الأول من الأزمة، فيما الشق الثاني يتعلق بحالات التخويف التي سادت في المرحلة الماضية وخلقت بلبلة لدى الناس فأصبح الكثيرون يستبدلون أموالهم بالدولار وآخرون بدأوا بسحب أرصدتهم بالدولار وما الى ذلك، وهذه الحالة غير مقبولة ويجب أن يعرف المواطنون اننا في مرحلة أزمة نتحدث عنها طوال عمرنا وطرحنا المعالجات على الطاولة ووضعنا بنوداً مكتوبة والواجب أن نعمد الى التنفيذ بدون أي تأخير كما قال رئيس المجلس نبيه بري أن تكون هناك حالة طوارئ اقتصادية، وتعالج كل الأمور بكل جدية، وآنذاك عدم الثقة الموجودة لدى الناس تزول وتعود الأمور الى مداها الطبيعي.

ــ هل صحيح ان تهريب العملة الى الجوار يساهم في الأزمة أم ان هذا تضخيم لما حصل؟

- اللبنانيون هم الذين يسحبون أموالهم ويجمدونها بالدولار، وبالنسبة للتهريب فلأول مرة منذ 1943 حتى اليوم والجيش اللبناني ينتشر على طول الحدود الشمالية والشرقية والدولة جدية بمعالجة التهريب عبر الحدود البرية وعبر المرافق الشرعية لاسيما في بيروت وطرابلس، والأجهزة الأمنية كلفت تنفيذ هذا القرار وضبط الحدود.

ــ أقصد تهريب عملة الدولار لاستبدالها في سوريا بسعر عال كما يدعي البعض؟

- كيف ذلك؟ لا أفهم كيف يوجه هذا الاتهام وعلى أي أساس بني ذلك؟ فالاتهام سهل.

ــ والحل؟

- اعتماد الورقة الاقتصادية بشكل متكامل، بحيث نستعجل فوراً بإنجاز موازنة 2020 وانجاز الاصلاحات التي ترافق الموازنة بالتزامن مع انجاز خطة الكهرباء التي أقرت، لكن من الضروري اليوم اطلاق المناقصات، ونحن لا يمكن أن ننجز موازنة جدية إلا اذا أطلقت المناقصات في موضوع الكهرباء لإنجاز واقفال هذا الملف بأقرب وقت ممكن.

موازنة 2020 والضريبة!

ــ وماذا عن موازنة 2020 وبما تختلف عن موازنة 2019؟

- موازنة 2019 تضمنت عدة اصلاحات وخففت العجز من 11,1 الى 7,6  واتخذت عدة اجراءات لحماية المنتجات الوطنية ضمن الموازنة وهذا اجراء تتخذه وزارة الاقتصاد لأول مرة ووافق عليه مجلس الوزراء وسيبدأ تنفيذه لأنه صدر في الجريدة الرسمية يوم الخميس الماضي، وهذه حلول أساسية وجرى مسح للمؤسسات غير الشرعية والبدء بمكافحة التهرب الضريبي وان تقوم البلديات بواجبها في هذا الإطار، إضافة الى اجراءات أخرى، فيما موازنة 2020 هي استكمال للموازنة السابقة في عدة بنود، ونحن في طور البحث ومطلبنا أن ينخفض العجز الى ما دون الـ7 بالمئة.

ــ وهل من ضرائب مباشرة ستتضمنها الموازنة؟

- الأمر حتى الآن غير مطروح، لكن نحن كفريق سياسي نطالب بإعادة النظر بالنظام الضريبي واصلاحه ليصبح أكثر كفاءة وعدالة ولا يمس الفقراء وذوي الدخل المحدود.

ــ تعني ضريبة تصاعدية؟

- صحيح نحن نطالب بالضريبة التصاعدية والصحن الموحد، بمعنى أن تكون كل المداخيل خاضعة للضريبة بشكل واضح ودفعة واحدة وليس بتقسيم الضريبة حسب كل ملف. إذ نطالب بأن يكون لدينا نظام ضريبي حديث ومنصف وعادل وكفوء شرط ألا يمس الطبقات الفقيرة.

ــ البعض يتحدث عن ثورة جياع ورغيف. فهل تتخوف من المستقبل؟

- لماذا هذا الحديث وما الذي تغير؟! لماذا هذا التهويل على الناس؟ علينا واجب معالجة مشاكلنا، وعندما تبدأ المعالجة فالبلد لديه مقومات الحياة وإعادة النهوض بكل المبادئ لكن لا بد أن نملك الجرأة لمواجهة كل المشاكل والتحديات وألا نهمل المعالجة تماماً كما حال المريض الذي يترك نفسه ويتعرض لاشتراكات ويموت. فنحن في وضع دقيق وعلينا أن نتحمل مسؤوليتنا ونبدأ بالمعالجات ولدينا القدرة على ذلك.

ــ وزارة الاقتصاد تنشط على خط سلامة الغذاء ومراقبة الأسعار واقفال المحال غير الشرعية. فما الذي حققتموه خلال الأشهر السبعة من عمر الوزارة؟

- نحن قمنا بحوالى 24 ألف كشف أو 60 بالمئة من موضوع سلامة الغذاء لناحية الأسعار ولناحية الجودة، وهذا أمر أساسي في الوزارة ضمن إطار مصلحة حماية المستهلك والتي يعد هذا الموضوع من أهم مهامها، إضافة الى متابعة موضوع المولدات الكهربائية لكي يكون السعر عادلاً للناس ومنصفاً ولا يكون هناك أصحاب مولدات يضعون أرقاماً غير مقبولة بل نريد منهم وضع العدادات حتى نخفف الكلفة عن المواطنين.

ــ والمحال غير الشرعية؟

- صدر قرار في مجلس الوزراء ونحن ضمن الامكانيات المتاحة نعمل على تنفيذ هذا القرار الصادر في 23 نيسان (ابريل) الماضي ويتضمن اقفال المحلات غير الشرعية التي لا تستوفي الشروط المطلوبة ونتخذ الاجراءات بحقها وفق القانون.

ــ وهل الكادر البشري جاهز لمواكبة ذلك أم تعانون نقصاً في العديد وفي الموازنة أيضاً؟

- لسوء الحظ فالكادر البشري عدده محدود والموازنة محدودة لكننا نعمل ضمن الامكانات المتاحة ونتعاون مع الجامعات بدءاً من الجامعة الاسلامية، اللبنانية، اللبنانية الأميركية، جامعة بيروت العربية واللويزة ونحث الشباب اللبناني على المشاركة حتى يتعرفوا على السوق وما يوجد في البلد ويساعدونا وهم يشاركون في المسؤولية المدنية كمجتمع مدني حقيقي وينزلوا مع المراقبين في جولاتهم.

ــ متفائل أو متخوف من المستقبل؟

- أنا بطبعي متفائل والقول المأثور يقول: <تفاءل بالخير تجده>.. وأنا متفائل لأن اللبنانيين لديهم القدرة الفكرية والمادية لأن يحلوا مشاكلهم ونحن وقت الأزمات تزيد قدرتنا على معالجة هذه الأزمات، ونأمل معالجة كل مشاكلنا.