بقلم طوني بشارة
في ظل الاوضاع الراهنة، باتت المعارض الدولية اهم منصة للإطلالة على المجتمع الدولي والاسواق العالمية. فلبنان عن طريق وزارة الاقتصاد حمل أفكاره وتراثه وتجربته وسعى ليتبادل مع مشاركين من 145 دولة خبراته المحلية في ظل معرض يتناول موضوع الغذاء الصحي والمجاعة في العالم، معرض سيستضيف طوال ستة أشهر ما يقارب العشرين مليون زائر، مما يعني انه في حال تمت المشاركة بشكل جيد سيكون لبنان امام سوق عالمية شاسعة ومزيد من المستهلكين الذين سنصدر اليهم منتجاتنا.
ولكن كيف تمت المشاركة في هذا المعرض؟ وما أهمية معرض <ميلانو>؟ وهل شارك القطاع الخاص بـ<ميلانو>؟
أسئلة عديدة للاجابة عنها قابلت <الافكار> وزير الاقتصاد آلان حكيم ونقيب أصحاب الصناعات الغذائية جورج نصراوي.
حكيم اعتبر ان الصناعات الغذائية هي من الارقى والاضمن عالمياً وعلى الرغم من حملة سلامة الغذاء والفضائح التي حصلت في الآونة الاخيرة، إلا ان عددها كان محدوداً وهو لا يعكس واقع السلامة الغذائية اللبنانية .
ويتابع حكيم: من هذا المنطلق ومن أجل طمأنة المواطن اللبناني، قامت وزارة الاقتصاد والتجارة ولا تزال بالكثير من خلال وحدة الجودة بدعم أوروبي بتأمين الدعم المكثف والاستشارات لتقوية القدرات والبنية التحتية لإدارة الجودة في لبنان. ويسعى برنامج الجودة من خلال تحسين وتطوير المهام الرئيسية التابعة لتقييم المطابقة وبنيتها التحتية الى مقاربة الممارسات اللبنانية مع القواعد الأوروبية في مجالات المواصفات والاختبار وشهادات المصادقة والتفتيش ومراقبة الاسواق وذلك لاننا نؤمن بأن المنتج اللبناني الجيد هو ثمرة الآلية المتينة التي يعمد برنامج الجودة الى تحسينها والتأكد من مواءمتها للمواصفات الواجب اتباعها، وعليه فإن الدعم المقدم من برنامج الجودة يساهم في تطوير مقاربة الصناعيين المحليين للجودة بهدف تحسين جودة وسلامة منتجاتهم من أجل المستهلكين ولتشجيع فرص تصدير البضائع اللبنانية.
ويستطرد حكيم: بكل صدق وموضوعية، نحن نعترف ان موادنا الغذائية هي من الاكثر أماناً في العالم الا انها بحاجة ولناحية الحجم الى استثمارات من أجل الارتقاء بها، فهدفنا في الوزارة هو العمل على زيادة الاستثمارات واستغلال الفرص المتاحة في هذا المجال لأن اية فرصة غير مستغلة تعد خسارة في الاقتصاد.
عن معرض <ميلانو> الدولي وعدد المشاركين فيه يوضح حكيم: <ان معرض <ميلانو> الدولي لعام 2015 هو بوابة عريضة يطل منها المطبخ اللبناني على العالم وصناعاتنا الغذائية على أهم محفل دولي، حيث سيتم استعراض غذاء العالم ومطابخه على طاولة واحدة مساحتها تزيد عن مليون ومئة ألف متر مربع، وأمام لجنة حكام مؤلفة من أكثر من 20 مليون زائر، وعلى سبيل اعطاء فكرة عن حجم هذا المعرض من المتوقع ان يزوره أكثر من 20 مليون زائر من أقطار العالم كافة، علماً انه يضم 131 دولة واكثر من 30 منطقة دولية>.
في ما يتعلق بفكرة المشاركة والدافع الاساسي لها يشير حكيم:
- أطلقنا مشاركة لبنان بحدث عالمي مهم جداً وهو معرض <ميلانو> الدولي لعام 2015 اذ تشكل المعارض الدولية اهم منصة للإطلالة على المجتمع الدولي والأسواق العالمية، وتسمح للزائر ان يختبر ما يشتريه ويعطي المجال للمنتج ان يتلقى تفاعل الزبائن تجاه منتجاته مباشرة. وقد شددت وزارة الاقتصاد والتجارة على تفعيل وتطوير هذا المجال إن على الصعيد الداخلي او من خلال المشاركة في المعارض الدولية بالتعاون مع هيئات القطاع الخاص والإدارات والمؤسسات العامة والمهنية في لبنان، والبرنامج الذي وضع لمشاركة لبنان في معرض <ميلانو> تعدى المطبخ اللبناني ليشمل تأثيره وانعكاساته على الفن اللبناني والحضارة والثقافة والمجتمع.
فرصة ذهبية
ويتابع حكيم: <يشكل معرض <ميلانو> الدولي لعام 2015 فرصة لتعزيز صورة لبنان وثقافته وحضارته وسياحته ومطاعمه وصناعاته، وأؤكد على ان هذا البلد الصغير وشعبه الخلاق هو جزء فاعل من المجتمع الدولي، وينافسه في مجال الذوق والفن والحضارة والابتكار، وبالتالي فإن مشاركة لبنان في هذا المعرض هي مرحلة جديدة من النهوض، فهذا المعرض يشكل مجالاً للقاءات عالمية مما يعني خلق وتأسيس علاقات ثنائية بين الشركات اللبنانية والعالمية، وفرصة لإثبات حضور لبنان وتفاعله مع النشاطات العالمية، على الصعد كافة>.
بالنسبة للصناعات اللبنانية التي يمكن المشاركة فيها في معرض <ميلانو>، ينوّه حكيم: ان المطبخ اللبناني هو أحد أبرز النجاحات اللبنانية، ويعتبر من أبرز وسائل التواصل الاجتماعي في مجتمعنا، وهو بالتالي يعتبر سفيراً لثقافة لبنان وحضارته في معرض <ميلانو> الدولي، وعليه فإن الصناعات الغذائية كافة مدعوة للمشاركة ولحضور فاعل في هذا الحدث بالتنسيق مع الوزارة وبدعم منها.
ولكن ما الجدوى الاقتصادية للمشاركة؟ وهل ستلاقي الصناعات اللبنانية إقبالاً على شرائها في معرض <ميلانو>؟
- تتجسد اهمية المشاركة في معرض <ميلانو> بثلاث نقاط:
أولاً: التعرض للسوق العالمي حيث انه من المتوقع ان يفوق عدد الزائرين 20 مليون زائر من مختلف البلدان.
ثانيا: الدعم المتمثل بحضور العديد من الشخصيات السياسية الاجنبية كرئيس الـ<SENA> والسفير الفرنسي في ايطاليا وغيرهما.
ثالثاً: الفرص المتأتية من العديد من المنظمات الدولية والبلدان والمقاطعات الايطالية التي تعرض على لبنان الفرص للتعاون المتبادل.
اما بالنسبة للإقبال على شراء الصناعات، فلا بد من التنويه بأن استراتيجية وزارة الاقتصاد والتجارة تقوم على تسويق المطبخ اللبناني والمأكولات اللبنانية بشكل عام والتي سيتأتى عنها طلب على المنتوجات اللبنانية وإقبال على الصناعات الغذائية اللبنانية نظراً لارتباط تجربة الزائر للمطبخ اللبناني بهذه الصناعات.
نصراوي والخط الأحمر
وبدوره نقيب اصحاب الصناعات الغذائية ونائب رئيس جمعية الصناعيين جورج نصراوي ألمح الى ان القطاع الصناعي للأسف يمر بمرحلة الخط الاحمر، ووضعه خطر جداً وأسباب ذلك عائدة بالدرجة الاولى الى كلفة الإنتاج التي تعتبر عالية في لبنان، فأكلاف الإنتاج لدى الدول المجاورة أقل مما هي عليه في لبنان، كما ان الدول المجاورة تدعم صناعاتها بينما في لبنان نلاحظ وجود بعد كبير بين سياسة الدولة والقطاع الإنتاجي مما أدى حكماً الى عوائق بطريق نمو الصناعة في لبنان.
وعن الوضع الحالي للصناعات الغذائية وأنواعها و كيفية تصديرها يشرح نصراوي:
- ان العديد من الصناعات الغذائية في لبنان للأسف في طريق الزوال، والقطاعات التي تأثرت اكثر من غيرها في ظل الاوضاع الراهنة هي القطاعات المرتبطة بالزراعة بسبب الكلفة المرتفعة، علماً ان الصناعات الغذائية تصدر الى كل دول العالم، لاسيما تلك الدول التي تضم مغتربين لبنانيين او عرباً، فعن طريقهم ومن خلالهم دخلت صناعاتنا الغذائية الى الاسواق الاجنبية.
ويتابع نصراوي: اما بالنسبة للمنافسة على صناعاتنا الغذائية فلا بد من الإشارة الى ان المنافسة على الصناعات الغذائية اللبنانية التقليدية (كالطحينة والحلاوة والحمص والباذنجان المتبل والزعتر والسماق...) ضعيفة جداً.
وفي ما يتعلق بمعرض <ميلانو> ومشاركة النقابة فيه يقول نصراوي: تم الاتصال بنا كجمعية صناعيين وكنقابة اصحاب الصناعات الغذائية من قبل المسؤولة عن المشاركة لدى وزارة الاقتصاد وذلك للتنسيق معهم للإنجاح الجناح اللبناني في معرض <ميلانو>، ومن المتعارف عليه انه في معارض مماثلة تصرف الدولة او تخصص مبالغ للمساعدة في تصريف منتجاتها، ولكن للأسف في لبنان الدولة شاركت وطلبت منا كقطاع خاص دعم وزارة الاقتصاد، وهي اي الدولة ووزارة الاقتصاد على علم ويقين بأننا كقطاع نحتاج لمن يدعمنا.
وبالنسبة لأهمية معرض <ميلانو> يشدد نصراوي: ان معرض <ميلانو> معرض عالمي تشارك فيه كل الدول، وهو معرض حضارات العالم، كل دولة تتبنى نموذجاً معيناً يمثل عاداتها وتقاليدها وتعرضه في جناح خاص بها لدى معرض <ميلانو>، ولبنان اعتمد نموذج المطبخ اللبناني. وهنا لا بد من الإشارة الى ان فرص التسويق للمطبخ اللبناني متوافرة وبكثرة لدى معرض عالمي كهذا المعرض، ولكن الوزارة للأسف لم تخصص اي دعم لانجاح المشاركة اللبنانية، وقد حاولت بحكم موقعي التشاور مع الوزارة واجتمعت مع المديرة العامة عليا عباس للتنسيق بهدف دعم المشاركة ولكن لم نحظى بأي دعم حتى تاريخه مما ادى الى مشاركتنا بشكل افرادي.