تفاصيل الخبر

وزير العمل سجعان قزي يقارب الملفات المطروحة بكل صراحة: وجــود الـحـكومـــة هــو الـمـهـــم  ولـــيـس إنـتـاجـيـتـــها لأنـهـــا الـضـــامـن الـوحـيـــد الـبـاقـــي للـشـرعـيـــة!  

12/08/2016
وزير العمل سجعان قزي يقارب الملفات المطروحة بكل صراحة: وجــود الـحـكومـــة هــو الـمـهـــم  ولـــيـس إنـتـاجـيـتـــها  لأنـهـــا الـضـــامـن الـوحـيـــد الـبـاقـــي للـشـرعـيـــة!   

وزير العمل سجعان قزي يقارب الملفات المطروحة بكل صراحة: وجــود الـحـكومـــة هــو الـمـهـــم  ولـــيـس إنـتـاجـيـتـــها لأنـهـــا الـضـــامـن الـوحـيـــد الـبـاقـــي للـشـرعـيـــة!  

بقلم حسين حمية

9-(2)-----1 

أحدث إعلان وزير العمل سجعان القزي بضرورة رفع الحد الأدنى للأجور في الوقت المناسب ردة فعل متناقضة، إذ رحّب الاتحاد العمالي العام بالأمر، فيما حذّرت الهيئات الاقتصادية في لبنان بلسان رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس من التداعيات لجهة تسريح العمال ورفع نسبة البطالة. فماذا يقول الوزير المعني ومتى يجب رفع الحد الأدنى للأجور من 675 ألف ليرة الى مليون و200 ألف ليرة، كما قال أو الى مليون و500 ألف ليرة كما يُطالب الاتحاد العمالي العام؟!

<الأفكار> التقت الوزير سجعان القزي داخل مكتبه الوزاري في بناية <اللعازارية> وسط بيروت وحاورته في هذا الخضم، بالإضافة الى الشق السياسي لاسيما الاستحقاق الرئاسي والشأن الحكومي واستقالته من حزب الكتائب بدءاً من السؤال:

ــ هل <فتى الكتائب الأغرّ> نادم على عدم استقالته من الحكومة بعكس قرار حزب الكتائب، ما كلّفه ثمناً باهظاً هو إقالته من الحزب أ م أن قراره كان صائباً ويشعر براحة ضمير ولو أن الحكومة تعيش بالمساكنة والتعطيل الدائم، ولكن أفضل من الفراغ الكلي؟

- الموضوع أصبح ورائي وما قمت به هو قناعة شخصية ووطنية، والتطورات التي تلت تلك الإشكالية أثبتت صحة موقفي والدليل مدى التعاطف الذي لقيته لدى أوساط شعبية ونخبوية تنتمي الى مختلف الطوائف والمناطق والاصطفافات السياسية. فهذا كافٍ لكي أشعر بالطمأنينة وبراحة الضمير من كل النواحي.

ــ والتعطيل الحكومي؟

- لا أحد تحدث عن مشاكل الحكومة أكثر مني، لكن يجب ألا ننسى أن هذه الحكومة ليست حكومة، إنما هي مجلس إدارة الجمهورية اللبنانية في غياب رئيس الجمهورية، وبالتالي فإن وجودها هو المهم وليس إنتاجها، علماً بأن إنتاجية هذه الحكومة ليست على المستوى المطلوب، إنما المشكلة ليست بالحكومة تحديداً، بل لدى الذين يجتمعون في هيئة الحوار وهم القادة الذين يطلبون من وزاراتهم قبول أو رفض هذا المشروع وتمرير هذه القضية أو رفضها.

وأضاف:

- بمعنى آخر، فالحكومة منذ اليوم الأول لتأليفها تدفع ثمن صراع القيادات والخلاف على رئاسة الجمهورية وعلى عمل المجلس النيابي وعلى مشروع إصلاح النظام ومصالح القيادات المتنوعة. وبالتالي فإن المقصود بأن الحكومة هي سبب البلاء فهذا غير صحيح، فأنا لا أدافع عن الحكومة، وأنا أكثر المدركين لنقاط ضعفها، ولكن هذه الحكومة هي الضامن الوحيد الباقي للشرعية اللبنانية، ومن يريد أن يغيرها أو أن يستبدلها، فليسرع بانتخاب رئيس جمهورية وخلاف ذلك، فهذه الحكومة باقية وهي رغم كل ثغراتها تقوم بما يمكن أن تقوم به، وليبحثوا عن المشاكل خارج الحكومة سواء في هيئة الحوار أو المجلس النيابي وليس في مكان آخر.

ــ هل أنت من الوزراء الذين سيشكلون <لوبي> بهدف تعليق أعمالهم إذا لم تُقرّ الموازنة العامة؟

- أنا لم أقل ذلك مطلقاً، فمشروع الموازنة من الضروري أن يُقرّ. وقد مضت عشر سنوات ولم تقر الحكومات المتتالية مشروع الموازنة، وواضح أن هناك صراعاً سياسياً على المرحلة التي تلت عملية الاستقالة من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة واستمراره في التوقيع وكأن الحكومة قائمة.

وأضاف:

- ولا تزال هذه الخلافات حول قطع الحساب تجرجر نفسها حتى اليوم، وبالتالي لا أعرف ما إذا كانت هناك إمكانية لإقرار الموازنة علماً بأن البلد يحتاج الى موازنة. واليوم نعيش على التدوير وتحويل الاعتمادات وعلى القاعدة الاثني عشرية وهذا ما يسمح بتصريف  أعمال المؤسسات ولكن لا يسمح بإطلاق مشاريع جديدة وبتطوير الإدارة وبتوظيف وبوضع برامج جديدة، وبالتالي كل ما يحصل اليوم هو مجرد تصريف أعمال.

قصة الحد الأدنى للأجور

وخطأ شربل نحاس

 

ــ نأتي الى قضية الأجور والإشكالية حول الأجر اليومي للمياومين وتخفيضه من 30 ألف ليرة الى 26 ألف ليرة، فما قصة ذلك؟

- هذا ليس بقرار جديد، بل هو تصحيح لخطأ ارتبكه الوزير شربل نحاس تحت ستار المزايدات الشعبوية ومحاولة إرضاء العمال، إذ تحايل على القانون الصادر عام 1967 وعوض أن يقسم الأجر الشهري الى 26 يوماً ابتدع طريقة جديدة بتقسيم عدد أيام السنة مع العطل والأعياد، وهذا أمر منافٍ للقانون اللبناني، ومن أثار هذا الموضوع ونقضه لست أنا، إنما الوزراء الذين تعاقبوا على الوزارة بعد الوزير نحاس، وقد أخذوا رأي مجلس شورى الدولة، وهيئة التشريع والاستشارات، وديوان المحاسبة، والتفتيش المركزي والدائرة الاستشارية والقانونية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، فكل هذه المرجعيات العدلية والقانونية والدستورية والإدارية أكدت برأي واحد وهو أن الأجر هو 26 ألف ليرة وليس 30 ألف ليرة، علماً بأن هذا الرقم الآن سواء كان 30 ألفاً أو 26 ألفاً، لا قيمة مطلقة له، لأنه رقم مجازٍ بمعنى أن أحداً لم يعد يدفع هذا الأجر، فكل الأجور بما فيها أجور العمال السوريين وغيرهم تفوق الثلاثين ألف ليرة. فهذا حوار في غير مكانه ويحاول البعض استغلاله لكنني لا أقف عند هذه الأمور.

ــ وماذا عن التصريح الذي قلت فيه إنه لا رفع للحد الأدنى للأجور الى مليون و200 ألف ليرة، إنما في الوقت المناسب. فمتى يكون هذا الوقت؟ لاسيما وأن لجنة المؤشر اجتمعت يوم الثلاثاء الماضي بهذا الخصوص؟

- موضوع الحد الأدنى للأجور أمر شائك، ولا يختلف اثنان في لبنان على أن الحد الأدنى للأجور حالياً لا يكفي العامل أو الموظف اللبناني، ولا بدّ من إعادة النظر فيه، ولا يختلف اثنان في المقابل على أن الحالة الاقتصادية في لبنان سيئة ويصعب على الهيئات الاقتصادية تحمّل أعباء جديدة سواء بالنسبة للأجر أو للضرائب أو للرسوم، ولذلك سنواصل الحوار مع الاطراف المعنية بهذا الموضوع، أي النقابات والاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية لمعرفة كيفية الوصول الى قواسم مشتركة، لكن رفع الحد الأدنى للأجور قد يفيد بالطبع ميزانية الذين يعملون ولكنه سيزيد البطالة لأنه سيدفع بأرباب العمل الى وقف التوظيف، لا بل الى التسريح، وهذه مشكلة يجب أن نأخذها بعين الاعتبار.

واستطرد يقول:

- وأمس بالذات في ألمانيا، حين طالب الاتحاد العمالي رفع الحد الأدنى للأجور أبرزت الدراسات أن البطالة ستزيد، ومنذ ثلاثة أشهر حين طالب العمال في أميركا برفع الحد للساعة اليومية من 9,7 دولارات الى 10,3 دولارات، أظهرت الدراسات أن عدد العاطلين عن العمل في أميركا سيزيد نحو 550 ألف أميركي. فمسألة زيادة الأجور إذاً ليست هي الحل الدائم والأفضل للوضع المعيشي، بل يجب على الدولة أن تؤمن للناس التقديمات الاجتماعية والصحية والنقل العام المشترك والتسهيلات التربوية والمنح المدرسية، فهذه الأمور تفيد العامل والموظف أكثر من جرعة نقدية تزيد معاشه اسمياً وتضرب قدرته الشرائية فعلياً.

 

التعطيل الرئاسي وأسبابه

ــ رئاسياً، مضت الجلسة 43 دون إنتاج رئيس، وتقول إن الأمر رهن التسوية في المنطقة. فهل يمكن الانتظار؟ وماذا عن الترشيحات الداخلية إذاً؟

- حين قرر بعض الأطراف السياسية تعطيل انتخابات الرئاسة، لم يكن السبب الخلاف حول اسماء المرشحين لأن هناك مرشحين كثراً ينتمون الى 8 و14 آذار، إضافة الى الوسطيين، وبالتالي إذا كانت هناك من نية لانتخاب رئيس فليس معنى ذلك وجود نقص في عدد ونوعية المرشحين، إنما القرار سياسي يعود الى اعتقاد البعض بأنه حان وقت التغيير الكياني والدستوري في لبنان على غرار ما حصل حين انتقل لبنان من المتصرفية الى لبنان الكبير، أو حتى انتقل عام 1943 من الانتداب الى الاستقلال، أو حين انتقل لبنان من الحروب المتعددة الهويات الى السلم الأهلي بعد اتفاق الطائف عام 1989، والبعض يعتقد أن الوقت صار مناسباً لتغيير جديد يعزز دور فئات جديدة وطوائف جديدة على حساب طوائف أخرى، فهذا هو جوهر الموضوع.

ــ تقصد المؤتمر التأسيسي؟

- طبعاً، فهذه الأطراف مرتبطة باللعبة الإقليمية والعربية، منهم من هم مع الاستراتيجية الايرانية في المنطقة، أي المشروع الشيعي، ومنهم من هم مع الاستراتيجية الخليجية، أي المشروع السني، فهذا هو جوهر الموضوع، ومهما حصلت تطورات داخلية فلن تؤثر على حصول الانتخابات، فهناك طبقة سياسية ترتهن للخارج ولا تفقد الولاء للوطن فقط، إنما تفقد الأخلاق ايضاً. ومن هنا إن لم تحصل صحوة أخلاقية لدى الطبقة السياسية في لبنان فعبثاً ننتظر انتخابات رئاسية قريباً.

ــ ألا يمكن للحوار الداخلي أن ينتج رئيساً، لاسيما وأن البطريرك بشارة الراعي دعا من المختارة في الأسبوع الماضي الى مصالحة وطنية بين 8 و14 آذار؟

- لا تنسى أنه مضت سنتان ونصف السنة تقريباً على الشغور الرئاسي ومن الطبيعي حين نتحدث أن ترد الأشياء ذاتها، ومن الطبيعي أن يقول البطريرك الراعي ما قاله، وأيضاً وليد جنبلاط، وأن يأخذ الرئيس نبيه بري المبادرات، وأن تحاول اطراف سياسية طرح أسماء جديدة للرئاسة، ولكن لسنا أمام مرحلة جديدة يمكن أن تؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية، وهذه المرحلة هي انكشاف الحل السياسي للحرب في سوريا أو تغيير موازين القوى العسكرية على الأرض.

وأضاف:

- حتى أن تغيير موازين القوى العسكرية يؤدي الى تغيير ما في سوريا، لكن التغيير في لبنان مرتبط بالتسوية السياسية أكثر مما هو مرتبط بالتغيير العسكري.

ــ وهل ينتج الحوار قانون انتخاب جديداً ويصار الى  إنشاء مجلس شيوخ، أم أنه يدور في حلقة مفرغة؟

- الحوار لن يؤدي إلا الى نتيجة واحدة هي جلوس القوى السياسية مع بعضها البعض عوضاً عن المواجهة من خلال المتاريس، فلا مجلس شيوخ ولا قانون انتخاب ولا انتخاب للرئيس سيحصل أيضاً، فاللامركزية لو كان من الممكن أن تطبق في المرحلة الحالية لكانت طبقت منذ 25 سنة.

وتابع يقول:

- المطلوب اليوم هو انتخاب رئيس للجمهورية وبعد انتخابه يدعو شخصياً الى هيئة حوار مؤلفة من سياسيين ومن خبراء دستوريين للبحث في تطوير النظام، ومن هذه الهيئة تخرج الاقتراحات حيال قانون الانتخاب ومجلس الشيوخ واللامركزية، أو أي قضية أخرى، وتحال هذه المقترحات والأفكار الى المجلس النيابي الذي يبقى سيد نفسه في اتخاذ القرارات المناسبة.

ــ يعني نحن ذاهبون الى قانون الستين في الصيف المقبل، أم أن التمديد وارد مرة ثالثة؟

- لا أؤيد إجراء انتخابات نيابية في غياب رئيس الجمهورية، فمن يرد انتخابات نيابية فلينتخب رئيساً للجمهورية، أما إذا كنا سنسلم بأننا قادرون على إجراء انتخابات ووضع قوانين جديدة وإنشاء مجلس شيوخ وتطبيق اللامركزية ووضع موازنات وعقد اتفاقيات دولية وإجراء انتخابات بلدية من دون وجود رئيس للجمهورية، فهذا يعني أن رئيس الجمهورية لا ضرورة لوجوده لا اليوم ولا غداً، وهذا أمر نرفضه كلياً.