تفاصيل الخبر

وزير العمل السابق المحامي الدولي كميل أبو سليمان يقارب الأزمة المالية: الحكومة مطالبة باتخاذ خطوات جريئة وانجاز خطة شاملة لمواجهة الاستحقاقات المالية!

06/03/2020
وزير العمل السابق المحامي الدولي كميل أبو سليمان يقارب الأزمة المالية: الحكومة مطالبة باتخاذ خطوات جريئة  وانجاز خطة شاملة لمواجهة الاستحقاقات المالية!

وزير العمل السابق المحامي الدولي كميل أبو سليمان يقارب الأزمة المالية: الحكومة مطالبة باتخاذ خطوات جريئة وانجاز خطة شاملة لمواجهة الاستحقاقات المالية!

بقلم حسين حمية

لبنان أمام استحقاق دفع سندات <اليوروبوند> في التاسع من الجاري، وقد كثفت الحكومة اجتماعاتها لتحديد الخيار الأفضل في هذا المجال، حتى انها استعانت بشركتين دوليتين، إضافة الى الخبراء اللبنانيين حتى تبني على الشيء مقتضاه، فيما يدرس مجلس النواب عبر لجانه النيابية 3 اقتراحات قانون تتعلق بالإثراء غير المشروع ورفع السرية والمصرفية واستعادة الأموال المنهوبة. فماذا يقول الخبراء في هذا الإطار؟

<الأفكار> استضافت على صفحاتها وزير العمل السابق كميل أبو سليمان الذي استشاره رئيس الحكومة حسان دياب بشأن <اليوروبوند> لاسيما وأنه أبرز المحامين في مجال الأسواق الناشطة والأسواق المالية العالمية ولعب دوراً أساسياً في هندسة واتمام مجموعة من العمليات المالية الابتكارية والفريدة من نوعها في العالم، وهو المحامي الأساسي لكل اصدارات <اليوروبوند> التي تقوم بها الدولة منذ العام 1995.

وسألناه بداية:

ــ بداية لا بد أن نسألك عن والدك الراحل شاكر ابو سليمان وما الذي تعلمته منه وأخذته عنه؟

- تعلمت منه أن أتحلى بالحس الوطني والجرأة في مقاربة الأمور والنزاهة والسير في الخط المستقيم مهما كانت الضغوطات.

تجربة وزارة العمل!

 

ــ كيف تلخص تجربتك في وزارة العمل وهل ندمت على توزيرك أم انها كانت تجربة مفيدة؟

- كنت أتوقع أن تكون تجربتي في وزارة العمل أصعب تجربة لكنني وجدت العكس، ونحن قمنا في وزارة العمل بفرق ملموس لجهة تخفيف معاناة الناس والتخفيف من الاجراءات ومواجهة حالات الفساد والرشى والهدر، ولذلك أعتقد ان التجربة كانت جيدة رغم عدم تحقيق بعض الانجازات التي كنت أتمنى تنفيذها وتركتها بطريقة منظمة لخليفتي لمياء الدويهي علّ وعسى تستطيع أن تنجزها بدءاً من تغيير قانون العمل ومجلس الضمان الاجتماعي ودفع ديون الدولة للضمان وغيرها لكن التجربة كانت ناجحة.

ــ البعض قال إن أداءك كان جيداً ولذلك اقترح أن توزر من جديد خاصة وأنك تكنوقراط. فماذا تقول؟

- هذا صحيح لكن لم نستطع تحقيق الكثير في حكوماتنا نتيجة التباين حول العديد من الملفات لاسيما ما يتعلق بالكهرباء وحاولنا أن نحقق ما نصبو إليه ولم نستطع وتعرضنا لحملة منظمة.

ــ ومع هذا كله فالنائب زياد أسود تقدم بدعوى ضدك بتهمة هدر المال العام والتسبب بمنافسة غير مشروعة للعمال اللبنانيين وما شابه لصالح العمال المصريين. فماذا تقول؟

- آسف لأنني اضطررت للرد عليه وعلى ترهاته فيما البلد يمر في أزمة اقتصادية غير مسبوقة، وكان الأجدى بالنائب أسود أن يطلع على القوانين الناظمة لا أن يقع في هذه المغالطات لأن هناك اتفاقية بين لبنان ومصر بشأن العمالة وضعت عام 2008 زمن الوزير محمد فنيش، والقانون رقم 74 عام 2009 ينص على إعفاء المصريين من وجوب إبراز بطاقة من الضمان الاجتماعي من أجل الحصول على إجازة عمل والتزم كل وزراء العمل بهذه المذكرة ما عدا الوزير محمد كبارة، وأنا عندما تسلمت الوزارة تمت مراجعتي من قبل وزارة الخارجية بهذا الخصوص لأن مصر توقفت عن تجديد إقامات اللبنانيين جراء عدم تطبيق الاتفاقية، فطلبت من هيئة التشريع والقضايا رأيها في الموضوع، فجاء الرد بالعمل وفق مذكرة الوزير فنيش، فاتخذ القرار بهذا الخصوص ووقعه الرئيس ميشال عون. فهذا كل الموضوع وكان عليه أن يسأل العماد عون ولا يتصرف بمهزلة وبحقد أعمى على القوات اللبنانية كوني كنت أمثل القوات في الحكومة السابقة.

محاربة الفساد!

ــ قدمت تصريحاً منذ أيام أمام المجلس الدستوري عن أموالك وأموال زوجتك عملاً بقانون الإثراء غير المشروع واللجان النيابية تدرس هذا القانون الى جانب رفع السرية المصرفية واستعادة الأموال المنهوبة. فهل هذه القوانين كفيلة بوقف الفساد وتوقيف السارقين؟

- من الضروري أن تكون هناك طريقة جدية لمحاربة الفساد عبر إنشاء الهيئة العليا لمكافحة الفساد وذلك في أسرع وقت مع بعض التعديلات التي اقترحتها، وصحيح أن هناك بعض الاقتراحات العملية لكننا مجبرون بأن نقارب الفساد بطريقة علمية بعيداً عن السياسة حيث لا يصوب أحد على أخصامه السياسيين.

ــ بالأمس استمع المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم الى رؤساء مجلس والمدراء العامين لحوالى 14 مصرفاً إضافة الى رئيس جمعية المصارف سمير صفير. فهل هذه خطوة جيدة يمكن أن تعيد الأموال المحولة الى الخارج لكي تضخ في السوق وتساهم في حل أزمة الدولار؟

- لا بد من مقاربة هذا الملف بشكل قانوني بعيداً عن الشعبوية وهناك تضارب مصالح بين أصحاب البنوك والمودعين في وقت قانون الجزاء اللبناني ليس واضحاً بهذا الخصوص ولكن بالطبع يجب إعطاء الأولوية للمودعين الصغار.

 

<اليوروبوند> والنصيحة!

 

ــ لبيت دعوة اللجنة الوزارية لبحث مسألة <اليوروبوند> من زاوية قانونية. فهل هذه ثقة بك من قبل الحكومة الحالية وبماذا نصحت أركان اللجنة؟

- أولاً ما نصحتهم به يخص مكتب المحاماة ولا يجوز أن أتحدث فيه حسب القوانين، وأنا قدمت الاستشارة القانونية مجاناً الى حين اتمام استدراج عروض لتسمية مكتب للتوكل عن الدولة اللبنانية، واتفقنا أن يكون هناك استدراج عروض لأنني لا أرضى أنا بالتراضي ولا الحكومة أيضاً، وهم اختاروا مكتباً آخر إلا ان موقفي من الأساس هو عدم سداد الديون الخارجية، وقلت ذلك منذ أشهر حتى كنت ضد دفع المليار و500 مليون دولار آنذاك لأن ما تبقى من الأموال في مصرف لبنان هو أموال المودعين، وبدل أن ندفع لنحو مئة من حاملي السندات من المستثمرين الأجانب الواجب أن ندفع هذا المبلغ للشعب اللبناني وخاصة لصغار المودعين. وعلى أي حال فقرار سداد الاستحقاق أو عدمه هو قرار سيادي للدولة اللبنانية وليس قراراً قانونياً، وما يقوم به أي محام هو تحديد الايجابيات والسلبيات لأي قرار يتخذ، وأنا كما قلت مع عدم السداد ولدى تقديم خطة والبدء التفاوض مع الدائنين يتم التوصل الى اتفاق يؤدي الى إعادة هيكلة الديون، علماً بأن لبنان لن يتأخر في اتخاذ القرار ومن الممكن أن يتخذه في آخر لحظة لأن شروط <اليوروبوند> تنص على أنه إذا أعلنت الدولة قبل 15 يوماً أنها لن تدفع فهذا الأمر يشكل تعثراً ويسمح لحاملي السندات بطلب الدفع الاستباقي.

ــ تمت الاستعانة بشركتين مالية وقانونية لهذا الغرض. هل هاتان الشركتان أفضل من الخبرات اللبنانية المتوافرة؟

- هذا شأن الحكومة لأن هذه شركات معروفة في هذا الإطار ولا مشكلة، وأنا أعطيت رأياً قانونياً وهم أحرار في اتخاذ القرار الذي يريدونه.

ــ وكيف ترى الحل من وجهة نظرك والخيارات الصائبة؟

- كل الخيارات صعبة ولا يوجد خيار سهل وكلها تترك تداعيات سلبية، ولكن أفضل خيار هو عدم الدفع رغم معرفتي بسلبيات هذا الخيار ورغم كل التهويل منه، إنما هناك بلدان كثيرة تخلفت عن الدفع ولبنان ليس أول دولة تلجأ الى هذا الخيار، إنما يجب أن تكون هناك خطة واضحة قبل التفاوض مع الدائنين لتخفيض الفوائد وأصل الدين وآنذاك يتم التوصل الى اتفاق سيؤدي الى إعادة هيكلة الديون.

ــ وهل هناك خيارات أخرى؟

- بالطبع هناك خيار الدفع خاصة وأن لبنان لم يتخلف يوماً عن الدفع، وأصحاب هذا الطرح يدعون الى الدفع وإجراء <سواب> أي استبدال المصارف اللبنانية، لكن المشكلة ان عدد هذه المصارف الحاملة للسندات الى تناقص بعدما باع بعضها منذ أشهر سندات بقيمة تفوق مليار ونصف مليار دولار الى الأجانب، وبالتالي إذا دفعنا سيذهب قسم كبير من الأموال الى الخارج وهذه أموال المودعين ولا يجوز أن تصرف هكذا. كما ان احتياطي مصرف لبنان سلبي وليس ايجابياً ولا يجوز أن ندفع للأجانب فيما نجعل اللبنانيين ينتظرون أمام المصارف للحصول على مئة دولار من أموالهم. كما ان الخيار الثالث هو تأجيل الاستحقاقات المستحقة في أشهر آذار (مارس) ونيسان (ابريل) وحزيران (يونيو) وهي بقيمة مليارين و400 مليون دولار، ناهيك عن فوائد بقيمة مليارين و100 مليون دولار، لكن التأجيل يتطلب موافقة 75 بالمئة من حاملي كل اصدار وان وافقوا علينا أن نستمر في دفع الفوائد، وإذا اعتمدنا هذا الخيار لا نتعثر ويمكن القيام بإعادة هيكلة للديون في مهلة زمنية أقصاها 9 أشهر، لكن كلفة هذا الخيار تتجاوز المليار دولار.

وعاد ليقول:

- يجب أن نعترف أننا نواجه مشكلة كبيرة ولا نضحك على أنفسنا.

الثقة بلبنان وأزمة الدولار!

 

ــ إذا لم يدفع لبنان ألا يواجه دعاوى بحقه وتهتز الثقة به؟

- الثقة أساساً مهتزة بلبنان ولا يمكن استرجاعها إلا بعد انجاز خطة شاملة حتى لو كانت صعبة، ونحن مجبرون بأن ندافع عن أنفسنا ومن الممكن إذا لم يدفع لبنان أن تحصل دعاوى وحجز على أصول المصرف المركزي ولكن يمكننا التعامل مع هذا الإجراء.

ــ يقال إن الحكومة تحضر الخطة الموعودة. فهل لديك معلومات عنها؟

- صحيح، فالحكومة تحضر الخطة ولكن أعرف ما سيطرحون انما لا يمكن الحديث عن ذلك الآن والمهم اتخاذ القرار خلال أيام.

ــ وماذا عن الفوائد التي قيل انها دفعت؟

- هذه الفوائد لا علاقة لها باستحقاق سندات <اليوروبوند> المستحقة في 9 الجاري لأنها تعود الى اصدارات أخرى وتأتي ضمن 27 سلة متوجبة على لبنان.

ــ بعد جولة وفد صندوق النقد الدولي على المسؤولين اللبنانيين لتقديم المشورة يتخوف البعض من أن يضع الصندوق يده على لبنان ويفرض وصايته عليه. فهل هذا وارد لأنه آنذاك يتم اللجوء الى فرض ضرائب اضافية؟

- لا بد من البحث معه أولاً لمعرفة ما سيطرح وما هي الشروط والبدائل، لكن لا يمكن الجلوس دون تحرك لإنقاذ الوضع ومعالجته واتخاذ خطوات صعبة وجريئة.

ــ الدولار المتفلت من أي قيود ولامس 2500 ليرة ما حله؟

- الحل يكون ضمن خطة شاملة ولا يوجد حل منفرد.

ــ وهل أنت راض عن أداء الحاكم رياض سلامة؟

- لن أدخل في هذا الشأن وأجيب عن هذا السؤال الآن، لكنني أعود وأشدد على ضرورة انجاز خطة شاملة ومتكاملة قبل فوات الأوان.