تفاصيل الخبر

وسيط من أول باب اللواء عباس ابراهيم!

04/01/2019
وسيط من أول باب اللواء عباس ابراهيم!

وسيط من أول باب اللواء عباس ابراهيم!

 

بقلم وليد عوض

ما يقوم به رؤساء الحكومات والوزراء والسفراء من وساطة وربط للخيوط المقطوعة، يقوم به الآن مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم الذي قرأ بإمعان سيرة وسيط الحرب العالمية الأولى <تشامبرلن> وسيرة الأمين العام <داغ هارشولد> الذي اغتيل في طائرة دخلت الأجواء الافريقية، وما قام به وزير الخارجية الراحل فؤاد بطرس زمان أواخر الستينات عندما حمل رسالة شكر الى الرئيس الفرنسي <شارل ديغول> على موقفه ضد العدوان الجوي الاسرائيلي على مطار بيروت!

أول مواصفات الوسيط أن يقرأ أفكار طرفي الصراع، ومن هذه الأفكار ينطلق في وساطته المأمولة. وهذا ما فعله اللواء عباس ابراهيم وهو يتنقل بين أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله والرئيس ميشال عون، ويجتمع بوزير الخارجية جبران باسيل الذي هو مفتاح المشكلة ومفتاح الحل.

ويقرأ عباس ابراهيم جيداً ما قاله الرئيس نبيه بري لإحدى الصحف اليومية وهو ان الذي يشكل الحكومة الجديدة هو الوزير جبران باسيل، مندفعاً بالرغبة الجامحة لتسلم رئاسة الجمهورية عام 2022، معتمداً على شعبية واسعة لدى المسيحيين ومحاولة لكسب شعبية مماثلة لدى المسلمين. ويعلم جبران باسيل ان عمه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سيكون في عمر الخامسة والثمانين، وهي سن لا تشجع على تسلم مجذاف البحر اللبناني، خلافاً للرئيس الألماني <كونراد اديناور> الذي تجاوز هذه السن في رئاسة ألمانيا ما بعد الحرب العالمية الثانية.

واللواء عباس ابراهيم، بحكم وظيفته كمدير عام للأمن العام، ومرت عليه التقارير حول كل سياسي في البلاد، يضع نصب عينيه ان يمارس وساطة ناجحة في الأزمة اللبنانية، ولا ينطلق من مجهول، لأنه يعرف كل ما يريده السياسي في هذا الظرف الصعب. وكان اللواء عباس ابراهيم سعيداً بالوصول مع الرئيس ميشال عون واللقاء التشاوري الى تسمية مدير عام الشركة الدولية للمعلوماتية جواد عدرا، واعتبر ان الوصول الى هذا الاسم يغني عن المتابعة ويجعله يردد: اللهم اني قمت بواجبي واستخرتك في مسعاي!

لكن، مثل كل شيء في لبنان، لم يبلغ المدى عند عباس ابراهيم الى المنتهى، لأن جواد عدرا، وهذا من حقه، كان يريد أن يكون مسؤولاً مستقيماً، فلا يدخل في روع النواب الستة انه صار ناطقاً باسمهم، بل ظل ملتحفاً بعباءة الرئيس ميشال عون لأنه من حصته الوزارية، كما كان قرار مؤتمر الدوحة بالنسبة لرؤساء الجمهورية، بدءاً من ميشال سليمان. وكان في إمكان جواد عدرا أن يترك النواب الستة يعتقدون انه واحد منهم ومن أفكارهم، وعند التنفيذ يحصل العكس!

كان جواد عدرا، وهو يسمى وزير دولة، أو حتى وزير شؤون اجتماعية، عند  اتخاذ قرارات مجلس الوزراء، أن يأخذ جانب الرئيس ميشال عون، وليفعل النواب الستة ما يريدون، ولكنه انسجم مع نفسه ومع تراثه العائلي والمهني، وتولى توضيح الصورة، قبل أن يحدث ما يفسدها.

لقد فشل جواد عدرا في أن يكون وزيراً برضاء النواب الستة، ولكنه نجح كوسيط يمكن الركون إليه في الملمات، وفي الإيناس بأفكاره عندما يكون أمام قرار صعب!

لقد كان جواد عدرا وزيراً، مع وقف التنفيذ، ولكنه ظل وسيطاً أتاح للواء عباس ابراهيم أن يكون <تشامبرلن> لبنان وإن خانته الظروف!